سياسة عربية

معارضون أردنيون في مقاعد الحكومة.. الأسباب والدلالات

العديد من الحكومات الأردنية شهدت مشاركين معارضين في صفوفها- رئاسة الوزراء
العديد من الحكومات الأردنية شهدت مشاركين معارضين في صفوفها- رئاسة الوزراء
أثار الإعلان عن تسلم الخبير الاقتصادي الأردني معن القطامين حقيبة وزارة العمل في حكومة بشر الخصاونة، التي أعلن عن تشكيلها الاثنين، تساؤلات حول دلالات تحول معارضين للسياسات الرسمية إلى صفوف الحكم بين ليلة وضحاها.

وتداول نشطاء مقطع فيديو للقطامين، الذي عُرف بانتقاداته "اللاذعة" للحكومات المتعاقبة، يؤكد فيها أنه لن يقبل أي حقيبة وزارية في حال عرضت عليه، مفضلا أن يكون مواطنا عاديا مشغولا بشؤون نفسه وأسرته.

 


ويرى معارضون أن "عملية تجميل" الحكومات باستدخال أشخاص مقبولين شعبيا لا يجدي نفعا مع بقاء النهج القائم، مؤكدين أن هناك "حكومة ظل" تدير المشهد من مكان آخر غير مبنى رئاسة الوزراء الكائن على ما يُعرف بـ"الدوار الرابع" في العاصمة عمان.

ويرى الإعلامي المعارض أحمد حسن الزعبي، أن القطامين لم يكن يوما يعرّف نفسه بأنه معارض، وإنما كان ينتقد سياسات الحكومة فقط.

وقال لـ"عربي21" إن كثيرين ممن ينتقدون الحكومات لا يمكن وصفهم بـ"المعارضة"؛ كونهم يقفون في المنتصف، ولم يكونوا جزءا من أي حراك أو حزب أو تيار معارض، مشيرا إلى أن من يقبل منهم الوزارة يظن أنه إذا أصبح جزءا من منظومة الحكم فإن باستطاعته أن يقدم فعلا إيجابيا بدلا من الاكتفاء بالانتقاد من خارج المنظومة.

وكشف الزعبي عن حوار دار بينه وبين القطامين بحكم معرفته الشخصية به، قائلا: "قال لي مرة: ما المانع أن نصبح أنا وأنت رؤساء وزراء؟ فقلت له إن هذا لا يمكن، ففي ظل عدم وجود ولاية عامة أو صلاحية للعمل باستقلالية سيكون ذلك محرقة ومقتلا لنا في الوقت ذاته".

وأضاف أن لدينا كثيرا من الكفاءات التي انتقلت إلى صف الحكومات ظنا منها أن الإصلاح متاح من الداخل، تكتشف فيما بعد أن الواقع مختلف، فحكومات الظل تعمل بشكل أساسي في إفشال هذه الكفاءات.

وأوضح أن هناك قسما آخر من المنتقدين للحكومات، ينتقلون إلى الصف الآخر، ليس بهدف الإصلاح وحسب، وإنما رغبة منهم في تجريب فكرة المنصب، فيجربه عدة مرات من غير أن يستطيع أن يصلح شيئا، لافتا إلى أن بعضهم الآخر تمنح لهم الحقيبة الوزارية كجائزة ترضية مقابل السكوت عن انتقاد السلطة.

وبحسب مراقبين، ليس القطامين وحده المعارض الوحيد الذي تم استقطابه لصفوف الحكومة، فهناك عدد من المعارضين أو منتقدي السياسات الرسمية الذين أصبحوا وزراء في الحكومات السابقة، كوزير التنمية السياسية الحالي موسى المعايطة، ووزير الاتصالات السابق مثنى غرايبة، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأسبق خالد الكلالدة، ووزراء الحركة الإسلامية الخمس في حكومة مضر بدران عام 1991 وغيرهم.

 

اقرأ أيضا: حكومة محاصصة و"بيروقراط" في الأردن تواجه ملفات صعبة

وحول مشاركة الحركة الإسلامية في التجربة الوزارية رغم كونها محسوبة على المعارضة، قال الناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ثابت عساف إن الظروف آنذاك كانت مختلفة، وكان لوزراء الحركة إسهامات جيدة، وإن كانت محدودة.

وأضاف عساف لـ"عربي21" أن الظرف السياسي الذي فرضته أزمة الخليج الثانية دفع النظام إلى إشراك الحركة الإسلامية في الحكومة؛ لإيجاد مجموع وطني قادر على مواجهة هذا الظرف، مؤكدا أن هذه التجربة "كانت لها وعليها، وهي جزء من التعاطي السياسي للحركة الإسلامية والوسائل المتبعة في ذلك".

وحول تسلم عدد من المعارضين حقائب وزارية، أكد عساف أن هناك إصرارا رسميا على استقطاب عدد من المعارضين لصفوف الحكومة، لهدفين؛ الأول إسكات هذه الأصوات المعارض واحتواؤها، والثاني إفقاد المجتمع أي بارقة أمل في المصلحين، وزعزعة الثقة ما بين الشعب وبين المعارضين ومحاربي الفساد.

وأضاف أن بعض هؤلاء المعارضين قد يظنون للحظة أن بإمكانهم الإصلاح من خلال منظومة الحكم القائمة، مؤكدا أنه لا يمكن لعملية الإصلاح أن تتم وفق منهج قائم على التعيين الذي لا يخدم سوى الفساد والمفسدين، وإنما يجب أن يكون من خلال منظومة جديدة متكاملة يمكن لها أن تحدث فارقا.

وكشف عساف أن إحدى الدوائر الأمنية عرضت عليه الوزارة أثناء فترة اعتقاله إبان الحراك الشعبي الأردني المتزامن مع ثورات الربيع العربي، معللا ذلك بأنه نوع من الاحتواء الذي ما زال عدد كبير من النشطاء الساعين للإصلاح يرفضونه.

وحاول موقع "عربي21" الاتصال بالوزير معن القطامين للتعليق حول حملة الانتقادات التي وجهها نشطاء إليه لتسلمه المنصب الوزاري، ولكن دون رد.

وكان القطامين قال الثلاثاء في أول تغريدة له على موقع "تويتر" بعد تسلم حقيبته الوزارية: "بإذن الله لن أخذلكم، وما توفيقي إلا بالله".

 

 


والاثنين؛ أدى رئيس الوزراء الأردني الجديد بشر الخصاونة، وأعضاء حكومته، اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني عبد الله الثاني.

وضمت الحكومة الجديدة 32 وزيرا، منهم رئيس الوزراء الذي يحمل أيضا حقيبة الدفاع، وثمانية وزراء كانوا ضمن حكومة عمر الرزاز المستقيلة، أبرزهم وزيرا الخارجية أيمن الصفدي والمالية محمد العسعس.

ويعد الخصاونة رئيس الوزراء الـ13 في عهد الملك عبد الله الثاني، منذ تولي الأخير لسلطاته الدستورية في 7 شباط/ فبراير 1999.
التعليقات (0)