كتاب عربي 21

أدنى استثمارات للقطاع الخاص المصري خلال 6 سنوات

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
أشارت بيانات وزارة التخطيط المصرية الخاصة بالاستثمارات المحلية المنفذة خلال العام المالي الأخير (2020/2021) والمنتهي آخر حزيران/ يونيو الماضي، والتي نشرها المصرف المركزي المصري إلى تراجع قيمة الاستثمارات التي قام بها القطاع الخاص المصري للعام الثاني على التوالي، لتتدنى قيمتها إلى أقل رقم خلال السنوات المالية الست الأخيرة.

كما تراجع نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات المنفذة في العام المالي الأخير إلى نسبة 26.3 في المائة، وهي أدنى نسبة لمشاركته بالاستثمارات المحلية خلال السنوات العشرين الأخيرة، بينما كان نصيبه من إجمالي الاستثمارات قد تخطى نسبة 67 في المائة في العام المالي 2007/2008 بعهد الرئيس مبارك.

وكانت استثمارات القطاع الخاص قد تراجعت قيمتها في العام المالي 2019/2020 عن العام المالي السابق له بنسبة 31 في المائة، وارتبط ذلك بالتداعيات السلبية لفيروس كورونا والتي لحقت الشهور الأربعة الأخيرة من ذلك العام المالي، إلا أن تراجع قيمة الاستثمارات قد استمر خلال العام المالي الأخير، الذي من المفترض أن يكون قد تجاوز ذروة آثار كورونا، لتصل قيمة الاستثمارات المنفذة من قبل القطاع الخاص إلى 200.4 مليار جنيه، وهو ما يمثل أدنى قيمة لاستثمارات القطاع الخاص خلال السنوات المالية الأخيرة، حيث كانت قد بلغت في العام المالي 2015/2016 نحو 227 مليار جنيه، لتصل نسبة الانخفاض للاستثمارات في العام المالي الأخير بالمقارنة لما قبل ست سنوات 12 في المائة.
تراجع نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات المنفذة في العام المالي الأخير إلى نسبة 26.3 في المائة، وهي أدنى نسبة لمشاركته بالاستثمارات المحلية خلال السنوات العشرين الأخيرة، بينما كان نصيبه من إجمالي الاستثمارات قد تخطى نسبة 67 في المائة في العام المالي 2007/2008 بعهد الرئيس مبارك

تراجع استثمارات 14 نشاطا اقتصاديا

وخلال العام المالي الأخير ومن بين 16 نشاطا لاستثمارات القطاع الخاص، انخفضت قيمة الاستثمارات في 14 نشاطا ولم ترتفع سوى في نشاطين فقط، وهما الزراعة بنمو 10.5 في المائة والسياحة بنمو 6 في المائة، وهي نسب تقل كثيرا عن نسب الانخفاضات في الأنشطة الأخرى، والتي شملت الوساطة المالية والتأمين بتراجع مائة في المائة، وخدمات التعليم بتراجع 89 في المائة، وخدمات الصحة بتراجع 86 في المائة، والكهرباء 84 في المائة، والاتصالات 52 في المائة، والبترول الخام 48 في المائة، ونفس النسبة في التشييد والبناء، و47 في المائة للأنشطة العقارية و36 في المائة للمعلومات، و32 في المائة للصناعات التحويلية الأخرى، كما شمل التراجع تجارة الجملة والتجزئة والغاز الطبيعي والخدمات الأخرى، بخلاف التعليم والصحة.

ورغم تلك النسب المرتفعة لتراجع الاستثمارات فإن كثيرين من رجال الأعمال يشككون في بيانات وزارة التخطيط، ويرون أن معدلات التراجع أكبر من ذلك، بسبب حالة الترقب والجمود التي تشهدها الأسواق لأسباب سياسية واقتصادية.

وتتعدد أسباب تراجع استثمارات القطاع الخاص من البيروقراطية والركود في الأسواق، وارتفاع تكلفة العمالة ونقص العمالة الماهرة، وارتفاع تكلفة الخدمات والطاقة، وارتفاع تكلفة الحصول على التمويل، ومشاكل توفير المعدات والآلات.

وتضاف لذلك المنافسة غير المتكافئة مع الجيش الذي دخل قطاعات النشاط الاقتصادي بقوة، بينما لا تدفع مشروعاته ضرائب أو مرتبات للمجندين أو ثمنا للأراضي التي يقيم عليها مشروعاته، ولا ينتظر للحصول على التراخيص، أو يضطر لدفع نفقات غير رسمية لتسهيل الحصول على تلك التراخيص كما يفعل القطاع الخاص.
تتعدد أسباب تراجع استثمارات القطاع الخاص من البيروقراطية والركود في الأسواق، وارتفاع تكلفة العمالة ونقص العمالة الماهرة، وارتفاع تكلفة الخدمات والطاقة، وارتفاع تكلفة الحصول على التمويل، ومشاكل توفير المعدات والآلات. وتضاف لذلك المنافسة غير المتكافئة مع الجيش الذي دخل قطاعات النشاط الاقتصادي بقوة

امتداد المضايقات لرجال الأعمال الصغار

وهذا إلى جانب جو عدم الأمان الذي يعيش فيه القطاع الخاص بعدما حدث من القبض على رجل الأعمال صفوان ثابت، صاحب شركة جهينه المنتجة للعصائر ومنتجات الألبان، ثم على ابنه، وعلى رجل الأعمال رجب السويركي، صاحب سلسل متاجر التوحيد والنور، ثم على رجل الأعمال حسن راتب الذي يستثمر في الأسمنت والتعليم والعقار والسياحة، مع غموض أسباب ذلك القبض، وما يتردد من أقاويل عن محاولة الاستيلاء على بعض ممتلكاتهم كما ذكرت منظمة العفو الدولية في حالة صفوان ثابت، وعدم وجود اتهامات قضائية لهم رغم مرور شهور على حبسهم، وامتداد المضايقات إلى رجال الأعمال الصغار بفرض الإتاوات واستخدام أجهزة الجباية خاصة الضرائب في مطالباتهم بمبالغ كبيرة، ومنع بعضهم من السفر.

واستمر ذلك الجو من عدم الأمان بالهجوم الإعلامي الضاري على رجل الأعمال نجيب ساويرس، لمجرد مطالبته بابتعاد الجيش عن مزاحمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

تأثير سلبي على معدلات البطالة

ورغم توسع الدولة في النشاط الاقتصادي في السنوات الأخيرة، سواء من خلال المشروعات الحكومية بواسطة الوزارات والمحليات، أو من خلال مشروعات الجيش وما تسمى المشروعات القومية، أو من خلال شركات القطاع العام أو شركات قطاع الأعمال التابعة للدولة، أو من خلال الهيئات الاقتصادية المملوكة للدولة، إلا أنه رغم التوسع الاستثماري لكل تلك الجهات الحكومية، فقد تراجع الإجمالي العام للاستثمارات المحلية في العام المالي 2019/2020 بنسبة 17 في المائة، واستمر ذلك الانخفاض في العام المالي الأخير بنسبة 4.5 في المائة.

ومن بين 21 نشاطا للاستثمارات شاملة القطاعين العام والخاص، فقد ارتفعت قيمة الاستثمارات في 11 نشاطا خلال العام الأخير، بينما تراجعت في عشرة أنشطة اقتصادية هي: الغاز الطبيعي، والصناعات التحويلية، والكهرباء والاتصالات، والتشييد والبناء، وتجارة الجملة والتجزئة، والوساطة المالية والتأمين، والأنشطة العقارية وخدمات التعليم والخدمات الأخرى.
نظرا لكون القطاع الخاص هو المشغل الأكبر للعمالة، فإن هذا التراجع يؤثر على معدلات البطالة خاصة بالنسبة للخريجين الجدد، بغض النظر عن البيانات وزارة التخطيط عن معدلات البطالة، والتي لا تجد قبولا لدى رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد

ولم يكن تراجع قيمة استثمارات القطاع الخاص وحده هو السبب في التراجع لمجمل الاستثمارات المحلية المصرية، حيث شهدت الاستثمارات الحكومية تراجعا في ستة أنشطة، وشهدت استثمارات المشروعات القومية تراجعا في ثلاثة أنشطة، واستثمارات الشركات العامة تراجعا في ستة أنشطة، واستثمارات الهيئات الاقتصادية تراجعا في ثمانية أنشطة.

وأدى ذلك التراجع لإجمالي الاستثمارات المحلية المنفذة خلال العامين الماليين الأخيرين؛ إلى انخفاض معدل الاستثمارات المحلية إلى الناتج المحلى الإجمالي للعام الثاني على التوالي، لتصل إلى 12.2 في المائة في العام المالي الأخير مقابل نسبة 18.2 في المائة قبل عامين.

ونظرا لكون القطاع الخاص هو المشغل الأكبر للعمالة، فإن هذا التراجع يؤثر على معدلات البطالة خاصة بالنسبة للخريجين الجدد، بغض النظر عن البيانات وزارة التخطيط عن معدلات البطالة، والتي لا تجد قبولا لدى رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)