مقالات مختارة

قمة عربية إسلامية

حمادة فراعنة
1300x600
1300x600

الذين فكروا، خططوا، دعوا لقمة بغداد العربية الإسلامية الدولية، غير المسبوقة، لديهم الذكاء والحنكة والحكمة وبُعد النظر، فقد حققوا مجموعة أهداف بضربة استباقية واحدة، بالدعوة لعقد القمة يوم السبت 28 آب2021 في بغداد:


أولاً: لقد عززت فكرة القمة، مكانة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عشية الانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل تعارضات داخلية، وانقسامات طائفية، قومية، مذهبية مَرَضية متعددة.


فقد قفز عن كافة المعطيات النازفة، ورعى مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة مختلف المكونات العراقية، واستضاف قمة ثلاثية مع الأردن ومصر يوم 27/6/2021، وها هو يفتح بوابة كادت تكون مغلقة سيتم البناء عليها، إذا توفر لها النجاح، بدعوته لأطراف إقليمية ودولية متصادمة، يجمعها على طاولة عراقية واحدة، ما يدلل على قدرة الرجل وسعة أفقه، وتوسله للعمل من أجل خلاص العراق مما علق به من احتلالات، تدخلات إقليمية، حروب بينية، وخراب شمل خارطة العراق ودمار طغى على مؤسساته ومنشآته، لعله يُفلح في إعادة الأمل، وزرع البناء والنمو، وإزالة المعيقات نحو التطور بما يليق ببلده وشعبه.


ثانياً: وضعت العراق على سكة استعادة مكانته السياسية عربياً وإقليمياً ودولياً، وتكمن قوته في شجاعة مبادرته بدعوة الأطراف الإقليمية والدولية المتصادمة، وقوته ستكبر أكثر باستجابة هذه الأطراف العربية: الأردن وسورية والسعودية والكويت وقطر والإمارات، والإسلامية تركيا وإيران، والدولية فرنسا الممثلة حقاً للدور الأوروبي ونيابة عن الدور الأميركي.


من المؤكد أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حصل على ضوء أخضر من الرئيس بايدن حينما التقاه في واشنطن يوم 26/7/2021، ولذلك أقدم على هذه الخطوة مسلحاً بتراكم الموافقة العراقية التي تتوسل الخروج مما هو فيه من تداعيات الحروب، وعربياً حيث أزمة حروبها البينية، وقلقها بسبب التدخلات التركية والإيرانية، حيث ترغب كل منهما الخروج من التصادم والتعارض بين المصالح المتداخلة في مواجهة بعضهما، وبينهما وبين الخليجيين.


دولياً تمت الدعوة لهذه القمة بوجود خلفية لديها نزوع الاستقرار والبحث عن القواسم المشتركة، فالأطراف المتصارعة في منطقتنا، وقعتْ في أتون الاستنزاف، ولم تحقق الانتصار لكامل أهدافها وتطلعاتها، لا إيران انتصرت، ولا تركيا، ولا أوروبا، ولا الولايات المتحدة، وسورية صمدت ولم تُهزم ولكنها لم تنتصر بعد، فالكل في ورطة، وها هي واشنطن تعمل لإنهاء دورها في أفغانستان، وكذلك في العراق، وغيرت أولوياتها، وتسعى لعودة الاتفاق النووي مع إيران، وإزالة صواعق التفجير من المناطق الساخنة، حتى ولو كانت مرغمة على هذا الخيار كما حصل لها في أفغانستان، فالخسائر البشرية والمالية لم تسعفها في تحقيق النصر المبين، وخصومها يتقدمون:


الصين اقتصادياً، روسيا سياسياً، أوروبا معنوياً، ولذلك باتت خياراتها مختلفة، ولهذا أعطت الموافقة على دعوة بغداد لهذه القمة غير الاستعراضية.

 

(الأيام الفلسطينية)

0
التعليقات (0)