مقالات مختارة

نخب روسية تقرأ المواجهة مع الغرب حسب «عقيدة بوتين»

وائل عصام
1300x600
1300x600

يعتبر سيرغي كاراغانوف، وهو من منظري السياسة الخارجية الروسية، أن «أوكرانيا بلد فاشل، وعبء على أي دولة تستحوذ عليها، وهو مشكلة أمنية بالنسبة لروسيا»، لكن لا بد من تحييدها ثم تركها، بحسب كاراغانوف الذي يرى أن الصراع في أوكرانيا مقدمة لانهيار الغرب، إذ يركز المفكرون المقربون من الكرملين ومراكز البحث، على أن الحرب في أوكرانيا هي مجرد وجه من أوجه النزاع مع الغرب والناتو، معتبرين تلك الحرب بداية لانهيار الغرب، كما يقول كاراغانوف: «في الوقت الحالي، يمضي الغرب في طريقه نحو الانهيار، وإن كان بشكل بطيء، ولكنه حتمي، سواء من حيث الشؤون الداخلية أو الخارجية، أو حتى الاقتصاد.

 

وهذا الوضع تحديدا هو سبب اندلاع هذه الحرب الباردة الجديدة، بعد ما يقرب من (500) عام من الهيمنة العالمية للغرب على السياسة والاقتصاد والثقافة، وهو ما توّج بشكل خاص في التسعينيات، بعد انتصاره الحاسم الذي استمر حتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين».


تثق النخبة الروسية المقربة من عقيدة بوتين الاستراتيجية، بأن الغرب سيخسر المعركة، وكاراغانوف أحدهم، الذي يقول: «ما أعتقده أن الغرب على الأرجح سيخسر هذه المعركة، وسيتنحى جانبا عن مركز القيادة العالمي ليصبح شريكًا»، مضيفا إلى ذلك أهمية وجود الصين كقوة وكحليف لموسكو، لإحداث توازن مع الغرب، الذي لم يكن يرى روسيا، إلا «ضواحي متخلفة» بحسب تعبيره.. «ستحتاج روسيا إلى موازنة العلاقات مع الصين الصديقة، ولكنها الأكثر قوة أيضا على نحوٍ متزايد».

 

أما الاستراتيجي والسياسي ألكسندر نازاروف، فهو يتحدث عن عمق الخلاف التاريخي مع الغرب قائلا، إن «الغرب يريد التدمير المادي لكل شيء روسي في العالم». ويشبهه بقيام الرومان القدماء برش الأرض بالملح، بعد استيلائهم على قرطاج، حتى لا ينمو أي شيء آخر هناك.

 

ويعتقد نازاروف، أن العزلة ستجعل روسيا أكثر قوة في مواجهة ما يعتبره الانهيار الحتمي للنظام المالي العالمي، «وعندما يصبح العالم المترابط والمتكامل بشكل متبادل في حالة خراب، بعد انهيار نظام الدولار وهرم الديون العالمية، فإن روسيا وحدها هي التي ستبقى واقفة على قدميها».

 

ويذهب بعيدا في تصور مآلات الصراع متوقعا، أن أي نزاع سيؤدي بطرف من الطرفين للتهلكة والفناء كدول، «سواء أبقيت روسيا في هذا العالم أم لا، سواء انتصرت أم لا، فلن يكون في نهاية الصراع أي ولايات متحدة أمريكية أو غرب على هذا الكوكب، أو على الأقل لن تكون هذه الكيانات في الهيئة نفسها أو في الدور نفسه الذي تلعبه الآن».


ويبدو أن هذه اللهجة الحادة حول الصراع بين الروس والغرب لها تراث وخلفية تاريخية مشحونة، فالمؤرخ الروسي نيكولاي كرامزين، كتب قائلا في (رسائل رحالة روسي عام 1792): «في الطريق إلى كونيغسبرغ، دهش ألمانيان عندما علما أن روسياً يمكنه التحدث بلغات أجنبية، وفي لايبزيغ، تحدث الأساتذة عن الروس على أنهم برابرة. أما الفرنسيون فقد اعتبرونا قروداً لا تعرف إلا كيفية التقليد».

 

وينقل عن كاتب فرنسي قوله: «لقد بدا على الروس شيء من الحضارة في مظهرهم الخارجي، إلا أنهم ما زالوا برابرة تتار تخفي ملابسهم الأوروبية جلد الدب تحتها». ويذكرنا هذا بمقال الكاتب المصري أنيس منصور ذكر فيه مرة، أن الروس كانوا يغضبون من سماع بعض الأمثال الأوروبية مثل «إذا غضب الروسي ظهر التتري الذي في داخله».

 

عن صحيفة القدس العربي 

0
التعليقات (0)