مقالات مختارة

مافيا إسرائيل وأسرار الموساد في كتابين موثقين

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

أعيد هذا العام نشر كتاب الصحفي الاستقصائي الفرنسي (من أسبوعية لكسبريس) للسيد (جاك ديروجي) وهو بعنوان (المافيا في إسرائيل ISRAEL CONNEXION)، الذي صدر في طبعته الأولى سنة 1980، وتعرض الكتاب ومؤلفه إلى حملة شرسة ممن سماهم (ديروجي) آنذاك "المتعصبون بلا حدود للدولة العبرية"، ويعاد نشر الكتاب اليوم في عالم مختلف عن مرحلة ما بعد "انتصار" إسرائيل في حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967، لأن العالم تغير والمجتمع الإسرائيلي تغير، فالقضايا المرفوعة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم بعديد رؤساء الجمهورية والحكومة بتهم الفساد والرشوة آخرها ضد نتنياهو، زكمت أنوف الرأي العام العالمي، رافقها إطلاق أيدي الموساد؛ لتنفيذ اغتيالات سياسية خارج القضاء، فتراكمت ضد إسرائيل تنديدات المنظمات الحقوقية العالمية وحتى اليهودية، مما أتاح خروج دولة اليمين الإسرائيلي المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو على القانون الدولي، ونكثت بالمعاهدات الرابطة بين الفلسطينيين وإسرائيل برعاية واشنطن على أساس إنهاء الاحتلال وبلوغ حل الدولتين، لدرجة أن أشهر المفكرين اليهود الأمريكان (ناحوم شومسكي) أطلق على إسرائيل نعت "الدولة المارقة"!.


أما الحقائق القوية التي لم تغب عن عقول بعض المؤرخين والمفكرين الشرفاء، هي أن دولة إسرائيل قامت وتأسست على الإرهاب من جذورها عام 1947، لأن عصابات إرهابية صهيونية متطرفة كان يتزعمها بن غوريون ومناحيم بيغن وإسحاق شامير وأهمها عصابة (الهاجانا) و(شترن)، هي التي اغتالت الكونت برنادوت مبعوث الأمم المتحدة لرعاية تقسيم فلسطين حسب القرار 29 نوفمبر 47 (قتلته عصابات صهيون يوم 17 أيلول/سبتمبر 47)، وهو دبلوماسي سويدي اختارته منظمة الأمم المتحدة للإشراف على إحلال الهدنة وإقرار السلام، ثم إن العصابات نفسها فجرت فندق الملك داوود على رؤوس نزلائه من عرب وإنجليز (يوم 26 تموز/يوليو 46)، وبهذه المافيات (حسب عنوان كتاب ديروجي)، انتصرت إسرائيل على ملوك العرب وجيوشهم النظامية، وتم تهجير أربعة ملايين من عرب فلسطين من مسلمين ومسيحيين وتعويضهم بالقوة الغاشمة بأربعة ملايين يهودي من الشتات، لا يعرفون فلسطين ولا تاريخها، والخرائط مع الوثائق موجودة إلى اليوم.


ويقص علينا الكتاب كيف أن المجتمع الإسرائيلي نشأ وظل معسكرا، فالأطفال هناك يتعلمون الحقد ضد العرب، واستعمال السلاح قبل القراءة والكتابة، وليس في إسرائيل كلها من نسميهم "نحن مواطنون مدنيون"، لأن الجميع يمر بمرحلة ثلاثة أعوام في الجيش، ثم لا يغادر الجيش، لأنه يبقى مجندا عند الطلب، وينتمي إلى قوات الاحتياط (3 ملايين مستوطن)، ويحافظ على سلاحه وهو "مدني" ويخضع" للتدريبات والرسكلات" مرتين في السنة.


أما الكتاب الثاني الصادر في هذه الأسابيع الأخيرة، فهو يضم السيرة الذاتية الكاملة (لرافي إيتان) بقلمه هو، وكانت النسخة الوحيدة منه محفوظة في مكتبة الموساد، وهي مخصصة لحراس الظل فقط دون نشر للرأي العام، لكن زوجته ميريام تعرف كل شيء عنه وعن دوره في اختطاف النازي أيخمان في الأرجنتين، وخطته لاغتيال عرفات في أوروبا، وتعطيل أنظمة الصواريخ في مصر وما حدث وراء الكواليس في قضية جوناثان بولارد". وقدمت الكتاب الإعلامية الإسرائيلية (مايا بولاك) في صحيفة مكور ريشون، وترجمته مشكورة "عربي21".


"بعد عام ونصف العام من وفاة إيتان حيث روى أفراد عائلته عن سيرته الذاتية كرجل مخابرات، غاب دائما عن المنزل حين شغل منصب رئيس مكتب العلاقات العلمية وهي وحدة سرية في وزارة الحرب، تحصل بالعادة على معلومات استخباراتية وتقنيات أسلحة متطورة بما في ذلك التجسس على دول صديقة لنقل المعلومات والوثائق إلى إسرائيل". توفي إيتان بعد أن أصبح وزيرا والمسؤول الكبير السابق في الموساد في آذار/مارس 2019 عن سن 92 عاما". وأوضحت أنه "خلال مسيرته المهنية الطويلة في الظل، كان إيتان مسؤولا عن صياغة عقيدة الحرب لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، والعملاء النشطين في الدول العربية، ومهندس التعاون الاستخباراتي مع إيران وتركيا والمغرب، وبدأ محاولة لإجراء اتصالات غير رسمية مع مصر في الستينيات، وقاد عملية القبض على أدولف أيخمان، وخطط وشارك في عمليات اغتيال".


وكشفت النقاب أن "إيتان أشرك الموساد في قضية اغتيال المهدي بن بركة زعيم المعارضة المغربي في 1965، حيث اختفى بن بركة في باريس، وتبين لاحقا أنه قُتل ووجهت الصحافة الفرنسية أصابع الاتهام للموساد، الذي يُزعم بأنه قام بالعمل لصالح أصدقاء مغاربة، وتسببت عملية الاغتيال في باريس بسلسلة من الصدمات في إسرائيل، منها البرود بل العداء الذي حدث بين الجنرال ديغول رئيس فرنسا ودولة إسرائيل". ولفتت إلى أنه "في ربيع 1964 عُيِّن إيتان في مهمة تجنيد عملاء في الدول العربية عبر أوروبا، وبعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية اقترح إيتان القضاء على جميع قادة فتح الكبار بمن فيهم ياسر عرفات، على أن يتم ذلك في مؤتمر للمنظمة على الأراضي الأوروبية، لكنه لم يحصل على الموافقة على العملية، وبعد حرب 1967 أوصى إيتان بضرب رؤوس فتح كما سعى في رؤيته السياسية إلى "الانفصال عن الفلسطينيين في عمل أحادي الجانب بادرت به إسرائيل، ويسمي خطته "فصل الفسيفساء"، لأنها تترك جيوبا يهودية في الأراضي الفلسطينية، ومعلوم أن هذه العقيدة هي التي يؤمن بها وينفذها على الأرض نتنياهو بزرع المستوطنات والاستمرار في ضم الأراضي الفلسطينية، وليس كما ادعى المطبعون بأن التخلي عن ضم المزيد من الأرض هو شرطهم للتطبيع، الذي كان استسلاما للدولة المحتلة بلا أي مقابل، كما لاحظت صحيفة (ستراتيجيك ألرت الأمريكية) في 15 أيلول/ سبتمبر 2020.

 

(عن صحيفة الشرق القطرية)

0
التعليقات (0)