حقوق وحريات

الغارديان: أمازون اشترت أجهزة رقابة من شركة صينية تقمع المسلمين

"أمازون" استلمت في إبريل الماضي 1500 كاميرا من شركة "داهوا" الصينية وهي شركة منخرطة في انتهاكات حقوق الإنسان بالصين- جيتي
"أمازون" استلمت في إبريل الماضي 1500 كاميرا من شركة "داهوا" الصينية وهي شركة منخرطة في انتهاكات حقوق الإنسان بالصين- جيتي

تساءلت الباحثة في علم الأنثروبولوجيا بجامعة كولورادو دارين بايلر عن سبب شراء شركات أمريكية تكنولوجيا صينية تستخدم في التجسس على المسلمين.

وقالت في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية وترجمته "عربي21" إن شركة "أمازون" العملاقة استلمت في نيسان/ إبريل الماضي 1500 كاميرا من شركة تصنيع أجهزة الرقابة الصينية "داهوا" والتي تقوم بمراقبة حرارة توقيع الموظفين في مخازن الشركة والتأكد من عدم إصابتهم بكوفيد-19، وتم بيع نفس النظام لشركة "أي بي أم" و"كيسلر" من بين شركات أخرى.

ورغم أن تحرك أمازون لحماية موظفيها من فيروس كورونا خطوة يرحب بها لكنها حصلت على الأنظمة من شركة كشف الباحثون أنها منخرطة في انتهاكات حقوق إنسان.

كما كشفت سانجانا فارجيز أن "التجريب الإنساني" في مجال الرقابة على الوباء في شركات الرقابة مثل "داهوا" يتم استخدامه أيضا في مجال إدارة السكان والتحكم بهم. ففي شمال- غرب الصين حيث استثمرت شركة "داهوا" بقوة فإن تطبيقات الرقابة الصحية التي تقدمها تخفي وراءها تورطا في نظام "إرهاب الرأسمالية" والذي وضع أكثر من 1.5 مليون مسلم في معسكرات الاعتقال بمنطقة الإيغور في شمال غرب الصين.

وحصلت "داهوا" على ما يقرب من مليار دولار لبناء سياج رقابة لدعم ما يطلق عليه نظام "إعادة التعليم" في المعسكرات ونقاط تفتيش وتدريب أيديولوجي كجزء من "الحرب على الإرهاب" في شمال غرب الصين. ولدورها في الانتهاكات وضعتها وزارة التجارة الأمريكية على قائمة الشركات التي يحظر على الشركات الأمريكية شراء منتجاتها.

 

ومثل بقية شركات الكمبيوتر البصرية في الصين بدأت "داهوا" عملها من خلال شراكة مع وزارة أمن الدولة، وهي معادل لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). ومثل شركة "هيكفيشن"،

 

ومثل "سنيستايمز"، و"يتيو" وغيرها تحصل "داهوا" على معظم عقودها من مشاريع أمنية تابعة للدولة. وتعطي هذه الشركات أدوات "المدينة الذكية" إلى السلطات وتسمح لها بتحليلها والتحكم بالسكان وهو نفس الدور الذي تلعبه شركة التعهد لوزارة الدفاع الأمريكية "بالانتير" التي تقدم التحليلات لدوائر الشرطة في كل أنحاء الولايات المتحدة. 


وفي شمال غرب الصين، فهذا يعني استخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي و"جي بي أس" ونقاط التفتيش للتعرف على الوجه بشكل يعطي فرصة لفحص السلوك.

وقامت شركات مثل "داهوا" بوضع مجسات آلية وأنظمة كاميرات في الأسواق ومراكز النقل والمساجد بما في ذلك كاميرات للتعرف على الوجه، تقوم بتحديد هوية الشخص وعرقه.

وبدأت هذه الشركات بالترويج لأنظمة "المعسكرات الذكية" والتي تستخدم التكنولوجيا الذكية والتحليلات من أجل "التحكم بالناس والعربات".

وتقول الباحثة إنه بعيدا عن دور شركة "أمازون" في المراقبة غير الطوعية من خلال تطبيقها "ريكوغنيشن" فإن شراء الشركة كاميرات تحديد الحرارة من "داهوا"  ذكر باللحظة القديمة لانتشار الرأسمالية المعولمة والتي أمسكتها عبارة المؤرخ جيسون مور "وراء مانشستر تقف المسيسبي"، وما عناه مور في إعادة قراءته لتحليل فردريك إنجلز لصناعة النسيج التي جعلت مانشستر في إنكلترا غنية هي أن الكثير من ملامح الثورة الصناعية في بريطانيا لم تكن ممكنة بدون القطن الرخيص الذي كان ينتجه العبيد في الولايات المتحدة. وبنفس الطريقة فشركة أمازون ومقرها سياتل تعتمد في مواجهة الوباء على أنظمة القمع المستخدمة في شمال غرب الصين والتي يتم فيها تجريب تقنيات الرقابة البيومترية.

وهناك أسباب تجعل أسطول شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تملك تطبيقات مماثلة لشركات الرقابة الأمريكية مثل "كليرفيو" و"ريثون" وتعتبر ريادية في العالم بمجال التعرف على الوجه والصوت. وزادت هذه من خلال الجهود الصينية فيما يعرف بالحرب على الإرهاب التي ركزت على محاصرة الإيغور والقزق في داخل مجمعات رقمية مسيجة، وتوسعت في كل مجالات صناعة التكنولوجيا الصينية حيث تم بناء بنى تحتية بيانية مكثفة وفي كل أنحاء الصين ولكن ليس على قاعدة تشبه ما في إقليم تشنجيانغ. 

وجاء رد الصين السريع على الأوبئة والمسارعة في تطبيق هذه الأنظمة والتأكد من نجاعتها لأنها توسع من سلطة الدولة بطريقة حاسمة ولأنها قادرة على تغيير السلوك الإنساني. ولكن النهج الذي انتهجته الصين لمواجهة الوباء ليس هو النهج الوحيد لوقفه. ففي الدول الديمقراطية مثل نيوزلندا وكندا التي وفرت للسكان الذين ظلوا في بيوتهم الأقنعة وأجهزة الفحص التي كانت ناجعة في وقف الوباء. أعطتنا هذه الدول أن الرقابة ليست ضرورية لحماية الحياة الإنسانية.

وفي الحقيقة أظهرت عدة دراسات أن أنظمة الرقابة تدعم العنصرية المنظمة. ففي ظل الاحتجاجات التي اندلعت في الولايات المتحدة احتجاجا على وحشية الشرطة أعلنت كل من "أمازون" و"أي بي أم" أنهما توقفتا عن توفير أنظمة التعرف على الوجه للشرطة الأمريكية. وفي الوقت الذي لاحظ فيه الكثير من النقاد أنها خطوة أولى لوقف انتشار التكنولوجيا التي تسبب الأذى للأقليات، لكنهم قالوا إنها غير كافية لأن معظم الشركات التي استثمرت في تكنولوجيا الرقابة التدخلية وقدمتها للشرطة الأمريكية لم تتوقف.

ورغم المنع الأمريكي على شراء منتجات "داهوا" وعدد آخر من الشركات الصينية، إلا أن أمازون وغيرها رفضت التوقف عن استخدام الأنظمة التي صنعتها "داهوا". وربما لاحظ الكثيرون معايير مزدوجة في سياسات الحكومة الحالية في أمريكا التي تعاقب الشركات الصينية على أتمتة العنصرية والاعتقال خارج القانون من جهة، وتمول الشركات الأمريكية على عمل الأمر نفسه وإن على قاعدة صغيرة. ولا أحد يهتم بالعرق وأنه جزء من الكيفية التي يتفاعل فيها الناس مع العالم، إلا أن اللوغرتيمات المستخدمة تعطي صورة أن وجه الرجل الأسود أو الإيغوري يسهل التعرف عليه ضمن هذه الأنظمة.

وتقول الباحثة إن وقف انتشار العنصرية المأتمتة يجب فصلها عن سياسة إدارة ترامب العنصرية ضد الصين. فرغم أن مستوى وسعة الوحشية في الصين لا يوجد مثلها في العالم إلا أنها ليست الوحيدة التي لديها مشكلة رقابة. وهذه تحتاج إلى رد عالمي. وفي الوقت الذي تقوم فيه شركات مثل "أي بي أم" التي نحتت مصطلح "المدينة الذكية" باتخاذ موقف ضد وحشية الشرطة فإن عليها أن تتخذ موقفا من الصين وتتوقف عن شراء أجهزة الرقابة التي تنتجها شركات تعهدات أمنية. كما يجب التأكيد على خطورة الرقابة البيومترية على العالم. ويجب التأكيد على الترابط بين شركات التكنولوجيا التي تصنع الرقابة وهي أن "وراء سياتل تقف تشنجيانغ". وعلى الدول في آسيا والعالم التوصل إلى أداة قانونية جديدة تحمي كل البشر خاصة الأقليات من تكنولوجيا الرقابة. وبوجود محكمة للقضايا الإلكترونية فستكون قادرة على محاسبة شركات مثل "أمازون" و"داهوا" بناء على نفس المعايير الدولية.

التعليقات (0)