كتب

مشروع الحكم الذاتي المغربي الحل الأنجع لقضية الصحراء.. قراءة في كتاب

 يقرأ الكتاب مشروع الحكم الذاتي باعتباره إشارة قوية لنهاية المرحلة التي هيمن فيها مبدأ "تقرير المصير يساوي الاستقلال" والانتقال إلى مضمون جديد لمفهوم تقرير المصير.
يقرأ الكتاب مشروع الحكم الذاتي باعتباره إشارة قوية لنهاية المرحلة التي هيمن فيها مبدأ "تقرير المصير يساوي الاستقلال" والانتقال إلى مضمون جديد لمفهوم تقرير المصير.
تميز الدراسات الدستورية الحديثة بين شكلين من أشكال الدولة: الدولة الموحدة (البسيطة) والدولة الفدرالية (المركبة)، فإذا كانت الدولة البسيطة تتميز بقيام سلطة واحدة بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية مستندة على دستور واحد، وعلى وحدة سلطاتها الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإن الدولة المركبة تتوزع سلطات الحكم فيها على الوحدات السياسية المكونة لها تبعا لطبيعة ونوع الاتحاد الذي يربط بينها، وهو ترابط يختلف باختلاف الأشكال المعتمدة في توزيع السلطات بين المركز وهذه الوحدات، وهو ما يعني اختلاف أشكال الحكم المحلي من تجربة إلى أخرى، حسب السياقات والظروف السياسية والثقافية والتاريخية لكل تجربة، وتتمثل المبررات الأساسية لقيام هذا النوع من الدول في تحقيق الوحدة والقوة السياسية مع المحافظة على التنوع، خاصة بالنسبة للدول التي تتوفر على أقليات عرقية أو دينية.

في هذا السياق برز مفهوم الحكم الذاتي كنظام خاص بالجماعة البشرية –القومية أو العرقية- التي تقطن عادة في إقليم معين، ولذلك سمي هذا النظام بنظام المناطق Régionalisme لأن نطاقه الإقليمي عبارة عن منطقة Région كبيرة تتشابه ظروفها من حيث اللهجة والحالة الاقتصادية والبيئة تشابها يعطيها طابعا تنفرد به بين مناطق الدولة كلها.

وقد طورت التجارب الموجودة في العالم اقتناعا متزايدا لدى العديد من الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات، بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال تقرير المصير والتعبير السياسي القومي الذي يمكن الجماعات العرقية أو الإثنية أو غيرها من إدارة شؤونها الداخلية في إقليمها المحلي، في إطار دولة واحدة، وتجاوز فكرة المطالبة بالانفصال والاستقلال التام، حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية.

إن نظام  الحكم الذاتي هو نظام قانوني وسياسي يرتكز على ضمانات القانون الدستوري، الذي يعترف  لإقليم معين داخل الدولة بالاستقلال في إدارة شؤونه الداخلية تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية.

كما أن تطبيقات الحكم الذاتي الداخلي لا تأخذ شكلاً واحداً، بل إن تطبيقاته تختلف من دولة لأخرى حسب الظروف التاريخية والسياسية والقانونية.

ارتباطا بما سبق، وإسهاما من المغرب في حل مشكلة الصحراء التي عمرت أزيد من أربعة عقود، أعلن الملك محمد السادس في 30 يوليوز من سنة 2006، عن قرار المغرب تقديم مبادرة للحكم الذاتي للصحراء، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية، باعتباره حلا لنزاع الصحراء الذي عمر لعقود طويلة، وتوجيه كل جهود المغرب "وطاقاته لمسيرة التنمية الشاملة، وللدفع ببناء الاتحاد المغاربي، كخيار لا محيد عنه، بوصفه من صميم الحكمة، ومنطق التاريخ وحتمية المستقبل."

وفي 11 أبريل من سنة 2007، سلم السفير المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك إلى الأمين العام الأممي بان كي مون، نص المبادرة المغربية، وفي 13 أبريل 2007، أكد الأمين العام في تقريره الذي حمل رقم (S/2007/202) أنه توصل بالمبادرة المغربية، وأوصى بأن يدعو مجلس الأمن المغرب وجبهة البوليساريو للدخول في مفاوضات مباشرة ومن دون شروط مسبقة.

تبنى مجلس الأمن في 30 أبريل بالإجماع القرار رقم 1754 الذي أحاط فيه علما بالمقترح المغربي الخاص بالتفاوض حول نظام الحكم الذاتي في الصحراء ورحب بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى المضي قدما بالعملية صوب التسوية كما ناشد الأطراف بالدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة مع الأخذ في الحسبان التطورات الحاصلة على مدار الشهور الأخيرة، من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين.

وفي 18 و19 يونيو من سنة 2007 أجريت الجولة الأولى من المفاوضات بين المغرب البوليساريو، بمنهاست بنيويورك، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.

وفي 21 أبريل من سنة 2008  صرح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء بيتر فان فالسوم أمام مجلس الأمن بأن "استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا"، وفي 5 ماي من سنة 2008 أعرب إريك جينسون رئيس بعثة المينورسو، عن دعمه لأفكار المبعوث الخاص للأمم المتحدة بيتر فان فالسوم التي تعتبر أن "استقلال الصحراء ليس خيارا واقعيا".

واقترح فالسوم أن تكون المفاوضات بين المغرب والبوليساريو على أساس ألا يرغم مجلس الأمن المغرب على استفتاء في الصحراء الغربية، وأن لا تعترف الأمم المتحدة بسِـيادة الرباط على الإقليم دون اتفاق بين الجانبين.

وشجع فالسوم الأطراف المعنية إلى الاتجاه نحو حلٍّ مُـتفاوض بشأنه يكون أقل من الاستقلال الكامل.

ورغم رفض البوليساريو رسميا المقترح المغربي، فإن مشروع الحكم الذاتي المغربي لقي ترحيبا من عدد كبير من الدول ولازال يحظى بالدعم رغم جمود المفاوضات بين الأطراف المعنية.

ومن هنا تكمن أهمية تحليل المقترح المغربي وإخضاعه للنقاش والتحليل من طرف الخبراء المتخصصين، باعتباره الحل الواقعي الممكن والمطروح على طاولة المفاوضات، وفي هذا الإطار تكمن أهمية الدراسة التي نشرتها الأستاذة أمينة المسعودي تحت عنوان: " مشروع الحكم الذاتي المغربي الحل الأنجع لقضية الصحراء".

الكاتبة أمينة المسعودي:

الأستاذة أمينة المسعودي هي من الشخصيات المغربية الوطنية البارزة في حقل الدراسات الدستورية والقانونية والسياسية، حاصلة على دكتوراه الدولة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1999، وهي أستاذة التعليم العالي بنفس الكلية.

مستشارة في مجال الإصلاحات الدستورية والانتخابات والحكامة، اعتمدت كخبيرة دستورية لدى منظمة فريدم هاوس من أجل إعداد الدستور العراقي سنة 2005، وفي سنة (2013 ـ 2014) اعتمدتها الأمم المتحدة كخبيرة دستورية في أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل والمواكبة بالحضور مع اللجنة اليمنية المكلفة بإعداد وصياغة الدستور اليمني.

إن المعايير التي تم اعتمادها في بلورة المقترح المغربي تم استلهامها من "توصيات لاند" التي تعتبر بمثابة المعايير الدولية التي ينبغي أن تكون مصدر إلهام لإنشاء نظام ديموقراطي ومستدام للاستقلال الذاتي.
شغلت الأستاذة أمينة المسعودي عضوية اللجنة الاستشارية للجهوية بالمملكة المغربية سنة 2010 وأيضا اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور سنة 2011، كما شغلت عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان ابتداء من سنة 2019، وفي يوم الخميس 30 نوفمبر 2023 عينها جلالة الملك عضوا بالمحكمة الدستورية، وهو المنصب الذي تشغله إلى حدود اليوم.

صدرت النسخة الأولى من كتاب " مشروع الحكم الذاتي المغربي الحل الأنجع لقضية الصحراء"، باللغة الفرنسية والإسبانية سنة 2016 ثم صدرت النسخة الثانية بالعربية والإنجليزية سنة 2019، ومؤخرا أصدرت الطبعة الثالثة التي تتميز بتجميع تركيبي للنسختين السابقتين كما تتضمن نص المبادرة المغربية للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء باللغات الأربع: العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية.

كتاب "مشروع الحكم الذاتي المغربي الحل الأنجع لقضية الصحراء"..

هو كتاب من النوع المتوسط توزع على 196 صفحة، قدمت من خلاله الأستاذة أمينة المسعودي تحليلا قانونيا دقيقا لمبادرة الحكم الذاتي انطلاقا من تعريف مفهوم الحكم الذاتي من زاوية القانون الدستوري ومن زاوية القانون الدولي، وبالاستناد أيضا على العديد من الأدبيات والتقارير الأممية ذات الصلة، وفي هذا السياق يؤرخ الكتاب لفكرة الحكم الذاتي -في علاقته بقضية الصحراء- منذ سنة 1991 حينما دعا مجلس الأمن مختلف الأطراف إلى فتح مفاوضات بناء على معطى جديد يعتبر الحكم الذاتي كشكل عصري أو حديث من أشكال تقرير المصير، وهو ما تم تكريسه من جديد من خلال القرار 1813 الذي استبعد كل واقعية عن أطروحة الاستقلال التي تدافع عنها الجزائر وجبهة البوليساريو.

هذا الكتاب الذي كتب بلغة علمية أنيقة ومركزة مع الحرص على تجنب الحشو والاستطراد، يكتسب قيمة علمية كبيرة من زوايا متعددة، سياسية وتاريخية وقانونية دستورية..

السياق السياسي والتاريخي للمبادرة مطبوع بالمقاربة التشاركية والانفتاح السياسي..

تلاحظ الكاتبة أن هناك انتقال لقضية الصحراء المغربية من المقاربة التي يغلب عليها طابع السرية إلى المقاربة التشاركية الجديدة التي جعلت مشروع الحكم الذاتي هو محصلة مقترحات عديدة ساهمت بها الأحزاب السياسية بمختلف تياراتها، كما رافق المشروع المقترح العديد من النقاشات العمومية المفتوحة في أيام دراسية وندوات علمية وسياسية متنوعة، وهو ما يمكن اعتباره تملكا مجتمعيا للمشروع وانخراطا شعبيا في تبني مقتضياته.

كما انخرط المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس) الذي خضع لإصلاح هيكلي في مناقشة فكرة الحكم الذاتي منذ أول دورة استثنائية عقدها في ماي 2006 تدراس فيها تحديد الأقاليم المشمولة بالحكم الذاتي وتحديد الجسم الانتخابي والعلاقة مع السلطات المركزية، وهي نقاط على درجة عالية من الأهمية والحساسية، انتهت ببلورة اقتراح من طرف المجلس يتجاوز مفهوم الجهوية واللامركزية ليتحدث عن استقلال ذاتي حقيقي على غرار ما هو معمول به في الدول الأوروبية كما صرح بذلك رئيس الكوركاس خليهن ولد الرشيد..

انطلاقا من هذا المناخ السياسي الجديد المطبوع بالانفتاح والنقاش العمومي الواسع، اقترح المغرب بشكل رسمي على الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون مبادرة التفاوض حول مقترح الحكم الذاتي لجهة الصحراء في أبريل 2007.

وهكذا يقرأ الكتاب مشروع الحكم الذاتي باعتباره إشارة قوية لنهاية المرحلة التي هيمن فيها مبدأ "تقرير المصير يساوي الاستقلال" والانتقال إلى مضمون جديد لمفهوم تقرير المصير..

احترام المعايير الدولية والالتزام بتوفير الضمانات الدستورية الضرورية..

خصصت الباحثة حيزا مهما من الكتاب لتحليل مرجعياته الأساسية وطنيا ودوليا، فالمشروع الذي يتكون من ثلاثة أقسام أساسية و35 فقرة، يندرج في إطار بناء مجتمع ديموقراطي حديث يضمن لكل الصحراويين بالداخل كما بالخارج مكانتهم بكل مؤسسات وأجهزة جهة الصحراء، كما يستمد مقوماته من اقتراحات منظمة الأمم المتحدة ومن مقتضيات دساتير الدول القريبة جغرافيا وثقافيا من المغرب، ويتأسس على المعايير الدولية في هذا الباب.

إن المغرب تقول الكاتبة "كان منفتحا على التجارب الدولية، بل ذهب بعيدا ليقدم عناصر جديدة متجاوزا بذلك ما هو معمول به في مجال الحكم الذاتي ببعض التجارب الدولية، لتكون بذلك أهم إيجابيات المبادرة المغربية واضحة وجلية في ثلاث نقاط:

ـ احترام المعايير الدولية المعمول بها في العالم
ـ اختيار رئيس الحكومة الجهوية عن طريق الانتخاب
ـ توفير ضمانات دستورية للحكم الذاتي لجهة الصحراء المغربية

إن المعايير التي تم اعتمادها في بلورة المقترح المغربي تم استلهامها من "توصيات لاند" التي تعتبر بمثابة المعايير الدولية التي ينبغي أن تكون مصدر إلهام لإنشاء نظام ديموقراطي ومستدام للاستقلال الذاتي.

وهي المعايير التي وضعتها "مجموعة الخبراء المستقلين" المنشأة من طرف المفوض السامي للأقليات القومية التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا، وتوصلت إليها بعد اجتماعات لاند بمملكة السويد.

إنهاء قضية الصحراء عبر منح الحكم الذاتي لجهة الصحراء سيشكل مدخلا لمغرب كبير يقوم على جهات مغاربية خصوصا وأن وحدة المغرب العربي منصوص عليها في جميع دساتير دول المغرب العربي
وتدور هذه المعايير حول هدفين أساسيين: الهدف الأول هو التدبير الذاتي للشؤون الجهوية بواسطة أجهزة ومؤسسات محلية، خاصة الأجهزة المحلية التشريعية، التنفيذية والقضائية التي يعهد إليها بممارسة صلاحياتها مع التوفر على موارد مالية ضرورية، أما الهدف الثاني فهو حفظ وحدة الدولة من خلال احتفاظها ببعض الصلاحيات الخاصة في بعض المجالات وبوظيفة الرقابة المعهود بها لجهاز قضائي ثم من خلال تمثيل الدولة بجهة الحكم الذاتي.

وقد تناولت الباحثة بالدراسة والتحليل كيف تجلت هذه المعايير في المشروع المغربي من خلال توزيع الاختصاصات وتوزيع الموارد والرقابة، معتبرة أن حكومة جهة الحكم الذاتي للصحراء تستجيب لمعايير الحكومة البرلمانية التي يحتاج فيها رئيس الوزراء إلى تنصيب البرلمان قبل تنصيبه من طرف رئيس الدولة، مع استعراض التجارب الدولية المقارنة التي يبرز من خلالها التمكن الواسع للأستاذة أمينة المسعودي من القانون الدستوري المقارن ومن تجارب الحكم الذاتي المقارن.

وفي هذا الإطار تشير الأستاذة إلى جهة الصحراء حسب المبادرة ستتوفر على شرطة محلية، وهو اختصاص قلما تتوفر عليه مناطق أو جهات متعددة ذات حكم ذاتي عبر العالم، حيث تشير الباحثة إلى أنه في إسبانيا مثلا، التي تتمتع مناطقها السبعة بحكم ذاتي، لا تتوفر على شرطة محلية مستقلة إلا منطقة كاتالونيا ومنطقة الباسك بينما لا تملك شرطة من هذا النوع باقي المناطق المستقلة رغم تعدد صلاحياتها.

كما تؤكد المسعودي أن المبادرة المغربية تسمح لجهة الصحراء بممارسة العلاقات الخارجية بالنسبة لكل القضايا ذات الصلة المباشرة باختصاصات هذه الجهة، حيث يجوز لجهة الحكم الذاتي للصحراء، بتشاور مع الحكومة، إقامة علاقات تعاون مع جهات أجنبية بهدف تطوير الحوار والتعاون بين الجهات. وبذلك يقترب مشروع الحكم الذاتي لجهة الصحراء من النظام الأساسي لجهتي آصور ومادير بالبرتغال، حيث تمارس الجهتان أيضا صلاحيات في مجال التعاون الخارجي.

وتلاحظ الباحثة فيما يتعلق بتوزيع الاختصاصات بين الدولة والجهة، أن الاختصاصات الحصرية التي احتفظت بها دولة الدنمارك مثلا في علاقتها مع جزيرة فيري، المتمتعة بالحكم الذاتي، تفوق بكثير الاختصاصات التي احتفظت بها الدولة المغربية في علاقتها مع جهة الصحراء، حيث لا يدخل في اختصاص جزيرة فيروي كل ما يتعلق بمجالات النقل الجوي والكنيسة وحماية المجال البحري ومراقبة الصيد والبحار والوقاية المدنية والقضاء والشرطة السياسية الخارجية.

وبخصوص الموارد المالية والرقابة، تعتبر الكاتبة أن المقترح المغربي قريب من النموذج الإسباني، ويتجاوز النماذج الدولية، باختصاصين أساسيين، وهما اختصاص الشرطة المحلية، وهو أمر نادر على الصعيد الدولي، بالإضافة إلى اختصاص ابرام العلاقات والشراكات مع الجهات الدولية.

كما تنوه الباحثة بـ"انتخاب رئيس الحكومة الجهوية من لدن البرلمان الجهوي، وهو الذي يسهر على تشكيل حكومته، ويعين الموظفين، وهو مسؤول أمام البرلمان الجهوي"، مبرزة أن البرلمان الجهوي المقترح، يتكون من فئتين، فئة تنتخب من القبائل المحلية، وفئة تنتخب بالاقتراع العام المباشر.

كما يعالج الكتاب إشكالية على درجة عالية من الأهمية، وهي تباين مستويات الحكم الذاتي، حيث إن منح الأقاليم الصحراوية نظام حكم ذاتي يرافقه نقاش حول مدى إمكانية توسيع هذا النظام ليشمل باقي جهات المملكة.

وهنا، وبالاعتماد مرة أخرى على التجارب المقارنة في البرتغال والدنمارك وإسبانيا والمكسيك وغواتيمالا والبيرو تعتبر الأستاذة أمينة المسعودي أن الظروف التاريخية لكل بلد تبقى هي المتحكم الرئيسي في المسار العام لكل نظام حكم ذاتي، فمنها من تدفع باتجاه نظام جهوي لكل الأقاليم ومنها من تدفع بمنح حكم محلي لجهة دون أخرى ومنها من تلجأ لإقرار حكم محلي لكل الجهات مع إقرار تمايز بين جهة وأخرى، مستنتجة أن حالة المغرب تتميز بوضعية خاصة تتمثل في أن منح حكم ذاتي لجهة الصحراء يأتي في إطار إيجاد حل وتسوية للنزاع بين المغرب والبوليزاريو، مع اعتماد جهوية موسعة لباقي جهات المملكة عملا بنتائج اللجنة الاستشارية للجهوية لسنة 2010 وطبقا للدستور المغربي لسنة 2011.

وبنظرة مستقبلية طموحة ترى الكاتبة أن إنهاء قضية الصحراء عبر منح الحكم الذاتي لجهة الصحراء سيشكل مدخلا لمغرب كبير يقوم على جهات مغاربية خصوصا وأن وحدة المغرب العربي منصوص عليها في جميع دساتير دول المغرب العربي، معتبرة أن العمل على بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي يعد من المبادئ الأساسية التي التزم بها المغرب وأكد عليها في تصدير دستوره لسنة 2011، هذا التصدير الذي يعتبر جزءا من الدستور.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم