صحافة دولية

FT: الأزمة الاقتصادية وكورونا قد تفقدان عُمان حياديتها

إلى من ستتجه عمان لدعم اقتصادها؟ - (وكالة الأنباء العمانية)
إلى من ستتجه عمان لدعم اقتصادها؟ - (وكالة الأنباء العمانية)

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في دبي سايمون كير قال فيه إن الأزمة الاقتصادية وكورونا التي تواجهها سلطنة عمان قد تجبرها على طلب العون من جيرانها.

وقالت إن عمان المحاطة من السعودية وإيران ظلت تتمسك بحياديتها مما جعلها تعرف بسويسرا الشرق الأوسط. ولكن قدرة هذا البلد الخليجي على خط مساره الخاص في خضم النزاعات وصراع السلطة في المنطقة تضع عقبات أمامه بسبب معاناته الاقتصادية التي تفاقمت بسبب انتشار فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط.

ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا اقتصاديا بنسبة 10% لهذا العام وهي نسبة حادة أكثر من معدل الشرق الأوسط.

ويعلق كير بأن الأزمة هي بمثابة تعميد بالنار للسلطان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد الذي خلف قابوس بن سعيد آل سعيد في كانون الثاني/يناير، وفي الوقت الذي يحاول فيه السلطان مكافحة العجز المتضخم بالميزانية فإنه يواجه معضلة تتمثل فيما إن كان سيطلب مساعدة من جيرانه الأثرياء أو يحاول الحفاظ على استقرار الميزانية بطرق أخرى بدون التأثير على الاستقرار الاجتماعي.

ولو قرر المضي في الخيار الأول فستجد عمان نفسها وسط النزاع السام الذي وضع السعودية والإمارات ضد قطر بشكل يضعف من قدرتها على لعب دور الوسيط الإقليمي.

ويرى جون سفاكيناكس، الباحث في جامعة كامبريدج أنه "في ضوء الأعباء المالية فعلى عمان أن تلتفت إلى جيرانها للحصول على دعم مالي مباشر وغير مباشر ولكن المأزق الحالي أن أخذ المال من الإمارات سيعرض حيادية عمان للخطر ما يعني اصطفاف مسقط مع التحالف السعودي- الإماراتي ونفس الأمر ينسحب على قطر" إذا التفت السلطان للدوحة طلبا للمساعدة.

وطالما تمسكت عمان الحليفة القريبة للغرب باستقلالية سياستها الخارجية، حيث حافظت على علاقات جيدة مع السعودية وإيران، وفي الوقت نفسه ساعدت قطر للتغلب على الحصار الذي قادته السعودية ضدها. ولعبت عمان دورا في المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن ملفها النووي. وهي التي قادت لاحقا إلى الاتفاقية التي وقعت عام 2015.

 

اقرأ أيضا: مفتي عُمان يهاجم ظاهرة "التودد إلى العدو".. وتفاعل

وبنفس السياق أصبحت عمان ونظرا لقربها من طهران المحطة التي يلتقي فيها السعوديون مع المتمردين اليمنيين الذين تدعمهم إيران. وفي هذا الشهر، كانت مسقط أول دولة عربية تعيد السفير إلى دمشق بعدما حافظت على العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري طوال فترة الحرب الأهلية.

وظلت العلاقات الإماراتية- العمانية مشحونة خصوصا بعد الكشف عن شبكة تجسس إماراتية في البلاط السلطاني قبل عقد تقريبا، وترغب أبو ظبي بتحسين العلاقات مع الحاكم الجديد الذي يحاول إدارة أكثر اقتصاديات دول الخليج الغنية بالنفط هشاشة.

ومن المتوقع أن تصل نسبة العجز بالميزانية هذا العام إلى 20% من الناتج المحلي العام. ولدى السلطنة مصادر نفطية متواضعة و16 مليار دولار من احتياط النقد الأجنبي وعلى شكل أرصدة جاهزة في الخارج. ولكن العجز المالي والسندات المالية المستحقة تصل إلى 13 مليار دولار في العام وعلى مدى السنين الثلاث المقبلة.

والسلطنة التي اقترضت ملياري دولار من البنوك العالمية في آب/أغسطس بحاجة إلى سحب الودائع المحلية بما في ذلك من الصندوق السيادي ومبيعات أرصدة وقروض جديدة للعمل على استقرار الميزانية. وتفكر بالعودة إلى سوق السندات لجمع ما بين 2-4 مليارات دولار.

ويقول كيرجانيس كرستينز، مدير الصناديق السيادية في مؤسسة التصنيف الائتماني: "حتى قبل فيروس كورونا والصدمة الأخيرة لأسعار النفط كانت عمان تكافح لموازنة ميزانيتها ولكنهم أصبحوا الآن في وضع يحتم عليهم تخفيض النفقات بشكل جذري وإلا نفد المال".

وفي العام الماضي قدمت دول الخليج الثرية 10 مليارات دولار إلى البحرين بعدما فشلت في جمع المزيد من الديون في الأسواق الدولية. وقال مسؤول غربي إن هناك احتمالا بأن تستثمر الإمارات في مشاريع عمانية بدلا من تقديم ودائع مالية.

ويقول المصرفيون إن هناك محادثات حذرة مع قطر للحصول على دعم مالي، خاصة أن الدوحة راغبة برد الجميل لعمان ولما قدمته لها من دعم لوجيستي لهزيمة الحصار.

وتقوم الصين بتوسيع عملياتها في الموانئ العمانية واشترت العام الماضي حصة بقيمة مليار دولار من شبكة توزيع الكهرباء. وفي 2017 أقرض مصرف صيني بارز عمان 3.5 مليارات دولار.

وقال جوناثان فولتون، الأستاذ المساعد في جامعة زايد بأبو ظبي: "في ضوء العلاقات الاقتصادية العميقة، يمكن أن تكون الصين فرصة جيدة، إلا أنه من المحتمل اعتراض الولايات المتحدة".

وأيا كان الطرف الذي ستطلب منه عمان المساعدة فستكون الأزمة الاقتصادية بمثابة امتحان للسلطان الجديد الذي ترك بصماته على البيروقراطية التي أعاد تشكيلها، وخفض الإنفاق العام بنسبة 8% في النصف الأول من العام الحالي وقطع النفقات على المشاريع الكبرى والدفاع واحتفظ بالنفقات الكبيرة على القطاع العام. وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن خطط لفرض ضريبة القيمة المضافة وبنسبة 5% العام المقبل.

التعليقات (0)