سياسة عربية

كاتب يطالب السيسي بالاقتداء ببوركينا فاسو "بدل العك"

دعا عمارة السيسي إلى الاقتداء بتجربة بوركينا فاسو في توزيع الأراضي - أرشيفية
دعا عمارة السيسي إلى الاقتداء بتجربة بوركينا فاسو في توزيع الأراضي - أرشيفية
دعا الكاتب المصري الدكتور محمود عمارة، رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلى الاقتداء بتجربة دولة "بوركينا فاسو"، في توزيع الأراضي داخل الدولة، وتحقيق النهضة الزراعية، قبل حدوث الإنقلاب الأخير.

وفي مقال بعنوان "تعلموا من بوركينا فاسو"، بجريدة "المصري اليوم"، الاثنين، شرح عمارة كيف نجحت بوركينا فاسو في مجال الزراعة، وذلك قبل حدوث الانقلاب الأخير.

وكان قد حدث انقلاب في بوركينا فاسو قبل أيام، قام الجيش بمقتضاه بعزل الرئيس المنتخب وحل الحكومة والمجلس التشريعي، ولكن وسطاء تدخلوا للإفراج عن الرئيس الشرعي، مقابل العفو عن الانقلابيين، فيما أعلن الاتحاد الأفريقي إسقاط عضوية بوركينا فاسو، مطالبا بعودة الرئيس الشرعي إلى حكم البلاد التي تقع غرب أفريقيا، وتبلغ مساحتها 274 ألف كيلو متر مربع.

وفي مقاله أشاد عمارة بتجربة بوركينا فاسو في النهوض بالزراعة، وأشار إلى أن خبراءهم وضعوا "رؤية استراتيجية"، وافق عليها مجلس الأمة، وحددت المستهدف بأنه الاكتفاء الذاتي من الحبوب، في أربع سنوات (كانوا يستوردون خمسة ملايين طن قمح وذرة وشعير)، كما قالوا إن "بلاد الفاسو" ستصبح أولى دول القارة الأفريقية في إنتاج وتصدير القطن، وإن عماد النهضة الاقتصادية هو: الزراعة، والتصنيع الزراعي، والتصدير.

وأوضح أنهم -للوصول إلى هذه الأهداف- وضعوا خطة، قالت: لابد من حفر ترعة بطول 80 كيلو متر، لنقل المياه إلى 1.5 مليون فدان في الصحراء (وبالفعل حفروها في 18 شهرا)، ثم عملوا خريطة (للمليون ونصف المليون فدان)، ومرروا الخريطة على الجهات (الجيش- المناجم والمحاجر- والآثار)، وعملت كل جهة دائرة بالألوان، بينما كان ما هو خارج الدوائر من مساحات لا يحتاج إلى موافقات.

وأضاف: ثم قسموا المساحات إلى مربعات، وكل مربع خمسة أفدنة، وحددوا السعر للفدان على كل مربع، المساحات الملاصقة للترعة والخدمات (بألفي دولار)، والبعيدة التالية (بألف دولار)، والأبعد عن الخدمات (مجانا)، بشرط التزام الجميع "بالدورة الزراعية".

وأوضح أنه على مستوى "السياسات"، جيشوا الشعب كله تحت شعار: "لا صوت يعلو على صوت النهضة الزراعية"، في المدارس والجامعات والمناهج والشوارع والإعلام،  فرسخوا لدى الناس أن مستقبلهم في الزراعة والتصنيع الزراعي والتصدير.

كما جعلوا البحوث الزراعية على رأس الأولويات، فأنتجت لهم (تقاوى منتقاة ضاعفت الإنتاجية بـ 16 قنطار قطن للفدان (عندنا 6 قناطير)، والقمح 27 أردبا (عندنا 16)، وشتلات لنباتات الزينة، وبذور الزهور والورود، طبقا لمواصفات الأسواق الخارجية، واحتياجاتها، وأذواق المستهلكين فيها.

كما نظموا أسطولا للنقل الجوي إلى أوروبا، وقدموا تسهيلات للمزارعين والمستثمرين من البنك الأهلي للفلاحة، ونظموا معارض محلية ودولية، يحضرها رئيس الدولة، وهكذا نجحت بوركينا فاسو في الخروج من الفقر (من 250 دولارا، وصل دخل المواطن إلى 2800 دولارا)، واكتفوا ذاتيا من الحبوب، وتربعوا على عرش الذهب الأبيض، في قارتنا الأفريقية. (مصر تستورد 40 ألف طن قطن فاساوى سنويا).

وتساءل الكاتب: هل الحكومة عندنا لا تعرف هذه الأفكار؟، وأجاب: في عام 1986 قُلت (حكاية الخريطة التي تلف) هذه لرئيس الحكومة وقتها د.علي  لطفي، وشاهدي هو السفير رفيق صلاح الدين، بدار القنصلية المصرية بباريس، وكررته للمخلوع مبارك، بمكتبه في قصر عابدين (مارس 1992)، أمام عمرو موسى، وزير الخارجية، ود. محيى الغريب، رئيس هيئة الاستثمار، ثم كررته على د. عاطف عبيد، رئيس الحكومة عام 2000 في لقاء ثنائي، حضره د. صفوت النحاس مدير مكتبه، ثم كتبته منذ 9 سنوات، تحت عنوان: "التجربة الفساوية".

وأضاف: "أيضا قلت رأيي للرئيس السيسي عندما بادر سيادته بالاتصال بي تليفونيا، بعد شهرين من توليه السلطة"، والآن بدلا من "خريطة" عليها الموافقات، والأسعار للفدان، للأسف قاعدين: "نعك"، ونخبط، ونهبل، ونشتكي من الفساد، والفساد من صنع الدولة".

وتساءل: لماذا لا نعمل خريطة عليها الموافقات والأسعار، ولماذا كل هذا "العك"، والحلول تحت أرجلنا، وتجارب الدول منشورة ومعروفة؟.

في المقابل قال عمارة: أتحدى لو فيه عاقل يروح يستصلح ويزرع فدانا واحدا في الصحراء بمصر.. الآن.. لماذا؟.

أجاب: الغلاء الفاحش لمداخلات الإنتاج، وسوء حال العمالة، وكل عامل يحتاج إلى عسكري فوق رأسه، وغياب التعاونيات، وعدم التزام الدولة بشراء المحاصيل (باستثناء القمح) مع تضارب القرارات الوزارية، ودور الصحافة المرتشية في تلويث سمعة المستثمرين الزراعيين الجادين، ومحاولات ابتزازهم من بعض المرتزقة، وعدم تقنين الأراضي للجادين الملتزمين، وكل من يزرع الصحراء (يخسر الآن من 2 إلى 6 آلاف جنيه في الفدان)، واسألوا من تعرفونهم، أو روحوا جربوا (عدا المنتجين المصدرين، والمنتجين المصنعين)، أو من لديه عدة أنشطة، بجانب الزراعة (إنتاج داجني أو حيواني).

وخاطب الكاتب السيسي قائلا: "صباح الخير سيادة الرئيس.. "منافيستو" (بيان) النجاح معروف... و"الكتالوج" (الدليل) مكتوب.. فمن ينجح ويقفز يقرأ، ويفهم الكتالوج، ويطبقه حرفيا؟!.

وقال: الخلاصة: "نعمل مثل بوركينا فاسو.. رؤية استراتيجية (يوافق عليها مجلس النواب) منها خطط، وسياسات، وبرامج بآليات، يديرها كفاءات.. سنطير إلى سماء العالمية خلال بضع سنوات.. وتبقى (مصر) قد الدنيا".

وتابع: "ولا تنسوا "الخريطة التي تلف، وعليها الموافقات، وأسعار كل فدان.. "لو عايزين تخلصوا على الفساد" بحق، وحقيقي".

واختتم مقاله بالعامية المصرية قائلا: "حاجة تكسف.. عندما يصل الحال بأحفاد الفراعنة إلى هذا المستوى الفاضح والمهين، ولا أحد مكسوف من نفسه"، على حد تعبيره.

ويذكر أن مشاورات السيسي الكبرى تتعثر الواحد تلو الآخر، واعتبر خبراء مشروعه لاستصلاح المليون ونصف المليون فدان مشروعا غير عملي، نظرا لعدم توفر المياه اللازمة لإستصلاح هذا القدر من الأراضي.
التعليقات (0)