صحافة دولية

الغارديان: اليمن مكان مذهل يعيش حربا لا نهاية قريبة لها

جمعت مراسلة الغارديان، بيثان مكيرنان، بين تجربتها الشخصية في اليمن وتغطيتها لأحداثه- جيتي
جمعت مراسلة الغارديان، بيثان مكيرنان، بين تجربتها الشخصية في اليمن وتغطيتها لأحداثه- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا حول حرب اليمن، التي تدمر منذ سنوات بلدا وصفته بـ"المذهل"، بتاريخه وطبيعته وشعبه.

 

وفي تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، جمعت مراسلة الغارديان، بيثان مكيرنان، بين تجربتها الشخصية في اليمن وتغطيتها لأحداثه.

 

وفي سياق الحديث عن تجربتها، أشارت مكيرنان إلى أنها وأثناء زيارة لها في 2019، كانت تنتظر إذنا من الحوثيين للسفر إلى شمال البلاد ووجدت نفسها عالقة لعدة أيام في المدينة الصحراوية، مأرب.

 

وقالت: "كنت متعبة من السفر والحرارة، ولم أتناول طعاما جيدا وحاولت الانتهاء من عمل تقارير جيدة، لكن لا شيء يحدث في اليمن سريعا، إن كان هناك شيء يحدث على الإطلاق".


وتتذكر أن صديقا دعاها لزيارة أقاربه الذين شردتهم الحرب ويعيشون في المدينة لتناول طعام الغداء حيث طبخت الأم "فايزة" أشكالا متعددة من الطعام وربما بدأت بالطبخ بعد الفجر، واشتملت المائدة على "السلتة" التي تفضلها والكعك مع العسل "بنت الصحن" الذي لم تتناوله من قبل.

 

وتصف الكاتبة حديث مضيفيها عن السياسة والحرب، وكيف لعبوا ومازحوا الأطفال الذين كانت أصغرهم بنت جميلة اسمها خديجة، لم تتجاوز الشهرين من عمرها.

 

وكانت الزيارة تذكيرا لها بالحياة الطبيعية وأن هناك عائلات تمارس حياتها بشكل يومي وتمنت لو كتبت تقارير عما عاشته وأن الحياة ليست موتا وكآبة فقط في اليمن.

 

ولكنها شعرت بالتحطم عندما تلقت رسالة من أحد أفراد العائلة تخبرها بأن خديجة مرضت وارتفعت حرارتها وتوفيت. وحاول والداها أخذها إلى المستشفى لكن لم يكن هناك طبيب للمساعدة.


و"أفكر بحياتها القصيرة كثيرا، وبالنسبة لليمنيين فالحرب موجودة دائما. ولا مجال لهم لتجاهلها ولمدة طويلة. ولو أراد البعض مشاركة تجربتهم الصعبة والمؤلمة معي كما فعلت عائلة خديجة، فعلي واجب الاستمرار بالعمل. فالحديث هو ما لدى سكان البلد وهو ما يقومون به وهو شرف أتعامل معه بجدية".

 

وترى أن المحررين في الصحيفة أظهروا تعاونا مثيرا للإعجاب بما تقوم به لاعتقادهم بأنه مهم، ولا تخصص الكثير من الصحف مصادر ودعما لجهود كهذه.


وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن واحدا من الأسباب التي جعلت اليمن خارج الرادار ولوقت طويل هو إغلاق حدوده البرية ومجاله الجوي، ولم يخرج أي من المهجرين بسبب الحرب مع أن ثلاثة ملايين شخص نزحوا بسببها.

 

ولو وجد اليمنيون طريقهم إلى شواطئ اليونان ودول جنوب أوروبا وأخذوا يقصون ما تعرضوا له دونما خوف من الجماعات المتحاربة لزادت الضغوط على الدول الغربية التي تبيع السلاح للدول المشاركة في الحرب لوقف الصفقات، وفق تقديرها.


وقالت مكيرنان إن الحصار السعودي هو معوق كبير للعمل في اليمن، فمن الصعب الدخول، وعدد الطلبات المرفوضة للصحفيين أكبر من تلك التأشيرات الممنوحة لهم لدخول اليمن.

 

اقرأ أيضا: محافظ سقطرى اليمنية يطالب بإيقاف قرار إقالة مدير الميناء

 

ولا يتعدى عدد طائرات أسطول الخطوط الجوية اليمنية الست طائرات، ولهذا يعتبر الحصول على مقعد عليها مثل الحصول على تراب الذهب، وعادة ما تلغى الرحلات بدون إنذار وبأمر من التحالف. والحل هو استئجار سيارة والدخول من جنوب عمان لو استطعت إقناع مسؤولي الحدود. وتستغرق الرحلة من هناك إلى عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة، ثلاثة أيام.


وعادة ما تصبح النزاعات التي يطول أمدها عن عدة سنين أكثر تعقيدا والنزاع اليمني ليس استثناء. فهناك القوات الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي في المنفى والمتمردون الحوثيون وحركات أنشئت في 2017 وتريد فضل الجنوب عن الشمال، وهي ثلاث حروب في حرب واحدة بالإضافة إلى خلايا تنظيم القاعدة والدولة في الصحراء.

 

وبحسبها، فقد طغت الحرب والخسارة الإنسانية على "جمال اليمن المذهل".. فبعض أجزاء اليمن لا تختلف عن النمطية المعروفة عن المنطقة والصحراء الممتدة، ولكن عندما تدخل الشمال وجباله فإنك تكون كمن دخل عالم الجنيات: سحب الغيم التي تغطي المزارع الخضراء والقلاع بلون الزنجبيل والتي تعود إلى القرون الوسطى وتبدو كأنها تحاول الإمساك بأطراف الجبال.

 

وأفضل أنواع القهوة في العالم تأتي من الجبال اليمنية، وتتعالى حلقات الذكر والموسيقى من مساجد الصوفية. فاليمن هو مكان متجذر في التاريخ والثقافة وظاهرة طبيعية استثنائية وفيه أرخبيل سقطرى المعروف بغالابوس المحيط الهندي.

 

وبالطبع فإنه كان من الأفضل الاحتفال باليمن وعجائبه بدلا من الشفقة عليه بسبب حمام الدماء فيه، وحتى مع الدفعة الأخيرة من الرئيس جو بايدن لوقف النزاع، فإنه لن يتوقف في وقت قريب.

 

وزادت الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية سوءا بداية العام الحالي كما كان الحال عام 2020. ومدينة مأرب التي تعيش فيها عائلة خديجة، كانت واحة أمن لكل الفارين من الحرب. لكن الحوثيين يشنون عليها هجوما واسعا بشكل يعرض مليوني نسمة فيها للخطر ويدفع النازحين للفرار من جديد.

 

وفي هذه المرة لا يعرف الكثيرون إلى أين المفر، بحسب الكاتبة، وسيصبح الوضع الإنساني في الأشهر القادمة أسوأ، في ظل خفض الدعم الدولي وكون نصف السكان في حالة جوع.

 

ويواجه اليمن موجة ثانية من فيروس كورونا، مع أنه من الصعب وصف الأثر الذي تركه كوفيد-19 على البلد نظرا لعدم وجود مراكز الفحص فيه. وكل هذا يجعل العمل وتغطية أخبار اليمن تجربة تستنزف الجهد والعاطفة ولكن الشعور بأن هذا العمل يحدث فرقا هو دافع قوي. 

التعليقات (0)