كتب

ليلى مراد: مسلمة رفضت "مأساة فلسطين" واتهمت بدعم إسرائيل

"مأساة فلسطين" أول عمل فني يضع يده على الجرح الفلسطيني ـ غوغل
"مأساة فلسطين" أول عمل فني يضع يده على الجرح الفلسطيني ـ غوغل
كشف كتاب جديد عن الفنانة المصرية الراحلة ليلى مراد، تفاصيل مثيرة من حياتها ومسيرتها الفنية، وسجل أنها دفعت ثمنا للتطورات السياسية بعد وصول جمال عبد الناصر إلى حكم مصر، مشددا أن إسرائيل رفضت الاعتراف بإسلامها وحاولت الضغط عليها.

ونشر أشرف غريب مؤلف كتاب (الوثائق الخاصة ليلى مراد) عددا من الوثائق، من بينها وثيقة زواج ليلى من أنور وجدي في 15 تموز/يوليو 1945 و"وثيقة إسلامها رسميا" يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 1947 أمام قاضي المحكمة الشرعية آنذاك الشيخ حسن مأمون الذي تولى عام 1955 منصب مفتي الديار المصرية ثم أصبح عام 1964 شيخا للأزهر حتى وفاته عام 1973.

ورغم أن ليلى مراد أسلمت، لكنها تعرضت بعد ثورة 1952 لاتهام بزيارة إسرائيل والتبرع لجيشها، وفي قمة مجدها اعتزلت ليلى وابتعدت عن الأضواء 40 عاما، وبعد وفاتها يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 أطلت الشائعات مرة أخرى لتطارد سيرتها.

ويقول المؤلف إن الملايين التي أحبت "النجمة الاستثنائية" منذ فيلمها الأول (يحيى الحب) حتى فيلمها (قلبي دليلي) عام 1947 لم يشغلها كونها "يهودية الديانة تماما مثلما لم يكن يستوقفهم أن نجيب الريحاني مسيحي وأن يوسف وهبي مسلم... من هنا كان استقبال نبأ تحول ليلى مراد من اليهودية إلى الإسلام هادئا عند الإعلان عنه رسميا عام 1947".

ويسجل أيضا "محاولات إسرائيل الدؤوبة التمسح فيها والنيل من إسلامها ومصريتها"، وأن فرعا من عائلتها هاجر إلى إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 1949 "ظل حتى مماتها لا يعترف بإسلامها وبذل محاولات مضنية للتواصل معها ودعوتها للهجرة إلى هناك... لكنهم وباعترافهم لم يجدوا إلا الصد".

ويقول إن فيلم (شادية الوادي) الذي أخرجه عام 1947 يوسف وهبي وقام ببطولته أمام ليلى تضمن استعراضا "لا علاقة له" بقصة الفيلم، وعنوان الاستعراض هو "أوبرا الأسيرة.. أو مأساة فلسطين" من تأليف أحمد رامي وتلحين رياض السنباطي وغناء ليلى وكارم محمود وآخرين.

وتضمن الكتاب صورة لبيانات "أوبرا الأسيرة" تشمل اسمي المؤلف والملحن وكلمات الأغاني التي تقول بعض سطورها: "يا رجال ابن سعود أدركونا بالجنود... يا صناديد الفرات ساعدوا في النائبات... يا جنود الأرز هيا شعب لبنان وسوريا... من ضفاف النيل جئنا في عداد الأوفياء... اليوم صرنا وحدة عربية قامت على عزم الرجال المخلصين".

ويعلق غريب قائلا إن استعراض "مأساة فلسطين" في هذا الفيلم سبق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 والذي يحمل رقم 181 والخاص بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود كما سبق "نكبة 1948"، وأنه كان "أول عمل فني يضع يده على الجرح الفلسطيني، بل ويتنبأ بما سوف يحدث من دخول القوات العربية متطوعين ونظاميين إلى فلسطين"، وأن الأوبريت كان سابقا على "الإشهار الرسمي لإسلام ليلى مراد".

وقضى الناقد السينمائي المصري 20 عاما في قراءة الوثائق الخاصة بالفنانة المصرية ليلى مراد- التي ولدت في مثل هذا اليوم قبل 98 عاما- ليخرج بكتاب يوثق مسيرتها الفنية وحياتها الشخصية.

ولم تحظ فنانة مصرية بما أحاط بليلى مراد من ألغاز والتباسات اختلطت فيها الشائعات بالحقائق، فهي يهودية صارت نجمة ذات شعبية طاغية في مجتمع مسلم كان يتسم بالليبرالية والتسامح.

ولدت ليلى في 17 شباط/فبراير 1918 لأب ملحن ومطرب هو زكي مراد ورثت عنه جمال الصوت. وكان شقيقها منير موسيقيا وممثلا خفيف الظل، أما شقيقتها سميحة فكان عمرها الفني قصيرا إذ قامت ببطولة فيلم وحيد هو (طيش الشباب) الذي أخرجه أحمد كامل مرسي عام 1951 وشاركها البطولة كل من حسين رياض ومحمود المليجي.

وتملك ليلى مراد 238 أغنية و27 فيلما آخرها (الحبيب المجهول) الذي أخرجه حسن الصيفي عام 1955 وكان عمرها 37 عاما.

ويقول غريب في كتابه (الوثائق الخاصة ليلى مراد) إن اطلاعه على الوثائق الخاصة بالفنانة الراحلة "خلص سيرتها.. من كل الآفات والنواقص التي شابت السير الذاتية المماثلة"، راجيا أن تتاح الوثائق والمستندات الشخصية والرسمية قبل التصدي للتأريخ لحياة المشاهير من أهل الفن.

ويقول المؤلف إن رحلته مع الوثائق الخاصة بليلى مراد بدأت حين دخل منزلها عقب وفاتها عام 1995 واطلع على "أصول مجموعة الوثائق الرسمية والخاصة التي تؤرخ لحياتها بشكل منضبط... تعطي صورة حقيقية ودقيقة" عن حياة فنانة برزت في الغناء والتمثيل ثم وجدت نفسها "طرفا في معادلات سياسية في زمن اتسم بالضبابية وعدم وضوح الرؤية" عقب ثورة 1952.

والكتاب الذي يقع في 223 صفحة كبيرة القطع أصدرته (دار الشروق) في القاهرة، يتميز بما يشمله من وثائق وعشرات الصور الفوتوغرافية التي سجلت جوانب من حياة ليلى مراد الفنية والعائلية منذ كانت تلميذة وسط زميلات المدرسة وكتيبات دعائية لبعض أفلامها إضافة إلى صور مع أزواجها الثلاثة ومنها "الصورة الوحيدة التي تجمع ليلى بزوجها وجيه أباظة" -مدير الشؤون العامة بالقوات المسلحة آنذاك- بحضور محمد عبد الوهاب والممثلة المصرية زينب صدقي.
التعليقات (0)