مقابلات

"عربي21" تحاور اللواء عادل سليمان قبيل اختفائه

اللواء سليمان اختفى بشكل غامض
اللواء سليمان اختفى بشكل غامض
دخول المؤسسة العسكرية في معترك العمل السياسي لا علاقة له بالديمقراطية

النظم الشمولية تخلق فكرة الزعيم الملهم التي تحول الحاكم إلى ديكتاتور

عسكرة الثورات يرفع عنها مسمى "الثورة الشعبية" لتصبح "صراعاً مسلحاً"

المحاكمات العسكرية للمدنيين توسّع مساحة التهم الموجهة لهم وتحرمهم حقوقهم

حل "معضلة" سيناء لا يكون إلا من خلال رؤية شمولية تعتمدها أجهزة الدولة

تضاربت الروايات حول مصيره؛ فمن قائل إنه معتقل، إلى آخر يعتقد أنه محتجز في مكان مجهول على أيدي مجهولين، إلى ثالث يشير إلى وجوده في موقع لا اتصالات فيه، إلا أن المؤكد بحسب الكاتب المصري وائل قنديل، أن الأجهزة الأمنية اصطحبته قبل حوالي 10 أيام إلى جهة ما، ولم يظهر له أثر حتى الآن.

قبيل اختفائه بساعات؛ حاورت صحيفة "عربي21" الخبير العسكري ومدير مركز الحوار الاستراتيجي، اللواء عادل سليمان، حول عدد من القضايا المتعلقة بالحكم العسكري، وعسكرة الثورة والقضاء، والتطورات الأخيرة في محافظة سيناء.

وتالياً نص الحوار..

العسكر والديمقراطية

* في حال تولت أي مؤسسة عسكرية زمام السلطة؛ فهل بإمكانها أن تمارس الديمقراطية؟

- بصفة عامة؛ طبيعة الجيوش والمؤسسات العسكرية ليست طبيعة ديمقراطية بأي شكل من الأشكال، وذلك بحكم نشأتهم وتربيتهم وحياتهم العملية، وبالتالي فإن دخول المؤسسة العسكرية أو الجيش في معترك العمل السياسي؛ هو بالقطع لا علاقة له بالديمقراطية من قريب أو بعيد، وهو يؤثر تأثيراً سلبياً على التحول والنمو والتطور الديمقراطي في أي بلد بطبيعة الأشياء؛ لأن هناك تناقضاً ما بين العسكرية والديمقراطية، ولا يمكن أن يكون هناك تلاقٍ بين المفهومين أو الأسلوبين.

* ما تأثير خضوع أي دولة للحكم العسكري؟

- النظم المدنية إذا خضعت للسيطرة العسكرية وانهمك الجيش في تعاطي السياسة؛ تتحول إلى نظم شمولية ديكتاتورية سلطوية حتى لو حققت إنجازات أو نجاحات. هذه هي طبيعة المؤسسات العسكرية البعيدة عن فكرة المؤسسات الديمقراطية المبنية على أسس الاختيار الشعبي والمفاضلة وتبادل السلطة بصفة مستمرة.

والنظم الشمولية تخلق فكرة الزعيم الملهم والقائد المنقذ، والتي إذا ما ترسخت في المجتمع؛ تحوّل الحاكم إلى ديكتاتور، وتحول النظام السياسي إلى نظام شمولي لا يقبل بالتعددية وتبادل السلطة بأية حال من الأحوال.

عسكرة الثورات والقضاء

* هل يمكن "عسكرة" الثورات الشعبية؟

- مصطلح الثورة يطلق على الثورات الشعبية، أي الحراك الشعبي التلقائي بواسطة الجماهير الشعبية، وهم المدنيون الذين خرجوا للمطالبة بتغيير أوضاع هم غير راضين عنها، حيث يعانون من القهر بسبب تسلط النظام وظلمه الكبير. هذه هي طبيعة الثورة.

والثورة الشعبية هي ثورة سلمية في ذاتها، وإذا ما تحولت الثورات الشعبية من السلمية إلى العسكرة، أو دخلت الجوانب العسكرية والمؤسسات العسكرية في أطرافها؛ فإنها تتحول إلى صراع مسلح ما بين طرفين، وبهذا لا يكون هناك مبرر لوجود مصطلح الثورة من أساسه، ويتحول الأمر إلى صراع ما بين طرفين مسلحين، الطرف الذي يكسر الآخر في هذا الصراع هو الذي يفرض إرادته.

والعسكرة في مجال الثورة الشعبية هي بالقطع تُضيع من قيم الثورة نفسها، ومن مفهومها ومضمونها، ولا يمكن أن تؤدي  إلى ثورة حقيقية، ولكنها قد تؤدي إلى تغيير في نظم الحكم بالقوة العسكرية.

* ما هي طبيعة القضاء العسكري؟

- القضاء العسكري قضاء خاصٌّ بالتعامل مع الحياة العسكرية وقوانين الخدمة العسكرية، لذلك فهو يطبق قانون الأحكام العسكرية، وهي القوانين التي يخضع لها العسكريون أثناء الخدمة سواء داخل وحداتهم العسكرية أو خارجها فيما يتعلق بسلوكهم وأدائهم العسكري الذي يحتاج إلى قضاء سريع وحاسم وناجز يُعرف بقضاء القائد الذي يساعده في ضبط الحياة والعملية العسكرية.

* كيف جاء إقحام المدنيين في القضاء العسكري في مصر؟

- قضية المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتحويل المدنيين إلى القضاء العسكري؛ هي قضية مثارة في مصر منذ مدة بعيدة، وهي الفترات التي فرضت فيها قوانين الطوارئ، إلى أن تم أخيراً إقرارها في دستور 2014 وفي بعض القوانين اللاحقة لذلك.

* هل يمكن أن تتحقق العدالة في المحاكمات العسكرية؟

- هذه قضية شديدة الحساسية؛ لأنها أولاً تحرم المدنيين من حقهم في الوقوف أمام القاضي المدني، ثم إن تحويل المدنيين إلى القضاء العسكري يزيد من مساحة التهم التي يمكن أن يحاكموا عليها بشكل كبير؛ لأن القضاء العسكري يطبق نفس القواعد القانونية في القضاء المدني، والتي تتعلق بحق الدفاع وضرورة وجود المحامين مع المتهم في مراحل التقاضي المختلفة.
صحيح أن القوانين الأخيرة حاولت أن تعالج هذه النقاط بتطوير درجات القضاء العسكري وخلق مراحل جديدة، ولكنه يبقى في النهاية قضاء عسكرياً ضمن المؤسسة العسكرية في إطار الحسم والردع السريع في التعامل مع مشكلات وتهم وقضايا تتعلق بالعسكريين لا بالمدنيين.

"معضلة" سيناء

* ما هي جذور الإهمال في سيناء؟


- منطقة سيناء تعاني إهمالاً كبيراً من قبل الدولة منذ تحريرها واستعادتها في عام 1982، حيث تفتقر للتنمية وخطط التعمير، ولا يوجد اهتمام حقيقي بالكتل البشرية في سيناء، وبالرغم من أنها منطقة شاسعة المساحة تزيد عن 62 ألف كيلومتر مربع وعدد السكان فيها لا يتجاوز نصف مليون نسمة يتركز معظمهم في شمال سيناء؛ إلا أنها تعاني الكثير من الإهمال، بالإضافة إلى سوء التعامل من قبل الأجهزة الأمنية.
 
* لماذا ينظر النظام إلى سيناء بعين أمنيّة؟

- النظرة الأساسية في التعامل مع سيناء هي نظرة أمنية، خاصة في الشمال، لوجودها مباشرة على الحدود مع قطاع غزة من ناحية، والعدو الإسرائيلي من ناحية أخرى، وبالتالي فهي بيئة صالحة لتواجد بعض الجماعات الخارجة عن القانون، والعصابات المنظمة دولياً لتهريب البشر والمخدرات عبر سيناء إلى العدو الإسرائيلي.

* ما هو الحل الأمثل لجعل سيناء منطقة بناء لا هدم؟

- أما منطقة جنوب سيناء؛ فقد تم التعامل معها على أنها منطقة سياحية جاذبة للسياحة الخارجية، وتمت تنميتها بهذا الاتجاه، وخلقت فرص عمل كثيرة ملائمة، وأقيمت أنشطة كثيرة لخدمة السياحة.

وأما شمال سيناء؛ فحُرمت من المشروعات المستوعبة للعمالة. فلا بد من رؤية مختلفة في التعامل مع هذه المنطقة من قبل أجهزة الحكم المحلي، تعتمد على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية، من خلال رؤية شمولية.
التعليقات (0)