قضايا وآراء

الحملة الدعائية الثانية لشاحنات الاستخبارات التركية

عبد القادر سلفي
1300x600
1300x600
ضلوع وتواطؤ الكيان الموازي مع الانقلابيين في تركيا وصل إلى حد يصعب وصفه، بعد أن تم كشف المؤامرة المشتركة بين الكيان الموازي والانقلابيين بعد أحداث حديقة "غزي بارك" قبل سنتين في ميدان تقسيم بإسطنبول، التي جعلها المتظاهرون نقطة بداية لاعتصاماتهم واحتجاجاتهم ضد حكومة العدالة والتنمية. 

حيث بدأت قوى الأمن التركية بعلميات مداهمة ضد مراكز وشخصيات عسكرية ومدنية بتهمة ضلوعها بعمل انقلابي في البلاد، وذلك بتعاون وتنسيق بين الكيان الموازي والمتمثل بجماعة فتح الله كولن من جهة، وقادة عسكريين وإعلاميين من جهة ثانية.

وأول عملية مداهمة قام بها الأمن التركي على صحيفة "جمهورييت" المعارضة، واعتقل ممثلها في أنقرة مصطفى بالباي آنذاك، وتم كشف المدى العميق والعلاقة القوية بين الكيان الموازي وصحيفة "جمهورييت"، لكن بفضل القضاة والمدعي العام الذين استلموا قضية مؤامرة الانقلاب، وبفضل الضخ الإعلامي الكبير والتحريض الشديد من قبل الإعلاميين اليساريين الذين  وقفوا كبنيان مرصوص مع الانقلابيين وصحفيي "جمهورييت"، خرج الانقلابيون من السجن بوجه الملائكة المعصومة، وتمت تبرأتهم أمام الرأي العام.

لم يبقى إعلام اليساريين وحدهم في تلك الفترة، فإعلام (صحيفة طرف) جماعة كولن كانوا في نفس الخندق مع أشقائهم (صحيفة جمهورييت)، فلقد قاموا بواجبهم وعلى أكمل وجه، لتلميع وتجميل صورة الانقلابيين والمخططين لها، وهكذا أنزلوا منتوجهم الإعلامي "صحيفة جمهورييت" الانقلابي إلى الشارع التركي بحلته الجديدة وبدأ أنه صوت الحق لكل مواطن!.

والآن أتى الوقت إلى أن يرد صحيفة "جمهورييت" الجميل للكيان الموازي الذي وقف في جانبه في ساعة العسرة، عبر الضخ الكبير للأخبار التي تتحدث عن شاحنات تركية كانت تحمل مواد إغاثية إلى الشعب السوري، وخصوصا المكون التركماني منهم. 

هذه الشاحنات كانت تحت حماية المخابرات التركية، لكن الدرك الموجود في منطقة أنطاكيا وأضنة وبتعليمات من الكيان الموازي والانقلابيين قاموا باعتراض طريق هذه الشاحنات واتهموا الحكومة التركية بتمويل الإرهابيين في سوريا، خصوصا تنظيم الدولة. والحقيقة أن عملية الدرك تلك كانت لإسقاط حكم أردوغان، كما هي اليوم أيضا هي وسيلة لتشويه صورة أردوغان قبل الانتخابات التشريعية (البرلمانية) في السابع من حزيران/يونيو الجاري.
هم الآن يحاولون جاهدين أمام الرأي العام التركي والعالمي، عبر القضايا التي أحالوها إلى محاكم دولية في أن يضعوا الحكومة التركية محل إبهام واستفهام، بعلاقتها مع التنظيمات الإرهابية.

انطلقت تلك الشاحنات من أنقرة في 1 كانون الثاني/يناير 2014 بعد نداءات استغاثة من تركمان سوريا الذين وقعوا بين نار نظام الأسد المستبد ونار تنظيم جماعة الدولة، والكيان الموازي، ومن ورائهم عملاء الانقلاب علموا بتلك الحملة، منذ انطلاقها لكنه انتظروا إلى حين أن تصل الشاحنات الحدود مع سوريا، ليكون لهم حجة بليغة لإيقافهم. 

بعدها قام وزير العدل بكير بوزداغ، ووزير الداخلية ورئيس الاستخبارات العامة بإبلاغ المحكمة العامة لولاية أضنة بضرورة التعامل مع الشاحنات وفق القوانين التي تنص على عدم المساس بها، كونها تابعة لجهاز الاستخبارات التركي، وذلك وفق ما ينص عليه الدستور التركي.

لكن الواضح أن القضاة التابعين للكيان الموازي، كانوا حازمين أمرهم، حيث أنهم لم ينتظروا أي أمر من المحكمة، وسارعوا بتوجيه قوات الدرك لإيقاف الشاحنات وإرسال الإعلاميين إلى مكان الحادثة، فكانت وقعة صادمة عندما وضع الدرك السلاسل على أيدي عناصر الاستخبارات بعد إبراز هويتهم وتعريفهم بأنفسهم، والصدفة حتمت أن وزير الخارجية داود أغلو آنذاك اجتماع مع سفراء تركيا في ولاية أضنة، وكان يتحدث عن المآسي، والمحن التي يمر بها الشعب السوري، وعيون العالم كانت تطلع لجنيف-2 التي كانت على وشك أن تبدأ.

بعد سماع والي (محافظ) أضنة بالحادثة اتجه مباشرة نحو موقع احتجاز الشاحنات، وأعلم الدرك أنها شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات التركي، وضرورة عدم السماح بتفتيشها، لكن المدعون العاميين التابعين للكيان الموازي كانوا مصرين على التآمر ومتابعة التفتيش لكن دونما جدوى. 

في الفترة التي كانت الولايات المتحدة ترسل مساعدات إنسانية وعسكرية إلى عين العرب في كوباني، والتي وقع جزء منها في أيدي التنظيم ولو بالطريق الخطأ، صفق وهلل الكثيرون على أعمال أمريكا الخيرية وحبها لمساعدة الشعوب المظلومة، أما مساعدة تركيا لشعب مظلوم وخصوصا التركمان في منطقة (بايربوجاق) الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي لسوريا، فكانت بمثابة دعم للإرهابيين بنظر الكثير من المعارضين والمحللين في تركيا.

تلك هي ألاعيب الانقلابيين وحليفهم جماعة فتح الله كولن، ينتظرون أي حركة لإدانة الحكومة عليها ولو كانت عملا إنسانيا، وهم مستعدين لفعل كل شيء فقط لإسقاط الحكومة، وبعد معرفة هؤلاء تتوجه الأنظار نحو الأحزاب القومية التي تتخذ منظورا قوميا حول القوميات التركية في باقي بلدان العالم، فيحتم عليهم الوقوف إلى جانب الحكومة بهذه القضية، لاسيما أن المساعدات كانت تذهب إلى التركمان، وألا تقف بجانب الانقلابيين.
التعليقات (0)