ملفات وتقارير

العراق يمسك العصا من المنتصف.. ما فحوى زيارة السوداني إلى طهران؟

طلب العراق من إيران الضغط على الفصائل المسلحة الموالية لها في العراق لمنع التصعيد داخل الأراضي العراقية - أرشيفية
طلب العراق من إيران الضغط على الفصائل المسلحة الموالية لها في العراق لمنع التصعيد داخل الأراضي العراقية - أرشيفية

نالت زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى العاصمة الإيرانية طهران، اهتماما من الرأي العام العربي والإقليمي، حيث أثارت زيارته السريعة عقب لقائه بوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فضول المتابعين للشأن القائم في الشرق الأوسط، حول ما كان يحمله المسؤول في جعبته إلى إيران.

وفي زيارة سرية غير معلنة، هبطت مروحية أمريكية في مطار بغداد الدولي ليل الأحد، تقل بلينكن الذي اجتمع مع السوداني في اجتماع استمر أكثر من ساعة، ليغادر من بعدها من قاعدة عسكرية لقوات بلاده في العراق، متوجها  إلى أنقرة الجارة، التي اختتم بها جولته الثالثة للشرق الأوسط حول غزة.

يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، أن رئيس الحكومة العراقية: "يحاول بتحركاته تخفيف حدة الصراع الحاصل على الفلسطينيين في قطاع غزة، وبذات التوقيت يبعد المنطقة عن توسيع دائرة الصراع الحاصلة عبر الطلب من الدول الفاعلة بتقليل الضغط المتبادل فيما بينها".

الكاتب المقيم في بغداد، ذكر أن "مخرجات الزيارة لإيران، ذهبت إلى خيار تخفيف حدة المواجهة"، مبيناً أنه "تم اللجوء إلى السوداني للقيام بحراك يهدف إلى عدم الإنزلاق للحرب، بسبب المصداقية العالية للسوداني".

اظهار أخبار متعلقة




واعتبر البيدر في تصريحه لـ "عربي21"، أن رئيس الوزراء العراقي، الذي استلم دفة الحكم منذ سنة، "بات يمثل خيارا للأضداد، ويعمل على خلق نوع جديد من الدبلوماسية"، في ظل أزمات داخلية تعصف بجوانب عدة، أبرزها ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي.

وفي مؤتمر صحفي عقده في مطار بغداد الدولي، قال بلينكن إن الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا "غير مقبولة على الإطلاق"، حيث أطلعت عليه السفارة الأمريكية ببغداد قبيل الاجتماع بالسوداني التهديدات التي تتعرض لها المصالح الأمريكية.

وأضاف للصحفيين: "كان من المهم للغاية إرسال رسالة واضحة للغاية إلى أي شخص قد يسعى لاستغلال الصراع في غزة لتهديد عسكريينا هنا أو في أي مكان آخر في المنطقة. لا تفعلوا ذلك".

ويعتقد المحلل السياسي، الذي التقى بالسوداني عدة مرات، أن الأمريكيين يجدون أن باستطاعة السوداني خلق حالة من التوازن.

Image1_1120237203436872489453.jpg

ويضيف: "في الوقت الذي يرفض العدوان على غزة ويحمل الدول الكبرى مسؤولية ما يحدث، يؤكد رفضه اتساع الحرب ونقل تداعياتها إلى العراق".

اظهار أخبار متعلقة



وتابع: "كما يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإيصال المساعدات الى الفلطسينيين، ويتصور الإيرانيون أن السوداني يمتلك القدرة على إيجاد خط سياسي مختلف يتسم بالمرونة في العالم العربي والإسلامي".

علي البيدر، ذكر أن زيارة السوداني إلى الخليج "تحمل ذات الأهداف"، لافتا إلى أنه "سيحاول الطلب من دول الخليج الضغط على الولايات المتحدة وأطراف الصراع في الأراضي الفلسطينية بإبعاد المدنيين عن الحرب وتجنب الخسائر".  

الخطوات الحكومية رفيعة المستوى، يرى البيدر أنها "تمثل دور العراق المتقدم من مرحلة الفعل إلى المبادرة"، مشيراً إلى أن "دول الخليح بدأت تتفهم المكانة الجديدة للعراق وتتعاطى معها بشكل مختلف".

وأردف: "وهذا ما قد يقود إلى تخفيف حدة الصراع في الأراضي الفلسطينية".

اظهار أخبار متعلقة




ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تتعرض القوات الأمريكية في قواعدها بالعراق وسوريا إلى هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة، تتبناها جهة واحدة، وهي فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق"، التي لا تنفي ارتباطها المباشر مع إيران، كما ليس للحكومة العراقية السلطة عليها.

ثمانية وثلاثون هجوما حتى الآن، وفق ما أعلنته البنتاغون، هو حصيلة الضربات التي تنطلق من العراق إلى المنشأت الامريكية في شمال العراق وغربه، وشمال شرق سوريا، أدت إلى إصابة 45 جنديا وموظفا بـ "إصابات طفيفة".

رغم ذلك، بيّن علي البيدر، أن "العراق مسك العصا من المنتصف، وهذا ما سوف يجنبه المزيد من الأزمات ومنع استخدام أراضيه لاعتداءات أو مواجهات مفترضة قد تحصل أو حصل جزء منها"، فضلا عن أن الولايات المتحدة ترى العراق من أفضل الحلفاء لها في المنطقة، طبقاً لحديثه.

وأكمل قوله لـ "عربي21": وهذه الخطوات المنطلقة من مصلحة العراق، تقوي حضور الدولة ومؤسستها بعيدا عن الرغبات السياسية التي قد تجر البلد إلى فوضى محتملة".

ويتواجد 2500 مقاتل أمريكي في العراق، مقابل 900 في سوريا، ضمن إطار الحرب ضد داعش عن طريق التحالف الدولي.

اظهار أخبار متعلقة



وتطالب جهات سياسية مقربة من إيران، متنفذة في الحكومة الحالية، بإخراج قوات التحالف من الأراضي العراقية، منها تحالف الفتح، لزعيمه هادي العامري. علاوة عن دور المعارضة الشديدة التي يلعبه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي خرج من المعادلة السياسية بانسحاب من الرلمان قبيل تشكيل الحكومة الحالية من قبل الإطار التنسيقي الموالية لإيران والسنة والأكراد.

الضربات التي تنفذها الفصائل الخارجة عن سيطرة الدولة العراقية، تجعل موقف السوداني أمام واشنطن صعبا ومحرجا، في حين كشفت مصادر سياسية مل ترغب الكشف عن اسمها، أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، حمل للقيادة الإيرانية رسالتين.

تمثلت الرسالة الأولى الأمريكية بنقل "رسائل تحذيرية أمريكية حقيقية إلى إيران، حول استمرار دعم طهران للفصائل المسلحة ودفعها لتنفيذ عمليات ضد الأهداف الأمريكية في العراق والمنطقة"، وهو ما أكدته وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، أن أمركيا بعثت رسالة "ردع قوية" لإيران بشأن الاستعداد لحماية القوات الامريكية ومصالحها.

أما الرسالة الثانية فهي عراقية، وتتمحور حول طلب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من القيادة الإيرانية السياسية والدينية الضغط على بعض الفصائل المسلحة في العراق من أجل عدم التصعيد العسكري ضد القوات الأمريكية، لمنع واشنطن من أي رد فعل عسكري على تلك الهجمات، مما قد يجعل العراق ساحة قتال وتوسع الحرب في عموم المنطقة".

التعليقات (0)