سياسة عربية

ماذا تبقّى من "اتفاق أوسلو" بعد 27 عاما على توقيعه؟

وقّع اتفاق أوسلو قبل 27 عاما إلا أنه لم يحقق أي نتائج إيجابية للفلسطينيين- جيتي
وقّع اتفاق أوسلو قبل 27 عاما إلا أنه لم يحقق أي نتائج إيجابية للفلسطينيين- جيتي

يصادف اليوم الأحد، الذكرى الـ27 لاتفاق "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، برعاية أمريكية.

 

ويرى مراقبون أن الاتفاق وبعد مرور نحو ثلاثة عقود على عقده، يعتبر ميتا، وغير معمول به، إذ إنه لم يحقق أحلام الفلسطينيين بالسلام أو الدولة.

 

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، بحسب المحللين، إلى إنهاء الملفات "التي كانت ستطرح في مفاوضات الوضع النهائي ضمن أوسلو، مثل: القدس واللاجئين والاستيطان".

في المقابل، فإن منظمة التحرير، بحسب محللين فلسطينيين، ما زالت ترى أن هذا الاتفاق، يشكل مدخلا لعملية السلام التي تُفضي إلى تحقيق حلم الدولة الفلسطينية.

تمخّض عن الاتفاق، الذي وقّع في العاصمة الأمريكية واشنطن، في 13 أيلول/ سبتمبر لعام 1993، إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويُعرف هذا الاتفاق رسميا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، بينما أُطلق عليه اسم "أوسلو"، نسبة إلى مدينة "أوسلو" النرويجية التي أجريت فيها المحادثات السرّية التي أنتجت الاتفاق.

ووقّع الاتفاق عن الفلسطينيين محمود عباس رئيس دائرة الشؤون القومية والدولية في منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، بمشاركة رئيس المنظمة الراحل ياسر عرفات، ووزير خارجية الاحتلال شيمون بيريز، بمشاركة رئيس الوزراء آنذاك، إسحاق رابين (جرى اغتياله لاحقًا).

وشكّل الاتفاق، الذي جاء تتويجا لتفاهمات أجريت بعد انعقاد 14 جولة من المفاوضات الثنائية السرية بين الطرفين بالمدينة النرويجية، تحولا جوهريا في المسار السياسي للقضية الفلسطينية.

وتم التوافق على أن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ بعد شهر واحد من توقيعه، فيما يتم اعتبار جميع البروتوكولات المُلحقة "جزءا لا يتجزأ منه".

أهم بنوده

 

• إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية
اتفق الطرفان على "أن هدف مفاوضات السلام، تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية ومجلس مُنتخب (المجلس التشريعي) للفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة، لمرحلة انتقالية لا تتعدى 5 سنوات، بحيث تؤدي إلى تسوية مبنيّة على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 (الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة لعام 1967)، وقرار 338 (إقرار مبادئ سلام عادل بالشرق الأوسط)".

• الفترة الانتقالية ومفاوضات
حدد الاتفاق بداية هذه الفترة منذ لحظة الانسحاب الإسرائيلي من أراضي غزة وأريحا، ونصّ على انطلاق مفاوضات الوضع النهائي "في أقرب وقت ممكن، على أن لا يتعدى ذلك بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية بين حكومة الاحتلال وممثلي الفلسطينيين".

وكان يفترض أن تغطي تلك المفاوضات القضايا المتبقية والتي تشمل "القدس، واللاجئين، والمستوطنات، والترتيبات الأمنية، والحدود، والعلاقات والتعاون مع جيران آخرين، وقضايا أخرى ذات أهمية مشتركة".

• الاتفاق الانتقالي
نص الاتفاق على ضرورة تفاوض الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني على اتفاق حول الفترة الانتقالية (الاتفاق الانتقالي)، الذي من شأنه أن يحدد: هيكلية المجلس التشريعي، وعدد أعضائه، ونقل المسؤوليات عن الحكومة العسكرية الإسرائيلية وإدارتها المدنية للمجلس، وتحديد سلطته التنفيذية والتشريعية، والأجهزة القضائية المستقلّة، وإنشاء مؤسسات خاصة بالقطاعات الحيوية والتنموية.

• نقل الصلاحيات والمسؤوليات
مع دخول إعلان المبادئ حيز التنفيذ والانسحاب من غزة وأريحا، أقر الاتفاق البدء بنقل السلطة من الحكومة العسكرية الإسرائيلية وإدارتها المدنية، إلى الفلسطينيين، في مجالات: التعليم والثقافة والصحة والشؤون الاجتماعية، والضرائب المباشرة والسياحة، إلى جانب تشكيل قوة الشرطة..

• النظام العام والأمن
نص الاتفاق على تشكيل المجلس التشريعي للقوة الشرطية الفلسطينية لضمان النظام العام والأمن الداخلي في الضفة وغزة، بينما يتحمل الاحتلال "مسؤولية أمن المستوطنين والدفاع عنهم".

• القوانين والأوامر العسكرية
يخوّل الاتفاق المجلس التشريعي بالتشريع ضمن صلاحياته، فيما نص على أن ينظر الفلسطينيين والإسرائيليين في القوانين والأوامر العسكرية المتداولة خلال فترة الاتفاق، في المجالات المتبقية.

• لجنة الارتباط المشتركة
عقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، تشكّل لجنة ارتباط مشتركة إسرائيلية فلسطينية لتوفير تطبيق هادئ للإعلان وملحقاته، وذلك لمعالجة القضايا التي تتطلب التنسيق وغيرها في هذا الإطار.

• التعاون الثنائي بالمجالات الاقتصادية
أقر الاتفاق إنشاء لجنة تعاون اقتصادية إسرائيلية فلسطينية، لتطوير الاقتصاد بالضفة وغزة والاحتلال، ولتطوير وتطبيق البرامج المحددة، وذلك فور دخول إعلان المبادئ حيز التنفيذ.

• الارتباط والتعاون مع الأردن ومصر
دعا الاتفاق إلى ضرورة تشجيع التعاون بين كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وحكومتي مصر والأردن، حيث تتضمن الترتيبات في هذا الاتجاه إنشاء لجنة تسمح بدخول الأشخاص الذين نزحوا من الضفة وغزة عام 1967، بالتوافق مع الإجراءات الضرورية لمنع الفوضى والإخلال بالنظام، إلى جانب التعاطي مع بعض القضايا في ذات الإطار.

• تسوية النزاعات

تضمن الاتفاق العمل على تسوية المنازعات الناجمة عن تطبيق أو تفسير إعلان المبادئ أو ملحقاته، وذلك بالتفاوض من خلال لجنة الارتباط المشتركة، وما لا يمكن تسويته بالتفاوض يمكن تسويته وفق آلية متفق عليها بين الطرفين، أو من خلال اللجوء إلى التحكيم من خلال لجنة خاصة.

 

اقرأ أيضاالقيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية تصدر بيانها الأول

إملاء وليس اتفاقا


الكاتب والمحلل السياسي عمر جعارة، يقول للأناضول، إن اتفاق أوسلو، وقّع بين طرفين، الأول (إسرائيل) هو القوي، والثاني الفلسطينيون وهو الطرف الأضعف.

ويضيف أن "أي اتفاق بين طرف قوي وضعيف، يصبح إملاءً وليس اتفاقا، لذا نرى تنصّل إسرائيل من بنود هذا الاتفاق، وعدم الالتزام إلا بما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية".

ويشير جعارة، إلى أن "رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض في أوسلو، أحمد قريع، كان قد أقر في لقاء على قناة (الجزيرة) الوثائقية، بأن أوسلو فرض على الفلسطينيين فرضا".

ويردف بأن "أوسلو شكّل تربة خصبة لزيادة الهيمنة الإسرائيلية على الضفة الغربية، والتوسّع الاستيطاني".

ويعتقد جعارة، أن "تنفيذ صفقة القرن بكامل شروطها سيجعل من أوسلو لاغيا بشكل تلقائي وبالمطلق".

 

و"صفقة القرن" خطة سياسية مجحفة بحق الفلسطينيين، أعلنتها الولايات المتحدة في كانون الثاني/ يناير الماضي.

محاولة هروب


الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، يرى أن اتفاق أوسلو "كان محاولة فلسطينية للهروب من الواقع العربي، الذي كان يضيّق الخناق آنذاك على منظمة التحرير".

ويقول سويلم: "أرادت القيادة (الفلسطينية) نقل الصراع للداخل الفلسطيني (بين الفلسطينيين وإسرائيل)، والبدء بعملية سلام قد تصل في النهاية لتحويل الاتفاق من انتقالي لدائم، من خلال تحوّل السلطة إلى دولة، واعتراف إسرائيل بحقوق الفلسطينيين".

لكنّ هذه المحاولة، بحسب سويلم، "اصطدمت بإفشال إسرائيل للاتفاق، إلى جانب فشل وسوء إدارة وأداء الجانب الفلسطيني"، على حدّ قوله.

ويوضح أنه "يتوجب على الفلسطينيين شقّ طريقهم من جديد لمواجهة الأخطار، بعد أن وصل التحالف الأمريكي الإسرائيلي لما وصل إليه اليوم، بعد أن غادر الموقف العربي قرارات القمم العربية (أي مبادرة السلام العربية)، وبدأت دول عربية (الإمارات والبحرين) بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعض النظر عن المصلحة القومية".

و"مبادرة السلام العربية"، التي تُعرف أيضا بـ"المبادرة السعودية"، هي مقترح اعتمدته جامعة الدول العربية في قمتها التي عقدتها في بيروت عام 2002.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل، وتطبيع العلاقات معها.

وحول استمرار الاعتراف من الجانب الفلسطيني بالاحتلال، في ظل تصريحات القيادة بأنها باتت غير ملزمة بأوسلو، اعتبر سويلم أن الاعتراف "مسألة تترك مناورتها للقيادة الفلسطينية، واختيار اللحظة التي تراها مناسبة للانسحاب أو شق طريق جديد".

ويرى أن "الخروج من المأزق الحالي يتطلب إعادة قراءة للمرحلة والتجربة واشتقاق طرق فلسطينية إبداعية مستندة على الصمود والبقاء على الأرض".

التطبيع نتيجة


الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم يرى أن التداعيات السلبية لاتفاق أوسلو، وصل إلى امتداد العلاقات العربية الإسرائيلية، حيث اتجهت مؤخرا دول عربية لعقد اتفاقات للتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

ويقول إبراهيم: "إن اتفاق أوسلو بكل مكوناته، دفع الدول العربية لتطبيع علاقتها مع إسرائيل بالسر، ومن ثم اتفاقات معلنة (...)، أوسلو جزء من المصائب التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة العربية".

وفي 13  آب/ أغسطس الماضي أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق تطبيع بين دولة الإمارات وإسرائيل ثم أعلنت في 11 أيلول/ سبتمبر الجاري عن اتفاق مماثل بين البحرين والاحتلال، الأمر الذي قوبل بتنديد فلسطيني واسع، حيث اعتبرته الفصائل والقيادة الفلسطينية، "خيانة".

والبحرين هي الدولة العربية الرابعة التي وقعت أو اتفقت على توقيع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، بعد مصر (1979) والأردن (1994) والإمارات (2020).

ويسعى الاحتلال بمساعدة أمريكية، بحسب إبراهيم، "للتخلص من قضايا الوضع النهائي، والتي تشمل ملفات القدس، واللاجئين، والمستوطنات وغيرها".

 

اتفاق ميّت


قال محللون إن الاحتلال غادر مربع "أوسلو ولم يلتزم بتنفيذه"، موضحين أن "موقف السلطة اليوم هو عدم الالتزام بهذا الاتفاق".

وتابع المحللون: "عمليا اسرائيل هي التي أنهت أوسلو بعدم التزامها بالاتفاق منذ مرحلته الأولى".

ويخلص بعض المحللين، إلى أن "عدم التزام السلطة بأوسلو يبقى أمرا نسبيا، خاصة أن هناك الكثير من الالتزامات التي لا يمكن تمريرها إلا تحت مظلة أوسلو، كما أن هذا الاتفاق يشكّل مدخلا لعملية السلام والوصول لحلم الدولة".

 

"حماس" تعلق


بدورها، علقت حركة "حماس" على مرور 27 عاما على اتفاق أوسلو، قائلة إن "هذا الاتفاق الذي أدخل قضيتنا وشعبنا في متاهة العبثية السياسية، وجر عليه ويلات ملاحق اتفاقيات لم يجن من ورائها شعبنا إلا مزيدا من التكبيل والتنازل".

 

وتابعت في بيان لها: "بات حال قضيتنا في تراجع أمام تقدم وانتفاخ للمشروع الصهيوني على أرضنا، وذلك من خلال التوسع السرطاني الاستيطاني، والقيود الاقتصادية التي استغلها الاحتلال سيفا مسلطا على رقابنا ليمرر من خلالها صورا مختلفة من اتفاقيات أمنية وغيرها اقتصادية".

وتابعت بأنه "ليس التنسيق الأمني ونجاحه في تكبيل يد المقاومة هو آخر المطاف، بل أصبحت البوابة الاقتصادية مدخلا كبيرا للابتزاز، ولم يكن ليتأتى للاحتلال هذا المسار لو لم يكن اتفاق أوسلو الموقع في سبتمبر 1993".

وأضافت: "تمر ذكرى اتفاقية أوسلو البغيضة ونحن نحيي ذكرى انتصار تاريخي تحقق بفعل المقاومة الباسلة في انتفاضة الأقصى المباركة، فلم يكن الاحتلال ليفكر بالانسحاب من قطاع غزة تحت طائلة اتفاقية هنا أو مؤتمر هناك، ولكنه انكفأ وجر أذيال الخيبة والهزيمة تحت ضربات المقاومة التي أذاقته الأمرّين في شوارع مدنه الكبيرة بالعمليات الاستشهادية، وعمليات الاقتحام لمستوطنات الضفة الغربية وغزة".


وقالت الحركة إن "مسار التطبيع الذي باتت تسارع إليه بعض الدول العربية هو طعنة في ظهر القضية والشعب الفلسطيني، ولن يجني منه من مضى فيه إلا الخيبة والخذلان".

التعليقات (0)