مقالات مختارة

أرقام الموت وخرائط الفساد!

علي حسين
1300x600
1300x600
كتب علي حسين: تعذرون العبد الفقير لله لأنه يصرّ على المراوحة في محيط السيد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، البعض يسمّيها شحّاً في الموضوعات وأنا أسمّيها من ضروريات مراجعة الحالة التي مرت بها البلاد، وكما تعرفون، فالمسألة مبدئية حيال دعاة الفشل وصنّاع الخراب، سواء كان الاسم نوري المالكي أو صالح المطلك، أو مثل الكربولي ووزيره، آسف شقيقه ونوّابه، أعتذر أقاربه، أو مثل السيدة حنان الفتلاوي التي تريد أن تنافس أُم كلثوم في عدد الآهات: "خاصم عيونى ليلتها النوم.. وبت أسأل روحى عليك" علماء النفس يسمّون هذه الوجوه بـ"القلقة". 

الابتعاد عن كرسيّ السلطة قلق، أما مأساة ملايين المهجّرين فمسألة فيها نظر، خسر القائد العام للقوات المسلحة السابق، الموصل وتكريت وأجزاء من الأنبار، لكنه ذهب ليوزّع الشعارات والخطب في بابل والناصرية، وكعادة القادة "المنتصرين" فإن "فخامته" نبّهنا من أنّ الأيام حبلى بالمفاجآت. ففي تقرير مثير نشرته صحيفة نيويورك تايمز ينقل دبلوماسي غربي، "أن رئيس الوزراء السابق سيعود إلى حكم العراق مرّة أخرى في عام 2015 لتجنّب غضب المسؤولين العراقيين المتورّطين في عمليات فساد" وتعلّق الصحيفة بالقول: "يبدو كلام الدبلوماسي الغربي صائباً بعد ورود أنباء عن أنّ سلطة المالكي داخل المؤسسة القضائية تحظى بنفوذ كبير".

وضع شيوخ القواميس العربية تعريفات كثيرة لمعنى الاستحواذ والأطماع والفشل، لكنّ "فخامته" يريد أن يجد تعريفا جديدا للسلطة لا يتعدّى مصطلح "ما ننطيها"، وفي معظم الحالات ليست سوى خراب وتهجير وفوضى ومشاهد التهجير وسبي النساء واستعراض عضلات داعش. حارب المالكي جميع شركائه السياسيين، وتقاتل مع الكفاءات، وكان أبرز منجزاته إقصاء سنان الشبيبي وسجن مظهر محمد صالح، ومطاردة تظاهرات الفساد.

عندما يدمّر المسؤول الأول، مؤسسات الدولة، بدلا من تطويرها على أسس ديمقراطية.. فهو يهين الدماء والأرواح التي قدّمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقّة. 

وعندما يصرّ سياسي على الاستحواذ على كل شيء وأي شيء، ويستخدم مقرّبوه حيلاً وألاعيبَ لتخوين الآخرين وإقصائهم.. عندما يسرق بلد في وضح النهار، عندما يبرر التعذيب والاعتقال العشوائي.. عندما تسلّم مؤسسات الدولة إلى أصحاب الثقة لا أصحاب الخبرة، وعندما لا يرى رئيس الوزراء في القضاء سوى القوانين التي تحصّن سلطاته وتصونه.. فإننا بالتأكيد سائرون في طريق الخراب.

في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى أن يتعلّم منها ساستنا نجد صوراً أخرى لزعامات قدّمت لشعوبها الأفعال بدلاً من لغة العناد والاستعلاء.. زعماء قدّموا لشعوبهم ما لم يعرفوه من قبل، في البرازيل اعتبر المراقبون انتخاب الرئيس "لولا دا سيلفا" عام 2002 شكّل انتقالة مهمة في حياة البلاد، وخاصة عندما أطلق في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر"، أي "القضاء على الجوع" ظلّ لولا في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة، لأنّ الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيساً للبرازيل، قدّم صورة أخرى للزعامات في العالم، أعطى لشعبه، ازدهاراً لم يعرفه من قبل.... لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم..، وبينما يصرّ البعض على الاستمرار في السلطة حتى النفَس الأخير، مشى "لولا " حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمناً بالدستور رافضاً أن يغيّره لصالحه فيبقى رئيساً مثلما يتمنّى معظم أهالي البرازيل.

للأسف البعض من سياسيينا لا يريدون لهذا الشعب أن يدخل مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. ياعزيزي فخامة نائب رئيس الجمهورية، الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا أرقام الموت وخرائط الفقـر والفساد!



(صحيفة المدى العراقية)
التعليقات (0)