مدونات

كلام فاضي

جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس مرسي - الأناضول
جانب من المظاهرات المؤيدة للرئيس مرسي - الأناضول
(1)
خلال مشاركته في إحدى المناورات الحربية، قال وزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير عبدالفتاح السيسي: إن "مصر لن تتقدم إلا بالعمل والصبر والنضال،مشيرا إلى أن مشاكل مصر أكبر من خلافاتنا وإننا لن ننجح إلا إذا كان قلبنا على بعض".

كلام المشير قد يكون جميلا إذا أوضح لنا ما هو السبب الرئيسي في مشاكل مصر، ومن الذي تسبب في انقسام الشعب على هذا النحو الذي لم تعهده مصر في تاريخها.

تصريحات كثيرة صدرت عن كثير من المسؤولين، لو قيلت في وقت آخر فربما كان لها صدى ووقع شديد، ولكنها في وقتنا الحالي لا تتعدى أن تكون مجرد كلام فاضي لا قيمة له.

(2)
قلنا مرارا وتكرارا أن الأصل في الدساتير هو التطبيق، وتقريبا أغلب الدساتير التي مرت على تاريخ مصر كانت جيدة لكنها لم تطبق بالكامل وهنا يكمن العيب.

دستور 2012 لم يكن سيئا أيضا،هذا باعتراف الكثير من الخبراء الدستوريين ومع ذلك تم تعطيله، كما قام من عزلوا الرئيس المنتخب بإجراء بعض التعديلات عليه، ولكن العلة لم تُحل. 

ففي المادة (51) منه " الكرامة حق لكل إنسان،ولا يجوز المساس بها،وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها"، كما تقول المادة (52) إن "التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم"،في حين المادة (57) فأكدت أن "للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لا تمس والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة،ولا يجوز الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب"، ولكن تظل تلك المواد وغيرها مجرد كلام فاضي لا يسمن ولا يغني من جوع، فنظرة واحدة لما يحدث في الشارع المصري ستجد أن لا حرمة للحياة الخاصة،والحرمات تنتهك والكرامات تهدر، في حين أن التعذيب أصبح ثمة سائدة في أغلب مراكز وأقسام الشرطة، بينما الاتصالات الخاصة تذاع في برامج "التوك شو" بلا رقيب أو حسيب ومن دون أي أمر قضائي.

(3)
حرية الفكر والرأي مكفولة،ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، هذا هو نص المادة (65) من الوثيقة الدستورية المعدلة،فهل تم تطبيق تلك المادة؟ فكم من جريدة أغلقت وكم من قناة تم إيقافها بسبب مواقفها؟ كما أن هناك مئات من أساتذة الجامعات المصرية وآلاف الطلبة في المعتقلات بتهم تافهة لأنهم عارضوا ما حدث في 30يونيو.
ما أسهل نظم الكلمات، وما أيسر نطقها في دولة ضاعت فيها المعاني وتاهت فيها الأمانة.

ياسر أبو الريش
كاتب وباحث سياسي  
التعليقات (0)

خبر عاجل