كتاب عربي 21

لماذا لا يسافر السيسي إلى هذا البلد؟

أسامة جاويش
ما زالت مجزرة رابعة تطارد السيسي- جيتي
ما زالت مجزرة رابعة تطارد السيسي- جيتي
"السيسي فضّل البقاء في مصر لمتابعة الأوضاع الداخلية في البلاد".
كان هذا ما قاله المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الثاني عشر من حزيران/ يونيو 2015، تعليقا على إلغاء السيسي زيارته إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في القمة الأفريقية.

لم تكن هذه المرة الوحيدة التي يلغي السيسي فيها سفره إلى دولة جنوب أفريقيا تحديدا، فقد تكرر الأمر بعدها بأربعة أعوام وتحديدا في أيار/ مايو 2019 عندما اعتذر السيسي عن المشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، وأرسل مصطفى مدبولي رئيس الوزراء بدلا منه.

الأسبوع الماضي أيضا، لم يسافر السيسي إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في قمة دول البريكس وأرسل مدبولي نيابة عنه، في تكرار لحوادث مشابهة على الرغم من أهمية هذه القمة بالنسبة لمصر حيث وجهت لها دول مجموعة البريكس الدعوة للانضمام إليها بداية من العام المقبل.

في عام 2002، صدقت جنوب أفريقيا على معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، ما يمكن القضاء في جنوب أفريقيا من النظر في قضايا متعلقة بجرائم ارتكبت خارج البلاد، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما دفع القضاء في جنوب أفريقيا لفتح تحقيق موسع شمل أسماء بحجم السيسي وبعض وزرائه

لماذا لا يسافر السيسي إلى جنوب أفريقيا إذا؟

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية في الثاني عشر من حزيران/ يونيو 2015 خبرا مفاده أن السيسي اعتذر عن المشاركة في القمة الأفريقية، وأوضحت أن السبب الحقيقي يتعلق بحراك قانوني تقدم به اتحاد المحامين المسلمين في جنوب أفريقيا بعد تلقيه شكوى رسمية من مواطن مقيم في جنوب أفريقيا تعرض للقمع والتنكيل في مذبحة رابعة العدوية في مصر.

في عام 2002، صدقت جنوب أفريقيا على معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، ما يمكن القضاء في جنوب أفريقيا من النظر في قضايا متعلقة بجرائم ارتكبت خارج البلاد، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما دفع القضاء في جنوب أفريقيا لفتح تحقيق موسع شمل أسماء بحجم السيسي وبعض وزرائه؛ كان من بينهم وزير السياحة السابق منير فخري عبد النور.

بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 في مصر شكّل الرئيس المؤقت عدلي منصور حكومة برئاسة حازم الببلاوي كان من أبرز وزرائها آنذاك الوزير منير فخري عبد النور، الذي خرج في لقاء تلفزيوني على الهواء مباشرة قبل فض رابعة بأيام ليطالب الحكومة بمحاصرة المعتصمين داخل ميدان رابعة ومنع دخول الطعام والشراب لهم لإجبارهم على مغادرة الاعتصام.

الأسبوع الماضي أجرى الوزير السابق حوارا مع موقع ذات مصر انتقد فيه الأوضاع الاقتصادية والسياسية في عهد السيسي، ووصف عملية البحث عن كومبارس للمشاركة في انتخابات الرئاسة القادمة أمام السيسي بالأمر السخيف.

اللافت أن عبد النور كشف مجموعة من الأسرار المثيرة حول أسباب عدم سفر السيسي إلى جنوب أفريقيا. على سبيل المثال، قال إنه في عام 2015 وقبل سفر السيسي إلى جنوب أفريقيا لحضور القمة الأفريقية، اتصل به مدير مكتب السيسي آنذاك ومدير المخابرات الحالي اللواء عباس كامل، وأخبره أنه تم إلغاء السفر له وللسيسي، والسبب هو احتمالية تعرضهما للتحقيق أو التوقيف في جنوب أفريقيا على خلفية شكوى قانونية ضدهم بخصوص رابعة العدوية.

على موقع الرئاسة المصرية لم أجد أن السيسي قام بأي زيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا خلال سنوات حكمة التسع، التقى السيسي رئيس جنوب أفريقيا رامافوزا أكثر من مرة في باريس ودول أخرى واستقبله في القاهرة، ولكنه لم يذهب إلى هناك أبدا خشية اعتقاله أو التحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم حرب

على موقع الرئاسة المصرية لم أجد أن السيسي قام بأي زيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا خلال سنوات حكمة التسع، التقى السيسي رئيس جنوب أفريقيا رامافوزا أكثر من مرة في باريس ودول أخرى واستقبله في القاهرة، ولكنه لم يذهب إلى هناك أبدا خشية اعتقاله أو التحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

تكرر الأمر مع منير فخري عبد النور نفسه عام 2015، أثناء زيارته لبريطانيا، حيث واجه خطر التوقيف والتحقيق أيضا بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام، وفور عودته اتصل به وزير الخارجية المصري سامح شكري والسفير البريطاني في القاهرة وأخبراه بعدم السفر إلى بريطانيا أبدا قبل إخبارهما والتنسيق معهما لتجنب اعتقاله.

 الأسبوع الماضي أجريتُ مقابلة مع المحامي البريطاني وعضو الفريق القانوني لملاحقة المتورطين في مذبحة رابعة، الطيب علي، وكشف لي أن القضية ضد منير فخري عبد النور وعدد آخر من رموز نظام السيسي لا زالت سارية أمام الشرطة والقضاء في بريطانيا وستتم إضافة عدد آخر من الإعلاميين أيضا تحت مظلة الولاية القضائية الدولية، وأن تلك القضايا لا تسقط بالتقادم.

الوزير منير فخري عبد النور اعترف في حواره أن النظام وإعلامه فشلا في إقناع الغرب بروايتهما عن رابعة وفشلا في الترويج بأنها كانت عبارة عن اعتصام مسلح، في حين قال إن الإعلام المعارض امتلك الأدوات والشطارة ليتواصل مع الآخر ويؤثر فيه بشكل كبير.

النظام المصري حذف حوار منير فخري عبد النور مع موقع "ذات"، ولكنه لن يستطيع أن يحذف جرائمه ضد المصريين في رابعة وما بعدها.

twitter.com/osgaweesh
التعليقات (1)
عادل عبدالواحد
الإثنين، 28-08-2023 07:27 م
جاتك ستين خيبة