صحافة دولية

إلمانيفستو: "إسرائيل" تريد إسكات "منظمة كسر الصمت"

قدمت المنظمة عشرات الشهادات لجنود وضباط تؤكد حدوث جرائم حرب في غزة - أرشيفية (أ ف ب)
قدمت المنظمة عشرات الشهادات لجنود وضباط تؤكد حدوث جرائم حرب في غزة - أرشيفية (أ ف ب)
نشرت صحيفة "إلمانيفستو" الإيطالية، تقريرا حول الضغوطات التي تمارسها حكومة الاحتلال على جمعيات المجتمع المدني الإسرائيلي، التي تسعى لفضح الجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال إبان عدوانهم على غزة، ومسؤولية القادة السياسيين والعسكريين الذين يحرضون على هذه الجرائم، ويوفرون لها الغطاء اللازم.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن القوميين المتطرفين، والقوى الدينية الصهيونية، تواصل شن حرب شعواء ضد كل الأصوات المعارضة التي تظهر في "إسرائيل"، وبعد حملتها ضد جمعيات حقوق الإنسان؛ صعدت في الفترة الأخيرة ضغطها على منظمة "كسر الصمت"، وهي منظمة غير حكومية، تجمع شهادات جنود جيش الاحتلال حول جرائم الحرب، والانتهاكات التي يمارسونها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأشارت الصحيفة إلى أغنية تلقى رواجا في المجتمع الإسرائيلي منذ سبعينيات القرن الماضي، عنوانها "كل العالم ضدنا"، كتبها المؤلف يورام تاهارليف في عام 1969، مشيرة إلى أنه "منذ ذلك الوقت حافظت هذه الأغنية على شعبيتها؛ لأنها تعبر عن خطاب الاحتلال الإسرائيلي، والاستراتيجية التي نجحت من خلالها في الظهور دائما في مظهر الضحية".

وأكدت أن هذا الخطاب كان مصدر قوة لدولة الاحتلال خلال أحلك المراحل، واليوم أصبح ذريعة يتم استحضارها كلما تعرضت "إسرائيل" للنقد بسبب سياسياتها الاستيطانية، وعدوانها العسكري على غزة، وانتهاكات حقوق الإنسان، وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه، حيث يتم مباشرة شن هجوم لاذع على كل منتقد لهذه الممارسات، واتهامه بمعاداة السامية وإنكار حق "إسرائيل" في الوجود.

وأضافت أن اليمين المتشدد والقوميين المتطرفين، يعتمدون بشكل مستمر على هذا الخطاب لمهاجمة خصومهم في الداخل، خاصة وأن استطلاعات الرأي في السنة الماضية بينت أن 63 بالمائة من الإسرائيليين لا يزالون يؤمنون بأن "كل العالم ضدهم"، وقد أدى هذا لازدياد النفوذ السياسي والاجتماعي لهذه الأصوات المتطرفة.

وقالت الصحيفة إن "هؤلاء الأعداء الذين يتهمهم الاحتلال بالتأمر ضده؛ يتراوحون بين أعداء في الغرب، مثل باراك أوباما، والاتحاد الأوروبي، الذين يعارضون تواصل الاستيطان، وفي فلسطين، مثل حماس وفتح وكل الفصائل، وشباب الانتفاضة الفلسطينية، وفلسطينيي الداخل الحاملين للجنسية الإسرائيلية، و(الطابور الخامس) المتمثل في المنظمات الحقوقية الإسرائيلية".

وأكدت أن الاحتلال أصبح يستهدف اليهود الإسرائيليين، الذين ينشطون في منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، وتحذر من العواقب الوخيمة للعدوان على غزة، وتطالب بالمساواة بين كل حاملي الجنسية الإسرائيلية، وتندد بعمليات الإطعام القسري للأسرى، وإعدام الجرحى المنفذين لعمليات ضد الاحتلال، وتطالب باعتقال ومحاكمة من قاموا بحرق علي الدوابشة وعائلته، الذين تستر عليهم وزير الدفاع موشي يعلون، وقال إنه "لا توجد أدلة كافية لإدانتهم".

واعتبرت الصحيفة أن هذه الحرب التي تستهدف كل صوت معارض لجرائم الاحتلال، حتى لو جاء من الداخل، تدور رحاها في الشوارع والمدارس ومبنى الكنيست، حيث أصبحت المعارضة الداخلية هي العدو الجديد للسياسيين المتطرفين، وأصبح ينظر لها تماما مثل حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في أوروبا، التي تصدى لها الملياردير اليهودي الأمريكي شيلدون أديلسون، صاحب شركات القمار والكازينوهات في الولايات المتحدة، ومالك "يسراييل هايوم" أهم صحيفة في "إسرائيل".

وقالت "المانيفستو" إن روفن ريفلن، رئيس الدولة وقائد حزب الليكود، لم يسلم بدوره من الانتقادات في الفترة الأخيرة، لأنه حضر مؤتمرا كان من بين المدعوين فيه نشطاء منتمون لمنظمة "كسر الصمت"، التي تقوم باستمرار بفضح جرائم جنود الاحتلال بحق الفلسطينيين، والتي تضمن آخر تقرير لها صدر في الصيف الماضي، عشرات الشهادات لجنود وضباط، تؤكد حدوث جرائم حرب خلال العدوان على غزة في صيف سنة 2014، "وهي إفادات يمكن الاعتماد عليها من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمة قادة عسكريين ووجوه سياسية بارزة على دورها في هذا العدوان".

وفي إطار هذه الحملة؛ تمارس الحكومة الإسرائيلية ضغوطا كبيرة على الجنود الذين قبلوا بالإدلاء بشهاداتهم أمام منظمة كسر الصمت، وقد أصدر موشي يعلون قرارا بمنع العسكريين من تقديم أية معلومات أو شهادات لهذه المنظمة. وذهبت جمعية "تورزو" اليمينية المتطرفة إلى أبعد من ذلك، حيث ادعت امتلاكها إثباتات على أن منظمة "كسر الصمت" تتلقى تمويلا من فلسطين، بينما طالبت منظمة "الجنود الذين سقطوا في الحرب" بإصدار قرار بحل هذه المنظمة ومنعها من النشاط.

وأشارت إلى أن بنيامين نتنياهو؛ أصر في خطاباته أمام الكنيست على الدفاع عن ممارسات جيش الاحتلال، وهاجم بشدة بعض السياسيين، من أمثال زعيم حزب العمال إسحاق هرتزوغ، الذي اعترف على مضض بحق هذه المنظمة في النشاط "حتى لو كانت معارضة للسياسات الإسرائيلية".

ونقلت الصحيفة عن أفيخاي شتولر، المتحدث باسم منظمة "كسر الصمت"، قوله إن "المنظمة تسعى للدفاع عن حقها في التعبير، في مواجهة من يريدون إسكات كل صوت معارض لاحتلال الأراضي الفلسطينية، وهي تتحرك في إطار القانون، وتقوم بتوعية الناس في الشوارع، لمواجهة أكاذيب السلطات الإسرائيلية".

وأضاف شتولر: "بعد خمسين سنة من الاحتلال، حُرم خلالها الفلسطينيون من حقوقهم، لا نفاجأ بأن مثل هذه الانتهاكات تتم ممارستها أيضا ضد الإسرائيليين المعارضين، ولكن مهما تصاعدت الحملة الموجهة ضدنا؛ سنصر على مواصلة جهودنا، وإيصال صوتنا".
التعليقات (0)