قضايا وآراء

لبنان: عند اشتداد العقوبات والخناق.. ربما الفرج في العراق

محمد موسى
1300x600
1300x600
ملفتة جدا زيارة الساعات للرئيس ميقاتي إلى بغداد بكل ما فيها من دلالات وأبعاد، إن كُتب لها النجاح وأن تسير نحو الخواتيم المرجوة، علما أن بغداد يزداد حضورها الإقليمي مؤخرا مع احتضانها مجموعة قمم موسعة، كقمة دول الجوار التي توجت بحضور العديد من الرؤساء ورؤساء الوزراء، مجددة دور العراق الإقليمي الفاعل، خاصة باحتضان الكاظمي أيضا الحوار الإيراني- السعودي على أرض دجلة العربية مع ما يستتبعه ذلك من انفراجات في كل المنطقة. والسيد الكاظمي بأبعاده الثلاثة يشكل رافعة مساعدة لبلوغ الحوار منتهاه الإيجابي، خاصة بعد كلام الرئيس الإيراني المعطوف على كلام ولي العهد السعودي والظل الأمريكي الحاضر دائما.

كذلك كانت لبغداد مجموعة قمم ثنائية وثلاثية على غرار ما جرى خلال زيارة ملك الأردن والرئيس المصري التي عززت دور العراق المحوري، وقد تشكل مدخلا في الأيام والأشهر القادمة لبلورة حل في أزمات المنطقة، لا سيما الأزمة السورية، عبر الدور العراقي المقبول من دمشق نفسها ومن ورائه طهران وموسكو، وعبر ملك الأردن من جهة أخرى، وذلك تجلى في الحلحلة التي صيغت لتجاوز عقوبات قيصر وماغنتسكي وغيرها من العقوبات الأمريكية الصنع، تسهيلا لوصول الكهرباء للبنان واللبنانيين الذين يموتون يوميا آلاف المرات اقتصاديا واجتماعيا بفعل الأزمات المتلاحقة، وعلى رأسها أزمة المحروقات المعطوفة على أزمة الكهرباء.

من هنا جاءت زيارة رئيس الوزراء اللبناني إلى العراق كأول زيارة عربية، وفي ذلكم دلالة عميقة على دفء العلاقات العراقية اللبنانية. فالعراق عبر عقود خلت لم يبخل بأي جهد مادي أو معنوي تجاه لبنان، وهذه على الدوام سمة العراقيين وكل العرب تجاه لبنان. لذلك عوّل الميقاتي على بغداد علّه يجد ضالته النفطية، والتي مهد لها سابقا" في زيارات عديدة عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يعتبر عراب هذا الملف من ألفه إلى يائه، علما أن اللواء إبراهيم اضطلع بأدوار مهمة في الفترة الأخيرة لمحاولة تأسيس شبكة أمان للحكومة منذ ما قبل ولادتها حتى يومنا هذا.

وضمن هذا السياق استقبل وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فيَّاض مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم؛ الذي نقل إليه نتائج الزيارة التي رافق فيها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى دولة العراق والتفاهمات التي تم التوصل اليها، وتلك التي تحتاج إلى مزيد من المفاوضات بشأن زيادة كميات الفيول العراقي واستدامتها، استكمالا للاتفاقيات السابقة والتي تستدعي زيارة يقوم بها وزير الطاقة إلى بغداد في وقت قريب للوصول إلى صورة نهائية على المستوى التقني.

وأبلغ اللواء ابراهيم الوزير فياض خلال اللقاء استعداد المسؤولين العراقيين لتمديد هذا الاتفاق، وذلك استنادا للموقف الإيجابي لناحية رغبة العراق والتزامه بمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة. وعليه، من المتوقع أن يتوجه الوزير فياض إلى العراق من أجل توقيع الاتفاقيات الضرورية عندما يتم التفاهم على آلية التعاون للمستقبل، كاشفاً بالتوازي عن المساعي المبذولة لزيادة حصة لبنان من الغاز المصري، وهو ما سيؤدي إلى تعزيز قدرات مؤسسة كهرباء لبنان على إنتاج المزيد من الطاقة، والتي هي حاجة ملحة ونحن على أبواب الشتاء خاصة في مناطق الجبال والمناطق النائية.

إن الزيارة العراقية هي محاولة من بين محاولات أخرى كثيرة لكسر حلقة الفراغ التي يعيشها الحال اللبناني على أكثر من صعيد، وهي ستؤتى ثمارا في القريب العاجل، وفق ما تناهى من معلومات عن المحادثات الثنائية، التي توحي بقرب الانفراج بالنسبة إلى ما يمكن أن يسدّه النفط العراقي من ثغرات على صعيد تحسين الطاقة الإنتاجية لمعامل الكهرباء، والتي سيكون للإمارات أيضا دور رئيسي في المساعدة التقنية بعمليات التكرير النفط العراقي الثقيل ثم نقله لبيروت.

إن التجارب تقول إن لبنان لن ينجو من محنته إلا عبر العرب والحضن العربي، ولكن دون ذلك عقبات جمة آخرها العقوبات الأمريكية المتوالية والتي طالت معظم الأطراف اللبنانية، والتي قد تزداد مع قرب الانتخابات النيابية إن أبصرت النور لما لذلك من تقويض للطبقة السياسية برأي الأمريكان، مضافة إلى ذلك قضية كلام الوزير قرداحي والتي بالطبع لم تسرّ رئيس الحكومة الذي يسابق الزمن قبل أن تغمض الحكومة عينيها نتيجة الخلافات المستعصية من قضية المرفأ، وصولا إلى مشكلة الطيونة، ومرورا بكلام القرداحي والذي سيكون مدخلا لأزمة مع كل الخليج وخاصة العربية السعودية التي على ما يبدو لن يمر الموضوع لديها مرور الكرام، فهل تكون استقالة قرداحي بابا للحل مع الخليج أم تشكل بابا عريضا لسقوط الحكومة المدوي؛ بفعل تراكم الأزمات سريعا وضعف الالتزامات الدولية لنجدة لبنان ضمن الحكومة الحالية؟!

عبر التاريخ العراق دائما ما يعطي المن والسلوى، ولكن من ينجد لبنان في زمن الشكوى والبلوى؟!
التعليقات (0)