سياسة عربية

بفوز الصدر.. هل تحوّل العراق عمليا إلى حكم "الولي الفقيه"؟

تفوق الصدر في الانتخابات بفارق كبير عن عن منافسيه- جيتي
تفوق الصدر في الانتخابات بفارق كبير عن عن منافسيه- جيتي

على ضوء النتائج التي أفرزتها الانتخابات العراقية، وإعلان فوز التيار الصدري رسميا بـ73 مقعدا، أثيرت تساؤلات حول سلطة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على رئيس الوزراء المقبل، الذي أكد "التيار" أنه سيأتي من بين الصدريين هذه المرة.


ومن تلك التساؤلات المطروحة في حال تسلم الصدريون رئاسة الحكومة المقبلة، هل يتحول الحكم في العراق عمليا إلى نموذج شبيه بدولة الولي الفقيه في إيران، ويكون زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر فيه هو الحاكم الفعلي، كما الحال للمرشد الإيراني علي خامنئي؟


"حاكم للأرواح"
وتعليقا على ذلك، قال النائب السابق عن التيار الصدري، رعد المكصوصي لـ"عربي21"؛ إن "آل الصدر مناضلون وجعلوا من أنفسهم مشاريع لخدمة الناس، ومقتدى الصدر جزء من هذه العائلة، ومن ثم هذا التخوف هو مجرد تهيؤات من أعداء الصدر، ومشروع الإصلاح بصورة عامة".


وأوضح المكصوصي أن "غياب نموذج وطني كفوء في الحكومات العراقية السابقة أو وجوده بنسبة بسيطة، جعل من الفاسدين والمارقين يلعبون بمقدرات الشعب العراقي، لذلك فإن من يتخوّف ويصدر مثل هذه الأقاويل، هم أعداء للنجاح وللإصلاح ولكل من يريد خدمة الشعب".


وأكد القيادي الصدري أن "رئيس الوزراء المقبل سيكون من الصدريين، ومن ثم هو جزء من الشعب العراقي، لا غربي ولا شرقي، ولا صلة له بدول الجوار؛ لأن ذلك كله شأن داخلي، ولا نسمح بالدخل فيه من خارج الحدود، ونتشرف بأن يكون حكم الإصلاح للصدر".


وأوضح المكصوصي أن "الصدر حاكم للأرواح لكثير من الشعب العراقي الذين يحبونه والاتصال بينه وبينهم عقائدي وروحاني، ومن ثم من باب أولى، يكون هو المتصرف بالحكومة في الاتجاه الصحيح، للإصلاح ومحاربة الفساد".


واستدرك، قائلا: "لكن الصدر لن يكون حاكما بنفسه، وإنما سيكون مراقبا لأداء الحكومة الصدرية، ومن ثم ستكون هذه الحكومة مختلفة عن سابقاتها، على اعتبار أن رئيس الوزراء سابقا لا يوجد عليه رقيب يقول له هذا خطأ وهذا صحيح".


وأكد المكصوصي أن "رئيس الوزراء المقبل الذي ينتمي إلى التيار الصدري، سيعمل بمقتضى الدستور العراقي والقوانين النافذة في البلد، وما يصدره البرلمان من تشريعات، ولن يخرج عنها".

 

اقرأ أيضا: العراق يعلن رسميا تفوق الصدر بالانتخابات.. وفصائل غاضبة


محددات حاكمة
وعلى الصعيد ذاته، استبعد المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، أن "يتحول الحكم في العراق إلى شيء شبيه بدولة الولي الفقيه المعتمدة في إيران؛ لأن طبيعة الدستور العراقي تحدد مسؤوليات كل من رؤساء السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، والقضائية)".


وأضاف المشعل لـ"عربي21" قائلا: "نعم، ربما يمتلك الصدر مسؤولية الإشراف والمتابعة، لكن لا يمكن أن تجتمع السلطات الدستورية بيد شخص خارج نطاق هذه المؤسسات المرسومة دستوريا".
وتابع: "ربما يكون للصدر خطوط وتوجيهات عامة كما يطرحها في تغريداته وخطاباته، التي لا يوجد فيها ما يؤشر على غير ذلك، وإنما هو يطالب بمحاسبة الفاسدين وإعادة بناء الدولة العراقية، وذلك يلغي اختزال السلطات بيد شخص واحد".


وأشار المشعل إلى أن "طبيعة المجتمع العراقي لا تسمح بذلك؛ لأن خراب الدولة طيلة 18 عاما أصبح الشعب فيها يمتلك روحا عدائية جدا تجاه العملية السياسية، ولا بد من ترميم الدولة والتصالح مع الشعب، فإذا ذهب الصدريون إلى سلوك يشابه ما موجود في إيران، فهذا يعني تصعيدا منهم تجاه الشعب".


وأردف: "لذلك يدرك الصدريون تماما هذا المفصل، وطبيعة العلاقة والبنية السياسية للحكومة المقبلة، هذا كله على افتراض أن الصدر تصدى للسلطة التنفيذية وجرت الأمور بشكل طبيعي".


ورأى المشعل أن "الصدر ربما يكون له دور الرقابة والإشراف وحتى التوجيه، لكن ليس بالشكل الواضح والصارخ. من ثم، فهناك سلطة للبرلمان، ولا سيما أن البرلمان الجديد إذا توجهت الكتل الخاسرة إلى المعارضة مع المستقلين والتشرينيين، سيكون فاعلا وأقوى من السابق".


ولفت إلى أن "البرلمان في السابق كان فيه تخادم في الفساد والمصالح مع السلطة التنفيذية، لذلك كل الأمور كانت تمرر بصفقات بين الجانبين، لكن في هذه الدورة الجديدة، أعتقد سيستعيد البرلمان عافيته ويسير على السكة الصحيحة من الحياة الديمقراطية".

 

اقرأ أيضا: مظاهرات وقطع طرق بالعراق تنديدا بنتائج الانتخابات (شاهد)

 

الصدر يتفاوض
وعلى الرغم من تسمية الصدر لجنة صدرية كاملة الصلاحيات للتفاوض مع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن مواقع محلية كشفت عن وجود زعيم التيار في بغداد خلال الأيام المقبلة للإشراف على تلك المفاوضات.


ونقلت وكالة "شفق نيوز" المحلية عن مصدر قوله؛ إن "الصدر سيلتقي خلال زيارته إلى بغداد عددا من الشخصيات السياسية، والإشراف على المفاوضات مع الكتل الفائزة بالانتخابات لتشكيل الحكومة المقبلة".


وكان الصدر قد أعلن، الخميس، تشكيل لجنة تفاوضية تتكون من "حسن العذاري رئيسا لها، نصار الربيعي نائبا أولا له، نبيل الطرفي نائبا ثانيا، حاكم الزاملي مساندا لها (شخصيات تابعة للتيار الصدري)"، مشيرا إلى أن "اللجنة المفاوضة هي من تمثله دون غيرها حصرا، ولا يحق لأحد التدخل بعملها".


وأكد زعيم التيار الصدري أن "للجنة كامل الصلاحيات بمسألة التحالفات البرلمانية والسياسية لهذه المرحلة، على أن يرجعوا لنا في مهام أمورهم وتجنب التحالف مع من لنا عليهم ملاحظات، وأن يعملوا وفق الاحتياط والمصالح العامة".

 

وعقب إعلان المفوضية النتائج النهائية، الجمعة، غرّد الصدر على "تويتر" قائلا: "سنسعى لتحالفات وطنية لا طائفية ولا عرقية وتحت خيمة الإصلاح؛ لتكون حكومة خدمية نزيهة ساهرة على حماية الوطن وأمنه وسيادته وكرامة شعبه، لا تقدم المصالح الشخصية أو الحزبية او الفئوية والعرقية على الصالح العام للعراق وشعبه".


"الصدر" أوضح في تغريدته طبيعة الحكومة المقبلة، وأنه باستطاعته معاقبتها في أي لحظة، بالقول؛ إنّ الحكومة المقبلة "ستكون أبوية"، مشددا على أنّ "الكصكوصة (قصاصة ورق) والعقوبة تحت طائلة القانون والعرف الاجتماعي، ستكون جاهزة مع كل من يقصر".

 

 

التعليقات (0)