مقالات مختارة

«كلوب هاوس» مساحة جديدة وجدل متجدد

ماجد الأنصاري
1300x600
1300x600

خلال الأسابيع القليلة الماضية غزا ضيف جديد هواتفنا الذكية، ليحتل الصدارة سريعا كآخر صيحات التواصل الاجتماعي والتعبير الحر، على الرغم من محدودية انتشاره، نظرا لتوفره على نظام تشغيل IOS الخاص بهواتف الآيفون فقط، واقتصار التسجيل على الدعوات من أعضاء سابقين، إلا أن تطبيق المشاركات الصوتية «كلوب هاوس» اجتاح العالم من خلال توفير شكل جديد للحوار على وسائل التواصل الاجتماعي، واستثمار حالة الحجر المرتبطة بجائحة كورونا.

في أبريل من عام 2020 ومع بداية موجة الإغلاقات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا دوليا أطلق هذا التطبيق بشكل تجريبي، ولكنه سرعان ما اكتسب شهرة خاصة في مجتمع سيليكون فالي في الولايات المتحدة، لما مثله من مساحة هادئة لنخبة التكنولوجيا يخوضون فيها حواراتهم بعيدا عن أعين ملايين المتابعين على المنصات التقليدية.

التطبيق كذلك يأتي في إطار حديث التقارير التقنية عن صعود في شعبية التطبيقات والمنتجات الصوتية خلال السنوات الأخيرة، لوحظت مثلا زيادة كبيرة ومطردة في متابعة برامج البودكاست في مختلف دول العالم، الانطلاق الحقيقي للتطبيق ارتبط بأمرين رئيسيين، الأول هو قرار عدد من الشركات الاستثمارية المتخصصة في التكنولوجيا وعلى رأسها أندريسون هورويتز الاستثمار في الشركة المالكة للتطبيق، وهو عادة إشارة لمجتمع التكنولوجيا بمراقبة أداء الشركة ومنتجاتها، سريعا ارتفع تقييم التطبيق أولا إلى 100 مليون دولار في أشهره الأولى ثم مليار خلال أقل من عام، الأمر الثاني كان دخول سلسلة من المشاهير إلى التطبيق واستخدامه منصة لحوار مباشر عفوي مع الجمهور، وعلى الرغم من دخوله المتأخر كان إيلون ماسك الملياردير الأمريكي وصانع الهبات الشعبية هو القشة التي قصمت ظهر بعير الإنترنت، حيث أدت مشاركته كضيف في إحدى الغرف التكنولوجية ثم حواره مع رئيس شركة روبن هود للتداول على خلفية الصراع بين صغار وكبار المستثمرين حول أحد الأسهم المثيرة للجدل، إلى زيادة مليونية في عدد المسجلين، حتى إن سعر الدعوة في بعض مواقع المزادات وصل إلى 70 دولارا خلال فترة الذروة.

هذا النجاح الباهر لم يخل من جدل، مثل التطبيق فرصة للمبعدين عن المنصات الأخرى بسبب التزامها الذاتي بالرقابة على ممارسات عنصرية ونشر الأكاذيب للتعبير عبر منصة جديدة، ظهر ذلك جليا مع الحملة على ترامب ومؤيديه بسبب تغريداته حول جائحة كورونا وخطاب الاستقطاب الحاد بعد الانتخابات، حيث لجأ مؤيدوه بعد حجب حساباته سريعا إلى «كلوب هاوس»، كما اضطرت إدارة التطبيق إلى وضع زر خاص للإبلاغ عن الممارسات السلبية بعد شكاوى عديدة حول العنصرية والإساءات المختلفة.

 

العديد من الحكومات عبر العالم بدأت تلتفت إلى تحول التطبيق لمنصة للمعارضة السياسية لم يتم ترويضها بعد، ما حدا بالصين مثلا إلى حجب التطبيق، هذه البداية ليست استثنائية، معظم المنصات السابقة مثل تويتر وفيسبوك بدأت باستقطاب المشاهير وبحماس كبير لتجربة شيء جديد ووفرت مساحة حرة خالية من أي قيود بادئ الأمر لكل من يبحث عن هكذا مساحة، وبعد مرحلة الضبط الأولى يستقر الوضع فتنخفض الأرقام وتجد كل فئة من الباحثين عن الترفيه أو الجدل أو الحوارات السياسية أو غير ذلك زواياها الخاصة في التطبيق، وحتى يحدث ذلك ينعم أصحاب التطبيق بقفزة خيالية في تقييم منتجهم تجاريا وبشهرة عالمية، وتستفيد فئة من الناشطين في التطبيق من قاعدة جماهيرية جديدة وفرصة مختلفة لمخاطبة الجمهور.

خليجيا لم يختلف الوضع كثيرا، خلال أيام قليلة دخل آلاف الخليجيين إلى التطبيق مسلحين بالفضول والرغبة في تجربة شيء جديد، ويلاحظ أن النسبة الكبرى جاءت من المغردين الذين اكتسبوا شهرة واسعة من خلال حساباتهم على تويتر، وما يعنيه ذلك من انتقال نفس المواضيع الجدلية والسياسية والفكرية والاجتماعية من تايملاين تويتر إلى هولويز كلوب هاوس، وسرعان ما بدأت تظهر الغرف الخليجية سواء تلك التي اختارت عناوين سياسية أو اجتماعية جادة وحساسة ومثيرة للجدل، أو الغرف التي تهدف إلى تمضية الوقت بعيدا عن أي حوارات جدية، وكما حدث مع المنصات السابقة سيمر المجتمع الخليجي من مستخدمي التطبيق بفترة ضبط يرتفع فيها سقف الحوار حتى ينضبط تدريجيا بفعل فاعل أو بشكل طبيعي، بحكم تراجع الحماس له أو تزايد أعداد المشاركين غير المهتمين بإثارة الجدل، ستبقى هناك زاوية كبيرة للجدل، وستحاول بعض حكومات المنطقة ضبط الأمر، كما فعلت مع المنصات السابقة، لا شك أن هذه التجربة تمثل بداية جديدة لم نشهدها منذ فترة، لكنها يمكن توقع خط سيرها بناء على ما شهدناه في تجارب سابقة، لذا فإنه من المبالغة تحميل التجربة فوق ما تتحمل، وهذا القلق الذي يتملك البعض سياسيا واجتماعيا حول هذه المنصة وما يدور فيها ربما يكون مبالغا فيه، فما هي إلا فورة حماس قريبا ستنتهي ونعود إلى ضبط المصنع.

(الشرق القطرية)

0
التعليقات (0)

خبر عاجل