كتاب عربي 21

برلمان غير محزن!!

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
عليا الطلاق ما أنا حالف، عليا الطلاق لا تحلف، مش معترف بـ25 يناير، أنا حر، الدستور مواد، مش ديباجة، احلف بقى احلف، طب هاحلف بس مش من قلبي.. 

الحوار السابق جرى في برلمان ما، في دولة ما، في العام 2016 من ميلاد السيد المسيح، القصر العيني، ميدان التحرير، القاهرة، مصر، كوكب الأرض، مجرة درب التبانة. 

أي والله العظيم، حدث، وتخلله أشياء ظريفة أخرى، معظمها في ظاهره مفجع، إلا أن إضاءة السياق تكشف لك أنها في أغلبها ظواهر لطيفة وممتعة، تروق البال، وتجلي الهم، وتسلي في هذ الأيام المملة، وقد تمنحك بعض الدفء وسط برودة الأجواء السياسية والإنسانية والمناخية.

برلمان مصر، بالأحرى برلمان السيسي، ليس تجنيا على الحقيقة، هو برلمانه دون غيره، أعضاؤه، رجاله، شغله، أجهزته، تخطيطه، تربيطاته، هو بعينه بغباوته بشكله العكر. 

شهادة حازم عبد العظيم، أحد مؤيدي السيسي، العائد من تقسيم الكعكة بـ"اللاشيء"، جاءت متوافقة تماما مع كل ما يردده هؤلاء المأفونون من أصحاب نظرية المؤامرة، الذين لا يكفون عن ترديد أن ما حدث يوم 30/ 6 نتاج شحن إعلامي، كاذب، وإشاعات روجتها أجهزة فاسدة، واستئجار بلطجية، وثوار ومواطنين جرى التلاعب بآلامهم وأحلامهم ودفعهم دفعا للانقلاب على أنفسهم، بدعوى أنه لا بديل سوى الهاوية، حازم قال باختصار إن البرلمان القائم في مصر اختارته الأجهزة على أعينها، وفرزته، ونقحته، عضوا عضوا، اختلف اللصان فظهر المسروق، لم نكن نحتاج لشهادة أحدهما، لكن بعض الونس لا يضر، لعلهم يفيقون!!

يخرج مصطفى بكري – أعزكم الله – غضبانا، مهرولا، مزمجرا، "مكلضما"، "مبرطما"، من المجلس الموقر، يلتقطه بعض الجرنالجية، ما الذي يحدث يا سيادة النائب؟، يشكو بكري ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على السيسي، أو بالأحرى أجهزته التي لم "يطمر" فيها خدمة العبد فتركته ليرسب في انتخابات المجلس – لا مؤاخذة – الداخلية، يتحدث بكري – أعزك الله – عن الفساد، وعن التوجيهات، والتعليمات بانتخاب أعضاء بأعينهم، يحاول زملاؤه في العصابة تهدئته، لا يهدأ، لكنه لا يحلف بالطلاق، حلو بكري، منضبط، يسألهم: كان فيه تعليمات ولا لأ؟ فيرد أحدهم وسماجة النواب في عينيه: كان فيه، لينهي بكري: بس خلاص، ولا يفوته أن يقول أمام الكاميرات: أنا نازل بكره عشان مصر، من أجل مصر، من أجل هذ الشعب المكافح........ إلخ. 

لقد اختار السيسي منذ اليوم الأول، 3 /7، أن يؤمم المجال العام، أغلق قنوات معارضيه، أغلق شركاتهم، صادر أموالهم، سجنهم، وقتلهم، ومن تبقى هرب، ليتعقبه باتهامات الخيانة والعمالة والأحكام المسيسة التي تحول بين أكبر مجنون والرجوع، شيطنهم جميعا، وأغلق سدادة البكابورت على من تبقى من أبناء الشعب المكافح، ليحكمه وحده، ويوجهه وحده، ويختار له وحده، ويمنح من يشاء صكوك الغفران الوطني، ويشلح من يشاء، ويعطي من يشاء بغير حساب من أموال المصريين، ويحرم من يشاء، لم يكتف السيسي بالتأله، تجاوزه إلى صيغة لم تستوعبها اللغة بعد، وكان ما كان من أمر كل شيء، من فض رابعة إلى البرلمان، ظلمات بعضها فوق بعض، الفارق أن البرلمان بالفعل غير محزن!

غير محزن – بالنسبة لي على الأقل -  أن يبدو أعضاء البرلمان الموقر كأنهم لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية وهم يستشهدون بآيات الله، ويحلفون اليمين، غير محزن أن يبدو البرلمان، مثل شادر البطيخ كما وصفه أحد أعضائه، فوضى، وهرج، وصور سيلفي، وتحرش، وإظهار لماركات الساعات، و"باي باي"  للأهل والأقارب، كأي مشجع يشير لأهله من خلف الكاميرا التي تسجل مع عماد متعب!!!

غير محزن أن يقف "جربوع" مثل مرتضى منصور ليعلن أنه لا يعترف بـ 25 يناير، المصيبة كانت ستكمن في اعترافه، الحمد لله أنه لم يفعل، ثورة بنت حلال، لا يريد الله أن يدنسها باعتراف واحد من بلطجية موقعة الجمل.

غير محزن أن ترى خالد يوسف، المزيف، الذي تصورناه يوما، على غير حقيقته، وهو واقف "يدادي" ويراضي، مرتضى، كي يحلف، ويحلف عليه بالطلاق، أن يحلف، ومرتضى مثل العانس التي يدعونها للرقص فتمثل إنها مكسوفة، مع إنها "حيحانة" و"هتموت" وتهز وسطها.

غير محزن، انتخاب محامي فاسد، صاحب سمعة قذرة، وتاريخ مهني وأخلاقي مدنس، لرئاسة لجنة حقوق الإنسان، المحزن أن يجري اختيار شخصية جادة تعكس أي اهتمام من أي نوع، أو أي مستوى من مستويات الجدية، لجنة تحمل هذا الاسم، في برلمان لا يحمل هذه الصفة، من الطبيعي أن تكون بهذا الشكل، بل من المبهج، والمبشر!

غير محزن، على الإطلاق، استقالة: عم كمال أحمد، أحد البرلمانيين المخضرمين، الذين أصروا أن يصدقوا، الذين تمسكوا بالأمل ما بعد الأخير، فإذا به يصطدم بـ "شادر بطيخ" كما وصفه، ويعلن استقالته من اليوم الأول، فيتصل به أعضاء الشادر ليضغطوا، كي لا تكبر الفضيحة، يتراجع أو لا، لم يعد مهما، فقد قال الرجل كل شيء، وسجل ما نريده من شهادة أحد أعضاء المجلس الذين يمنحونه صفة الموقر في أنه لا فائدة!

غير محزن أن يتخذ الأعضاء المفبركون قرار بمنع البث، وتشفير جلسات السيرك القومي المسمى برلمانا، سترا لفضائحهم، بعد أن كان لبرلمان الثورة قناة لا ينقطع بثها، آناء الليل وأطراف النهار، تنقله على الهواء، جلسة جلسة، وتعيده على الناس، مشهدا مشهدا، طوال الأسبوع، قل ما شئت في برلمان سميناه برلمان قريش، فيما كان المعبر بصدق عن اختيارات المصريين، في هذه اللحظة، جزء من عمر التجربة، سرعان ما كنا سنتجاوزه، وتصحح الديموقراطية أخطائها، كما يحدث في كل التجارب الوليدة، مارس أقصى درجات التعسف، والظلم، وقل أنهما سواء، برلمان الثورة، وبرلمان السيسي، استمر في تنفيذ خطة الانقلاب على نفسك، وحلمك، وتجربتك، افعل ما شئت، لكن الذهب الذي لم تجله نيران التجربة، لن يتساوى يوما مع النحاس لمجرد أن الأخير يلمع، يظل الذهب ذهبا، والنحاس نحاسا، وهذا وحده كافيا ألا نحزن!!

لماذا؟ لأننا راهنا على هذا كله، منذ اليوم الأول، الأنظمة القمعية، الانقلابية، الدموية، لا تعرف الحريات، ولا تنتج البرلمانات، ولا تسمع سوى الصوت الواحد، الرصاصة، ومن بعدها اللاشيء، فلماذا نحزن وقد تحقق كل ما توقعناه ولم نرده يوما؟

المحزن حقا، أن هؤلاء هم من هزمونا، ذلك لأن وساختهم، وحدها، كانت سببا كافيا ليتجاوزوا كل ما بينهم من صراعات وعداوات وأحقاد، ويتحدوا علينا، فيهزمونا، فيما لم تكفنا دماء آلاف الشهداء، وبراءة أحلامهم، ونبلهم، وشرف مقصدهم، وأيامنا معهم في ميادين الحرية، كي نتجاوز ما بيننا من خلافات ساذجة، ثقلنا، غصنا، وطفوا...

إلى حين!

للتواصل مع الكاتب عبر موقع فيس بوك:
https://www.facebook.com/mohamed.t.radwan
التعليقات (3)
ثقلنا، غصنا، وطفوا.
الخميس، 14-01-2016 02:33 م
ثقلنا، غصنا، وطفوا.
يسري ابو فول
الخميس، 14-01-2016 12:08 م
اكاد اجزم ان اخراج هذا (المجلس/جبلايه القرود) علي هذا النحو مقصود لصرف الانظار و الانتباه عن رأس الافعي ذاته بعد هذا المسلسل من الفضائح والخيبه و الفشل كما و كيفا ....
امال محمد
الخميس، 14-01-2016 10:50 ص
مقال رائع وتوصيف للحالة شديدالبلاغة شابوة

خبر عاجل