قضايا وآراء

هل انقلب الأكراد على النظام السوري؟

حسين عبد العزيز
1300x600
1300x600
لا تعد الاشتباكات بين قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها مع قوات "الأسايش" و"قوات سوريا الديمقراطية" في الشمال الشرقي من سوريا حدثا لافتا، فقد شهدت السنوات الماضية كثيرا من هذه الاشتباكات لأسباب ميدانية متعددة؛ في القامشلي (اشتباكات تموز/ يوليو 2016، اشتباكات أيلول/ سبتمبر 2018، اشتباكات نيسان/ إبريل 2020).

لكن أن تصل الأمور إلى حد محاصرة المربعين الأمنيين التابعين للنظام السوري في قلب مدينتي الحسكة والقامشلي، وإعطاء هذه القوات مهلة زمنية لقوات النظام للخروج من المدينتين، فهذا يعتبر تطورا نوعيا يتجاوز الأسباب الميدانية الإجرائية التي كانت سببا في المناوشات السابقة.

ما هي الأسباب الحقيقة التي دفعت حزب "الاتحاد الديمقراطي" وأذرعه العسكرية لتوسيع الصراع مع النظام؟ هل يتعلق الأمر بمجرد ضغوط عسكرية يقوم بها الأكراد من أجل ابتزاز النظام في ما يتعلق بمصير بلدة عين عيسى شمال محافظة الرقة؟ أم إن الأمر يشكل تحولا استراتيجيا في الموقف الكردي مع وصول جو بايدن لسدة البيت الأبيض، ما يعني أن الخطوة الكردية جاءت بطلب أو تفاهم مع الولايات المتحدة؟

يبدو الاحتمال الثاني صعب القبول في ظل تجربة الأكراد مع الولايات المتحدة أواخر عام 2919، حين وافق ترامب على عملية عسكرية تركية في شمالي سوريا، ولذلك لن يعمد الأكراد إلى تصفير العلاقة مع النظام السوري مهما كانت الظروف، خصوصا مع ساحة عسكرية- سياسية متقلبة.
قطع العلاقات مع النظام، يعني على المستوى العسكري خسارة الأكراد ورقة تفاوضية مع النظام وروسيا، وهي ورقة لعبوا بها في أثناء العملية العسكرية التركية "نبع السلام"، حين سمحوا لقوات النظام وقوات روسية بالوصول إلى مناطق في الحسكة والرقة لتخفيف الاندفاعة العسكرية التركية

إن قطع العلاقات مع النظام، يعني على المستوى العسكري خسارة الأكراد ورقة تفاوضية مع النظام وروسيا، وهي ورقة لعبوا بها في أثناء العملية العسكرية التركية "نبع السلام"، حين سمحوا لقوات النظام وقوات روسية بالوصول إلى مناطق في الحسكة والرقة لتخفيف الاندفاعة العسكرية التركية، وهي مناطق لم يكن بمقدورهم قبل ذلك الوصول إليها.

ليس من مصلحة الأكراد خروج النظام من محافظة الحسكة؛ لأن ذلك يعني تعرض مناطق تقع تحت سيطرة قوات "قسد" للخطر، منها أحياء كردية داخل مدينة حلب وتل رفعت ومنبج، حيث قد يضطر النظام إذا ما خسر معاقله في الحسكة إلى السيطرة على المناطق الكردية في محافظة حلب، ومن ثم إخراجها من مشروع "الإدارة الذاتية".

ومع أن النظام يحتاج إلى الأكراد للحصول على النفط والغاز والثروة الحيوانية، فإن الأكراد بحاجة أيضا إلى النظام لتصريف جزء من الإنتاج النفطي، وهم بحاجة للنظام أكثر في ما يتعلق بالمساعدات الأممية التي يحتكر النظام السيطرة عليها.
يضغط النظام والروس على "قوات سوريا الديمقراطية" لمغادرة المدينة وتسليمها لقوات روسية وسورية مقابل منع الأتراك من دخول المدينة، في حين تصر "قسد" على إخلاء المدينة ومحيطها من أي قوات عسكرية، على أن تترك السيطرة الإدارية للمدينة بيد "الإدارة الذاتية"

على المستوى السياسي، يجد الأكراد أنفسهم أقرب إلى النظام من المعارضة، فهم ليسوا في وارد إسقاطه لا عسكريا ولا سياسيا، وكل ما يرغبون به هو تحقيق مشروع "الإدارة الذاتية"، سواء كان هذا مع النظام أو مع غيره.

وإذا كانت حالة الوسطية السياسية التي وقف الأكراد عندها (لا مع النظام ولا مع المعارضة) قد وضعتهم على هامش العملية السياسية خلال السنوات الماضية، فإن هذا الوضع سيسمح لهم في المستقبل القريب أن يكونوا بمنزلة بيضة القبان في العملية السياسية.

في ضوء ذلك، من المبكر جدا الحديث عن رغبة الأكراد في الانفصال التام عن النظام وتصفير العلاقة معه، وما يجري في مدينتي الحسكة والقامشلي ليس سوى ضغط عسكري لتحصيل تنازلات من النظام في ما يتعلق بعين عيسى، حيث يضغط النظام والروس على "قوات سوريا الديمقراطية" لمغادرة المدينة وتسليمها لقوات روسية وسورية مقابل منع الأتراك من دخول المدينة، في حين تصر "قسد" على إخلاء المدينة ومحيطها من أي قوات عسكرية، على أن تترك السيطرة الإدارية للمدينة بيد "الإدارة الذاتية"، مقابل انتشار قوات النظام في محيط المدينة لمنع تركيا من شن عملية عسكرية.

بالنسبة للأكراد، تهدد السيطرة على عين عيسى بإتمام عملية فصل مدينة تل أبيض والمناطق الحدودية شمال الرقة عن باقي مناطق سيطرة قوات "قسد"، في حين أن سيطرة النظام عليها سيمنع الأتراك من التمدد جنوبا، فضلا عن أنها ستتحول إلى قاعدة عسكرية للنظام تهدد مستقبلا الوجود التركي في تل أبيض.
حصار "قسد" للمربعين الأمنيين التابعين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، عبارة عن رسالة للنظام، بأنه إذا ما خسر الأكراد عين عيسى، فإن الثمن سيكون خسارة النظام لقواعده في الحسكة، وهو ثمن كبير بالنسبة للنظام

إن حصار "قسد" للمربعين الأمنيين التابعين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، عبارة عن رسالة للنظام، بأنه إذا ما خسر الأكراد عين عيسى، فإن الثمن سيكون خسارة النظام لقواعده في الحسكة، وهو ثمن كبير بالنسبة للنظام.

كما يضغط الأكراد على النظام من أجل الإفراج عن 400 معتقل من عناصرهم، تم اعتقالهم على طريق منبج حلب، وفك الحصار الاقتصادي عن مناطق الشهباء شمال حلب، وحي الشيخ مقصود في مدينة حلب.

twitter.com/HussienAbdulaz7
التعليقات (0)