قضايا وآراء

مهزلة في الجامعة العربية

مصطفى أبو السعود
1300x600
1300x600
"إحنا معك على قد ما معك، ولو ما معك، الله معك".. نظرية في غاية الوقاحة، وأغلب روادها من المتملقين، فتجدهم يُفسحون المجال لمن يملكون المال، ويسمعونهم ويطيعونهم إن قالوا وأمروا، رغم أن منهم لا يميزون بين سورة الناس والإخلاص.

في جامعة الدول العربية، أو قل "الملعب السياسي للدول العربية" لا فرق، اجتمع المال القذر وقال كلمته في حضرة أصحاب المصالح، فتم بيع "الماتش" للإمارات، خاصة أن السعر "ميتعوضش"، فماطل الأمين العام للجامعة "أحمد أبو الغيط" في تعميم مشروع القرار الفلسطيني الذي يدين التطبيع الإماراتي الصهيوني، مقابل الإسراع في تعميم طلب بعدم بحثه تقدمت به البحرين ودعمته الإمارات. وتم إسقاط المشروع لأن اللاعبين الرئيسيين والممسكين بزمام الملعب "ممسوكان" بمال الإمارات التي تُطعمهم وتؤمّنهم من بوق إعلامها القذر، مدعومة بأمريكا وإسرائيل وبقاذورات الشخصيات الهاربة من عدالة الشعوب (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا).

رغم أن هذه الجامعة يجتمع لاعبوها سريعا لإدانة حدث ما هنا أو هناك أقل خطورة (مثل ما أسموه التدخل التركي في ليبيا)، ويزبدون ويرعدون ويهددون، لكنهم حينما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، يتكلمون كما العذراء في خدرها حين يأتيها عريس، بهدوء ودبلوماسية.

ومما قرأته أن وكالة الأناضول نقلت عن دبلوماسي فلسطيني، فضل عدم الكشف عن هويته (أنا مش عارف ليش خايف؟)، أن فلسطين توافقت مع الدول العربية قبيل انطلاق الدورة العادية للجامعة العربية الأربعاء على إصدار بيان ختامي لا يتضمن إدانة للاتفاق التطبيعي، لكنه يشدد على ضرورة الالتزام بالمبادرة العربية لعام 2002، التي تربط التطبيع بالإنهاء الكامل للاحتلال، والالتزام بحل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام (يا سلام عليك يا شيخ) طب ليش الكيادة الفلسطينية زعلانة؟

نعيب زماننا والعيب فينا.

أسباب ما حدث:

1- ضعف الدبلوماسية الفلسطينية وفقدان التأثير في الفعل السياسي رغم الجعجعة الكثيرة، إلا أن الطحين كان فاسدا.

2- مؤشر على أن دولا قادمة للتطبيع (النظام البحريني)، طالما أن لا إدانة رسمية، ومما يحزن أن مسألة كهذه ينجزها ترامب خلال مكالمة.

3- لا ترغب الدول العربية في دخول مواجهة داخلية، خاصة أن الدولة المعنية بالأمر هي الإمارات، وما أدراك ما الإمارات؟ فلوس زي الرز على رأي السيسي.

3- حضور قوي لتفكير المصالح وليس العواطف، فالذي طبّع سابقا، لا يجرؤ على إدانة المُطبع الحالي، أيجوز لفاسد أن ينهي الآخرين عن الفساد؟ "مش زابطة".

4- إن القادة العرب ينظرون للتطبيع على أنه أمرٌ عادي طالما أن اصحاب القضية طبعوا وربعوا في رحاب الحضن الإسرائيلي، ولسان حالهم يقول ما الفرق بين التنسيق الأمني والتطبيع؟ لا فرق إلا في الأسامي، وعاشت الأسامي.

القلب مملوء بما يؤلم، فقد وصل السيل الزبى، لكن عسانا رغم هذه المحن أن نجد بصيص أمل في آخر النفق، وإلى هناك، فالمطلوب تغيير اللاعبين لأن بقاءهم يعني أننا أحجار على رقعة الشطرنج، أو عبيد في سوق النخاسة، واعلم عزيزي القارئ أنه "على قدر نقودك يكون نفوذك".
التعليقات (0)