سياسة عربية

كواليس الجلسات المغلقة للتوافق حول أمين الجامعة العربية

اعترضت السودان هي الأخرى على أبو الغيط قبل أن تتراجع- أ ف ب
اعترضت السودان هي الأخرى على أبو الغيط قبل أن تتراجع- أ ف ب
ما بين اعتراض دولة قطر على المرشح المصري لأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وتراجعها عن ذلك، عقدت ثلاث جلسات تشاورية، وأربعة لقاءات ثنائية وثلاثية على مدار سبع ساعات متواصلة، داخل الغرف المغلقة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

السودان على خطى قطر

وقال موقع قناة "الغد العربي" المقربة من الإمارات:" رغم أن الموقف القطري لم يكن متوقعا، إلا أن الموقف السوداني المؤيد لقطر هو الأكثر غرابة".

وتابع الموقع أن قطر اعترضت على أبو الغيط منذ بداية اللحظة الأولى للجلسة التشاورية على مستوى وزراء الخارجية العرب، بسبب صدامه معها إبان توليه حقيبة الخارجية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وطالبت بإرجاء التصويت شهرا "إلى حين الوصول إلى توافق"، لتؤيد السودان هذا الموقف.

واستندت قطر في هذا الموقف إلى نص في لائحة الجامعة يلزم بانتخاب الأمين العام "في غضون شهر" من اجتماع الدورة غير العادية المطلوب منها اختياره.

وأضاف موقع قناة "الغد العربي" أن القاهرة تشبثت بالانتهاء من الملف أمس رافضة المهلة التي طلبتها قطر، ودعت إلى التصويت على أبو الغيط لنيل ثلثي الأصوات، وفق اللائحة التي تقول بالتصويت في حال غياب الإجماع أو غياب قاعدة "التوافق".

وأوضحت مصر أن قاعدة التوافق في غضون شهر تعني أن الشهر بدأ بالفعل باجتماع الدورة غير العادية، وقال وزير الخارجية المصري: "التصويت مساء اليوم على اختيار أمين عام الجامعة العربية، ومصر لا تقبل التأجيل.. إما التصويت على الاقتراح القطري بالتأجيل، وإما التصويت على اسم المرشح المصري".

وكشف الموقع أن القاهرة كانت متأكدة من تأييد جميع الدول العربية لها، باستثناء السودان وقطر، في حين يبقى صوت ومقعد سوريا في الجامعة مجمدا.

لكن دولا عربية عدة دعت مصر إلى الصبر والتريث، مصرة على مبدأ الإجماع، لتبدأ الجلسات التشاورية،  واللقاءات الثنائية والثلاثية المغلقة، والتنقلات المكوكية بين القاعات.

بالموازاة مع ذلك، جرت اتصالات مع عدد من القادة العرب، وتابع "الغد العربي" أن السودان سحب اعتراضه، فيما تمسكت قطر باعتراضها، مبينة أنها تعترض على اسم المرشح، لا على جنسيته.                                                                   
جلسات سرية مغلقة

وكشف الموقع أن السعودية والإمارات بذلتا جهدا لإقناع قطر على الموافقة على المرشح المصري، إذ اجتمع من وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والإمارات وقطر ونائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي، في قاعة مغلقة، قبل أن ينضم إليهم نائب وزير الخارجية الكويتي.

"وتوالت اللقاءات بمشاركة وزير الخارجية البحريني، وبعد إخفاق المحاولات، بدأ اجتماع تشاوري لكل الوفود ترأسته البحرين، ولم يحسم الملف، فانتقل الوزراء إلى افتتاح دورتهم العادية رقم 145، ثم عادوا إلى جلسة تشاورية في إطار الدورة غير العادية التي طلبتها مصر لتسمية الأمين العام الجديد، قبل أن يعقدوا جلسة ثالثة لمناقشة اختيار الأمين العام"، حسب ما نشر مقوقع قناة "الغد العربي" المقربة من الإمارات.

البحث عن التوافق العربي

ونقل الموقع عن دبلوماسي إماراتي قوله إن الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، أجرى اتصالا مع أمير قطر الشيخ تميم، طالبا تراجع بلاده عن الاعتراض على أبو الغيط حفاظا على التوافق العربي، وترك فرصة لتنقية الأجواء مع القاهرة،

وأبلغ بن زايد أمير قطر أن بلاده تقف الآن "وحيدة" معترضة أمام توافق عربي عام على اسم المرشح المصري، ورجح الموقع أن يكون هذا الاتصال سبب تراجع قطر عن موقفها قبل عقد الجلسة التشاورية الأخيرة  لوزراء الخارجية العرب.

مصر تتشبث بمرشحها

وأوضح الموقع أنه اقترح على مصر، خلال اللقاءات التشاورية مع الوزراء العرب، ترشيح وزير خارجيتها الحالي سامح شكري بدل أبو الغيط، إلا أنها تشبثت بمرشحها، وأصرت على التصويت مساء اليوم ذاته على المرشح لمنصب الأمين العام.

ونقل "الغد العربي" عن الدبلوماسي العربي بدر الدين منصور، قوله إن إن مصر لن تقبل تكرار سابقة تاريخية قطرية، إذ رشحت الدبلوماسي عبد الرحمن العطية لينافس الدبلوماسي المصري مصطفى الفقي، لأول مرة في تاريخ جامعة الدول العربية، في منتصف مايو/ أيار 2011.

وتابع أن الدوحة سحبت مرشحها من المنافسة، لأنها كانت تشترط أن يكون مرشح القاهرة وزيرا للخارجية، لأن مرشح الدوحة كان مندوبا دائما لقطر لدى الأمم المتحدة فضلا عن كونه الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي. وهنا، يظهر دور قطر في التأثير في الترشيح المصري، وهو ما لا تقبل مصر بتكراره، حسب منصور.                                                                                

مصر ترفض التدخل في اختياراتها

ونقل الموقع عن دبلوماسي مصري، قوله على هامش المشاورات السرية: "نحن لا نطرح أسماء ثم نبدلها بصفة عشوائية، هذا لا يحدث، واختيار مصر لمرشحها على أسس وقواعد محددة، ولن نقبل بتدخل أحد في اختياراتنا وترشيحنا، إنه تطاول على قدر الدبلوماسية المصرية وتاريخها الطويل".

وأضاف: "ومصر أكبر من لعبة التبديل والتغيير في الأسماء"، مبينا أن ترشيح بلاده لأبو الغيط يأتي كعُرف للأسرة الدبلوماسية المصرية بترشيح أكبر المنتمين إليها سنا وترقيا في السلك الدبلوماسي، لهذا المنصب، الذي يعد على أهميته تكريما أخيرا لشخص خدم الدبلوماسية المصرية لفترة تزيد على الثلاثين عاما، وأنه بخلاف هذا لا يدل اختيار أبو الغيط على توجهات تريد القاهرة إنفاذها داخل الجامعة العربية.

تفاهمات مصرية ـ قطرية

ورجحت مصادر داخل أروقة الجامعة العربية، أن يكون تراجع قطر عن اعتراضها على المرشح المصر، لوجود تفاهمات مصرية قطرية، بشأن دعم الدوحة للمرشح المصري لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، مقابل دعم القاهرة للدوحة لشغل مرشحها حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث القطري والمستشار الثقافي للأمير تميم بن حمد، لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" الذي سيخلو في عام 2017.
التعليقات (1)
سالم
الجمعة، 11-03-2016 09:56 م
وهذا دليل على أن الجامعة لاتمثل تطلعات الشعوب العربية وإنما هي مكتب من مكاتب الخارجية المصرية ممثلة احد المستبدين .