قضايا وآراء

صمت الإفتاء والنور عن البهرة لعلاقتها بالسيسي!!

عصام تليمة
منذ سنوات بدأ نشاط طائفة البهرة في مصر يزداد، وإن بدا كنشاط تجاري، منذ الستينيات من القرن الماضي، ثم دخلوا مرة أخرى وبدأ اسمهم يطرح على الساحة.. (الأناضول)
منذ سنوات بدأ نشاط طائفة البهرة في مصر يزداد، وإن بدا كنشاط تجاري، منذ الستينيات من القرن الماضي، ثم دخلوا مرة أخرى وبدأ اسمهم يطرح على الساحة.. (الأناضول)
البهرة طائفة تنتسب للمذهب الشيعي، ولها تاريخ يتعلق بنشأتها وأفكارها، وليس لها كتب ومصادر تعرف الناس بمذهبها التفصيلي، أو أصول اعتقادها، وليس من اليسير الوصول إليه كباحث، أو من يريد التعامل معهم من حيث الحكم على تفاصيلهم العقدية والفقهية.

يعرف تاريخهم من حيث النشأة، ومن حيث مواضع تمركزهم في الهند بما يمثل كثافة وجودهم، ومنذ سنوات بدأ نشاطهم في مصر يزداد، وإن بدا كنشاط تجاري، منذ الستينيات من القرن الماضي، ثم دخلوا مرة أخرى وبدأ اسمهم يطرح على الساحة، عندما طلبوا من الرئيس السادات أن يقوموا بتجديد مسجد الحاكم بأمر الله، وهو ما تم بالفعل.

ثم تواجدوا أيضا بشكل سياحي في مصر في عهد مبارك، وكنا نراهم ونحن طلبة في الأزهر، حيث كانت كليتنا (كلية الدعوة الإسلامية) في الجامع الأزهر، على نظام الدراسة القديم، يجلس الدكتور على كرسي الشرح، ونجلس نحن الطلبة على سجاد المسجد، فكنا نرى بحكم أن المسجد مزار سياحي أيضا، كنا نرى أشخاصا من باكستان والهند بلباسهم الهندي المعروف، يزورون الجامع الأزهر، وتزداد زيارتهم لمسجد الإمام الحسين.

وزاد تواجدهم في هذه الآونة تجاريا، ولما جاءت ثورة يناير حتى الانقلاب، لم يكن لهم بروز قوي  بل حدث ما يشبه التخفي قليلا وقتها، ثم عادوا للظهور مرة أخرى، في إبريل سنة 2014م، ليظهر زعيمهم مع السيسي مقدما تبرعا منهم لصندوق تحيا مصر، قيمته عشرة ملايين جنيه، وهو ما أصبح عادة كل فترة يتبرعون بالمبلغ للصندوق، مع مقابلة من السيسي لهم، وحرص من الإعلام على إبراز هذا التبرع.
ثم دخلوا على مساحة تجديد مساجد أخرى لآل البيت، فساهموا في تجديد مسجد الإمام الحسين، والسيدة نفيسية، وغيرها من المساجد المتعلقة بآل البيت، وموقف السلطة في مصر مفهوم من حيث قبول تبرعهم، أو تجديدهم لبعض المساجد، فمثل هذه العلاقات في ظل السلطة الموجودة لم يعد يستغربه أحد، أو يسأل عما وراءه.

لكن اللافت للنظر هنا هو صمت جهتين دينيتين، كانت لهما مواقف سابقة من البهرة، والشيعة بوجه عام، الجهة الأولى، هي دار الإفتاء المصرية، والتي أصدرت فتوى في الثامن عشر من فبراير سنة 2014م، أي قبل تبرعهم للسيسي بشهرين، وكانت فتوى الإفتاء واضحة وشديدة ضد البهرة.

كانت فتواهم تقضي بأنهم فرقة منحرفة، لا يحل للمسلم أن يأكل طعامهم، ولا أن يتزوج منهم، ولكن الفتوى بعد أن كانت على موقع الإفتاء، ولها رقم، تم حذفها تماما، ولم يعد لها وجود في أرشيف الدار، ولا الموقع، ولا يستبعد في ظل الهيمنة الأمنية والعسكرية على كل مفاصل الحياة في مصر، من حدوث ذلك، فتسييس القضايا الدينية موجود على مدار التاريخ، ولكن التدخل بشأن فتوى تتعلق بفرقة أو طائفة، هذا هو الجديد، لأن السؤال لم يكن متعلقا بالبهرة بشكل عام، بل متعلق بسؤال عن الزواج، ولذا كانت الإجابة وإن كانت خاصة بالزواج، لكنها كاشفة عن موقف الإفتاء من الطائفة.

لما جاءت ثورة يناير حتى الانقلاب، لم يكن لهم بروز قوي بل حدث ما يشبه التخفي قليلا وقتها، ثم عادوا للظهور مرة أخرى، في إبريل سنة 2014م، ليظهر زعيمهم مع السيسي مقدما تبرعا منهم لصندوق تحيا مصر، قيمته عشرة ملايين جنيه، وهو ما أصبح عادة كل فترة يتبرعون بالمبلغ للصندوق، مع مقابلة من السيسي لهم، وحرص من الإعلام على إبراز هذا التبرع.
الجهة الثانية، هي حزب النور، وهو الجماعة السلفية بقيادة الشيخ ياسر برهامي، وهذا الفصيل كان وقت حكم الدكتور مرسي رحمه الله، متحفزا ومهاجما، لمجرد الإعلان عن فتح باب السياحة الإيرانية لمصر، فهنا قامت قيادات النور، وقيادات أخرى سلفية في مصر، بالرفض، والاستنكار، وأن هذا خط أحمر، لن نسمح به.

الآن يتم هذا الظهور المعلن للبهرة، بل والمقابلة مرات مع رأس السلطة، بل منح زعيمهم أعلى وشاح مصري، وهو وشاح النيل، ويتم سحب فتوى من دار الإفتاء متعلقة بهم، ولم نر لحزب النور، ولا لنوابه في البرلمان رفضا، أو تصريحا أو شجبا لما حدث، من باب الاتساق مع المبدأ، والرأي الفقهي والعقدي لديهم، لكنه كان يحدث فقط أيام مرسي، والآن كل شخص له مرجعه الأمني الذي لا يملك الفكاك منه، ولا الخروج عنه قيد حرف.

بل صمت حزب النور وبرهامي وزملاؤه عن تجديد المساجد التي بها أضرحة، ومواقفهم من قبل معروفة، بغض النظر عن الموقف الفقهي العام، فنحن نتحدث عن الموقف الديني الخاص بحزب النور والجماعة السلفية، وهو موقف معروف ومحفوظ تاريخيا، بل كانت تتمايز به الجماعة، حيث الهجوم على بالرأي الفقهي على الأضرحة.

كنت قد قابلت المرحوم الدكتور عصام العريان بعد ثورة يناير مباشرة، وبداية تكوين حزب النور، فسألته عنهم، فقال لي: إنهم مدعومون من المجلس العسكري، وكثير من قيادتهتم صناعتهم، وكان العريان دقيقا في مثل هذه الأمور، ولا يتعجل بالاتهام، وهو ما أثبتته الأيام بالفعل، فكل قضية رفعوها ورفعوا شعارها باسم الدين بعد ثورة يناير، وأيام حكم مرسي، انقلبوا لضدها تماما، وصمتوا عن كثير منها أيضا، واكتشفنا أن جل القضايا التي كانت تثار كانت من باب المزايدة، والإفشال.

وإلا فما تفسير موقفهم، إن فهمنا أن موقف دار الإفتاء من البهرة، وسحب فتواها عنهم، لأن الإفتاء جزء من السلطة كوظيفة، وإن لم يصح ذلك كرسالة، لكن ماذا عن حزب ودعوة كان سر بقائها ووجودها هو الحفاظ على العقيدة، كما كانت ترفع وتدعي؟!

أعتقد أن مثل هذه المواقف تستوجب مراجعة جادة منا كإسلاميين وفصائل ثوار يناير، فإن مثل هذه الأصوات الزاعقة كانت أحد الأسباب المهمة في ضياع هذه التجربة، وفي عودة العسكر للحكم بأبشع صوره.

[email protected]
التعليقات (5)
الشيعة الإثنى عشرية يعودوا من جديد للسيطرة على الأزهر
الجمعة، 11-08-2023 06:14 ص
*** 5- المقدام: - آخر امبراطور لإيران، وريث عرش مجوس فارس (موئل الشيعة الإثنى عشرية، اصحاب عقيدة انتظار الإمام الغائب المهدي المنتظر الذي لا يموت، حفيد علي وفاطمة، وابنهما الحسين، الذي اختبأ في جب في بيت أبيه، وينتظرون ظهوره وعودته لنصرة شيعته)، الشاه محمد رضا بهلوي (الشيعي): تزوج الأميرة فوزية (السنية) ابنة ملك مصر فؤاد وشقيقة الملك فاروق (في مارس 1939)، وتم الاحتفال بالزفاف مرتين في القاهرة وطهران، وبعد عامين من زواجهما تقلد محمد رضا العرش الفارسي، بعد أن انقلب على أبيه "رضا"، واجبره على التنازل، وطرده ونفاه إلى جنوب أفريقيا، وانجبت الأميرة فوزية المصرية السنية من الشاه الشيعي، الأميرة شاهيناز بهلوي (في أكتوبر 1940)، وتم الطلاق بينهما في 1945 في القاهرة، وبعد خلافات اعتمد الطلاق في إيران في 1948. وخلال فترة المصاهرة، فتحت مصر أبوابها لدعاة الشيعة، القادمين بدعوى ظاهرة للتقريب بين المذاهب، وحقيقتها تغيير عقيدة أهل السنة، واستقطب دعاة الشيعة كبار شيوخ الأزهر الفاطمي، من ذوي الهوى والمصالح الشيعية الصوفية عباد القبور، ليتلاعب بهم دعاة الشيعة المدربين والمؤهلين، في حين أن شيوخ الأزهر كانوا على جهل، بعلوم وعقائد "الملل والنحل"، ولا يجدون أن دعاء الموتى في القبور مخالفة لعقيدة التوحيد الإسلامية، بل يرتزقون منها بمشاركتهم في استحلال أموال النذور، التي يوهبها السفهاء والجهلاء من المسلمين المصريين، فيضيعوا دينهم، ويتحمل وزرهم علماء الأزهر الذين تهاونوا في أمور العقيدة، وكان الشاه يلقب نفسه بـ (شاهنشاه) أي ملك الملوك على عرش الطاووس، وفي 1971م أقام الشاه بهلوي احتفالاً أسطورياً ضخماً، بمناسبة مرور 2500 عام على تأسيس الإمبراطورية الفارسية القديمة على يد سايروس (كورش)، بحضور رؤساء وملوك العالم، وكان عميلاً تابعاً للولايات المتحدة التي ساندته منذ طرده لأبيه، واستمر حكمه (38 عاماً من 1941 إلى 1979)، حيث قامت الثورة عليه، وهرب فاراً بنفسه مع أسرته، وبعد عزله لجأ الى القاهرة، وتوفي فيها (في يوليو 1980) عن 61 عاما. وقد أقام له الرئيس السادات جنازة عسكرية مهيبة عالمية من قصر عابدين، وشيد له السادات ضريح ضخم كبير داخل مسجد الرفاعي في قلب القاهرة الفاطمية، ليتحول إلى صرح شيعي جديد، وكانت الشهبانوا فرح ديبا تزور قبره باستمرار برفقة جيهان السادات، ولحق به السادات الذي قتل بعده بأشهر وسط جيشه وحراسه، في عملية اغتيال مريبة لم تكشف أسرارها إلى اليوم.
الطائفة الإسماعيلية الشيعية الباطنية تقيم مزاراً شيعياً جديداً على أرض مصر
الجمعة، 11-08-2023 05:19 ص
*** 4- المقدام: - دفن الأغا خان الثالث "السير سلطان محمد شاه"، إمام الفرقة "الإسماعيلية" المتوفى سنة 1957، في ضريح بني على ضفة النيل في مدينة أسوان، بتصميم المقابر الفاطمية المصرية، على أرض مصرية منحته لهم دولة ناصر الانقلابية، لتخلد ذكراه، ويكون مزاراً ضخماً لأتباع طائفته، لتأكيد عودة إمامهم لمصر، وتوضع كل صباح وردة حمراء على قبره، في تقليد بدأته زوجته الرابعة البيجوم أم حبيبة (1906 ـ 2000)، وهي ملكة جمال فرنسا لسنة 1930، واسمها الأصلي "إيفون بلانش لابروس"، وتوفيت بفرنسا في يوليو 2000، عن عمر 94 عامًا، ثم نُقل جثمانها إلى أسوان لتُدفن بجوار زوجها في ضريحه. والسير سلطان محمد شاه، آغا خان الثالث (المولد 1877- الوفاة 1957)، هو الإمام الثامن والأربعون للطائفة النزارية الإسماعيلية (وريثة الفاطميين). تلقى التعليم الديني بصفته زعيم الإسماعيليين، وارتاد جامعتي إيتون وكامبريدج. في عام 1885، وبعمر الثامنة، خلف أباه في إمامة الشيعة الإسماعيليين. وسافر حول العالم لأخذ البيعة من أتباعه. منحته الملكة فيكتوريا لقب القائد الفارس في الإمبراطورية الهندية عام 1897؛ ومنحه الملك إدوارد السابع رتبة كبير القادة الفرسان في قصر باكينغهام في عام 1902، وجعله جورج الخامس كبير القادة الفرسان في وسام النجمة الهندي عام 1912، والوسام الملكي الفيكتوري، ومُنح وسام القديس ميخائيل والقديس جرجس عام 1923، وفي عام 1934 أصبح عضوًا في المجلس الخاص للملكة، وأصبح رئيسًا لعصبة الأمم في عام 1937. احتفل اتباعه الإسماعيليون في شبه القارة الهندية وفي شرق أفريقيا، بيوبيل إمامهم خلال إمامته التي دامت 72 عامًا (1885 - 1957)، بيوبيله الذهبي 1937، والماسي 1946، والبلاتيني 1954، ولإظهار تقديرهم وزن الإسماعيليون إمامهم بالذهب، والماس، والبلاتين. واليوم يسيطر دعاة الإسماعيلية على غالبية مراكز الدراسات الإسلامية في الجامعات ومراكز البحوث البريطانية، ويعتبروا أنفسهم المتحدثين باسم الإسلام.
الفرق الباطنية الإسماعيلية الفاطمية تسعى للعودة لحكم مصر
الجمعة، 11-08-2023 05:03 ص
*** 3- المقدام: - الاسماعيلية والبهرة المعاصرين، هم فرعي الفاطميون الاسماعيلية الشيعة الباطنية، الذين امتدت دولتهم زمنياً على مدار ثلاثة قرون، واحتلت بلاداً من أقصى المغرب العربي إلى حدود الشام والجزيرة العربية، وبنوا مدينة القاهرة في موقع وسيط ليكون عاصمة ومركزاً لملكهم ولنشر دعوتهم، وقد أنشأوا الأزهر ليكون مقراً لدعاتهم لنشر مذهبهم الشيعي الباطني، ولتغيير عقائد أهل السنة، كما أنشأوا المساجد الكبرى كجامع الحاكم بأمر الله، وشيدوا الأضرحة والمقامات فيها، كمقام الحسين والسيدة ونفيسة وكثير غيرها، لتكون قبلة شيعية للمصريين، لدعاء الموتى في القبور، وبتحليل من مشايخ أزهريين، بديلاً عن دعاء الواحد الأحد، وقد أنهى "صلاح الدين الأيوبي" محرر المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين، دولة الفاطميين الشيعية الباطنية، وأعاد أهل مصر إلى مذهب أهل السنة، ولذلك فلاحظ تشويه دعاتهم المعاصرين وكراهيتهم لصلاح الدين وتطاولهم عليه، ومنذ خرج الفاطميون الاسماعيلية من مصر، وتستر من بقي منهم داخل الطرق الصوفية جيلاً بعد جيل، الواسعة الانتشار والنفوذ السياسي في مصر اليوم، بعد أن ظنوا بأن الساحة قد خلت لهم، وقد تعاهدوا فيما بينهم كوصية للأجيال بأن يعيدوا ملك أجدادهم لمصر، ويعيدوا الأزهر إلى دين الشيعة الباطنية، وقد بينت المقالة جهود البهرة الحثيثة الطويلة الأمد للتسلل إلى مصر مرة أخرى، عن طريق رشوة السيسي، ومن قبله مبارك، لفرض سيطرتهم ونفوذهم على المساجد التاريخية في مصر، وفتح أبواب مصر أمامهم بأموالهم، في الوقت الذي يقمع فيه السيسي أهل السنة في مصر بجهوده الخبيثة لإضعافهم، وقد اتهمهم جميعاً بأنهم إرهابيون، ويحرض عليهم دول الاستعمار الغربي، وهم يسعون لدفن أئمتهم المعاصرين على أرض مصر لتكون مزارات جديدة، تثبت سيطرتهم على مصر، كحالة دفن إمام الشيعة الإسماعيلية الأغاخان في ضريح فاطمي عظيم على أرض أسوان ليكون مزاراً دينياً لهم.
الطرق الصوفية في مصر الوريثة الشرعية للبهرة والفرق الباطنية الأخرى
الجمعة، 11-08-2023 03:09 ص
*** 2- المقدام: - دولة الفاطميين الاسماعيلية التي استمر حكمها لما يناهز ثلاثة قرون، هم أصل الفرق الباطنية التي أنبثقت منها، والناشطة في العالم الإسلامي إلى اليوم، كالإسماعيلية، والبهرة، والنصيرية (طائفة بشار الأسد)، والدروز (ومنهم فريد الأطرش وأخته أسمهان)، وكلهم منشقين عن الشيعة الإثنى عشرية، ومختلفين في تسمية سلسلة الأئمة المعصومين بظنهم، والبهرة من سلالة الفاطميين الإسماعيلية، الذين أنشأوا مدينة القاهرة واتخذوها عاصمة لدولتهم، وهم الذين شيدوا بها "الأزهر" للدعوة لمذهبهم الباطني، وشيدوا المقامات للحسين والسيدة زينب ونفيسة، وغيرها من المزارات التي يشدوا إليها الرحال لزيارتها إلى اليوم، ويعتقدون فيها أنها بقع مقدسة ومباركة يستجاب عندها وحدها دعاء المحتاجين واللاجئين إليها، وعندما فتح "صلاح الدين الأيوبي" السني، محرر المسجد الأقصى، مصر وأسقط الدولة الفاطمية، هرب منهم كثيرين، لنشر مذاهبهم الباطنية في دول أخرى، وقد وصل دعاتهم إلى اليمن ونجران، ولبعض فرقهم تواجد فيها إلى اليوم، وانتشرت دعوتهم عن طريق التجارة إلى شرق أفريقيا وغرب الهند، وقد وجدوا في الهندوس بيئة خصبة لنشر مذهبهم فيهم، والهنود من سماهم "البهرة" أي التجار بلغتهم، أما من بقي في مصر من الشيعة الفاطميين الإسماعيلية، فقد أخفوا حقيقة مذاهبهم الباطنية المتشيعة، وتستروا داخل الطرق الصوفية بين الدراويش والمجاذيب، ودعاتهم المتسترين يمارسون إلى اليوم نفس طقوس البهرة وأمثالهم، كزيارة الأضرحة والمقامات التي أنشأها الفاطميون، كمقام الحسين والسيدة زينب ونفيسة وغيرها، والتمسح بالمقام والطواف حوله، وتلاوة أوراد بألفاظ مخصوصة يحفظونها عن مشايخهم، وبعضها مستنكر، وأدعية لصاحب المقام أو الضريح، ومناداته (يا حسين، يا سيدة، يا بدوي) ليقربوهم إلى الله زلفى، ظناً منهم بأن أولئك الأولياء يسمعون دعائهم ويستجيبون لهم، وينحرون الذبائح في الأضرحة في موالدهم، وفي مصر ما يزيد عن سبعين طريقة صوفية، ولهم هوى شيعي بدعوى حب آل البيت، موروث من عقيدة الفاطميين التي تقدسهم، وتعترف بهم الدولة ويشاركهم رجال السلطة في تقسيم حصيلة صناديق النذور بينهم، وقد دعمت الطرق الصوفية انقلاب الجنرال السيسي الأخير، وكافأ السيسي رئيس الطرق الصوفية (ذات الإرث الباطني الفاطمي) بتعيينه وكيلاً للبرلمان، ويرأس كثيراً من تلك الطرق الصوفية كبار مشايخ الأزهر، ومؤخراً أدخل مفتي الجمهورية السابق "على جمعة" طريقة صوفية جديدة في مصر، ونصب نفسه شيخ طريقتها الأكبر، واعتمدها مما يسمى "المجلس الأعلى للطرق الصوفية"، كما أن شيخ الأزهر الحالي منتم لإحدى تلك الطرق الصوفية، كما كان بعض كبار مشايخ الأزهر السابقين، كالشيخ "عبد الحليم محمود"، والله أعلم بعباده.
مصر (أم الدنيا) هي الموطن الأصلي للبهرة والفرق الباطنية الأخرى
الجمعة، 11-08-2023 01:15 ص
*** 1- المقدام: - البهرة من الفرق الباطنية المتفرعة من أصول واحدة مشتركة، من المنتمين لأئمة الشيعة، المعصومين والمختارين والمبعوثين من الله وفق عقيدتهم، والمنشقين عن الشيعة الإثنى عشرية لاختلافهم في تحديد الولي الوارث إمام الزمان والانتساب إليه، وأصل البهرة من مصر فرع منحدر من الإسماعيلية الفاطميين، وسميت بالطرق الباطنية لأنهم يبطنون بخلاف ما يظهرون تقية منهم، ولاعتقادهم بمعرفة أئمتهم للأسرار الباطنية للدين التي تُخفَى على غيرهم. ويعلم الشيخ تليمة أن علاقة مصر والمصريين والأزهر بالبهرة، وكل الفرق الباطنية الأخرى، علاقة انتماء تاريخية قوية ووطيدة، فمصر البلد الأم الأصلي لهم (مصر أم الدنيا). وإلى اليوم يقع حي "الباطنية" الشهير مجاور للأزهر ومقام الحسين، وكان يتوطن فيه من "المجاورين" فرقة النذارية الفاطمية (اتباع نذار) الشيعية الباطنية، واطلق عليهم لقب "الحشاشين" لأنهم كانوا يتعاطون مع أتباعهم مخدر الحشيش كطقس ديني، واشتهروا في العالم باحترافهم قتل أعدائهم ومخالفيهم غيلة في صراع على تنصيب الخليفة على عرش مصر، فسموا الحشاشين السفاحين، واشتقت من الكلمة العربية "الحشاشين": كلمة assassins في الإنجليزية واللغات الأوروبية بنفس نطق الكلمة العربية بمعني "السفاحين"، وحي "الباطنية" ما زال يحتفظ إلى اليوم باسمه القديم، ومركزاً لعصابات تجار المخدرات من ذرياتهم، وهم أصل انتشار مخدر الحشيش في مصر ، ومنهم ورث السيسي ومدير مكتبه ورئيس مخابراته وعصابتهم عادة تناول مخدر "الترامادول" لإماتت ضمائرهم، البديل العصري لمخدر "الحشاشين" الباطنيين، كما ورث السيسي ابن "حارة اليهود"، المجاورة لحي "الباطنية"، عن "الحشاشين" عادة قتل مخالفيه غيلة، فهو تراث مصري باطني فاطمي عريق، ولا عجب أن سار السيسي خلف سلطان البهرة داخل مقام الحسين المزعوم المجدد والمحسن، ليمارس عنده طقوس عبادتهم معه.