سياسة دولية

كيف ساهم الـ"كي جي بي" بتمدد نفوذ موسكو في أفريقيا؟

عناصر من المخابرات الروسية في أفريقيا في الستينات- أرشيفية
عناصر من المخابرات الروسية في أفريقيا في الستينات- أرشيفية
قال موقع "فرانس24"، إن روسيا حاولت منذ عقود مد نفوذها إلى القارة الأفريقية، ومنافسة الغرب على الوجود هناك، عبر تحركات لعملاء جهاز المخابرات السوفيتي "كي جي بي"، ولاحقا مخابرات الاتحاد الروسي.

ولفت إلى أن أزمة الانقلاب التي وقعت في جمهورية الكونغو عام 1960، وإنقاذ السوفييت لرئيس الوزراء باتريس لومومبا، الذي كان صديقا لهم، كانت أول حالة مؤكدة لتدخل المخابرات السوفيتية في الوضع بأفريقيا، جنوب الصحراء، بحسب ما ذكرته ناتاليا تيلبنيفا، المتخصصة في تاريخ أجهزة المخابرات السوفياتية في أفريقيا بجامعة ستراثكلايد في غلاسكو.

ولفتت إلى أن هذا التدخل، كان بداية فعلية لانتشار النفوذ الروسي في أفريقيا، رغم عدم الاهتمام بالمنطقة بين بداية التسعينيات ونهاية الألفية الثانية.

واستفاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لإعادة روسيا إلى القارة الأفريقية من الصورة الجيدة، نسبيا للجمهوريات السوفياتية السابقة في هذه القارة، وكذلك من شبكة من العلاقات القديمة". حسب تعبير مارسيل بليشتا، المتخصص في النفوذ الروسي في أفريقيا في جامعة سانت أندروز الإسكتلندية.

وأشار الموقع إلى أنه كان على السوفييت اللحاق بالركب في مجال استراتيجيات التأثيرواعتمدوا في البداية على حماس العملاء الأوائل الذين انضموا إلى قسم أفريقيا في صلب جهاز المخابرات "كي جي بي". حيث كانت أفريقيا تمثل آفاقا مثيرة للاهتمام من حيث إمكانيات التجسس وتحقيق جملة من الأهداف، من خلال دعم حركات التحرير وتحليل نشاط الولايات المتحدة هناك.

وأشارت تيليبنيفا في كتابها "كولد وور ليبيرايشن " إلى أن "الأزمة في الكونغو كانت بمثابة الدرس لموسكوالتي أدركت أن الاتحاد السوفياتي لم يكن لديه نفس موارد القوى الغربية الموجودة في أفريقيا، وحيث يبدو أن العمل المخابراتي والعمليات السرية هي أفضل وسيلة لشن حرب باردة منخفضة التكاليف في هذه القارة لأن الاستثمار هناك يتعلق باستثمار بشري أساسا".

وأشارت إلى الحملة الروسية لإذكاء مشاعر معاداة الفرنسيين في جمهورية أفريقيا الوسطى وفي مالي أبلغ مثال عن ذلك.لكن كل جهود  جهاز الـ"كي جي بي"، التي ألهمت روسيا الحالية، لم تتوج بالنجاح في ذلك الوقت، أو على الأقل لم ترق إلى مستوى آمال موسكو.

تقول ناتاليا تيلبنيفا إن الاتحاد السوفياتي "اعتقد أن هذه الدول ستقترب بشكل طبيعي من الأيديولوجية الشيوعية وبالتالي من الكتلة السوفياتية. لكن الأمر كان أكثر تعقيدا مما كان منتظرا".

وتمت الإطاحة بأول "صديق" لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في أفريقيا جنوب الصحراء كوامينكروما في 1966 بعد أن استبد بالسلطة في غانا لمدة ست سنوات. في حين أعلنت دولتان وقوفهما صراحة في الصف الروسي وهما مالي تحت قيادة موديبو كيتا وغينيا بقيادة أحمد سيكو توري.

لكن تمت الإطاحة بالزعيم المالي من السلطة عام 1968، بعد ثماني سنوات من الحكم بينما ظل الزعيم الغيني لأكثر من ربع قرن في سدة الحكم حتى عام 1984، على رأس أكثر الأنظمة وحشية في أفريقيا.

واكتشف الكرملين أنه قلل من أهمية دور الجيش في صراعات السلطة في أفريقيا، ثم أصبح الاتحاد السوفياتي أحد أهم موردي الأسلحة للدول الأفريقية، حتى أن إثيوبيا التي كانت تحظى بدعم الاتحاد السوفياتي في حربها ضد الصومال، كانت تستقبل "طائرة سوفياتية مليئة بالمعدات العسكرية والمدربين كل 20 دقيقة" بحسب الموقع.

وأشارت إلى أن هذه المعطيات، تدلل على سياسة بوتين ومجموعة فاغنر، وللجواسيس الروس، كانت أفريقيا أرضا خصبة للعثورعلى مجندين محتملين. حيث كان نائب مدير جامعة لومومبا ينتمي أيضا إلى جهاز الـ"كي جي بي".

لكن "لم يكن هذا هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لموسكو"، بحسب القاضي كونستانتينوسكاتساكيوريس، المتخصص في قضايا التعليم في أفريقيا والاتحاد السوفياتي السابق بجامعة بايرويت الألمانية، فالأمر كان يتعلق أساسا بتحسين صورة جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق لدى الأفارقة.

ومع سقوط الاتحاد السوفييتي، انسحبت موسكو تدريجيا من أفريقيا، بسبب انشغالها بمشاكلها الداخلية، لكن كل هؤلاء الطلاب السابقين الذين تدربوا في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ظلوا هناك. وعندما قرر فلاديمير بوتين في عام 2014 العودة إلى أفريقيا بحثا عن حلفاء جدد وكسر العزلة الدبلوماسية التي تلت ضمه لشبه جزيرة القرم، كان يعلم أن عملائه يمكنهم العثور على "أصدقاء جدد" هناك.
التعليقات (0)