مقالات مختارة

الأزهر يسدد فواتير الدولة القمعية!

محمود سلطان
1300x600
1300x600
من الإفيهات التي تلوكها ألسنة "المتثاقفين".. أن مناهج التعليم ـ خاصة بالأزهرـ  هي سبب التطرف الديني وانتشار الإرهاب! كلام.. من قبيل التكاسل "الأهبل" وادعاء التنوير، ويرفع أحدهم حاجبه وينزل الآخر، ويثرثر وكأنه عالم ببواطن الأمور، فيما هو كلام مبتذل ومتداول لا يقوله إلا الكسالى والمتثائبون أو المتواطئون والحلفاء لصناع التطرف والإرهاب الحقيقيين. فمناهج التعليم "غير إسلامية".. وما تبقى من كتب لها طابع تربوي ديني، جرى حرقه، في مشهد همجي وكأننا في عصور الانحطاط أو في عهد جوزيف جوبلز النازي في ألمانيا الهتلرية.

نعود مرة أخرى لنقول، إنه بالتأكيد إن ثمة مشاكل كثيرة تتعلق بمستوى التعليم، ولكن في النهاية فإنها ترجع إلى "إهمال" الدولة وتراجع الإنفاق الحكومي عليه وعلى البحث العلمي، فيما تنفق بسخاء على التسليح وعلى الأجهزة الأمنية القمعية. ومع ذلك فإن تعليق "التطرف" في رقبة التعليم، يظل من قبيل النصب وإلهاء الرأي العام بعيدا عن الأسباب الحقيقية لتنامي التطرف وتطوره لاحقا إلى حمل السلاح ضد الدولة.

فمن الثابت.. أن غالبية قادة الجماعات والتنظيمات المتطرفة، حصلوا على قسط وافر من التعليم عالي المستوى وتخرجوا في كليات القمة، ومعظمهم أطباء ومهندسون وباحثون.. وقضوا سنوات تحصيلهم العلمي في جامعات علمية علمانية وليست دينية.. وسبق أن قلت بأن أيمن الظواهري طبيب جراح وهو ابن مجتمع النخبة المخملية في المعادي.. وكذلك "شيخه" أسامة بن لادن، تخرج فى كلية الاقتصاد، وهو رجل أعمال ناجح، ينحدر إلى أسرة سعودية بالغة الثراء، تمتلك شركات مقاولات عملاقة وعابرة للقارات.. وغالبية قادة جماعة الجهاد في مصر، ينحدرون إلى أصول طبقية ترفل في مستوى اجتماعي ومعيشي، كانت ـ بحسب الحسابات المتعارفة ـ تكفي لصرفهم بعيدا عن أي عمل قتالي ضد الدولة.. وتخرج بعضهم في أكاديميات عسكرية شهيرة.. يعني كانوا جنرالات بالجيش. وعليه.. فإنه إذا سلمنا بقاعدة "مسؤولية التعليم" عن التطرف .. فإنه اتهام يحملنا على التساؤل حول ما إذا كانت مناهج التعليم في الكليات العسكرية، تدعو إلى "التطرف" أو إلى الخروج المسلح عن الدولة؟! أو ما علاقة التعليم في الكليات العسكرية، ووجود "ضباط" سابقين في صفوف الجماعات التي توصف بـ"المتطرفة"؟! التطرف والإرهاب، ليس له علاقة بمناهج التعليم. والقاعدة الضابطة لهذه المسألة، أنه لا يوجد بين "المتطرفين" خريج واحد من الأزهر الذي يتهمونه بأنه "حاضنة التطرف"؛ فالتطرف أو الاعتدال ـ إذن ـ لا علاقة له بالتعليم، وإنما بالنظام السياسي، وما إذا كان ديمقراطيا أو ديكتاتوريا وقمعيا؛ فالقمع ومصادرة الحريات والتعذيب والأحكام الجائرة، هي الصانع الحقيقي للإرهاب والتطرف.. وبلاش لف ودوران.

عن صحيفة المصريون المصرية
0
التعليقات (0)