حقوق وحريات

بإعدام 4 معارضين.. السيسي يخالف أمرا للمفوضية الأفريقية

منظمات حقوقية دولية ومصرية نددت بتنفيذ أحكام الإعدام التي بلعت 27 حالة خلال أسبوع واحد- جيتي

نفذت السلطات المصرية الثلاثاء أحكام الإعدام بمجموعة من المعارضين السياسيين بتهم القيام "بأعمال إرهابية"، بينهم أربعة كانوا ضمن قائمة من عشرين معارضا أمرت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب مصر بوقف إعدامهم.


وكان المفوضية الأفريقية في كانون أول/ ديسمبر الماضي أرسلت بيانا إلى السلطات المصرية بوقف أحكام الإعدام بحق المتهمين إثر شكوى تقدم بها إلى المفوضية حزب "الحرية والعدالة" نيابة عن المعتقلين "الذين تأكدت الأحكام الصادرة ضدهم ولا يملكون الحق في مزيد من الاستئناف".

 

وبحسب البيان الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، فقد أخبرت المفوضية الرئيس المصري في الرسالة بأنها قبلت الشكوى التي تقدم بها حزب الحرية والعدالة ودونتها ضمن مراسلاتها الرسمية.

 

اقرأ أيضا: هل اقترب دور قيادات الإخوان في طابور "الإعدام" بمصر؟

وأكدت الرسالة عزم المفوضية المضي قدما في إجراء تحقيق كامل في المزاعم التي وردت في الشكوى، وتطالب الحكومة المصرية بتقديم تقريرها حول تنفيذ قرار توقيف الأحكام خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الرسالة.

 

وتعتبر اللجنة الأفريقية أعلى هيئة لحقوق الإنسان في أفريقيا وتعمل بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. كما أنها مُكلفة بالقيام بمهام مجلس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي وتمثل إحدى مهامها الرئيسية في حماية حقوق الإنسان والشعوب.

وقد أصدرت اللجنة الأفريقية إجراءات مؤقتة في أعقاب شكوى قدمها حزب الحرية والعدالة المصري بالنيابة عن المحتجزين الذين تأكدت أحكام الإعدام الصادرة في حقهم ولا يتمتعون بحقوق تقديم استئناف إضافي. وتزعم الشكوى المُقدمة أن الأحكام تم فرضها إثر عملية قانونية لا ترتقي إلى المعيار المتوقع في القانون الدولي والقانون المصري. وتناولت الشكوى بالتفصيل عيوبا إجرائية وإثباتية خطيرة بما في ذلك الحصول على اعترافات عن طريق التعذيب والحرمان من الاتصال بالمحامين.

في 29 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2017، أخطرت اللجنة الأفريقية الرئيس عبد الفتاح السيسي بطلب التعليق في رسالة. وأبلغت اللجنة الرئيس المصري أنها تحصلت على شكوى حزب الحرية والعدالة المصري وسجلتها كرسالة رسمية. وقد أوضحت الرسالة عزم اللجنة على التحقيق بشكل كامل في الادعاءات الواردة في الشكوى وطلبت من الحكومة المصرية تقديم تقريرها حول تنفيذ التعليق في غضون 15 يوما من تلقي الرسالة. وعلى الرغم من ذلك، نفذت السلطات المصرية أحكام الإعدام.

وجاءت عمليات إعدام الرجال بعد أيام من إعدام السلطات المصرية لخمسة عشر معتقلا تمت إدانتهم بمهاجمة مركز للشرطة في سيناء. وتجدر الإشارة إلى أن أكبر عملية إعدام جماعي في مصر منذ سنة 2005 وقعت قبل إتمام عملية الاستئناف.

 

"سوليسيتورز"

 

وانتقد مكتب المحاماة الدولي، مقره لندن، الذي كلفه حزب الحرية والعدالة بمتابعة القضية، انتقد تنفيذ حكم الإعدام، وقال في بيان وصل "عربي21" نسخة منه "من جانبهم، كتب المحامون الذي يمثلون حزب الحرية والعدالة المصري الثلاثاء إلى اللجنة الأفريقية مطالبين إياها باتخاذ إجراء فوري وإحالة القضية للنظر فيها بشكل عاجل من قبل مجلس رؤساء دول الاتحاد الأفريقي.

وقال طيب علي، شريك في "أي تي أن سوليسيتورز" (مكتب محاماة دولي مقره لندن) إن:
"السلطات المصرية تظهر نزعة مثيرة للقلق إزاء الإدانات التعسفية وعمليات الإعدام. ومن المعروف أنه في أعقاب الانقلاب، أاعتقل في مصر الآلاف من السجناء السياسيين الذين خضعوا لمحاكمات لم ترتق بشكل كبير إلى معايير النزاهة المتوقعة في القانون المصري والقانون الدولي، وقد حُكم على العديد منهم بالإعدام".

وأضاف: "وعلى الرغم من الطلبات الصادرة عن اللجنة الأفريقية، أعدمت السلطات المصرية رجالا لا يمكن اعتبار إدانتهم موثوقة. وينبغي ألا يُسمح لمصر بإعدام السجناء دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. ويجب على مجلس رؤساء دول الاتحاد الأفريقي الإيفاء بواجبه بموجب الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وأن يتخذ فورا الإجراءات لمنع تنفيذ أي عمليات إعدام أخرى في مصر".


"تحقيقات معيبة"


والمعتقلون الأربعة الذين نفذت السلطات بحقهم الإعدام الثلاثاء هم "أحمد عبد المنعم سلامة علي سلامة، وأحمد عبد الهادي محمد السحيمي، وسامح عبد الله محمد يوسف، ولطفي إبراهيم إسماعيل خليل".

 

اقرأ أيضا: حصري: المفوضية الأفريقية تفرض وقف إعدام 20 مصريا

 

واعتمدت الإدانات –بحسب منظمات حقوقية- في محاكم الدرجة الأولى ومحاكمات الاستئناف بعد الحصول على اعترافات قدمها الرجال الأربعة الذين احتجزوا عندما تعرضوا للاختفاء القسري لعدة أشهر.


وقال المتهمون إنهم تعرضوا خلال هذه الفترة يوميا للتعذيب وسوء المعاملة من قبل وكالة الأمن القومي التابعة لوزارة الداخلية، واعتمدت الإدانات على تحقيقات أجرتها وكالة الأمن القومي وصفتها منظمات حقوقية بـ"المعيبة للغاية".

 

أزمات جديدة

 

ويعد تنفيذ الإعدام مخالفة واضحة لقرار المفوضية الأفريقية -التي تعد بمثابة محكمة أفريقية عليا- وهو ما يزيد من عدد الأزمات بين نظام الانقلاب العسكري في مصر والدول الأفريقية، في ظل الأزمات القائمة حاليا مع دول مثل إثيوبيا والسودان.


إلى ذلك، علمت "عربي21" من مصادر حقوقية عربية أن منظمات حقوقية وقانونية دولية قد "تتحرك ضد مصر قانونيا بسبب مخالفتها لالتزاماتها الدولية"، لا سيما أن إعدام الأشخاص الأربعة يأتي بعد أيام من إعدام 15 شخصا وهو ما رفع حصيلة من نفذ بحقهم الإعدام خلال أسبوع إلى 27 وهي النسبة الأعلى كدفعة واحدة في تاريخ الإعدامات بمصر.


وتأتي أحكام الإعدام على الرغم من اعتراضات منظمات حقوقية ودولية قبل أيام على إعدام 15 مصريا بتهمة "التورط في هجوم على نقطة تفتيش عسكرية بسيناء عام 2013"، حيث قالت منظمة "ريبريف" الحقوقية التي تركز على مناهضة عقوبة الإعدام، ومقرها "لندن"، إن "إعدام 15 شخصا في مصر الثلاثاء الماضي، يمثل أكبر عدد يتم تنفيذ تلك العقوبة عليه منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة".

 

اقرأ أيضا: تواصل الإدانات لإعدام 15 مصريا.. وإعلام النظام: "مجرد بداية"

وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على الأحكام بالقول إن هذه الإعدامات "تثير المخاوف في مصر من أن تتسبب في دفع المزيد من الشباب المصري إلى الالتحاق بتنظيم داعش".


وتحدثت الصحيفة عن ظروف المحاكمة، ونقلت عن المحامي والحقوقي "هيثم غنيم" تأكيده أن "المحامين لم يمنحوا الوقت لتقديم استئناف على حكم إعدام المتهمين بعد توقيع وزير الدفاع على قرار إعدامهم، حيث أعدموهم بعد ستة أيام فحسب من تصديق الوزير ولم يمنحوا فرصة 15 يوما بعد التوقيع، كما أنها لم تمنح العائلات فرصة لتوديع ذويها قبل الإعدام حسبما ينص القانون المصري".

 









Attachments area