سياسة عربية

"مثلث الموت".. لماذا عجز العراق عن إنهاء تنظيم الدولة فيه؟

هل يعيد التنظيم ترتيب صفوفه من جديد والانتشار في مناطق أخرى؟ - CC0
هل يعيد التنظيم ترتيب صفوفه من جديد والانتشار في مناطق أخرى؟ - CC0

رغم إعلان السلطات العراقية الانتصار على تنظيم الدولة عام 2017، إلا أن نشاط التنظيم لم يهدأ في "مثلث الموت" الذي يقع في منطقة إستراتيجية تربط بين ثلاث محافظات، حتى بعد تنفيذ القوات الأمنية أكثر من عملية عسكرية.

ولعل آخر تلك العمليات العسكرية ما أطلق عليها "أسود الجزيرة" في 17 أيار /مايو الجاري، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول طبيعة المنطقة، وأسباب عدم تمكن السلطات من السيطرة عليها.

منطقة خطرة

الخبير العسكري سرمد البياتي قال في حديث لـ"عربي21" إن "هناك منطقة خطرة تقع بين ثلاث محافظات هي صلاح الدين وكركوك، وديالى، وسبق أن حذرنا منها منذ فترات طويلة، لأن قسما من جيوب تنظيم الدولة بقي في مناطق تصعب جدا فيها التعبئة العسكرية".

ولفت إلى أن "المنطقة تتطلب المقدرة على خوض جميع أنواع القتال في الأنهر، والهضاب، والجبال، والبساتين، ولذلك فإن الطبيعة الجغرافية للمنطقة كفيلة باحتواء الكثير من عناصر تنظيم الدولة".

وأشار البياتي إلى أن "أغلب من يتسرب من عناصر التنظيم من سوريا يذهب إلى مناطق الحضر والبعاج في محافظة نينوى، ثم نزولا إلى هذ المناطق التي يشتد فيها القتال".

ونوه إلى أن "تكثيف الجهد على القوات الأمنية في تلك المناطق لمدة يومين أو ثلاثة ليس كافيا".

 

اقرأ أيضا: داخلية العراق تحقق بإهانة الشرطة لمواطن وحلق شعره (شاهد)

ورأى البياتي أن "انتهاء تنظيم الدولة في هذا المثلث يتطلب وقتا وتدريبا معينا للقوات الأمنية" داعيا إلى "العودة لتشكيل كتائب الاستطلاع العميق من جنود لديهم القدرة على السير طويلا، والقدرة على تهيئة كمائن تستمر عدة أيام مع انقطاع الإمدادات ويكونون على مقربة من خطوط العدو".

وأكد الخبير العسكري أن "الخروج بآليات كثيرة يكشف العملية، لذلك نحتاج أسلوبا جديدا نستخدمه ضد تنظيم الدولة في حال أردنا التخلص منه في تلك المنطقة".

وعلل ذلك بالقول: "كلما تحرك الجيش، تتحرك معه مجاميع التنظيم بحركة هلامية، فهم يسكنون قليلا ثم بعد ذلك يتحركون، فضلا عن غياب عنصر المباغتة للقوات الأمنية في العمليات العسكرية والذهاب إلى إعلانها مسبقا".

إجراءات وقائية


من جهته قال المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي كريم النوري إن "للقوات الأمنية عملا كبيرا واستباقيا ووقائيا في تلك المناطق لقطع تنقلات تنظيم الدولة في الصحراء، ربما نقول إن التنظيم انتهى في 2017، لكن قد يعود بآلية أخرى".

وشدد على أن "انتهاء تنظيم الدولة يحتاج إلى الاستمرار في العمليات العسكرية ونصب الكمائن، وإلا فإن التنظيم قد يستعيد نشاطه في بعض المناطق، لأنهم يتنقلون في الصحراء، وخصوصا في منطقة الحاوي وهو واد يربط ديالى بصلاح الدين وفيه الكثير من التضاريس التي يمكن الاختباء فيها".

وبخصوص دور التحالف الدولي، قال النوري لـ"عربي21" إن "العمليات العسكرية تتم دون مشاركة أجنبية، وإنما عراقية خالصة وهذا يبعث الأمل على أن قواتنا قادرة على محاربة التنظيم، لكن نحتاج إلى عمليات استباقية وليست مبنية على ردّات الفعل بعد تعرض قواتنا إلى الهجمات".

وأكد النوري، قائلا: "عمليات أسود الصحراء وأسود الجزيرة، تسعى لملاحقة بقايا تنظيم الدولة في الصحراء، والتي تستطيع عناصره أن تستغل وادي حرّان في الأنبار وصولا إلى الحدود الدولية".

 وبيّن أن "قطع الطريق الدولي في المناطق الغربية على التنظيم ومطاردته جارية في الصحراء، بمشاركة الحشد العشائري، ولا نقلق من عودة التنظيم مرة أخرى للسيطرة على المناطق، فهو انتهى رغم تعرضه للقوات الأمنية في أماكن متفرقة".

 

اقرأ أيضا: بغداد تبث اعترافات لـ"خليفة داعش المحتمل".. وتشكيك بصفته

النوري لفت إلى أن "المعارك ضد تنظيم الدولة لمدة أربع سنوات، أكسبت القوات الأمنية والحشد الشعبي خبرة في القتال بمختلف المناطق، ولا سيما في الأدغال والبساتين، والمناطق الوعرة".

وشدد على ضرورة "السرية في العمليات العسكرية، وأن المباغتة مطلوبة بالفعل سواء بالقصف الجوي، أو غيره، وأيضا نحتاج إلى جهد استخباري. لأن تنظيم الدولة تصله معلومات وربما لديه عيون تكشف له التحشيدات العسكرية".

وكانت خلية الإعلام الأمني الحكومية في العراق قد أعلنت، الأحد الماضي، عن انطلاق عمليات "أسود الجزيرة" لملاحقة عناصر تنظيم الدولة في منطقة "مثلث الموت" وصحراء الجزيرة وصولا للحدود العراقية السورية.

وذكرت في بيان لها: "بإشراف قيادة العمليات المشتركة، انطلقت على بركة الله، صباح الأحد عمليات أسود الجزيرة لتفتيش صحراء الجزيرة شمال محافظة الأنبار وجنوبي محافظة نينوى وغربي محافظة صلاح الدين، وصولا إلى الحدود الدولية مع سوريا".

وأشارت إلى أن "الجهات المشتركة في العملية، هي قيادات عمليات الجزيرة وصلاح الدين وغرب نينوى والحشد الشعبي والعشائري، وفي أحد عشر محورا، وبإسناد من طيران الجيش والقوة الجوية".

وتابعت: "هذه العملية تأتي لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المناطق وملاحقة العناصر الإرهابية وإلقاء القبض على المطلوبين".

وتأتي العملية بعد شن تنظيم الدولة مؤخرا، العديد من الهجمات لا سيما في منطقة "مثلث الموت"، بين كركوك وصلاح الدين وديالى، على الرغم من إطلاق عملية مماثلة سابقة تدعى "أسود الصحراء".


التعليقات (0)