ملفات وتقارير

"عنق الزجاجة".. مصطلح يعود للتداول في الأردن وسخرية

تشير أرقام البنك الدولي إلى وضع مقلق للاقتصاد الأردني- الأناضول
تشير أرقام البنك الدولي إلى وضع مقلق للاقتصاد الأردني- الأناضول

عادت الحكومة الأردنية لتعطي وعودا للمواطنين بإخراجهم من عنق الزجاجة التي يقبع فيها الاقتصادي الأردني منذ سنوات طويلة، وعود تضاف لجملة وعود حكومية لم يلمس المواطن الأردني تطبيقا لها على أرض الواقع.

وظهر مصطلح "عنق الزجاجة" بشكل لافت حين تعهد رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي عام 2017، بأن "الأردن سيخرج من عنق الزجاجة منتصف عام 2019". إلا أن المواطن الأردني انزلق حتى وصل إلى قاع الزجاجة بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية وارتفعت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق.

"خرجنا من عنق الزجاجة".. ما واقعية تصريح الحكومة الأردنية

إذ عاد نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، الأربعاء الماضي ليعلن أمام جمهور من المواطنين أن "هناك خططا مستقبلية للحكومة للخروج من عنق الزجاجة، من بينها تحفيز الاستثمار الذي يوفر فرص عمل".

تصريحات تضاف لعشرات التصريحات والخطط الحكومية التي تعدُ بايجاد حلول لمشاكل الاقتصاد الذي يرزح تحت مديونية مرتفعة من المتوقع حسب البنك الدولي أن تصل الى 50 مليار دولار العام الحالي.. فمن وضع الأردنيين في عنق الزجاجة؟ وكيف سيخرجون منها؟

خطط لا تطبق


يرى وزير المالية الأسبق د.محمد أبو حمور، أن "الأردن شهد خططا وبرامج كثيرة للإصلاح الاقتصادي مثل الأجندة الوطنية والخطة العشرية والخطط التحفيزية ولم يطبق منها شيء، إذ لم يلمس المواطن نتائج لهذه الخطط على مستوى معيشته".

يقول لـ"عربي21": "الأهم من الخطط هو قدرة الحكومة على التطبيق والتنفيذ وما هي المؤشرات التي يجب قياسها ومحاسبة المسؤول على عدم تطبيق هذه الخطط التي توضع وتقر وبالنهاية لا يمكن قياسها، بالتالي نعيد الكرة مرة أخرى".

وحسب أبو حمور فإن الأردن يعاني "من مشاكل اقتصادية والأرقام غير مريحة ومؤرقة قبل كورونا، وأتت الجائحة وعمقت العديد من المؤشرات الاقتصادية السلبية؛ فالبطالة حسب الأرقام الرسمية تصل إلى نسبة 25% وأرقام البنك الدولي تشير إلى 52% في صفوف الشباب الذي يعانون بشكل أكبر من هذه القضية".

"جزء من معاناة الأردن الاقتصادية استضافة موجات اللجوء وهذا أدى الى ضغط على مقدرات البلد من صحة وتعليم ومياه، اليوم نحن بحاجة إلى جهود معالجة البطالة، لدينا عدد كبير من العمالة الوافدة، يجب تأهيل العمالة الأردنية وإحلالها ومواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل، يجب جلب الاستثمار لتوليد النمو الاقتصادي الذي يخلق فرص العمل في القطاع الخاص والعام، بسبب كورونا لدينا 100 ألف من الأردنيين الذين يعملون في الخارج مهيأون للعودة، كما أن القطاع الخاص أخرج 100 ألف آخرين من سوق العمل بالجائحة".. يقول أبو حمور.

ويتابع: "للخروج من هذه المعضلة يجب التركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويل لها، ودعم القطاعات الواعدة والقطاعات التي تأثرت بكورونا، وإزالة المعيقات والإجراءات البيروقراطية بجلب الاستثمارات، ومراجعة العبء الضريبي".

سخرية


وأثارت عودة الحكومة من جديد للحديث عن عنق الزجاجة سخرية رواد شبكات التواصل الاجتماعي والتي ربطوها "بنبوءة الملقي"، والوعود الحكومية التي تذهب أدراج الرياح.


 

 


الكاتب الساخر، كامل نصيرات يقرأ هذه السخرية بأنها مؤشر على حالة الإحباط واليأس وعدم الثقة التي وصل لها المواطن الأردني من التصريحات الحكومية، متسائلا بسخرية: "كأن الشعب كله محشور في زجاجة كونية لا يستطيع كسرها، الناس لا تأخذ تصريحات الخروج من عنق هذه الزجاجة على محمل الجد كون المسؤولين أنفسهم لا يأخذون الموضوع بشكل جدي، ولا يوجد أفعال تجعل الناس تثق بهم، نرى أفعالا ترقيعية لإطالة عمر حكوماتهم ولا حلول ناجعة".

يضيف نصيرات لـ"عربي21": "عندما تجد أن منسوب السخرية ارتفع فإن هذا يعني أن هناك نقصا في الحريات، وأن الناس في كبت وضيق شديدين، وبتنا نرى حالات تفشي العوز الاقتصادي في الطبقة الوسطى التي لا تملك سوى السخرية".

ما المخرج؟

وتشير أرقام البنك الدولي إلى وضع مقلق للاقتصاد الأردني إذ بلغ معدل التضخم في الأردن العام الماضي 0.1%، ويتوقع له أن يصل إلى 1.8% العام الحالي، بينما ستقفز نسبة دين الحكومة المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 110.5% إلى 113.5%.

الخبير الاقتصادي محمد البشير، يرى أن الحل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة هو بإصلاح سياسي حقيقي يطيح بالنخب التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الاقتصادي من خلال حكومات ينتخبها الشعب.

يقول لـ"عربي21": "من وضعنا داخل عنق هذه الزجاجة هي السياسات المالية وهي انعكاس لفريق اقتصادي وسياسي، فالعلاقة جدلية بين السياسة والاقتصاد بمعنى لا اقتصاد سليما ومعافى إلا بوجود سياسيين وطنيين حريصين قادرين على أن يترجموا حرصهم على الوطن بسياسات ولجم النفقات الجارية وجعلها كنسبة لا تزيد على الـ70% من النفقات بشكل عام بالموازنة التي تمثل خطة الحكومة".

يتابع: "العبث الذي تم بالنظام الضريبي منذ سنة 1994 وانتصر لأصحاب رؤوس الأموال جعل من الضرائب التي تُحصل من غالبية المواطنين وتشكل مقصلة للاقتصاد، ضريبة المبيعات التي تأتي على الفقير والغني وترفد الخزينة بـ5 مليارات، بينما تشكل ضريبة الدخل مليار دينار، وهذا ينعكس على الملف الاجتماعي ويتجلى فيه الاغتراب والقتل والبطالة.. هذا الواقع المرعب سببه عدم الإصلاح السياسي الذي يفرض علينا وزراء وحكومات وسياسات".

يؤكد أن المخرج هو بـ"تشكيل حكومات منتخبة"، منتقدا في ذات الوقت تشكيلة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ويقول: "تأتي لجنة 5% منها مؤمنون بالإصلاح والباقي هم الطبقة السياسية التي أوصلتنا الى هذا الواقع"، وأضاف: "نحن بحاجة إلى إصلاح يتضمن حكومات من قبل مجلس النواب وكف يد الأجهزة الأمنية عن صناديق الانتخاب".

 


التعليقات (0)