VOX: ماذا يتعلم يهود أمريكا عن إسرائيل والفلسطينيين؟

نشر موقع "فوكس" (VOX) مقالا لأبراهام ريزمان قال فيه إنه وعلى مدى عقود، جعلت المؤسسات اليهودية الأمريكية تعليم الأطفال عن "إسرائيل" أولوية لها، حيث يعد "التعرف على الدولة اليهودية جزءا أساسيا من المناهج والبرامج في المدارس والمعسكرات والمنظمات المجتمعية في جميع أنحاء البلاد".

 

ويتم في تلك المؤسسات، بحسب التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، تصوير "إسرائيل" غالبا على أنها "كيان معجزة يخوض معركة حق مع أعداء عرب غير عقلانيين".

ولأن الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين لا ينتهي بهم الأمر بالعيش، أو حتى قضاء الكثير من الوقت، في دولة الاحتلال، فإن الدروس المبكرة وغير المكتملة يمكن أن يكون لها تأثير دائم على المواقف السياسية للطلاب الذين يجتذبهم الأمر، بحسب التقرير.

وكانت الحاخام "جل جاكوبس" واحدة من هؤلاء الأطفال، على الرغم من أن العديد من الدروس التي حاول مدرسوها غرسها فيها لم تؤت أكلها بشكل جيد.

و"جاكوبس" اليوم هي المديرة التنفيذية لمنظمة التوراة: الدعوة الحاخامية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة من رجال الدين اليهود المهتمين بالعدالة الاجتماعية والذين من أهدافهم السعي إلى معاملة أفضل للفلسطينيين.

وكونها من جيل السبعينيات، فقد نشأت في وقت تعاملت فيه العديد من المؤسسات التعليمية اليهودية مع الفلسطينيين إما على أنهم غير موجودين أو - خاصة أثناء الانتفاضة الفلسطينية في أواخر الثمانينيات، والمعروفة باسم الانتفاضة الأولى - كمعادين للسامية شرسين.

 

وخلال سنوات دراستها الجامعية، دخلت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما يسمى بعملية أوسلو، وهي "سلسلة من الاتفاقيات التي بدت وكأنها تقرب السلام وتقرير المصير للفلسطينيين بشكل مغر".

 

لم يكن مكتوبا للعملية أن تستمر، لكن جاكوبس تتمسك بحلم دولة يهودية تتعايش إلى جانب دولة فلسطينية مجاورة، بحسب التقرير.

ودفعت إراقة الدماء هذا الشهر في الأراضي المحتلة الكثيرين، من اليهود وغيرهم على حد سواء، إلى إعادة النظر في الوضع وإعطاء المزيد من المصداقية للقضية الفلسطينية.

 

فقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي باليهود الأمريكيين الذين يدينون بعض المؤسسات التي تدعي تمثيلهم، غالبا بسبب التعليم الإسرائيلي غير المتوازن الذي تلقوه وهم أطفال.

 

تحدث موقع فوكس مع الحاخام جاكوبس لمناقشة الماضي والحاضر لمثل هذا التعليم، بالإضافة إلى الكيفية التي ترغب في رؤيتها تتغير في المستقبل.

ما هو نوع التعليم الإسرائيلي الذي حصلت عليه عندما كنت صغيرة؟

أبلغ من العمر 45 عاما، لذلك تخرجت من المدرسة الثانوية في عام 1993 ومن الكلية في عام 1997، فقط للإشارة إلى ما كان يحدث عندما كنت طفلة. أتذكر بالتأكيد أن إسرائيل كانت مكانا لا يمكن أن يخطئ.

 

كانت رحلتي الأولى إلى إسرائيل عندما كنت في السادسة من عمري، مع عائلتي، وأتذكر أنني عدت مع ألبوم الصور الخاص بي، وأحضرته إلى المدرسة العبرية للتباهي.

أتذكر أنني كنت طفلة خلال الانتفاضة الأولى ولم أكن أعرف حقا ما كان يحدث، لكنني أشاهد الأخبار مع والديّ وقيل لي، "إنهم يلقون بالحجارة علينا لأنهم يكرهوننا لأننا يهود".

 

أتذكر في مدرسة الأحد خلال سنوات دراستي الإعدادية سؤالي عن الفلسطينيين في فصل التاريخ في إسرائيل، وقيل لي، "لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيين؛ إنهم أردنيون ".

أتذكر أيضا، ربما كان عمري 12 أو 13 عاما، وكنت أفكر في نفسي فقط، هناك خطأ ما في هذه الإجابة، لكنني لا أعرف ما هو. كان لدي ما يكفي من المعلومات لأعرف أن هناك شيئا غريبا يحدث، لكنه ليس كافيا لمعرفة ما هو فعلا.

بعض تعليمي الحقيقي في إسرائيل حدث في مدرسة حاخامية. أتممت سنتي الدراسية الحاخامية في إسرائيل عام 2000، 2001 الذي كان العام الأول للانتفاضة الثانية. خلال ذلك العام، كنت أتوازن بين الخوف على حياتي وحياة أصدقائي - والذي كان بمثابة رعب حقيقي لأن الحافلات والمقاهي والمطاعم من حولنا كانت تنفجر، وكان الناس يُقتلون - وبدأت أيضا في التعلم قليلا حول الوضع بالنسبة للفلسطينيين، والاستماع إلى عمليات إغلاق الضفة الغربية والتعرف على ما يعنيه الاحتلال بالفعل. 

 

اقرأ أيضا: بيان لحاخامات في لندن يتبرأ من الصهيونية وأفعال ضد المسلمين

عدت في العام التالي مع المدرسة اللاهوتية اليهودية حيث درست وكانت الانتفاضة مستمرة. لقد قررت أنا وصديقي الذي كان يتخلف عني عاما واحدا أننا نريد أن نقدم يوما يستطيع فيه الأشخاص القادمون في هذه الرحلة رؤية الوضع بالنسبة للفلسطينيين.

لذلك قضينا يوما مع منظمة بتسيلم في القدس الشرقية. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها القدس الشرقية، لكنها كانت المرة الأولى التي أقضي فيها وقتي في حي فلسطيني. بعد ذلك، في العام التالي أو نحو ذلك، كان هناك هذا التجمع الكبير في واشنطن لدعم إسرائيل، وقرر بعض الطلاب الحاخامين - أكثر من 100 شخص - أن يذهبوا كطلاب حاخامين من أجل سلام عادل، ليكونوا قادرين على الوقوف هناك والقول، "نعم، بالطبع نحن ندعم إسرائيل، ونؤيد أيضا إنهاء الاحتلال وحقوق الفلسطينيين".

 

كتبنا رسالة إلى المؤسسات اليهودية الأمريكية الكبرى وكان لدينا ردود فعل سلبية.

أحد البرامج التي بدأناها في منظمة توراة قبل بضع سنوات هو للطلاب الحاخامات الذين يقضون عامهم في إسرائيل. لدينا برنامج مدته عام، حيث نأخذهم مرة في الشهر لرؤية شيء ما والتحدث إلى الناس سواء داخل إسرائيل أو في الضفة الغربية أو القدس الشرقية.

فيذهبون إلى الخليل مع "كسر جدار الصمت" [مجموعة قدامى المحاربين الإسرائيليين تسعى إلى توعية الجمهور بالاحتلال]، وسوف يذهبون ويزرعون الأشجار في قرية فلسطينية في جنوب تلال الخليل ويتحدثون إلى القادة هناك، سوف يفعلون ذلك.

 

لقاء المواطنين الإسرائيليين البدو وطالبي اللجوء وقادة حقوق الإنسان الفلسطينيين وقادة حقوق الإنسان الإسرائيليين والحصول على إحساس حقيقي على الأرض بما يحدث هناك. ثم نقوم بالكثير من العمل معهم حول، "كيف ستستخدم صوتك كزعيم حاخامي .. لرواية هذه القصص؟"

ما رأيك في حالة التعليم الإسرائيلي في أمريكا الآن؟

تأتي تجربتي في الغالب من المعسكرات الصيفية اليهودية لأطفالي، وهي أكثر تجربة شخصية. وأيضا، على نطاق أوسع، التحدث إلى الحاخامات في شبكتنا والمعلمين ومعرفة ما ينشره الناس علنا فيما يتعلق بالتعليم الذي يقومون به. لا يزال هناك خوف حقيقي من الحديث عن الاحتلال.

تغيرت بعض الأشياء منذ أن كنت طفلة. بالطبع، هناك البعض أفضل من البعض الآخر، لكنني أعتقد، مما رأيته، هناك اعتراف بالفلسطينيين. هناك حديث عن السلام. هناك أيضا رغبة في جلب أصوات تُظهر نوعا من التعايش أو الشراكة.

 

غالبا ما تكون هناك محاولة لإحضار أشياء للتباهي: "هنا يعمل الأطباء اليهود والفلسطينيون معا"، هذه حقيقية، لكنها لا تدخل بالضرورة في القضايا العميقة. هناك خوف في بعض الأحيان من مجرد التلفظ كلمة "احتلال"، أو، لا سمح الله، ذكر النكبة.

هناك أيضا الكثير من التعليم الإسرائيلي الخالي من الجوهر. كأن يتعلم الأطفال عن أماكن مختلفة في إسرائيل، أو يتعلمون موسيقى إسرائيلية أو كلمات عامية - بعضها يأتي من اللغة العربية، لكن التجربة الفعلية، كما أعتقد، للأطفال، هي أنه لا أحد يخبرهم بأي شيء ومن ثم لا يكونون مستعدين بالفعل عندما يذهبون إلى الجامعة ويسمعون الأشياء الصعبة. وإذا تم إعدادهم يتم ذلك عن طريق اعطائهم نسخة من [كتاب ميتشل بارد المؤيد لإسرائيل] "الأساطير والحقائق، إليك إجابات على الأسئلة التي سيطرحها الناس ". لكن هذا ليس تعليما عميقا حقا.

كيف تعتقدين أن هذا النوع من العقلية في التعليم اليهودي قد شكلت مواقف الأمريكيين اليهود وغير اليهود بشأن إسرائيل؟ هل يمكن لهذه البذور تزهر في وقت لاحق من الحياة؟

حسنا، لأكون صادقة، أعتقد أن هذا النهج كان كارثيا. في الأساس، ما حدث هو أنك تعلم الأطفال نقاط دعاية. ربما يحبون الفلافل وأحدث مسابقة يوروفيجن للأغاني ولديهم بعض النجوم الإسرائيليين، لكن لديهم أيضا نقاط ضعف. ويشبه ذلك بيتا من ورق.

بمجرد أن يقول شخص ما أي شيء تقريبا، بمجرد حدوث صدع، يحدث أحد أمرين: إما أنهم يدورون في حلقة مفرغة حيث لا يمكنهم التشكك [بخصوص إسرائيل] على الإطلاق فيضعوا جدارا، أو أن ينهار كل شيء ويشعرون بعد ذلك أنهم لا يستطيعون إقامة أي علاقة مع إسرائيل على الإطلاق.

 

وهناك أيضا من ينضم إلى منظمات مثل توراة، أو جي ستريت للدفاع عن حقوق الإنسان لكل من اليهود والفلسطينيين في اسرائيل وان شاء الله في دولة فلسطين المستقبلية.

هناك من قد يجادل في أن وقت الجلوس على السياج قد انتهى، وأن على الشخص أن يختار جانبا.

 

أنا في الواقع مؤيدة للقول إنه لا ينبغي أن نتحدث عن الصهيونية بعد الآن على الإطلاق. كانت الصهيونية حركة أنشأت دولة إسرائيل. نعم، كان إنشاء دولة إسرائيل هو النكبة أيضا، وقد خبرها اليهود والفلسطينيون بشكل مختلف تماما.

لكننا الآن في وضع انتهت فيه الحركة. الآن لدينا بلد. هناك بعض العبارات في أقصى اليسار تقول إن إسرائيل ليست مكانا حقيقيا. لكن إسرائيل دولة فعلية، فهي عضو في الأمم المتحدة، سواء أعجبك ذلك أم لا، سواء كنت تعتقد أنه كان يجب إنشاؤها أم لا. إنها ليست فكرة وليست حركة.

أمريكا هي دولة ولدت أيضا في إراقة الدماء، ولديها 400 عام من خطيئة العبودية في ماضيها، فضلا عن الإبادة الجماعية للأمريكيين الأصليين. لا أعتقد أن أي شخص يقترح بجدية أن ينهض كل شخص في أمريكا من غير الأمريكيين الأصليين أو المنحدرين من أناس تم استعبادهم ويغادر.

أعتقد أن السؤال هو: ما نوع التعويضات الممكنة وما نوع التعويضات اللازمة لتحقيق هذا المسار؟ أعتقد أن هذا هو نفس السؤال الذي يجب أن نسأله عن إسرائيل: كيف نتحرك للأمام بطريقة تضمن حقوق الإنسان للجميع في المنطقة، بمن فيهم اليهود والفلسطينيين؟ وتشمل حقوق الإنسان المواطنة في بلد ما. كيف يشمل ذلك التعويضات؟ كيف تتصالح إسرائيل مع النكبة دون مطالبة 7 ملايين شخص بالنهوض والعودة إلى بولندا أو العراق أو أفغانستان أو أي مكان جاءوا منه؟

كيف نحدث التغيير هنا؟ ما هي أفضل الطرق للوصول إلى عالم حيث، على الأقل داخل أمريكا، لدينا تعليم أفضل عن إسرائيل؟

 

الممولون الرئيسيون للتعليم اليهودي موجودون في وسط اليمين إلى أقصى اليمين. هذا يعني أن المؤسسات والمنظمات التعليمية الرئيسية التي تنتج مواد للتعليم حول إسرائيل إما تنتج مواد من وسط اليمين إلى أقصى اليمين أو تحاول تجنب السياسة تماما فقط من خلال القيام بثقافة وأشياء من هذا القبيل.

بالنسبة للأشخاص الذين يهتمون بالفعل بالسياسات الأكثر تقدمية بشكل عام، بشأن إسرائيل وداخل المجتمع اليهودي، نحن بحاجة إلى الممولين. لا نحتاج إلى وضع يهدد فيه ممول رئيسي بسحب أمواله من مؤسسة تعليمية لأنهم يحضرون ناشطا إسرائيليا في مجال حقوق الإنسان أو ناشطا فلسطينيا في مجال حقوق الإنسان أو شخصا من منظمة توراه أو جي ستريت.