مقابلات

الجزائر: خطر ليبيا الداهم مستمر والحل العسكري غير كاف

محمد خلفاوي - أرشيفية
محمد خلفاوي - أرشيفية
يرى محمد خلفاوي، الضابط السامي السابق في جهاز المخابرات الجزائرية، في مقابلة مع صحيفة "عربي21"، أن خطر تسلل مجموعات مسلحة من ليبيا أو من مالي، إلى التراب الجزائري، يبقى قائما، مشيرا إلى أن الحلول العسكرية التي تبنتها الجزائر لإفشال تحركات التنظيمات المسلحة، في منطقة الساحل وبالأخص على الحدود مع الجزائر، غير كافية، ويتطلب الأمر تنمية مناطق الجنوب اقتصاديا، ويعتبر ضابط المخابرات السابق الذي اشتغل على الملفات الأمنية على الحدود الجنوبية للجزائر، أنه وإن كان قرار غلق الحدود مع ليبيا، ضروريا، إلا أنه غير كاف.

وأكد خلفاوي في المقابلة الصحفية لـ"عربي21"، أن ليبيا بلد شقيق، وهي "إن أدارت ظهرها تجاهنا فلأنها تعتقد أن النظام الجزائري كان ضد الثورة الشعبية".

وفي ما يأتي نص الحوار:

ما هي انعكاسات تدهور الوضع الأمني في ليبيا وفي مالي، على الجزائر؟

مهما كانت طبيعة الصراع ومهما اختلفت طبيعة الدول المعنية به، فإن الأزمة تستحدث أزمة نزوح السكان نحو الحدود، وهذا تنتج عنه عواقب مختلفة، وتجد الدولة نفسها مجبرة على تنظيم ومساعدة النازحين، وتسعى كذلك لبحث كيفية التعامل مع الوضع، على غرار منع تسلل مسلحين ضمن النازحين، وكذلك مراقبة المتدخلين في العملية لا سيما المنظمات غير الحكومية. وبالنسبة لهذه الوضعية الحدودية، فإن هناك مخاوف من مرور الأسلحة أو حدوث عمليات عسكرية الغرض منها توسيع مجال الصراع في المنطقة، وهذا يخدم الحركات الجهادية التي تحاول القيام بعمليات في الجزائر من خلال استغلال هشاشة الجبهة الداخلية، لا سيما بعد إقرار الولاية الرابعة للرئيس.
   
هل الجزائر قادرة على حماية حدود واسعة جدا مع كل من مالي وليبيا؟ وهل غلق الحدود مع ليبيا يعتبر حلا فاعلا في نظركم؟

غلق الحدود إجراء ضروري وإن كان غير كاف. والوسائل الجاري العمل بها، كالمراقبة الجوية (طائرات وطائرات بدون طيار)، والمراقبة التقنية والمراقبة البشرية (وحدات عسكرية)، زيادة على الاستخبارات.. أدوات لا تواجه جيشا نظاميا مستعدا لخوض المعركة، وإنما مجموعات موجهة ليس بمقدورها مقاومة قوة النار التي تتوفر عليها تدابير الإنذار المبكر الذي بحوزتنا.

كيف تقيم التعاون الأمني بين الجزائر وليبيا، وبين الجزائر ومالي؟ وهل تعتقد أن هاتين الدولتين لم تقوما بدورهما كما هو متفق عليه مع الجزائر؟

التعاون الأمني بين الجزائر وليبيا، والجزائر ومالي، أمر لا مفر منه، لكن الوضع المتدهور الذي يعيشه البلدان، يجعل من مساعي التعاون الأمني، غير واقعية نوعا ما، لكنه يمكن لنا أن نعالج الأمور مع بعض الفاعلين والجهات النشطة على حدودنا، وأؤكد أن آثار الوضع الأمني في ليبيا على الجزائر ستكون وخيمة، وأينما كان هناك وضع أمني متدهور فإن الحدود تعرف أزمة بالتأكيد. كما أن محاولات تسلل عناصر مسلحة سواء من ليبيا أو من مالي، سوف لن تتوقف، والتدابير الأمنية المتخذة لا تكفي لحل المشكلة حتى وإن كانت الدولة تحوز على إمكانات عسكرية لا بأس بها.

لكن هناك من يقول إن الحلول العسكرية  لاجتثاث الإرهاب في منطقة الساحل غير كافية!

بالتأكيد لا. تاريخ المنطقة والسياق الذي تمرد فيه طوارق مالي أولا وبعدهم النيجر، وعدم قدرة باماكو على متابعة سكان المنطقة الشمالية وتلبية متطلباتهم، وتحصين جنود عسكريين من العقاب رغم الانتهاكات التي ارتكبوها وأقرتها منظمة العفو الدولية.. كل هذه المعطيات تستحق اهتماما خاصا وإرادة سياسية لإيجاد حل ملائم، في إطار منظم ينسجم مع الخصوصية الجيوسياسية للمنطقة بدون عقدة، وبدون مناقضة عجلة التاريخ، وبالنسبة للجزائرـ بات من الضروري أن تعيد النظر في سياساتها تجاه سكان الجنوب وبالأخص وضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها، بتذكيرها بالوعود التي قطعتها من أجل تنمية مناطق الجنوب، في دول الساحل التي تعاني من نفس الإشكاليات مع بعضها البعض.

 أفشلت قوات الجيش والدرك عمليات تسلل لمجموعات مسلحة من ليبيا بمحافظة تمنراست.. هل تتوقع عمليات تسلل أخرى موازاة مع تدهور الوضع الأمني بهذا البلد؟

محاولات تسلل مجموعات مسلحة من ليبيا أو من مالي نحو التراب الجزائري، سوف لن تتوقف، خاصة إذا علمنا أن الإجراءات المتخذة لحد الآن غير كافية لمنع ذلك، حتى وإن كانت البلاد تحوز على إمكانيات عسكرية معتبرة.. إن الحل الأمني لم يكن يوما نافعا، فمراجعة وضع السكان في الجنوب صار بمثابة تحد للسلطات الجزائرية، وليبيا بلد شقيق ومن واجبنا أن ندعم المساعي الإيجابية لحلحلة النزاعات ليس في ليبيا فقط وإنما في كل دول المنطقة. وإذا ما أدارت ليبيا ظهرها تجاهنا فلأن الجزائر اتبعت خيارا -كما يعتقده الليبيون- داعما للدكتاتور معمر القذافي ضد الثورة الشعبية، لكن الرجال يختفون والأمم تبقى تعيش.  
التعليقات (0)