سياسة عربية

ما سر تباطؤ القاهرة في الرد على إشارات أنقرة للتصالح؟

سياسيون: السيسي ليس لديه القدرة على الخروج من التبعية المهينة للكفيل الخليجي- أ ف ب/ أرشيفية
سياسيون: السيسي ليس لديه القدرة على الخروج من التبعية المهينة للكفيل الخليجي- أ ف ب/ أرشيفية

أثار الموقف المصري الرسمي من تصريحات المسؤولين الأتراك على مستوى الرئاسة والخارجية تجاه العمل على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تساؤلات حول تخفي السلطات المصرية وراء بيانات وتصريحات غير مباشرة.

وإذا ما كانت هناك ضغوط سعودية وإماراتية على مصر؛ للحيلولة دون حدوث انفراجة دبلوماسية حقيقية بين البلدين الأكبر والأقوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ظل مساندتهما للنظام المصري ودعمه ماليا واقتصاديا.

في أول رد فعل مصري على إشارات التقارب التركية المتكررة، أوضح مصدر رسمي مصري أنه ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف "استئناف الاتصالات الدبلوماسية".

وأكد المصدر الرسمي عبر بيان أصدرته السلطات المصرية، الجمعة، أن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة  الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي.

واشترط المصدر عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدى دول المنطقة (في إشارة لدول بعينها)، قائلا: "إن مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلي إقامة علاقات طبيعية معها أن تكف عن محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة".

الضغوط الإماراتية

يرى البرلماني المصري السابق، طارق مرسي، أن مصر لا تزال تحت ضغط السعودية والإمارات، قائلا: "أوراق الضغط التي تملكها الإمارات هي رعايتها الانقلاب في مهده، وتقديم الدعم الاقتصادي له في مرحلته الأولى، ودعمه سياسيا وماديا في أمريكا والغرب حتى اكتسب شرعية ما حينها".

وأضاف لـ"عربي21" أن "مصر السيسي لا تمتلك الرغبة، وليس لديها القدرة على الخروج من التبعية المهينة للكفيل الخليجي، وما زالت تطلعات السيسي وشرهه "للرز الخليجي" هي من تحكم قراراته"، مشيرا إلى أنه "لا يعتقد "أن ملفات مصر تبني على مصالح الدولة، فنظام العسكر أكثر غباء من ذلك، وإن كانت فهي المصالح الاقتصادية للجنرالات وليس لمصر".

وأوضح أنه "ما زال التقارب المصري التركي، وربما القطري أيضا، في بداياته، ويصعب فعلا الحكم على الأمور، وهل هو انفكاك من الضغوط السعودية الإماراتية، أم أنه استجابة لمتغيرات الواقع الدولي، وربما محاولة لكسر صوت المعارضة في تركيا وليس أكثر من ذلك".

 

اقرأ أيضا: المصالحة التركية المصرية بين احتمالات النجاح والفشل (تحليل)

الدعم الإماراتي السعودي لمصر

ووفرت السعودية والإمارات دعما غير محدود للنظام المصري، لكنه جاء على حساب سياسات مصر الخارجية التي أصبحت رهن رغبات البلدين في جميع قضايا المنطقة، بدءا باليمن مرورا بقطر وسوريا وفلسطين والسودان وصولا إلى ليبيا.

تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عربيا لمصر، وبلغ حجم التبادل التجاري 3.7 مليار دولار  في الشهور العشرة الأولى من عام 2020، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وتساهم الإمارات في السوق المصري بمشروعات تزيد استثماراتها على 7 مليارات دولار، بحسب نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة المصرية.

فيما تعد مصر ثالث أكبر دولة عربية مستوردة من تركيا بعد العراق والإمارات، ويصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى نحو 5 مليارات دولار سنويا، وتعد تركيا من بين أهم خمس دول للصادرات المصرية المتنوعة.

اختلاف السعودية والإمارات

من جهته، قال الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، إنه "يجب التفريق بين الموقفين السعودي والإماراتي من مسألة التقارب التركي المصري؛ لأنهما ليسا على قلب رجل واحد كما كان في السابق إبان إدارة ترامب الماضية".

وقلل من أثر أوراق الدعم المالي، وأكد في حديثه لـ"عربي21": "مصر حاليا لم تعد تحصل على دعم مالي من السعودية والإمارات كما كان في السابق، لكن الإمارات لديها أوراق ضغط كثيرة على مصر، لكن السعودية لن تحذو حذوها؛ لأنها تعلم أن النظام التركي لديه أوراق ضغط تتعلق بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تريد تحييدها".

وذهب مدير المركز الدولي للدراسات التنموية إلى القول إن "مصلحة مصر مع تركيا، خاصة أن الإمارات وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، ويعملان ضد الأمن القومي المصري؛ وبالتالي فإن السعودية ليس من مصلحتها أن تمارس أي ضغوط على النظام المصري فيما يتعلق بعودة العلاقات مع تركيا".

ضغوط إماراتية وتراجع سعودي

بدوره، قال المحلل السياسي، عزت النمر: "لا يمكن أخذ السياسة الإمارتية والسعودية على أنهما سواء في هذا الملف، بل إن هناك فروقا بينية واضحة تجاه تركيا، ما قد يجعل الضغوط الموجهة منهما على مصر تتباين".

وبشأن قدرة نظام السيسي على تجاوز تلك الضغوط ، أوضح لـ"عربي21": "أتصور أن السعودية ربما تبحث عن نواحي اتفاق مع تركيا بما يمرر ملف خاشقجي، ما يتيح لمصر الضوء الأخضر في الانفتاح على تركيا، أما الإمارات، فتعتمد الكراهية الإيدلوجية لتركيا ونظام الحكم فيها، باعتباره أحد صور النجاح لعدوها اللدود الإسلام السياسي، ما يجعل ضغوطها على السيسي أكثر وأَحدّ".

واستدرك النمر: "لكن يجب ألّا ننسى أن السيسي لدغ من الإمارات في ملفات متعددة، سواء في الداخل المصري أو التعاون الاقتصادي مع إسرائيل على حساب مصر، فضلا عن سد النهضة، هذه الأمور قد تتيح للسيسي أن يناور بهذه العلاقة في تعامله مع ابن زايد، أو ربما يستجيب لنداءات كثيرة في الداخل المصري تطالب بتحسين العلاقات مع تركيا، وجنى مصالح متعددة من ذلك، وربما أقلها محاولة تخفيف الصوت المعارض المنطلق من إسطنبول".

 

التعليقات (2)
عبدالله السعيد
الأحد، 14-03-2021 03:05 م
هذا التباطؤ فضح السيس ان القرار ليس في القاهرة و هو كان ينتظر ابلاغه بالقرار
مصري
الأحد، 14-03-2021 03:42 ص
تبين ان السيسي كان ينتظر اوامر الكفيل مبز