قضايا وآراء

قضية السكان في مصر

أشرف دوابه
1300x600
1300x600
شهدت الأيام القليلة الماضية تسابقا محموما بين علماء السلطة ووزرائها وإعلامها من أجل تزيين دعوة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي للتدخل في شئون المصريين الخاصة، ودعوتهم للاقتصار على إنجاب طفلين، وهو نفسه من أنجب أربعا.

فقد صرح رئيس الانقلاب بأن مصر بحاجة إلى تريليون دولار لتتناسب مع الزيادة السكانية وتحسين الحالة المعيشية، وأن معدل نمو السكان يجب أن يتناسب مع الموارد المتاحة للدولة، موضحا أن الزيادة السكانية تؤثر بشكل سلبي على كل القطاعات، مضيفا: أمر مهم جدا لكل الأسر المصرية في الريف والحضر أكثر من طفلين مشكلة كبيرة جدا.

وبعد تصريحات السيسي خرجت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لتستنكر ما سمته الزيادة السكانية في مصر، حيث ذكرت أن الفرد يكلف الدولة من سن الولادة حتى سن 70 عاما 1.5 مليون جنية، معربة عن أمنيتها بوصول عدد سكان مصر إلى 117 مليون نسمة فقط، وليس 130 مليون خلال 10 سنوات، مشيرة إلى أن 80 في المئة من الأسر التي يصل عددها إلى 10 أفراد تنتمي إلى الأسر الفقيرة. وأضافت: الزيادة السكانية تلتهم كل ثمار التنمية، وهي بمثابة التحدي الرئيس الذي يواجه مصر، فلا نستطيع التحدث عن تنمية مستدامة بدون التطرق إلى الزيادة السكانية.
تصور الشعب كأنه عاطل وهي تنفق عليه من ورث والدها أو من جيبها الشخصي، ناسية أو متناسية أنه لا وجود لدولة بلا شعب، وأن الشعب يواصل الليل بالنهار من أجل لقمة العيش، وأن الدولة تنفق من جيوب الشعب

وهي بهذا التصريح تصور الشعب كأنه عاطل وهي تنفق عليه من ورث والدها أو من جيبها الشخصي، ناسية أو متناسية أنه لا وجود لدولة بلا شعب، وأن الشعب يواصل الليل بالنهار من أجل لقمة العيش، وأن الدولة تنفق من جيوب الشعب. وحتى راتبها الذي تأخذه يأتي من لهيب ظهور الشعب بالضرائب التي تعدت 75 في المئة من إيرادات الموازنة العامة للدولة.

وعلى نفس الوتر خرج سفهاء الإعلام للتسابق في خدمة تصريحات السيسي والإساءة للشعب المصري ونسيجه، حتى ذكر أحدهم أن نسبة كبيرة من الأهالي في الريف والصعيد ينجبون أطفالا لا ليلحقوهم بالتعليم، بل لينفق الأبناء على والديهم، مضيفا أنه في تلك المناطق يتم إلحاق الطفل بورشة لتعلم حرفة بمجرد أن يبلغ سن السادسة.

وخرجت علينا دار الإفتاء المصرية بالتضليل والتحريف في فهم أحاديث الرسول الكريم، فجاء في موقعها الإلكتروني أن "حديث (تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة) ليس فيه إلا الحث على الزواج وهو أمر فطري، والحث على التناسل حتى لا ينقطع النوع الإنساني وهو أمر فطري أيضا.. وأما مباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، فلا تكون من خلال كثرة أعدادهم من ناحية الكم والعدد، وإنما تكون بما قدموا للبشرية من علم وحضارة وإنجاز.. أما من ناحية الكم والعدد فقط فقد ذمه النبي، صلي الله عليه وسلم، في حديث آخر حيث قال: (غثاء كغثاء السيل) أي العدد الكثير الذي لا وزن له".

فالحديث الأول واضح بالحث على النكاح والتناسل وقصره على غير ذلك هو تضليل واضح، وما أجمل التناسل مع كفاءة حسن استغلاله من الدولة، والحديث الثاني لم تكمله عمدا لأنه في حقيقته يكشف ما وصلت إليه من التقول على النبي بما لم يقله، خاصة وأن تكملة الحديث تنطبق عليهم، حيث أن الوهن هو المرض الذي سيطر عليهم من حب الدنيا وكراهية الموت، حتى باعوا دينهم بدنيا غيرهم للأسف الشديد.
قضية السكان هي قضية شخصية بين الزوج وزوجته ليس للحاكم أن يتدخل فيها، أما اتخاذها شماعة للعجز عن تحقيق التنمية أو اتخاذها طريقا للحديث بلغة المليارات، كما هي عادة السيسي دائما

ثم من منع المصريين أهل الحضارة من العلم والحضارة والإنجاز؟ أليس حكم العسكر وسدنته من علماء السلطة؟..

ورحم الله الشيخ جاد الحق علي جاد الحق الذي باتت من بعده دار الإفتاء مرتعا لأهواء الحكام، حتى أن المفتي السابق علي جمعة خرج ليدلي بدلوه وليقول زورا وبهتانا إن كثرة الإنجاب في ظل الظروف الحالية كثرة مذمومة ويفتري على الرسول - صلى الله عليه وسلم بقوله - "الرسول علمنا أن نتكاثر إلى حد معين نستطيع فيه تربية الأطفال والعيش في سعادة".

إن مصر أصبحت مبتلاة في ما نراه ليس من حكم الفرد فقط بل من إعلام فاسد وعلماء يعملون لخدمة بلاط السلطة.. وقضية السكان هي قضية شخصية بين الزوج وزوجته ليس للحاكم أن يتدخل فيها، أما اتخاذها شماعة للعجز عن تحقيق التنمية أو اتخاذها طريقا للحديث بلغة المليارات، كما هي عادة السيسي دائما، فهذا قول مردود عليه ومغلوط. فالسكان هي أهم قوة في عملية التنمية، ولم يثبت اقتصاديا أن الزيادة السكانية معيقة للتنمية، حتى الصين تراجعت عما اعتمدته من الاقتصار على طفل واحد، وأصبحت القوة السكانية ميزة كبرى لها أدت لانفتاح الشركات الكبرى عليها وتوطنها داخلها للاستفادة من رخص الأجور ومهارة العمالة. كما أن اليابان دولة بلا موارد، ومع ذلك عدد سكانها يصل لنحو 130 مليون نسمة، وما منعتها الزيادة السكانية وقلة الموارد أن تكون قوة كبرى ومؤثرة في الاقتصاد العالمي.
السكان هي أهم قوة في عملية التنمية، ولم يثبت اقتصاديا أن الزيادة السكانية معيقة للتنمية، حتى الصين تراجعت عما اعتمدته من الاقتصار على طفل واحد

ثم هل هناك دولة أوربية واحدة لا تعطي حوافز لزيادة النسل؟! وها هي تركيا التي وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة التي تعتمد على ذاتها في غذائها وجل دوائها وسلاحها؛ يصرح رئيسها رجب طيب أردوغان منذ أيام بأن حكومته مصممة على تجنيب البلاد مخاطر التراجع السكاني، وأضاف: "أوروبا تواجه منذ فترة طويلة تهديدا يتمثل بالتراجع السكاني، ولن نسمح بأن تواجه تركيا المصير نفسه".

السيسي ومن معه يستخدمون قضية السكان كشماعة لتبرير فشله في وعوده للمواطن، واقتصاره في إدارة الاقتصاد على اقتصاديات الكباري والتفريعات التي تبدد الموارد ولا مكان فيها للمواطن إلا لينام تحت تلك الكباري، والأولى هو بناء إنسان صالح باعتباره أساس التنمية قبل بناء هذه المشروعات المظهرية، والتي تصب في نهاية المطاف أرباحها في جيب العسكر.

لقد خلق الله تعالى للإنسان فم واحد ويدين، وهاتين اليدين قادرتين على إطعام الفم الواحد، كما أن الإنسان بما أكرمه الله من عقل استطاع ابتكار آلاف الاختراعات التي تضاعف الإنتاجية والإنتاج ومعدلات النمو، وما عليه إلا السعي وبذل الجهد ويأتيه رزقه راغما كظله.. أما العيش في ثوب الفساد وإدارته، ولفح المواطن بالضرائب والرسوم والإتاوات ثم تحميله فشل حكم الفرد والقمع؛ لهو تحريف للحقائق وانحراف بالوطن إلى مزيد من فشل إلى فشل. وما كان الله ليصلح عمل مفسد للحرث والنسل.

twitter.com/drdawaba
التعليقات (2)
الكاتب المقدام
الخميس، 25-02-2021 03:31 ص
*** خلافاُ لما تشيعه الأبواق الإعلامية للحكومات المستبدة الفاشلة التي حكمت مصر منذ انقلاب 1952 إلى انقلاب 2013م، فإن زيادة معدلات الإنجاب في مصر هي أكذوبة تروجها آلة الدعاية التابعة لهم، لتبرير زيادة الجباية وانخفاض مستويات المعيشة والتضخم والغلاء وانهيار قيمة الجنيه المصري، وانخفاض مستوى الخدمات الصحية والتعليمية للمواطنين، وفشل الحكومات الفاسدة المتعاقبة في رفع مستويات معيشة المواطنين، وعجزها عن تحقيق أي تنمية اقتصادية حقيقية ملموسة، وبالتالي تخلفها وتقهقرها عن دول كانت أكثر تخلفاُ منا في منتصف القرن العشرين واصبحت أكثر تقدماُ عنا ككوريا وماليزيا وتركيا، والحقيقة أن معدلات الإنجاب في مصر في انخفاض مستمر بخلاف اكاذيبهم التي يشيعونها، فوفقاُ للبيانات الرسمية عن سكان العالم التي تنشرها الأمم المتحدة ، فقد كان معدل إنجاب المرأة المصرية في حياتها في عام 1950 بمتوسط 6.75 طفلاُ لكل أمرأة، وقد استمر هذا المتوسط في الانخفاض بشكل منتظم خلال سنوات حكم الانقلابات العسكرية، بسبب الفقر والفساد والبطالة وتدهور الدخل، وانخفاض المستوى الصحي ونقص الخصوبة وارتفاع متوسط سن الزواج وانخفاض معدلات الزواج والإنجاب، إلى أن وصل في عام 2010 إلى متوسط 2.98 طفلاُ لكل أمرأة، أي أن معدلات الإنجاب قد انخفضت واستمرت في التدهور السريع إلى أن بلغت أقل من النصف في مصر، ويلجأ الجنرال الانقلابي السيسي وعصابته لإشاعة أكذوبة زيادة معدلات المواليد لتبرير فشله الأقتصادي، وللتغطية على فساد حكومنه، وفشل مشروعاته التي اسندها بالأمر المباشر بأضعاف تكلفتها الحقيقية، مقابل حصوله وعصابته على عمولات فادحة هربوها من خلال شبكة تبييض الأموال إلى كفلائهم الإماراتيون، كما أهدروا الديون الخارجية والداخلية التي أغرقوا فيها مصر وبفوائد فادحة، وتوقع انهيار الاقتصاد المصري وإفلاسه وعجزه عن سداد ديونه على النمط اليوناني واللبناني بات قريباُ، وسيدفع ثمنه الفادح المواطن الساذج الذي هلل للانقلاب، وصدق الأفاقين الذين صوروا له ان الانقلاب على الحكومة الشرعية المدنية المنتخبة قد جاء لتحقيق أمنه ورفع مستوى معيشته، وإن غداُ لناظره قريب، والله أعلم بعباده.
بلطجية العسكر
الأربعاء، 24-02-2021 06:44 ص
احسنت في جلد هؤلاء السفلة الاوغاد الذين يمثلون طفيليات تنموا على اجساد المصريين فتزيدها انهاكا وكم اتمنى ان ارى نهاية هؤلاء السفلة من العسكر وعلى رأسهم هذا الشاويش الحقير ومن يطبل لهم من الافاكين والمتسلقين وكل شوشاية المجلس العسكري وهم يصفعون بالنعال من الشعب الذي عذبوه واهانوه وسرقوا قوته و تعاملوا معه بتعالي ودونية على ان اتكون تلك النعال قديمة لا قيمة لها ان تقطعت على وجوههم الكلحة.