سياسة عربية

تذمر داخل قوى الإطار التنسيقي من السوداني.. هل تمرّد عليهم؟

السوداني يواجه ضغوطا من العصائب للحصول على جهاز المخابرات- فيسبوك
السوداني يواجه ضغوطا من العصائب للحصول على جهاز المخابرات- فيسبوك
كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة، الأربعاء، عن وجود حالة من الامتعاض داخل "الإطار التنسيقي" الشيعي من رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، جراء توجهاته في إدارة الحكومة وبعض القرارات التي اتخذها منذ تسلمه منصبه، الذي لم يمض عليه شهر واحد.

وكانت أطراف نافذة داخل الإطار التنسيقي، قد هاجمت السوداني بشكل مبطن في سياق اعتراضها على قرارات للسوداني، تتعلق بالمناصب العليا للحكومة، مؤكدة أن الأخير ملزم بالرجوع إلى "الإطار" للتشاور في عمل الحكومة ورسم سياساتها وإدارة ملفات العلاقات الخارجية والاقتصاد والأمن.

رسائل تحذيرية

وقالت المصادر لـ"عربي21" طالبة عدم الكشف عن هويتها إن "السوداني تخلف عن حضور آخر ثلاثة اجتماعات أسبوعية عقدها الإطار التنسيقي، الأمر الذي أثار حفيظة أطراف داخل الإطار، ولا سيما ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي".

وتوقعت أن "الهجوم الأخير المبطن الذي شنه نوري المالكي، وقيس الخزعلي على رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، كان مقصودا لإرسال رسائل تحذيرية من تمرده على الاتفاقات داخل الإطار التنسيقي، والتي تلزم الأخير بالرجوع إليه في القرارات المهمة".

وقبل يومين، أبدى نوري المالكي، خلال مقابلة تلفزيونية امتعاضه من تراجع السوداني عن بعض القرارات التي سبق أن اتخذها، ولاسيما إلغاء تعيين عدد من المسؤولين في عهد الكاظمي، ثم العودة عنها.

وقال المالكي: "ليسمعها مني السوداني بأني غير راض عما اتخذه من قرارات، التي كانت في بداية الأمر شجاعة بإلغاء قرارات حكومة تصريف الأعمال، لكنه تراجع عن بعضها، لأنه لا يمكن لرئيس الحكومة أن يكسر قراراته".

وفي السياق ذاته، قال قيس الخزعلي خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، إن رئيس الوزراء ملزم بالرجوع إلى الإطار التنسيقي، لافتا إلى أن الأخير يعتبر بدرجة مدير عام في تمشية أمور الحكومة، أما الأمور الأمنية والاقتصادية والسياسية الاستراتيجية فلا بد من رجوعه فيها إلى الإطار، بحسب الاتفاق.

وأوضح الخزعلي أن "نظامنا برلماني، ورئيس الجمهورية فيه غير منتخب من الشعب، حتى يتحمل المسؤولية أمام شعبه، إذن فعلى رئيس الوزراء عدم الانفراد بقرار الدولة، بل الرجوع إلى الإطار التنسيقي ويكون هو جزءا من القرار في اتخاذ القرار، والمقصود بالقرارات، الاستراتيجية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية".

وعلى الصعيد ذاته، فإن من جملة ما يطرح في وسائل الإعلام المحلية أن رفض السوداني منح جهاز المخابرات والأمن الوطني إلى فصائل مسلحة موالية لإيران، أثار حفيظة هذه الأطراف داخل الإطار التنسيقي، ولا سيما "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله".

"صدام محتمل"

وعن مدى تمرّد السوداني على الإطار التنسيقي، قال المحلل السياسي غانم العابد لـ"عربي21" إن "الخلافات بين الإطار التنسيقي ورئيس الوزراء الحالي، قد بدأت منذ الصراع على رئاسة جهاز المخابرات وطرح اسم طالب شغاتي رئيس جهاز مكافحة الإرهاب السابق لشغل المنصب، لكننا شاهدنا اليوم طلب استقدامه لهيئة النزاهة بسبب تضخم أمواله".

وأوضح العابد أن "منصب رئاسة جهاز المخابرات تبحث عنه عصائب أهل الحق، لكن السوداني قد تكون عليه ضغوطات خارجية، ولا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية تمنعه من منح هذا المنصب لـ(العصائب) أو تسليمه لشخصية قريبة من المعسكر الإيراني".

ولفت إلى أن "السوداني بحكم وجوده على دفة الحكم يبدو أن لديه رؤية في كيفية تسيير الأمور، وقد تتصادم هذه الرؤية مع رغبة الإطار التنسيقي، سواء من دولة القانون أو عصائب أهل الحق المهيمنين على البرلمان، وبالتالي فإنه إذا استمر هذا الأمر فإن الأمور قد تسير لصالح الإطار التنسيقي، والتي قد تؤدي إلى إقالة أو استبدال السوداني الذي لا يمتلك في البرلمان سوى مقعدين أو ثلاثة".

وأشار العابد إلى أن "هناك تحركا من أطراف الإطار التنسيقي للهيمنة على المناصب في الحكومة سواء المدنية أو العسكرية، وقبل أيام وجهت اتهامات من أحد النواب إلى قائد جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، وهذا يدل على وجود رغبة بإجراء تغييرات كبيرة".

واستبعد الخبير العراقي أن "يكون بإمكان السوداني استقطاب النواب إلى صالحه، لأن الإطار التنسيقي هو الكتلة الأكبر، حتى إذا دعمه كل السنة والأكراد، لكن تحركات رئيس الحكومة حتى الآن مقبولة".

وتوقع العابد أن "يقع صدام بين الأخير وقوى الإطار، خاصة أنه يعمل حتى الآن ضمن رؤية ناضجة فيها هدوء سياسي بعيدة عن الانتقام والاحتقان والتشنجات في وسائل الإعلام، وربما هناك أطراف مهيمنة على القرار السياسي قد لا يروق لها ذلك".

وأكد الخبير العراقي أنه "في ظل وجود اعتراضات على بعض قرارات السوداني التي لا تروق لهذه الأطراف المهيمنة داخل الإطار التنسيقي، فإنها ستكون أمام أمرين، إما عرقلة هذه القرارات أو استبدال السوداني، وواقعيا هم قادرون على ذلك".

"دور براغماتي"

من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي العراقي، كاظم ياور لـ"عربي21" إن "رئيس الحكومة السوداني على علم بأن تشكيل الحكومة الحالية ينقصه الشرعية الشعبية والتي كانت الأمم المتحدة وأمريكا تتذرع بفقدان أهلية وشرعية السياسيين في البرلمان العراقي لتشكيلها".

وتابع: "لكن المصالح الكبرى لأمريكا وغيرها، ومنها قضية أمن الطاقة في العراق من حيث الخوف على تضررها من جراء بقاء البلد بدون تشكيل حكومة واستمرار أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا جعل أمريكا والغرب تتغير مواقفهما في تشكيل الحكومة العراقية، لذلك فإن السوداني مقبول بشروط دولية خاصة أمريكية".

ولفت إلى أن "السوداني تقارب من سفيرة الولايات المتحدة ووضع مشروع انفتاح جديدا مع أمريكا في المنهاج الوزاري وقد صوت عليه البرلمان حتى من قبل كتل تصنف نفسها أنها على عداوة مع التواجد الأمريكي في العراق، فالسوداني عمليا يحاول التقارب مع حلفاء واشنطن خاصة من العرب كي يكسب ويضمن استمرارية الدعم والمساندة منها".

وأردف: "طبعا هذا الدعم لا يأتي إلا أن يكون هناك ابتعاد شيئا فشيئا من مشاريع بعض الكتل في الإطار التنسيقي، والتي تظهر معاداة لأمريكا، وأن الأخيرة تضع بعض قادتها ضمن قائمة العقوبات".

ورأى ياور أنه "من المبكر استنتاج أن السوداني يريد الابتعاد عن الإطار التنسيقي، لكن ربما يعمل على ذلك صوريا بطريقة براغماتية، وما هي إلا أدوار وقتية لتجاوز الضعف السياسي والاستقواء بموارد الخصم (أمريكا) ثم العودة إلى البرنامج والمنهاج الحقيقي الذي من خلاله وصل إلى أن يكون مرشحا وحيدا للإطار التنسيقي".

وفي سابقة لم تحصل مع رؤساء حكومات ما بعد عام 2003، فقد أجرت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد، ألينا رومانوسكي، ست زيارات إلى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ توليه منصبه في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

آخر تلك الزيارات كانت الأحد، حيث أعلنت رومانوسكي على "تويتر" أنها ناقشت مع السوداني، التعاون بين بغداد وأربيل حول جهود مكافحة الفساد والخدمات العامة والقضايا الإنسانية والأمنية، مشيرة إلى أن التعاون الموسع مع حكومة العراق في المصالح المشتركة يساعد في تحقيق نتائج ملموسة للشعب العراقي.
التعليقات (1)
اسامة
الخميس، 24-11-2022 10:58 ص
بالله هل يوجد عاقل في الوطن العربي يعتقد او يظن ان العراق ليس ولاية ايرانية ..؟ العراق انتهي .. اليمن انتهى .. سوريا ولبنان انتهيا .. فكروا في غير هذه المناطق العربية المصادرة .. فكروا في دول خليجية .. وفكروا في دول اخرى غيرها في الوطن العربي .. اذا تمكنا باستعادة ولو جزئية عراقية ويمنية .. فهذا سيضع حدا للاطماع الايرانية في منطقتنا ..