كتاب عربي 21

عن تجديد الخطاب الإعلامي: التحديات والمسؤوليات المستقبلية

قاسم قصير
1300x600
1300x600
بدعوة من اللقاء الوطني الإعلامي شهدت بيروت في الأسبوع الماضي مؤتمرا حاشدا تحت عنوان: "فلسطين تنتصر.. تجديد الخطاب الإعلامي وإدارة المواجهة". وشارك في المؤتمر عدد كبير من الإعلاميين العرب الذين واكبوا معركة "سيف القدس" الأخيرة، وكان لهم دور كبير في العمل الإعلامي المقاوم طيلة سنوات طويلة.

وكانت الكلمة الافتتاحية في المؤتمر لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، والذي قدّم مداخلة مطوّلة حول دور الإعلام في المقاومة، واستعرض أهم الإنجازات التي حققها الإعلام في معركة "سيف القدس"، وخصوصا دور الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي في هذه المعركة، كما قدّم مجموعة أفكار للنقاش من قبل الإعلاميين والخبراء والمفكرين والباحثين، ومنها:

أولا: كيف نستطيع القيام بحملة إعلامية في المرحلة المقبلة تربط بين معركة الدفاع عن القدس وفلسطين والحرب الإقليمية الشاملة، أي أن ندخل في الوعي العام بأن استهداف القدس والاستمرار في تهويدها سيؤدي لحرب شاملة في كل المنطقة.

ثانيا: أهمية تطوير الخطاب الإعلامي وأداوته ومصطلحاته في المرحلة المقبلة، على ضوء المتغيرات والتطورات الحاصلة في العالم وعودة القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام العالمي من مختلف الجوانب السياسية والإنسانية والحقوقية، مع أهمية التركيز على دور الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.

ثالثا: إشكالية العلاقة بين معركة مواجهة العدو الصهيوني ومعركة مواجهة الهموم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المواطن العربي والمسلم في كل بلد، وكيف يمكن التوفيق بين المعركتين في هذه المرحلة الدقيقة.

هذه الأفكار والملاحظات وغيرها كانت محورا للنقاش الموسع الذي دار بين الخبراء والأكاديميين والباحثين والإعلاميين الذي شاركوا في المؤتمر، بحيث قدّمت العديد من الأفكار وأوراق العمل والاقتراحات العملية من أجل الاستفادة منها في المعركة الإعلامية في المرحلة المقبلة. وكانت ملفتة مشاركة جيل جديد من الإعلاميين الذين استفادوا من التقنيات المتطورة ومن مواقع التواصل الاجتماعي، وكان تركيز خاص على كيفية مخاطبة الرأي العام العالمي، وعلى أهمية الانتصارات التي تحققت في مواجهة معركة التطبيع وإسقاط صفقة القرن وتطور دور المقاومة وإمكانياتها.

هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات الإعلامية والفكرية والسياسية والقانونية يشكّل فرصة لمناقشة وتقييم كل القضايا الخاصة المرتبطة بالصراع مع العدو الصهيوني أو حول كيفية مواجهة التحديات المختلفة في العالم العربي والإسلامي اليوم. فمعركة الوعي والإعلام تلعب دورا مهما إلى جانب المعارك العسكرية والسياسية والاجتماعية، وكان للإعلام والأدب والثقافة دور مؤثر في الصراع العربي- الإسرائيلي طيلة المائة عام الماضية منذ إعلان وعد بلفور وحتى اليوم.

ونحن اليوم نعيش أجواء حرب تموز/ يوليو 2006 والتي شنّ خلالها العدو الصهيوني حربا مدمرة على لبنان والمقاومة، وكان للإعلام دور مهم في هذه الحرب القاسية. ولا يزال الرأي العام العربي والمسلم والعالمي يتذكر تلك اللحظة الحاسمة التي توجه فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى العالم خلال أحد خطاباته قائلا: انظروا إليها إنها تحترق الآن، وكان يتحدث عن تدمير سفينة إسرائيلية في عرض البحر، كانت تقصف المناطق اللبنانية، وهي تحترق بعد إصابتها بأحد صواريخ المقاومة، وقد شكّلت تلك اللحظة محطة مهمة في تلك الحرب.

واليوم وعلى ضوء المناقشات التي حصلت في مؤتمر تجديد الخطاب الإعلامي، نحن أمام تحديات ومسؤوليات جديدة تحتاج إلى المزيد من التفكير والمناقشة ووضع الخطط من أجلها، ولا سيما بعد عشر سنوات من الصراعات الداخلية والمحاولات المستمرة لحرف العالم العربي والإسلامي عن الصراع المركزي مع العدو الصهيوني؛ إلى صراعات مذهبية وطائفية وقبلية وعرقية وإقليمية أو بين الدول العربية والإسلامية أو في مواجهة الحركات الإسلامية وقوى المقاومة.

ومن الأفكار والاقتراحات التي يمكن مناقشتها في المرحلة المقبلة وبين أصحاب القرار وصنّاع الرأي العام:

أولا: كيف نستطيع الخروج من كل التاريخ المظلم الذي لا يزال يتحكم بنا وبإعلامنا وبثقافتنا، حيث نستعيد عند كل صراع كل الخلافات المذهبية والقومية والطائفية والعرقية، ولا نحصر الصراع فيما بيننا بالبعد السياسي وظروفه الآنية.

ثانيا: كيف نزرع ثقافة قبول الرأي الآخر والتنوع فيما بيننا، وخصوصا على صعيد القوى والحركات الإسلامية، وأن يكون لكل حركة استراتيجيتها الخاصة في إدارة الصراع في إطار المعركة الشاملة، لأنه لا يمكن أن يكون لكل الحركات أداء متطابقا في كل التفاصيل، مع التركيز على المعركة الأساسية في مواجهة العدو الصهيوني.

ثالثا: كيف نطوّر خطابنا نحو العالم وبكل لغاته وأدبياته من أجل إعادة الاعتبار للأبعاد القانونية والإنسانية والحقوقية لمعركة فلسطين، واعتبارها معركة مواجهة التمييز العنصري إضافة لكونها معركة مواجهة الاحتلال. فالعالم يحتاج للغة جديدة تخاطبه وتستطيع اختراق كل السرديات والروايات التي نشرها العدو الصهيوني طيلة السنوات الماضية.

رابعا: ما هو المشروع الفكري والثقافي الجديد الذي نقدمه للعالم في موازة المعركة العسكرية ومعركة المقاومة، لأنه خلال السنوات الأخيرة وفي ظل انتشار حركات التطرف والعنف والتكفير، أصبح العالم خائفا من المشروع الإسلامي وما يحمله من أفكار وطروحات. كما أن التجارب الإسلامية في الحكم لم تكن بمستوى التحديات، ويضاف إلى ذلك أن المشاريع القومية واليسارية في العالم العربي لم تحقق إنجازات مهمة في بناء الدولة والمجتمع. ولا يكفي اليوم أن نطرح شعار المقاومة وتحرير فلسطين، بل لا بد من تقديم مشروع حضاري إنساني يستطيع أن يحاكي حاجات الإنسان، سواء في العالم العربي والإسلامي أو على الصعيد العالمي.

خامسا: كيف يمكن أن نستفيد بشكل كامل من كل التطورات التكنولوجية والمعرفية والإعلامية الجديدة ونحولها إلى سلاح بيدنا، بدل أن تكون سلاحا ضدنا وضد مجتمعاتنا.

هذه بعض الأفكار والتحديات والمسؤوليات التي تواجهنا اليوم في معركة تحرير فلسطين وكل المنطقة، ففي ظل انتصارات المقاومة نحن أمام مسؤوليات جديدة على صعيد بناء المجتمع والدولة وتأمين حاجات الإنسان الاساسية، وعلى أمل أن يشكل مؤتمر تجديد الخطاب الإعلامي الذي عقد في بيروت بداية لمؤتمرات أخرى تعقد في كل العواصم العربية والإسلامية، وتؤسس لثقافات جديدة وخطاب إعلامي جديد يستطيع مواجهة التحديات القادمة.

twitter.com/KassirKassem
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الأربعاء، 14-07-2021 04:25 م
*** لكاتب المقالة أن يبدي رأيه كما يشاء، وأن يسوق ادعاءاته وأباطيله في تبييض صفحة رئيس حزبه اللبناني الشيعي حسن نصر، وأن يشيد به وبمشروعه الوهمي، بعد أن شاركوا في خرابها وتدمير اقتصاد بلدهم لبنان الذي يأويهم، وأغرقوه وقضوا على أرزاق أهله، ومكنوا منه العجم والمجوس وغيرهم من الأجانب، وللكاتب أن يسترزق من وراء تأييده للمجرمين القابعين على صدر لبنان وأطلاله، وأن يبرر ويجمل ما اقترفوه، وأن يخدع بكلامه المعسول من شاء من السذج والدهماء والمريدين والأتباع، ولكن آلة الدعاية الحزبية الشيعية بكل أبواقها وطبولها، لن تستطيع أن تخفي حقيقة الموقف الإجرامي المفضوح لحسن نصر وحزبه الشيعي، بوقوفهم بجانب المجرم الباطني النصيري العلوي بشار الأسد، الذي دمر بلده وقتل الآلاف من شعبه وهجر الملايين من أبناء وطنه، من أجل البقاء على عرشه على جثث من قتلهم وعذبهم ونكل بهم في معتقلاته، ولن يغفر التاريخ لجريمة العصر التي ارتكبها حسن نصر وزبانية حزبه الذين شاركوا في جرائم القتل والإبادة الجماعية للشعب السوري، وتخضبت أيديهم بدماء المسلمين الذين يدعون كذباً وبهتاناُ دفاعهم عنهم، وأرواح من قتلوا في زنازين التعذيب وأسرهم ، ومن قتلوا من الأطفال والنساء والعجائز، الذين دفنوا تحت أنقاض بيوتهم، التي قصفها بشار الأسد الباطني بدعم تابعه حس نصر وشيعتهم التي شاركتهم، يدعون باللعنة عليهم وعلى من أيدهم إلى يوم الدين، على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم مسجلة عليهم، وعلي والحسن والحسين وذريتهم براء منكم ومن جرائمكم، وسيكونوا شهودا عليكم، وسيرد الله كيدكم، ويفضح مكنون ما في نفوس الطوائف الباطنية من حقد على الإسلام والمسلمين، ويكشف أكاذيبكم، ويذيقكم جزاء ما اقترفته أيديكم، فتلك سنة الله في خلقه، وإن غداُ لناظره قريب، والله أعلم بعباده.