مقابلات

إخوان السودان: التطبيع "خيانة" ولن يحل الأزمة الاقتصادية

المراقب العام لإخوان السودان أكد أن التعديلات الدستورية ستكون مثار فتن للشعب- عربي21
المراقب العام لإخوان السودان أكد أن التعديلات الدستورية ستكون مثار فتن للشعب- عربي21

* "التطبيع" خيانة للقضية الفلسطينية ولن نعترف بإسرائيل كدولة

 

* القول بأن التطبيع سيحل مشاكل الدولة "أوهام".. والدول التي طبّعت لم تجن اقتصادا قويا بل العكس

 

* التعديلات الدستورية الأخيرة تعارض نصوصا صريحة في الشريعة الإسلامية وستكون مثار فتن للشعب

 

* المؤتمر الاقتصادي القومي الأول لم يخرج بأمور إيجابية للشعب.. ومَن شاركوا به ليسوا من أهل التخصص والعلم

 

* نعاني من وزراء بالحكومة الانتقالية ليس لهم أي كفاءة وكل خبرتهم أنهم جلسوا بخيم الاعتصامات وشاركوا بالتظاهرات

 

* إذا تُركت حرية الاختيار للشعب فسيختار مَن يحكمه بالشرع الإسلامي الحنيف.. ونؤيد الانتقال السياسي الديمقراطي

 

* نشر قوات دولية في السودان لمتابعة تنفيذ الحريات قد ينتج عنه انقسامات داخل الدولة وقد يفتح ذلك بابا للاغتيالات

أكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان عادل على الله، في مقابلة خاصة مع (ضيف "عربي21")، أن التطبيع يُعد خيانة للقضية الفلسطينية، مشدّدا على أنهم لن يعترفوا بإسرائيل كدولة إلى أن تُحل قضية فلسطين بشكل كامل.

وانتقد الأقاويل التي يروجها البعض في السودان بأن التطبيع سيحل مشاكل الدولة، وخاصة الأزمة الاقتصادية، قائلا: "هذه أوهام غير حقيقية وغير علمية وغير دقيقة. والدول التي طبّعت مع إسرائيل لم تجن منها اقتصادا قويا، بل العكس، وأضاف: "نحن نحتاج إلى تخطيط وليس إلى تطبيع، وهذا التخطيط ينبغي أن يسانده العالم لرفع السودان من دولة مستهلكة إلى مُصدّرة".

 


ورأى المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان أن "التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة، والتي أثارت جدلا واسعا، تعارض نصوصا صريحة في الشريعة الإسلامية، وليس من حق الحكومة المؤقتة فعل ذلك"، مُحذّرا من أن تلك التعديلات "ستكون مثار فتن للشعب السوداني، ولا تتسق حتى مع (الوثيقة الدستورية)".

ورفض القرار الأممي الخاص بنشر أفراد البعثة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس"، قائلا: "نحن نعاني من نشر قوات دولية في بلادنا لمتابعة تنفيذ الحريات؛ فهي ستكون لها صلة سياسية وتدخلات خارجية، ما قد ينتج عنه انقسامات داخل الدولة. وقد يفتح ذلك بابا لجماعات جهادية لمحاربة هذه القوات، وتحاول إخراج هذه القوات بالاغتيالات ما سيكون عبئا إضافيا، على غرار ما حدث في بعض الدول الأخرى".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع (ضيف "عربي21"):

 

ما موقف جماعة الإخوان المسلمين في السودان من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؟


ما يُعرف عنا كإخوان أن لنا مواقف تاريخية وواضحة بشأن القضية الفلسطينية التي تُعد محورية أساسية بالنسبة لنا، ومن الثوابت التي قامت عليها الجماعة في مصر، أنها قضية نقف معها إلى أن تتحرر جميع أراضي فلسطين، وليس فقط أراضي 1967، بل كل الأرض المحتلة.

وقد ظهر هذه الأيام تسارع دول عربية في التوجه إلى التطبيع مع الاحتلال لإرضاء بعض الدول، وهذا عمل أنظمة وليس الشعوب العربية.

والأنظمة العربية تظن بأنها تسير مع النظام العالمي، ولكن القضية ليست قضية يهود وعرب، بل قضية احتلال لأرض ليست لمَن قام بالاحتلال.

وهذه الدول التي تسعى للتطبيع هي دول معروفة بنظام حكمها الانفرادي الذي لا يعطي للشعوب حق الرأي فيها، ولكن نحن في السودان الأمر يختلف؛ فالدولة بدأت تشيع بعض الحريات للأفراد وللأحزاب أن تُصدر رأيها بصراحة.

وموقف الإخوان من التطبيع نرى أنه خيانة للقضية الفلسطينية. والشعوب المسلمة العربية ترى أن المقدسات الإسلامية في فلسطين يجب أن تُحرر من هذا الغاصب بالقريب العاجل.

ونحن لا نعترف بإسرائيل كدولة، بل هي احتلال، لذلك نعارض التطبيع معها، وضد التطبيع إلى أن تحل قضية فلسطين بشكل كامل.

وكيف ترون موقف الحكومة السودانية من التطبيع في ضوء الضغوط الاقتصادية التي تُمارس عليها؟


السودان مع وضعه الحالي، ودول الجوار المفتوحة، تعاني كلها من مشاكل اقتصادية مُزمنة بقلة النقد الأجنبي، والإنتاج وغيرها، وكنّا نُصدّر كميات مناسبة للبترول مع دولة الجنوب التي انفصلت، وكانت تساعد في تسيير كثير من الأمور، ولكن مع الانفصال فقد السودان كثيرا من الموارد، وبدأت الدولة تحاول معالجة قضية الموارد التي فقدتها.

وأمريكا وغيرها من الدول التي تساند الاحتلال الإسرائيلي تحاول أن تمارس الضغوط الاقتصادية، ورسم صورة خيالية للناس، بأن التطبيع يحل مشاكل الدولة في السودان، وهذه أوهام غير حقيقية وغير علمية وغير دقيقة. والدول التي طبّعت مع إسرائيل لم تجن منها اقتصادا قويا، بل العكس، وهذا حقيقة معايشة ومشاهدة حاليا، والمعاناة التي تعيشها شعوب الدول التي طبعت لا تزال مستمرة ونراها حتى اليوم.

وحتى في حال تقديم دعم اقتصادي مقابل المنح المالية، فلن يحل ذلك مشاكل أي دولة إلا مؤقتا، بل يجب أن تحل المشكلة ببناء اقتصادي قوي، وأن يتحول اقتصاد السودان من الاستهلاك إلى الإنتاج، وإلى إدارة قوية للمياه والأراضي الزراعية، ولو توفرت الأموال العربية كذلك لتحول السودان إلى دولة رفاهية.

السودان كان سلة العالم كله، بأرضه الخصبة ومساحاته الواسعة، وبمياهه المتوفرة، بل إن السودان يعاني من وفرة المياه، وهناك فيضانات مستمرة، ولو اُستغلت هذه المياه لتوفير الأشياء الأساسية لساهمت في تغيير الأوضاع للأفضل.

ونحن نحتاج إلى تخطيط وليس إلى تطبيع، وهذا التخطيط ينبغي أن يسانده العالم لرفع السودان من دولة مستهلكة إلى مُصدّرة.

والسياسيون قليلو الخبرة، يظنون أن التطبيع سيحل المشاكل الاقتصادية، وهذا الأمر لا يوافق عليه الكثير من الناس.

لكن هناك مَن يرى أن الحكومة السودانية أقرب للتطبيع.. ما تعقيبكم؟


قد تكون هناك بعض الشبهات التي أثيرت بشأن مَن يُمثلون الثورة أو الحكومة المؤقتة سواء مكونها المدني أو العسكري بأن بعضهم يؤيدون التطبيع. وفي ظننا أن الشعب السوداني لا يرضى بهذا التطبيع، ولا يوجد أي شعب مسلم يرضى بذلك، بل إن كثيرا من الشعوب العالمية من غير المسلمين، ليس لدولهم علاقة مع الاحتلال بسبب انتهاكاتهم واحتلالهم.

نحن نقول للذين يريدون التطبيع بأنه ليس هناك مَن يساندهم من العلماء المشهود لهم بالعلم، وكذلك ليس هناك تأييد شعبي لهم. وهناك إجماع داخل مجمع الفقه الإسلامي في السودان الذي اختارته الحكومة المؤقتة على رفض التطبيع، وأصدر فتوى دينية تُحرّم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، والشعب تلقى هذه الفتوى بشيء من الارتياح، وأصبح مَن يعارضون هذه الفتوى يبحثون عن عيوب لهذا المجمع، وهم لا يجدون له ما يبرر هذا النقد الواضح.

كيف تنظرون للاتهامات التي لاحقت السودان بدعم الإرهاب؟ وهل وعود رفع اسمه من قائمة الإرهاب ستنجح؟


السودان يعاني منذ عقود من تُهم أُلصقت به منذ زمن طويل، بأنه دولة مُساندة للإرهاب، ووجهت له اتهامات بشأن حركات جهادية من خارج بلادنا يُقال إن السودان آواها، ولكن هذا كلام غير قانوني. فالذين قاموا بالتفجيرات والهجمات ومَن قاموا بمحاربة أمريكا ليس لهم علاقة بالسودان، ونحن اليوم نعاني بسبب هذه الاتهامات إلى اليوم اقتصاديا، لعدم مشاركة الدول الاقتصادية بحل مشاكل السودان.

و"البرهان" يسعى مع غيره من الحكام مثل "حمدوك" بالاتفاق مع أمريكا لرفع اسم السودان من قائمة العقوبات، والوعود تأتي يوما ثم تظهر عقبات أخرى، وباتت الأمور غير واضحة، وأصبح الشعب السوداني يمل من هذه الوعود غير المبررة، التي استمرت دون نتيجة حتى الآن.

الأمم المتحدة أعلنت نشر أفراد بعثتها المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس"، في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.. فكيف ترون هذه الخطوة؟


نعاني من نشر قوات دولية في السودان لمتابعة تنفيذ الحريات في ظل الحكومة المؤقتة، ونحن أصدرنا بيانا بأننا ضد هذه القوات؛ فهي ستكون لها صلات سياسية وتدخلات خارجية، ما قد ينتج عنه انقسامات داخل الدولة. وقد يفتح ذلك بابا لجماعات جهادية لمحاربة هذه القوات، وتحاول إخراج هذه القوات بالاغتيالات ما سيكون عبئا إضافيا علينا، على غرار ما حدث في بعض الدول الأخرى.

ونحن لسنا بحاجة إلى قوات، بل إلى خبرات واستشارات فقط من العالم الغربي لحل مشاكل السودان.

كيف ترون التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة والتي أثارت جدلا واسعا، لاسيما بين القوى والتيارات السياسية الإسلامية، حيث وصفتها بأنها "مخالفة للشريعة وتمس التقاليد الإسلامية" بينما تقول الحكومة إنها تهدف إلى إزالة المواد المتعلقة بالقيود على الحريات؟

من الأشياء التي نعاني منها في السودان، أن وزير العدل الذي ينتمي إلى فئة معينة معروفة، كان يعيش في أمريكا، ويظن أن الحكومة السابقة كانت تُمثل الشريعة الإسلامية، لكن فكره خاطئ وظنه ليس بمحله في أن الإسلام ضد الحريات. وهو لا يفهم الإسلام بمفهومه العام. وأصدر بيانات وقرارات سريعة، وليس له الحق بأن يُعدّل دستور البلد في ظل حكومة انتقالية، لأنه يُفترض أن يعود الأمر إلى حكومة منتخبة.

وما جاء به من تعديلات للدستور تُخالف مجمع الفقه الإسلامي، لأنها تعارض نصوصا صريحة في الشريعة الإسلامية، والتي لا يجني منها الشعب السوداني أي شيء؛ فالسودان لا يعاني من مشاكل في القانون بل من أزمته الاقتصادية.

والشعب السوداني حينما خرج ضد حكومة الإنقاذ لم يكن ذلك ضد قوانين يريد أن يغيرها، بل لحل قضايا اقتصادية، بينما هم انصرفوا إلى قضايا انصرافية وليس لهم مستند قانوني لأن يقوموا بالتعديلات التي ستكون مثار فتن للشعب السوداني، ولا تتسق حتى مع "الوثيقة الدستورية".

ولا يزال الشعب السوداني منضبطا في الظاهر الديني، ودون قانون هناك تطبيق للشرع الديني بطبيعة الشعب. فهناك تمثيل روح الدين بروح الشعب المتدين المسلم بطبيعته.

ونحن ضد أي تعديلات تمس الشريعة الإسلامية. ووزير العدل يدرك أن هذه التعديلات ستزول بزواله، لأنها عبارة عن ورقة لا يساندها دستور دائم. وهذه التعديلات مؤقتة، وحينما تأتي حكومة مُنتخبة فستُلغي هذه القوانين، لأن وزير العدل ليس لديه السلطة بذلك.

إلى أي مدى ترون أن الانتقال السياسي في السودان يمضي بالاتجاه الصحيح؟ وما موقفكم منه؟


نطلب ونرجو أن ينتقل السودان من حالته التي كنّا نعيشها، بعد انقلابات عسكرية، نحن في ما يُسمى بـ "الديمقراطية الثالثة"، ونرجو أن يتم الانتقال الديمقراطي إلى الشعب، ويتم التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الانتخابات.

وقد شاركنا في "الإخوان" بأكثر من انتخابات، وحققنا بعض المكاسب الانتخابية، ونرى أن الشعب السوداني إذا تُركت له حرية الاختيار فسيختار مَن يحكمه بالشرع الإسلامي الحنيف، ونحن مع الانتقال السياسي الديمقراطي.

كيف تابعتم المؤتمر الاقتصادي القومي الأول الذي انطلقت فعالياته تحت شعار (نحو الإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية المستدامة)؟


شاهدنا في الأيام الماضية القليلة المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في الخرطوم، وقُدّم في أوراق مناقشات، لكن لم تخرج للشعب السوداني بأشياء مفيدة، فكل الأطراف الذين شاركوا فيه، إن كانوا من الحكومة المؤقتة أو مؤيدين لها، لم يكونوا من أهل التخصص ولا يعرفون ماذا يريد الشعب السوداني، بل طرحوا فقط علاجات مؤقتة. والسودان بحاجة إلى خبراء وخطة واضحة للحكومة المؤقتة، ونحن نعاني من وزراء في الحكومة الانتقالية ليسوا أصحاب خبرة سياسية وعلمية، بل محاصصات، وبعضهم هؤلاء كل خبرتهم أنهم كانوا يجلسون بخيم الاعتصامات والميدان للتظاهر وفقط، وهذه قضية غريبة جدا في الحكومات. فهم لا يملكون أي خبرة سياسية أو علمية لحل مشاكل السودان الآنية مثل قضية الخبز، ولم يطرح هناك خبير أو اقتصادي حلولا دائمة، بل كانت هناك حلول مؤقتة غير مقنعة.

نحن مع أن يخرج السودان من كبوته، وأن يعيش شعبه كريما، ونحتاج إلى يد أمينة وصاحبة خبرة ودراية تخرجنا من الضيق إلى الرفاهية.

التعليقات (0)