ملفات وتقارير

لماذا انقلب ترامب على السيسي وجمّد مساعدات كبيرة لمصر؟

أرشيفية
أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، اتصالا هاتفيا بقائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسى، بعد ساعات من قرار بلاده حجب مساعدات مقررة لمصر بقيمة إجمالية 290 مليون دولار بسبب "إخفاق النظام المصري في تحقيق تقدم بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية".

وكانت واشنطن قد قررت الأربعاء تجميد مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار وتأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى لمصر.

وأكدت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية "هيذر نويرت" يوم الخميس، أن بلادها ستعيد المساعدات لمصر إذا شهدت تقدما في حقوق الإنسان، مؤكدة أن واشنطن تراقب الأوضاع، وإذا رأت حركة في الاتجاه الصحيح ستستأنف المساعدات لمصر.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن هذه الأموال المجمدة من المعونة، سيتم وضعها في حساب خاص، ويمكن لمصر الحصول عليها إذا تحسن سجلها في مجال الديمقراطية.

من جهتها، أعلنت الخارجية المصرية استنكارها لقرار الولايات المتحدة تخفيض بعض المساعدات الأمريكية لمصر، وأضافت في بيان لها يوم الأربعاء الماضي، أن "هذا الإجراء يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط البلدين، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها". 

هجوم من مؤيدي السيسي

وعقب القرار الأمريكي الأخير، شن سياسيون ونواب برلمانيون مؤيدون للنظام هجوما حادا على الولايات المتحدة واتهموها بالتآمر على مصر.

وفي هذا السياق، استنكر عضو مجلس النواب مصطفى بكري القرار الأمريكي، قائلا خلال برنامج "على مسؤوليتي" على قناة "صدى البلد" مساء الخميس، إن أمريكا عادت بشكل فج لممارسة ضغوطها على مصر لزعزعة استقرارها، ودفعها إلى مصير الدول المنهارة مثل سوريا والعراق.

كما وصف عضو مجلس النواب محمود بدر القرار الأمريكي، بأنه يأتي في إطار الفوضى التي تخلقها الولايات المتحدة في المنطقة والتي قررت مصر مواجهتها منذ سنوات، مؤكدا أن نظام السيسي يتصدى لمحاولات أمريكا تفتيت الدول العربية وتقسيمها إلى كانتونات مذهبية وطائفية، حسب قوله.

كما دشن نشطاء مؤيدون للنظام هاشتاجا بعنوان #مصر_أكبر_من_معونتكم تضمن هجوما حادا على الولايات المتحدة.

أسباب متعددة

وكشف مسؤول أمريكي لـ "نيويورك تايمز" نهاية تموز/ يوليو الماضي، أن الإدار الأمريكية تبحث قطع جزء من المعونة الأمريكية عن مصر؛ احتجاجا على إقرار قانون الجمعيات الأهلية الذي يفرض قيودا مشددة على المنظمات غير الحكومية.

فيما أرجع النائب محمود بدر أسباب تقليص المساعدات الأمريكية إلى رفض الولايات المتحدة للدور المصري في دعم بعض الأنظمة العربية، وبشكل خاص موقف القاهرة من الجيش الليبي والنظام السوري.

وزعمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن قوة العلاقات بين مصر وكوريا الشمالية، هي السبب الرئيسي وراء تعليق الإدارة الأمريكية لجزء كبير من المساعدات المقررة لمصر.

بينما قال مدير مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي إن قرار حجب المساعدات الأمريكية عن مصر ليس موقفا سياسيا، بل هو جزء من سياسة ترامب لتخفيف نفقات أمريكا الخارجية؛ لأنه يفكر بطريقة رجال الأعمال.

"ترامب الذكي"

الباحث السياسي محمد شوقي قال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو رجل ذكي يعرف كيف يأخذ ما يريده، مشيرا إلى أن علاقة ترامب الطيبة في بداية حكمه مع السيسي كان لها هدف واضح، وهو التمهيد لصفقة القرن التي على أساسها يتم وضع حد للقضية الفلسطينية برمتها.

وأضاف شوقي، في تصريحات لـ "عربي21" أن السيسي ابتلع الطعم وتخيل أن ترامب يقف بجواره في محاربة الاٍرهاب، لكنه في الحقيقة كان يخدع السيسي وباقي حكام الشرق الأوسط، وظهر ذلك بوضوح بعد الأموال الطائلة التي حصل عليها ترامب من رحلته الأخيرة للسعودية.

وأكد أن ترامب لم ينقلب على السيسي كما يقول كثيرون، مشددا على أن أمريكا دائما تبحث عن مصلحتها في المقام الأول، ومن الطبيعي أن تعيد النظر في المعونة التي تكبدها أموالا طائلة إذا رأت أنها لا تحقق أهدافها السياسية.

استجابة لضغوط داخلية

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية محمود السعيد إن دونالد ترامب يتعرض لضغوط كبيرة داخل بلاده، وهناك تحقيقات معه واتهامات له بالتواطؤ مع روسيا وقت انتخابات الرئاسة الأخيرة، مشيرا إلى أن قرار حجب جزء من المعونة عن مصر تم اتخاذه بعيدا عن ترامب.

ولفت السعيد، لـ "عربي21"، أن الكونجرس يعتقد أنه ينفق مبالغ طائلة على المعونة المقدمة لمصر وأن هذه الأموال لا تذهب إلى مشروعات داعمة للديمقراطية أو تحسين ملف حقوق الإنسان في البلاد، موضحا أنه بعد أن تم تدمير المجتمع المدني عبر قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي أصدره مجلس النواب مؤخرا، وإغلاق عدد كبير من المراكز الحقوقية والضغوط التي تمارس على النشطاء وقمعهم منذ قضية اعتقال الناشطة آية حجازي والإفراج عنها، تأكد الكونجرس أنه لم يعد هناك أي مشاريع حقيقية تتعلق بحقوق الإنسان أو الديمقراطية تستحق إنفاق هذه الملايين من الدولارات عليها.