ملفات وتقارير

الحلبوسي يثير سخط العراقيين جرّاء صمته حيال العدوان على غزة

 واجه الحلبوسي انتقادات على مواقع التواصل بسبب صمته وتنقله بين عدد من البلدان خلال العدوان- جيتي
واجه الحلبوسي انتقادات على مواقع التواصل بسبب صمته وتنقله بين عدد من البلدان خلال العدوان- جيتي
رغم مرور أسبوع كامل على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي ردا على انتهاكاته، وما أعقبها من جرائم يرتكبها الأخير بحق الفلسطينيين، لم يصدر أي موقف عن البرلمان العراقي، ورئيسه الحالي محمد الحلبوسي.

الحلبوسي الذي يرأس أعلى منصب للسنة في العراق، وهو مجلس النواب- حسب العرف السياسي الدارج بالبلد في مرحلة ما بعد عام 2003- وذلك بحكم حصول حزبه "تقدم" على أكبر عدد من مقاعد المحافظات السنية، لم يخرج بأي تصريح يمثل فيه المكون السني.

وعلى ضوء ذلك، واجه الحلبوسي انتقادات على مواقع التواصل بسبب صمته وتنقله بين عدد من البلدان، كان آخرها فرنسا التي وصل إليها، الأربعاء، للقاء رئيس  البلاد إيمانويل ماكرون، ورئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفه، ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه.

وفي انتقاد لاذع للحلبوسي، كتب حيدر البرزنجي، المحلل السياسي المنتمي للإطار التنسيقي، تدوينة على منصة "إكس"، الخميس، جاء فيها: "من يسأل عن الرئيس، هو في باريس يتونس (يتسلى).. ولا موقف ولا بيان كي لا يزعل عليه الأحباب والجيران.. هذا حال من يفقد الضمير والوجدان".

إظهار أخبار متعلقة


أبعاد سياسية
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل؛ إن "الموقف الرسمي معروف للدولة العراقية ويتمثل بموقف رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني)، الذي هو يرأس السلطة التنفيذية، وأن حسابات البرلمان أنه لا يريد أن يكون طرفا في الإدانة".

وأوضح المشعل لـ"عربي21" أن "المواقف مطلوبة اليوم من كل الأطراف، خصوصا أنها أطراف سياسية؛ لأن الحلبوسي يمثل كتلة سياسية سُنية معروفة، وهو يتزعم الحزب السني الأكبر داخل البرلمان".

وأكد الخبير العراقي أن "غياب موقف رئيس البرلمان هو محل تساؤل وحيرة، فلماذا لم يصدر عن هذه مؤسسة أي شيء، أو يعقد اجتماعا ويأخذ موقفا في المساندة والدعم للفلسطينيين".

ورأى المشعل أن "صمت البرلمان غير مبرر؛ لأنه اليوم إذا لم تكن مع قضية فلسطين أو غزة بمعنى أنك مع الطرف الآخر أو موافق على كل ما يقوم به، وهذا من ثم لا يتساوى مع الموقف المبدئي للعراق والمعلن رسميا ضد العدو الصهيوني".

وأرجع الخبير هذا الصمت إلى "أبعاد سياسية وحسابات شخصية ضيقة تتعلق بالعلاقة مع واشنطن وسفيرتها في بغداد (ألينا رومانوسكي) والسفير البريطاني لدى العراق (ستيفن هيتشن)، لأن اليوم المواقف فرزت، فأمريكا رسميا وعمليا مع تل أبيب، وجاءت بجيوشها وحاملة الطائرات حتى تتضامن وتدخل المعركة إلى جانب إسرائيل".

ولفت إلى أن "البرلمان العراقي ما زال للأسف إلى الآن صامتا، وأن اللجان البرلمانية يمكن أن تقوم بفعل معين، مثل لجنتي العلاقات الخارجية، وحقوق الإنسان، وأعتقد أن صمت رئيس المجلس ونائبيه انسحب على نشاط المؤسسة التشريعية بالكامل، ولم يصدر منهم أي شيء.

وأكد المشعل أن "موقف البرلمان العراقي اليوم لا يتناسب مع الأزمة العربية والأخلاقية التي تمس كل عربي ومسلم وأي إنسان متضامن مع حقوق البشر، لأن ما يجري حاليا هو عمليات إبادة حقيقية في غزة".

وأشار الخبير إلى "غياب الإستراتيجية السياسية التي يعمل عليها العراق كدولة، وأن ما يجري من مواقف هو يعتمد على موقف الأشخاص، وهذا الأمر يضيع البلد لأن هؤلاء يختلفون بمزاجاتهم وبعمق الوعي الذي يمتلكونه، وارتباطاتهم والاستقطابات التي تؤثر فيهم".

وتابع: "العراق يصبح دولة عندما يطرح إستراتيجية واحدة تلتزم بها مؤسسات الدولة كلها، لكن اليوم ليس لديه ذلك، لهذا نرى موقف رئيس البرلمان الحالي صامتا، في حين كان رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، قد اصطحب وفدا برلمانيا وزار غزة في الحرب عليها عام 2012 وقدّم المساعدات".

إظهار أخبار متعلقة


أسباب الصمت
من جهته، قال ظافر العاني عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية السابق، لـ"عربي21"؛ إن "الأحزاب الممثلة في البرلمان العراقي هي جزء من الحكومة العراقية، وممثلة فيها وبضمنها أحزاب المكون السني، ومن ثم فإن أي موقف رسمي تتبناه الحكومة العراقية هي شريك فيه".

وأوضح العاني- وهو مرشح سابق عن حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي-، نحن نساند الحكومة العراقية في كل ما تتخذه من خطوات عملية تصب في صالح دعم القضية الفلسطينية وصمود أشقائنا في غزة .
وتابع: "فضلا عن ذلك، فإن قادة المكون يقومون بدورهم في تحشيد القوى العربية والدولية لبلورة موقف داعم في المحافل الدولية من خلال الاتصالات المباشرة، وأن القضية الفلسطينية على رأس الموضوعات التي يناقشها رئيس البرلمان حاليا في فرنسا".

وبحسب العاني، فإنه "في ظروف الحرب يكون دور الحكومات أكثر فعالية وجدوى من البرلمان؛ لأن الذي تحتاجه الشعوب في ظل المحن الكبرى قرارات وإجراءات عملية أكثر من حاجتها للبيانات".

ونشر مكتب الحلبوسي، الخميس، بيانا أعلن فيه لقاءه رئيسةَ الجمعية الوطنية الفرنسية السيدة يائيل براون بيفيه، وبحث اللقاء العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات، منها العسكرية والتعليم والثقافة، وتطوير قطاع الطاقة والطاقة النظيفة.

‏كما ناقش اللقاء تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، والتعاون بين مجلس النواب العراقي والجمعية الوطنية الفرنسية، وتنسيق المواقف والدعم المتبادل بين المنظمات الدولية، وفقا للبيان.

ودون ذكر اسمها، عرّج البيان على ما يجري في فلسطين، بالقول؛ إن "الجانبين بحثا، خلال اللقاء، جهود التهدئة في منطقة الشرق الأوسط، وضرورة مراعاة الجوانب الإنسانية في الأزمة الراهنة". وأكد الحلبوسي "ضرورةَ وقف التصعيد وضبط النفس وتوفير الحماية للمدنيين وفتح القنوات الإغاثية، وأن يكون لفرنسا دور إيجابي في تطويق الأزمة وإيجاد الحلول لها".

وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني- الذي يزور موسكو حاليا-، قد دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إلى وقفة حقيقية تجاه القضية الفلسطينية، محذرا من تداعيات خطيرة للاعتداءات (الإسرائيلية)؛ لأن الشارع العربي والإسلامي في حالة هيجان أمام الإمعان في التدمير والقتل ضد غزة والأراضي المحتلة.

وبعدها بيوم، أصدر مكتب السوداني، بيانا قال فيه: تأكيدا لمواقف العراق الثابتة والمبدئية من القضية الفلسطينية، وجّه السوداني بإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع السلطات المصرية لغرض إيصال المساعدات التي تتضمن مستلزمات طبية وعلاجية، واحتياجات إنسانية عاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني الشقيق.
التعليقات (4)