ملفات وتقارير

لوائح الانتخابات النيابية تهدد توافق الإسلاميين بالجزائر

اعتبرت التحالفات الانتخابية مدخلا لتوحيد الأحزاب الإسلامية بالجزائر في حزبين كبيرين - أرشيفية
اعتبرت التحالفات الانتخابية مدخلا لتوحيد الأحزاب الإسلامية بالجزائر في حزبين كبيرين - أرشيفية
طرأت خلافات غير منتظرة، بين أحزاب التيار الإسلامي، المتكتلة بفصيلين رئيسين بالجزائر، وذلك على خلفية عدم الاتفاق حول تصدر اللوائح الانتخابية "الموحدة"؛ للانتخابات النيابية المرتقبة في 4 أيار/ مايو القادم.

وأبرمت كل حركة النهضة، برئاسة محمد دويبي، وجبهة العدالة والتنمية، برئاسة عبد الله جاب الله، وحركة البناء الوطني، بزعامة مصطفى بومهدي، اتفاقا لإنشاء "التحالف الاستراتيجي الاندماجي التوافقي"، في كانون الثاني/ يناير الماضي، في إطار وحدة تنصهر فيها الأحزاب الثلاثة بحزب واحد، على أن تبدأ الوحدة بإعداد لوائح انتخابية موحدة.

ومن جهتها، أبرمت حركة مجتمع السلم، وهي كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر ويتزعمها عبد الرزاق مقري، اتفاق وحدة مع جبهة التغيير، برئاسة عبد المجيد مناصرة، خلال الشهر ذاته، واتفق الحزبان على إعداد لوائح انتخابية موحدة لمرشحيهما للانتخابات النيابية.

لكن خلافات دبت بأروقة التكتلين السياسيين الإسلاميين؛ حول طريقة ترتيب الأسماء في اللوائح الانتخابية بالمحافظات، وبخاصة في العاصمة؛ التي لها 37 مقعدا من مجموع 460 مقعدا برلمانيا.

تحالف "النهضة" و"العدالة" و"البناء"

ولم ترسُ التفاهمات بين قيادات التحالف الإسلامي الذي يجمع حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني؛ على قرار بخصوص من ستؤول إليها المرتبة الأولى ضمن اللوائح الانتخابية.

ويعتقد الإعلامي الجزائري المختص بالأحزاب الإسلامية، جلال بوعاتي، أن "لائحة محافظة العاصمة، تشكل أهم لائحة يتصارع حول صدارتها مرشحو تلك الأحزاب، باعتبار أن تبوؤ صدارة لائحة العاصمة، يعني الفوز بالانتخابات مباشرة".

وقال بوعاتي لـ"عربي21"، إن "هذا التكتل الثلاثي رشّح ثلاثة أسماء لتصدر لائحة، ويتعلق الأمر بكل من يوسف خبابة وهو برلماني حاليا عن حركة النهضة، وحسن عريبي وهو أيضا برلماني بالوقت الحالي عن جبهة العدالة والتنمية، وسليمان شنين وهو مدير صحيفة الرائد، عن حركة البناء الوطني".

ويعتقد بوعاتي أن "عدم حسم التكتل الثلاثي بلائحة العاصمة، ولوائح عدد من المحافظات، في ظل الصراع والانسداد بين مرشحي الأحزاب المتكتلة، يهدد اتفاق الوحدة الذي أبرمته قيادات تلك الأحزاب في كانون الثاني/ يناير الماضي".

غير أن القيادي بجهة العدالة والتنمية، والبرلماني، الأخضر بن خلاف، هوّن من احتمال أن تعصف تلك الخلافات باتفاق الوحدة، ورأى في تصريح لـ"عربي21"؛ أن "التنافس حول صدارة اللوائح الانتخابية يعكس جوا تنافسيا طبيعيا"، مضيفا: "أعتقد أن هذا التنافس ظاهرة صحية تعكس الحرص على أن يكون التمثيل النيابي بمستوى تطلعات المناضلين والمواطنين الجزائريين"، كما قال.

وبحسب بن خلاف، فإن "لائحة العاصمة لا تختلف عن باقي لوائح المحافظات الأخرى ولوائح الجالية بالخارج، من حيث اشتراط مواصفات محددة، ومراعاة معيار الانتشار الحزبي والوعاء الانتخابي".

بيد أن سليمان شنين، القيادي في حركة البناء الوطني، يقر بصعوبة مهمة التكتل الإسلامي بحسم الخلافات بين المترشحين في إطار التكتل ، مضيفا لـ"عربي21": "بكل الأحوال يفترض أن يتم الحسم باللوائح الإنتخابية بجل المحافظات نهاية الأسبوع الجاري، ويفترض توزيع صدارة اللوائح بالتساوي بين مرشحي الأحزاب الثلاثة"، وفق قوله.

حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير

كما تشهد عمليات إعداد اللوائح الانتخابية للاستحقاق النيابي داخل تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير، خلافات شأنها شأن الخلافات التي يشهدها التحالف السالف الذكر، باعتبار أن حركة مجتمع السلم هي الحزب الإسلامي الأكبر بالجزائر، وحصادها بالانتخابات سيكون أكبر من الأحزاب الإسلامية الأخرى.

كما حسم التحالف أمر لائحة محافظة العاصمة، بترشيح مدير المكتبة الوطنية الجزائرية، ياسر عرفات، المنتمي لحركة مجتمع السلم، على رأس القائمة، إلا أن التوصل إلى اتفاق بشأن ذلك سبقه تنافس شرس من مرشحين ينتمون لجبهة التغيير التي يرأسها عبد المجيد مناصرة.

وتلقت قيادتا حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير أزيد من 60 طلب ترشيح ضمن لوائح التحالف الثنائي، بمحافظة العاصمة فقط، ولم تحسم الخلافات في العديد من المحافظات التي بلغ بها التنافس أوجه، بحسب تقارير إعلامية.

قلق على "الوحدة"

وأثارت الخلافات بين مرشحي الحزبين، مخاوف من العصف باتفاق الوحدة المبرم قبل نحو شهر، حيث دعا عبد الرزاق مقري، بمنشور عبر صفحته على "فيسبوك"، قيادات حركته إلى "الالتزام بتوصيات مجلس الشورى الوطني بخصوص مسار الوحدة مع جبهة التغيير".

ومن جهته، عقد مناصرة اجتماعا طارئا لقيادات حزبه، يوم الأحد، تناول خلاله مستجدات عمليات الترشيح باللوائح الانتخابية، ودعا إلى ضرورة احترام اتفاق الوحدة المبرم مع نظيره عبد الرزاق مقري.

ويراهن الإسلاميون بالجزائر على أن تشكل الانتخابات النيابية المقبلة؛ منعرجا إيجابيا بمسارهم الذي تعثر خلال انتخابات 2012، التي اتهموا خلالها السلطة بتزوير نتائج الاستحقاق التشريعي، بعد أن حصد حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، 220 مقعدا.

وقال مناصرة في مقابلة سابقة مع "عربي21": "حظوظ الإسلاميين انتخابيا في الجزائر لا تزال وفيرة، ولكنها لا تصل إلى الهيمنة، بل قد لا تتجاوز 40 في المئة، في حال كانت الانتخابات نزيهة، ولن تنزل تحت 25 في المئة إذا كانت الانتخابات مزورة؛ لأن التزوير لم يعد متاحا بنفس الكيفية والدرجة، ولكنني أتمنى أن تستغل الانتخابات القادمة فرصة للحل والتوافق.. فرصة للسلطة، وهي أيضا فرصة للمعارضة، فعلى الجميع أن لا يضيّعها من أجل الجزائر".
التعليقات (0)