مقابلات

مجدي حسين يكشف لـ"عربي21" أوجه الاختلاف بين العدوان الحالي على غزة وما سبقه (شاهد)

أشاد حسين بموقف دول الجنوب مثل جنوب أفريقيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية من القضية الفلسطينية- عربي21
أشاد حسين بموقف دول الجنوب مثل جنوب أفريقيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية من القضية الفلسطينية- عربي21
وصف المناضل والكاتب الصحفي المصري، مجدي أحمد حسين، الملقب بشيخ الصحفيين، العدوان على قطاع غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بأنه يختلف عن أي عدوان آخر مر على القطاع سواء من حيث طبيعة العدوان الذي شاركت فيه دول غربية وأمريكا أو على مستوى ردود الفعل العربية والإسلامية التي جاءت أقل من المتوقع.

وقال في لقاء صحفي مع "عربي21"، إن دول الجنوب مثل جنوب أفريقيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية سبقتنا في تسجيل مواقف تتسق مع الإنسانية والعدالة، وكانت نموذجا يحتذى به في الدفاع عن القضية الفلسطينية ودفعتها للأعلى حتى رآها العالم.



ورأى أن عملية طوفان الأقصى كانت حتمية بعد سنوات من الحصار والتنكيل وخطط الإبادة بالبطيء بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واستبقت الخطط الإسرائيلية بإنهاء الوجود الفلسطيني في القطاع، وقضت على أسطورة الجيش وكشفت الوجه القبيح للاحتلال.

وأعرب حسين عن اعتقاده بأنه لا مستقبل للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن إسرائيل سوف تعاني من انهيار داخلي بعد وقف إطلاق النار في غزة، ولن تقبل بحل الدولتين لأن حكوماتها اليمينية المتطرفة هي المسيطرة على مقاليد الأمور.

اظهار أخبار متعلقة


أطلق سراح حسين في نيسان/ أبريل 2021 بعد 7 سنوات من الحبس على ذمة عدة قضايا، وهو أحد أبرز الصحفيين المعارضين في مصر منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي حكم البلاد 30 عاما قبل أن تطيح به ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.

وكان حسين (72 عاما) رئيس تحرير صحيفة "الشعب" الصادرة عن حزب العمل، وهو نجل السياسي الكبير أحمد حسين مؤسس حركة "مصر الفتاة" وعمه هو الكاتب الصحفي الراحل عادل حسين الأمين العام الأسبق لحزب العمل.

وتاليا نص الحوار كاملا:


زرت قطاع غزة في أزمة مشابهة قبل سنوات في زيارة قادتك إلى السجن.. ما الاختلاف بين العدوانين في ما يتعلق بمواقف دول الطوق (مثل مصر والأردن) والعالم؟

الفرق الكبير من حيث ملابسات العدوان على قطاع غزة، هناك مساندة أجنبية للاحتلال وتواجد للجيش الأمريكي على الأرض، هذه المرة الوضع مختلف تماما، بخصوص دول الطوق ملاحظتي الأساسية هو مسألة معبر رفح. في المرة الأولى كانت هناك أنفاق بين مصر وغزة لدخول المواد الغذائية، ودخلت من خلالها إلى القطاع عام 2008-2009، وفتح جبهات أخرى في الشمال والجنوب.

زيارتك إلى غزة انتهت إلى إقامة لبعض الوقت، برأيك ما هو سر صمود المقاومة، وهل تعتقد أنها فقدت حاضنتها الشعبية بسبب ويلات الحرب؟

بالعكس عندما ذهبت إلى هناك الشعب كله مع المقاومة، وفي كل مكان ذهبت إليه كان الناس يلتفون حول المقاومة بصورة كبيرة تتراوح ما بين 80% و90% ولم أسمع أحدا يتكلم ضد المقاومة، لكن إذا افترضنا أن هناك معارضة 10% فهو أمر طبيعي.

اظهار أخبار متعلقة


في الأحوال العادية كان من الممكن أن يتركوا (الفلسطينيون) بلادهم ويهربوا من الحرب ولكن ما رأيته هو تمسك كبير بالأرض، الشعب في غزة ضمن الشعب الفلسطيني يضرب مثلا في الصمود والاستعداد للتضحية، والموت أصبح خبزهم اليومي دون أن تطرف لهم عين.

نقابة الصحفيين طالبت بعد مجزرة الجوعى بفك الحصار الإعلامي والسماح للصحفيين العرب والأجانب بالدخول لتغطية العدوان.. كيف يساعد ذلك في نقل الحقائق بل الكوارث الإنسانية؟ وهل تعتقد أن السلطات توافق؟ ولماذا ؟


دور الصحافة مهم للغاية من أجل نقل الحقائق ولعب دور كبير في تأليب الرأي العالمي ضد إسرائيل، وأتمنى السماح للصحفيين – حتى وإن استشهدوا – أن يكونوا إلى جوار زملائهم في غزة، وأطالب بالسماح لهم بالذهاب، ومستعد أن أذهب إلى هناك رغم أنني اعتزلت العمل الصحفي لمشاركة الشعب الفلسطيني في مآسيه.

هل كانت تتمادى سلطات الاحتلال في عدوانها الغاشم على قطاع غزة لما يزيد على الخمسة أشهر لولا مواقف الدول العربية والمجتمع الدولي؟ وكيف تراها؟
لم يكن من الممكن أن تتمادى إسرائيل في العدوان من الحرب إلى الإبادة ثم المجاعة لولا تقاعس المجتمع الدولي، ومن الغريب أن القمة العربية–الإسلامية انعقدت في نوفمبر الماضي أي بعد شهر من العدوان وينص القرار على كسر الحصار وإدخال المعونات من معبر رفح، هذا أضعف الإيمان ولم يحدث حتى الآن، ولم تبادر أي دولة عربية أو إسلامية وتطلب من مصر رغبتها في تنفيذ نص القرار وكسر الحصار عبر معبر رفح، واكتفوا بتشكيل وفد من بعض الدول لزيارة الدول الكبرى بمجلس الأمن ولم يفعلوا شيئا، بينما الموقف الشرعي الحقيقي هو المشاركة في صد العدوان عن غزة بموجب فتاوى الأزهر.

Image1_3202412115244565030629.jpg

هل تعتقد أنه لا سبيل لمقارعة جيش الاحتلال ومواجهته عربيا أم إن المعركة هي كما يقول الإعلام العبري نيابة عن الدول العربية التي لا ترغب في وجود نموذج "حماس"؟

حديث الإعلام العبري بشأن هذه المسألة ليس هو الشيء الجوهري، لكن المشكلة أن بعض البلاد العربية ترى العلاقة مع إسرائيل ضرورية في إطار العلاقة مع أمريكا، كنت اقترحت اقتراحا خياليا، أن يقوم وزراء دفاع الدول العربية ومعهم تركيا والدول الإسلامية المعنية بالاجتماع وتوجيه ضربة واحدة تحذيرية بأن المدنيين خط أحمر لكان تغير الواقع، وقد ثبت أن الجيش الإسرائيلي يقهر ويقهر وهو في حالة انهيار، واستطاعت المقاومة توجيه ضربات موجعة للاحتلال.

كيف ترى الدور المصري في ما يحدث حاليا في غزة وهل أثر موقف السلطة من حركة حماس في هذا الدور؟
لا أعتقد ذلك، على العكس فالسلطة في مصر اتخذت موقفا موضوعيا ومعظم المحللين المرتبطين بالنظام يقولون كلاما معقولا ومتجاوزا للحساسيات ومؤيدا للمقاومة، ولكن أرى أن قيد اتفاقية كامب ديفيد أخذ حجما من أكبر حجمه، وهو القيد الأساسي، لكن مصر اتخذت موقفا جيدا في أزمة البحر الأحمر ورفضت المشاركة في ضرب الحوثيين رغم أنها الأكثر تضررا بسبب تأثير ذلك على قناة السويس.. ربما يخفف ذلك من تقصير مصر في موضوع عدم فتح معبر رفح إلا بإذن إسرائيل وهذا لا يليق بمستوى وحجم مصر قائدة المنطقة العربية.

ما تفسيرك للحراك الشعبي العربي حبيس التلفاز، هل تم فرض دور المشاهد عليه على عكس الشعوب الغربية؟
الشعوب الغربية سبقتنا في تسجيل موقف إنساني، ولدينا حالة ذهول مما يحدث في أمريكا وغرب أوروبا ولكن في بداية الحرب لم تكن المظاهرات في مصر قليلة، وخرجت في عدد من الدول مثل المغرب وتركيا والعراق والأردن، واليمن حدث ولا حرج، هناك بلا شك قبضة أمنية في عموم البلدان العربية تمنع الغضب من الانطلاق، لكن الجمهور استبدل ذلك بالمقاطعة وأدى أداء مذهلا في مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية لم تحدث في أحداث سابقة وتسببت في خسائر كبيرة وتراجع الأرباح، وشاهدنا مقاطعة الأسر للمشروبات والمأكولات الشهيرة. الشعوب افتقدت القائد الحقيقي.
 
هل ترى أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وأن المقاومة تحارب نيابة عن جميع العرب والمسلمين؟
نعم، لا سبيل للتحرر إلا بالمقاومة، هناك فجوة تكنولوجية بيننا وبين إسرائيل، لأنها تحصل، وهي لديها صناعة حربية متطورة، على أعلى تكنولوجيا في العالم من أمريكا والدول الغربية، ومن هنا المقاومة تستطيع أن تناضل بمنهج حرب العصابات والحرب الشعبية والتي أخذت شكل الأنفاق.

في الوقت الذى تقف فيه أمريكا والدول الغربية مع الكيان في هذه الحرب، كيف ترى تقاعس الأمة العربية والإسلامية عن نصرة أهل غزة؟

هذه كارثة لا مثيل لها بالتاريخ، وقرار الأمة العربية الإسلامية لم ينفذ، ويجب ألا يظل معبر رفح تحت سيطرة إسرائيل، وعندما قالوا إننا سوف نرسل سفنا حربية لم تأت، تركيا تتحدث عن مراكب منذ عدة شهور لم يصل منها شيء، هناك خذلان كبير، وكل الأنظمة التي تخاذلت وتركت النساء والأطفال يذبحون لن يمر ما فعلوه دون محاسبة، وأرجو أن يتحركوا، نحن لا نريد الدخول في حروب ولكن لا تزال أمامهم فرصة لرفع الموقف المخزي.

هل ترى أن قطار التطبيع سيستمر رغم ما حدث وأن هناك دولا تنتظر دورها بعد انتهاء الحرب لكي تقوم بالتطبيع مع الكيان؟

لا أعتقد ذلك، سوف تكشف الكثير من الأسرار بعد الحرب، وسوف تعاني إسرائيل من انهيار داخلي، مع من سوف يقومون بالتطبيع، إسرائيل في النزع الأخير، هل سيقومون بالتطبيع مع الهواء، يجب التطبيع مع الشعب الفلسطيني، بل ينبغي سحب السفراء على غرار بعض الدول غير العربية مثل بعض دول أمريكا اللاتينية، أعتقد أنه لا مستقبل للتطبيع كما أنه لا مستقبل لإسرائيل في الجيل المقبل.
 
كيف ترى دور دول كجنوب أفريقيا والبرازيل فى ظل التخاذل العربي والعالمي الحالي؟
بالطبع قامتا بأدوار كبيرة، وجنوب أفريقيا فجرت قنبلة محكمة العدل الدولية في وجه إسرائيل، مع أن دور محكمة العدل دور ادعائي ولن توقف إسرائيل، لكن هذا الدور مهم جدا ويجيش الرأي العام العالمي. ومواقف دول أمريكا اللاتينية تعطي مصداقية لقضيتنا، دولة بحجم البرازيل بنصف حجم أمريكا الجنوبية عندما يأتي الصوت من بعيد يكون له تأثير كبير، وينبغي أن تكون علاقتنا مع الجنوب أكبر وأوثق من العلاقات مع أمريكا والغرب الأوروبي، على الدول العربية إعادة النظر في علاقاتها مع تلك الدول التي أيدت ودعمت الحرب على أهلنا في غزة.

ترى هل تغير الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية مع تغير الرؤساء وما الذي طرأ عليه؟
لا توجد اختلافات كبيرة، ولكن اللافت في هذه الحرب هو تحكم إسرائيل في معبر رفح أثناء العدوان. في عهد مبارك ذهبت إلى هناك عبر الأنفاق، لكن عموما فإن اتفاقية كامب ديفيد قيدت الجميع في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ودون الدخول في التفاصيل فهذا الكيان الدموي يجب قطع العلاقات معه الذي يصف جميع الناس بـ"الحيوانات".. ما الذي أفادتنا به إسرائيل سوى تصدير الأمراض والمجازر؟ هذا استعمار استيطاني وسوف يزول كما زال كل استعمار في كل دول العالم، والمقاومة الفلسطينية سوف تحول دون أي إبادة.

ترى هل توافق "إسرائيل" على قيام دولة فلسطينية خاصة أن "نتنياهو" يرفض ذلك هو ومجموعته، وكلام "بايدن" في النهاية لا يسري عليه وهو قريبا خارج السلطة في الانتخابات القادمة وربما يأتي صديق نتنياهو المقرب ترامب؟


لا أعتقد ذلك، ومسألة حل الدولتين وهم وخداع، يتحدثون عن هذا الحل منذ عقود للاستهلاك الإعلامي منذ صدور القرار 242، لا أحد يؤمن بقيام الدولة الفلسطينية في إسرائيل.. والذي كان يقبل الحديث عنها هو اليسار (حزب العمل) وهو الآن غير موجود على الساحة السياسية ولا تأثير له، والتيار الغالب هو اليميني المتطرف، كل إسرائيل أصبحت تابعة له، لن يوافق على عودة القدس للفلسطينيين أو فك المستوطنات وإقامة دولة في الضفة الغربية أو كما يسمونها يهودا والسامرة وقطاع غزة.. بالتالي فهو مشروع وهمي، والحل المنطقي هو تحرير كل أراضي فلسطين المحتلة.
 
كيف ترى طوفان الأقصى بعد مرور نحو 150 يوما من الحرب والمجازر؟
طوفان الأقصى كان حتميا، لأن غزة كانت تباد "بالتقسيط"، وكانت هناك خطط لإبادة غزة وحزب الله في جنوب لبنان، ما يجري في غزة منذ الحصار هو إبادة بشكل تدريجي، إسرائيل تتخوف من الصواريخ التي بحوزة المقاومة في الجنوب والشمال والتي تهدد الكيان الإسرائيلي. الحقيقة أن طوفان الأقصى أحدث نتائج أكبر من توقعات الكيان، وكانت مشكلة إسرائيل أنها أضعف من تقديرات الجميع بل أضعف من تقديرات حماس، ولو كانوا يعلمون ذلك لكانوا اجتاحوا باقي غلاف غزة بعشرات الآلاف، وطوفان الأقصى أثبت هشاشة هذا الكيان الذي نعمل له ألف حساب.

أخيرا ماذا عن كتابك الأخير "محمد علي من التبعية للاستقلال والتنمية" وماذا تقصد بهذا العنوان؟
أنا مهتم بتجربة محمد علي في الاستقلال الاقتصادي عن الغرب وليس عن الدولة العثمانية، واستطاع الرجل أن يبني صناعة وطنية مصرية خالصة وأصبح ينافس الغرب ويكتسح الأسواق ويحقق فائضا في ميزان المدفوعات والميزان التجاري.

هل يمكن أن تحكي بإيجاز عن تجربتك الخاصة بدخول غزة في عهد مبارك عبر الأنفاق؟ وماذا كان الهدف منها؟
دخلت في نفق صغير جدا إلى غزة وكان أمرا مؤلما وصعبا ودخلت زحفا، وكان النفق غير مجهز وبدون علم حركة حماس نفسها وكان النفق لا يخصها أو يتبعها، وكانت الأنفاق كثيرة في هذا الوقت، وزحفت لمسافة طويلة، ولكني وصلت سالما.

هناك استقبلوني بحفاوة وتعرفت على ما يحدث في قطاع غزة من كوارث بسبب العدوان الإسرائيلي وزرت كل فصائل المقاومة تقريبا، وفي طريق عودتي اخترت الرجوع من معبر رفح، حتى أثبت أن زيارة غزة ممكنة، ولكن تم الحكم علي عسكريا بالسجن سنتين، وتم حبسي المدة كاملة دون أي تخفيض، لكن في سبيل غزة كل شيء يهون، ولم أتوقع أن تحبسني السلطات المصرية، ولم أندم على الزيارة لأني كانت أريد إثارة قضية حصار غزة بشكل كبير ونجحت في ذلك، وقضيت نصف عمري في السجون وفيها ألفت أفضل كتبي.

التعليقات (0)