قضايا وآراء

ترامب الرئيس المحظور

أسامة جاويش
1300x600
1300x600

سيذكر التاريخ أن دونالد ترامب هو أول رئيس أمريكي محظور منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية.

لم أندهش كثيرا من القرار الذي اتخذته إدارة موقع تويتر بحظر حساب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد صولات وجولات بين الجانبين على مدار السنوات الأربع الماضية، انتهت أخيرا بقرار هو الأول من نوعه في حق رئيس لأكبر دولة في العالم. 

قرار الحظر وإن رآه كثيرون متأخرا للغاية إلا أنه أثار ارتياحا كبيرا لدى غالبية مستخدمي موقع تويتر، بالإضافة إلى أصدائه الواسعة في الداخل الأمريكي. ترامب كان يتعامل مع حسابه في تويتر بأنه قناته الفضائية التي طالما تمنى أن يمتلكها، كان يكتب في بعض الأيام أكثر من 100 تغريدة حول موضوعات مختلفة، كان تويتر هو ملاذه الآمن كي يعبر فيه عن طبيعته الشخصية وآرائه الغريبة في هذا العالم الافتراضي.

لم تمر الولايات المتحدة الأمريكية قبل ترامب بما شهدته وعايشته الساحة السياسية والإعلامية منذ تنصيبه رئيسا في كانون ثاني (يناير) 2016، الرجل خاض حروبا ضروسا مع الجميع في كل الاتجاهات،  "بيخانق دبان وشه" بالعامية المصرية، خسر أصدقاء له وحلفاء كثرا ولم يعبأ كثيرا بهم، الرجل كان يقيل وزراء ومسؤولين كبارا في إدارته عبر تغريدة له على تويتر، كان يصدر قراراته على تويتر، يهاجم المؤسسات وتقارير الاستخبارات الأمريكية وهيئة التحقيقات الفيدرالية أيضا على تويتر.

حساب الرئيس المحظور، كان أشبه بمنصة إطلاق الصواريخ، وإن كانت نانسي بيلوسي الآن تريد منع ترامب من العبث بالمنظومة النووية الأمريكية حتى خروجه من البيت الأبيض في العشرين من يناير الجاري، فإن دونالد ترامب قد وجد ضالته في لوحة المفاتيح الخاصة بجهازه المحمول أو الحاسوب الخاص به، فكان يعبث بتلك الأزرار ويطلق منها اتهامات هنا وتجاوزات هناك، دون رقيب أو حسيب ولكن يبدو أنه للصبر حدود.

 

دونالد ترامب، الرئيس المحظور لا يبدو أبدا أنه سيكتفي بهذا اللقب التاريخي الفريد وإنما ربما تشهد الأيام المقبلة لقبا جديدا يحصل عليه ترامب إذا ما وافق الكونغرس على البدء في إجراءات عزله ليصبح الرئيس المعزول، ومن المحتمل أن يضاف إلى رصيده السيء لقب ثالث إذا ما تم اتهامه أمام القضاء الأمريكي بالتورط في أحداث اقتحام الكونغرس الأمريكي

 



جاك دورسي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تويتر، قرر أن يضع نهاية حزينة ولكنها مستحقة لآلاف التغريدات العبثية التي أرهقنا بها دونالد ترامب على مدار الأعوام الأربعة الماضية، خطوة الحظر النهائي جاءت بعد فترة من المداولات والسجال الطويل والتنبيهات المستمرة من موقع تويتر لحساب المحظور، فمنذ اليوم الأول للانتخابات الأمريكية ومع أول ادعاء كاذب من دونالد ترامب بتوزير الانتخابات، قرر تويتر أن يضع تنبيها على كل تغريدات ترامب من هذا النوع فأظهر عبارة تعني أن هذه التغريدة تحتوي على ادعاء كاذب بتزوير الانتخابات وكأنه يقول "انتبه الرئيس يكذب".

تويتر يرسل تنبيهات كهذه في العديد من المواقف، عند انتهاك حقوق الملكية لبعض المقاطع المصورة، عند نشر أكاذيب أو تشويه لفرد أو مؤسسة بشكل متعمد، والحالة الأكثر شيوعا هي التحريض على العنف والكراهية بشكل واضح وكارثي، وهذا ما عجل بحظر حساب ترامب. الخطاب الكارثي الذي سبق اقتحام الكونغرس والتغريدات المستمرة التي حرض فيها المحظور أنصاره من الموتورين بالدفاع عن أمريكا وعدم القبول بالانتخابات وبالتوجه نحو الكونغرس كلها كانت أدلة اتهام كافية ووافية كي يحظر تويتر حساب الرجل.

المدهش في الأمر، أن ترامب الذي ظل يهاجم الإعلام وينتقد القنوات ويتهمها بنشر أخبار كاذبة، الرئيس الذي احتقر المراسلين داخل البيت الأبيض ووصف بعضهم بالوقح وتحدث مع البعض الآخر بعنصرية بغيضة، يدفع الآن ثمن كل ذلك عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. فيسبوك وانستغرام لحقا بتويتر وعلقا حسابات ترامب لمدة أسبوعين حتى يتم تنصيب بايدن رئيسا جديدا، وأتوقع أن يتم حجب حسابات ترامب نهائيا كما فعلها تويتر.

دونالد ترامب، الرئيس المحظور لا يبدو أبدا أنه سيكتفي بهذا اللقب التاريخي الفريد وإنما ربما تشهد الأيام المقبلة لقبا جديدا يحصل عليه ترامب إذا ما وافق الكونغرس على البدء في إجراءات عزله ليصبح الرئيس المعزول، ومن المحتمل أن يضاف إلى رصيده السيء لقب ثالث إذا ما تم اتهامه أمام القضاء الأمريكي بالتورط في أحداث اقتحام الكونغرس الأمريكي، ليصبح دونالد ترامب رجل الأعمال الشهير في العقود الأخيرة هو الرئيس الأمريكي المحظور المعزول المحبوس.

التعليقات (0)