مقالات مختارة

هل القضاء على "الإخوان" مهمة مستحيلة؟

سركيس نعوم
1300x600
1300x600
لا يشك أحد في أن تجربة جماعة "الاخوان المسلمين" في حكم مصر حقّقت فشلاً ذريعاً، وقد تكون أسباب ذلك متنوّعة أبرزها ثلاثة: الأول، عدم وصولها إلى السلطة منذ تأسيسها قبل عقود، وافتقادها أي خبرة على رغم نجاحها في آخر سنوات حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك في الوصول إلى مجلس الشعب (النواب) وبعدد فاجأه، الأمر الذي دفعه إلى الخوف منها، وإلى قمعها.

والثاني، تردُّدها كثيراً قبل الانخراط في ثورة يناير 2011 التي أطلقها الشباب المصري ربما خوفاً من فشلها وخوفاً من أن يكون دورها فيها صغيراً، وربما رغبة في الحصول على مكافأة من السلطة في حال فشل الثورة. والثاني أيضاً عدم وضوح مخطّطها لمرحلة ما بعد نجاح الثورة. وذلك بعد انضمامها إليها. إذ كانت تارة مع عدم الاستئثار بالسلطة، وتارةً مع الاكتفاء بالعمل التشريعي والابتعاد عن الحكومي، وتارة مع الاشتراك في الحكومي ولكن بحقائب لا تورّطها كالسياسية والخدماتية التي لا تستطيع أن تحلّ مشكلاتها، وتارة مع رفض خوض الانتخابات النيابية في الدوائر كلها والترشح لمنصب رئيس الجمهورية. أما الثالث فهو شهوة السلطة التي ضاعفت أثرها السلبي قلّة الخبرة. والاثنان دفعا جماعة "الاخوان" إلى "أخونة" الدولة وأظهرا ميلها للإمساك بالسلطة، ولفرض حكم لا يتميّز بالاعتدال الديني الذي أوحت أنها مؤمنة به.

لكن لا يشك أحد أيضاً في أن فشلها المشار إليه أعلاه استُعمل من داخل ومن خارج لتحقيق أهداف وغايات لا علاقة لها بالمصلحة العامة. منها المحافظة على الدور الأساسي والكبير العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية في مصر. وكانت حصلت عليه منذ ثورة يوليو 1952 ثم تطوّر بعد ذلك بحيث صارت العسكرية هي سمة النظام الحاكم فيها. ومنها أيضاً خوف قطاعات مهمة من المجتمع المصري على الحريات، ومن تكوّن نظام أقل انفتاحاً وبكثير من نظام عبد الناصر والسادات ومبارك اجتماعياً وسياسياً واعلامياً ودينياً على رغم كونه (أي الأخير) نظاماً غير ديموقراطي. ومنها أخيراً خوف دول عربية وازنة من انتقال "الاخوان" إليها شعوباً ومجتمعات وأنظمة، الأمر الذي قد يجعلها مهدَّدة بتغييرات لا مصلحة لها فيها أو لحكامها.

أما لماذا تُكرِّر أميركا في مصر تجربة "أخوانية" فشلت حقيقة وليس افتراء؟

أولاً، لا أحد يستطيع أن يجزم أن أميركا قررت فعلاً تكرار التجربة المذكورة. لكن تجربة النظام الجديد في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي لا تبدو لها ناجحة على رغم التزامه معاهدة السلام مع اسرائيل ومحاربة الإرهاب. ذلك أن دور العسكر في الثورة الثانية يونيو 2013 تحريضاً وإعداداً معروف منها، ولا يقلِّل ذلك من التأييد الشعبي الكبير لها. فضلاً عن أن تعاطيه مع جماعة "الاخوان" بدا لها كيدياً وانتقامياً وقمعياً وخصوصاً عندما "قرّر" أنها إرهابية مثل "جمعية أنصار المقدس في سيناء"، والاسلاميين المتسلّلين إلى الداخل المصري من ليبيا والسودان، وعندما حمَّلها مسؤولية غالبية العمليات الارهابية، وأصدر قضاؤه أحكاماً شديدة عليها جراء ذلك. وهي اعتبرت أن ذلك مؤذٍ لمصر وللنظام الجديد لأن استمراره لا بد أن يحوّل "الاخوان" أو الأجيال الجديدة والشابة منهم إرهابية. وفي ذلك تدمير لمصر الدولة والمجتمع والحد الأدنى من الاعتدال والحرية. انطلاقاً من ذلك، تدعم اميركا نظام الرئيس السيسي وفي الوقت نفسه تعيد الحوار مع "الاخوان" آملة في أن يساعدها ذلك مستقبلاً، وقبل فوات الأوان، في اقناعهما بالعمل معاً لمصلحة مصر.

وثانياً، جماعة "الاخوان المسلمين" منتشرة في غالبية دول العالمين العربي والإسلامي وصاحبة دور فاعل تحت الأرض وفوقها وجيدة التنظيم. وهي لا تزال "معتدلة" في رأي الغرب وأعدائه ومنهم إيران بالمقارنة مع "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" وأمثالهم. والتعامل معها ضروري إذا أراد العالم محاربة الإسلام المتطرف العنيف التكفيري الذي ينتشر كالفطر في العالمين المذكورين والعالم الأوسع. فضلاً عن أن القضاء عليها أولاً في مصر وثانياً خارجها أمر مستحيل في رأي كل هؤلاء. وهذا أمر تنظر فيه حالياً المملكة العربية السعودية في عهد مليكها الجديد، وقد تشجع عليه أميركا وعلى الانطلاق منه لتكوين تحالف مُسلِم واسلامي واسع قادر دينياً وعسكرياً ومالياً على محاربة التطرّف وإرهابه.



(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (5)
mbsh
الخميس، 26-02-2015 05:16 م
لاشك أن الكاتب لايعلم عن الواقع الكثير وأنه يستقي معلوماته من أجهزة إعلام المخابرات المصرية لذا تكلم عن فشل التجربة ولو عرف الحقيقة لما قال ذلك بل العكس تماما لقد قال قائد الانقلاب بنفسه أن مرسي كان سيحول مصر إلى دولة عظمى ولقد كان السبب الأساسي للإطاحة بهم الخوف من أن تصبح مصر دولة إسلامية عظمى ولو رجع الكاتب إلى تصريحات وزير خارجية الانقلاب وتصريحات قائد الانقلاب مع قنوات غربية لوجد السبب الحقيقي للانقلاب ثم إنه لم يعلم عن التاريخ شيئا وكيف أن الاحتلال الغربي قد صنع له بديلا لاحتلال لبلاد وتسريب ثراوتها والعمل على إفقار الشعب وإدخاله في دوامة مشاكل مصطنعه لعدم التفاته للدين ومطالبته بدولة ديمقراطية قوية ولو علم الكاتب حقيقة ماحدث ويحدث في مصر لما استمع للإعلام واستقى منه الأخبار وهو يقوم عليه شرذمة من البشر الوقح الذي لايستحي من الله ولا من الناس وردد الكذب والمغالطات بكل بجاحة وفجور لكن ما أريد أن يعرفه الكاتب لو فشل الإخوان في الحكم لما انقلب عليهم العسكر بل لتركوهم يفشلون أمام الشعب ولكنهم خافوا من نجاحهم السريع الذي كاد أن يكشف زيفهم وسرقاتهم أما الشعب المسكين ،
الإمام
الخميس، 26-02-2015 02:03 م
في البداية يبدو لي أن المقال غير متماسك الأجزاء وفكرته تتمحور حول التوجيه أو التلميح باحتواء الإخوان في إطار منظومة المتحكمين في السيادة حول العالم لا المتحكمين في السلطة دون سياده. كما يبدو لي أنه مهد لهذا الملمح عندما بدأ بالتأكيد - في جرأة يحسد عليها - علي فشل الإخوان في الحكم دون أن يدعم قراره هذا بدليل مقنع ليبدو الأمر وكأنه مسلمات التي لامراء فيها. وقد يبدو لي أن الرجل يراهن علي غياب الوعي بالحقائق لتباعد الزمن عن السياق التاريخي الحقيقي لفترة حكم الرئيس محمد مرسي. وهنا أدعو الكاتب للمراجعة المنصفة لتلك الفترة، ثم يقرر بعد ذلك طرح رؤيته علي قاعدة الحقيقة المجردة. وهنا قد نتفق معه في جزء من فكرته أن الجماعة منتشرة حول العالم وهي الأقوي تنظيما وصاحبة الدور الفاعل في مجابهة التطرف وإرهابه. لكني أرفض بشدة وسم الإسلام بالمتطرف وقصر دور الإخوان عند حد الدور الفكري في مواجهة التطرف. فرسالة دعوة الإخوان لكل صاحب رؤية هي رسالة حب وإخاء وسلام أساسها حرية الإنسان وصون كرامته وإقرار حقه في الحياة والتعاون مع سائر الإنسانية لتحقيق هذه الأهداف دون التفات للون أو جنس أو دين مادام التعاون علي قاعدة الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء ورد الظلم وإقرار الحقوق والواجبات ومنها حق العبادة دون إكراه ودون إقصاء أو تهميش أو ازدراء. وعندما لايستطيع الآخر أن يري ذلك، فلا يتهمهم بما ليس فيهم وعليه الاقتراب منهم ليسمع منهم ويري لا أن يسمع عنهم
مصري
الخميس، 26-02-2015 12:40 م
يا استاذ هي التجربه لما فشلت في الحكم ليه امريكا بتفكر فيهم تاني . الانصاف يقضتي منك ان تقول .تحربه الاخوان التي افشلت عن عمد . الانصاف من شيم الرحال
فؤاد التميمي
الخميس، 26-02-2015 08:28 ص
المقال للاسف مليء بطريقة بشعة بالمغالطات وذلك يعود لعدم معرفة الكاتب ولعدم اطلاعه على التاريخ والواقع اولا الاخوان انخرطوا بالثورة من اليوم الاول ولكن بزخم اقل وفي 28/1 اعتقل جميع قياداتهم ولولا الاخوان لتم القضاء على الثوار في موقعة الجمل كما اعترف جميع الساسة في مصر وليعود الكاتب الى اقوالهم صوت وصورة على اليوتيوب ثانيا : الاخونة كذبة كبيرة وفرية عظيمة من الاعلام ثبت كذبها بالانقلاب اذ لو كان هناك اخونة لما نجح الانقلاب وكنا نتمنى ان يكون هناك اخونة لما وصلنا الى هذا الوضع السيء ثالثا الاخوان ما فشلوا ولكن تم افشالهم اذ ان المتابع للشأن المصري خلال فترة حكم مرسي يدرك تماما مدى العقبات والصعوبات التي وضعت في طريقهم ولو كان على رأس الحكم غير الاخوان لما استمرت اكثر من شهر بهذا الوضع المزري نعم هناك اخطاء واخطاء فادحة ولكن ممكن تفاديها اذا تركهم الناس يعملون لا نريد ان نجلد الذات اكثر الاخوان لم يتم اعطاؤهم الفرصة كاملة ولو تم لكان الامر مختلف جدا ولا يمن القضاء على الاخوان لان الاخوان اساسا فكرة والافكار لا تحارب الا بالافكار ودمتم
الخميس، 26-02-2015 06:58 ص
معذره هم لم يفشلوا . أفشلهم العسكر بعدم تعاون المؤسسات معاهم .لصالح العسكر فيما بعد . أما الحريات لم يراه المصريين إ? في زمن حكم الرئيس الشرعي . وفي ظل ذلك نتكلم با?رقام وليس با?سترسال . ميزانية الدوله كانت عجز الموازنه فيها 140 مليار عندما مسك الرئيس الشرعي. وبعد عام من توليه أصبح العجز 80 مليار إذا كانت هناك خطه . أما ا?ن فالوضع كارثي . شكرا.