سياسة عربية

"بلومبيرغ" تستطلع آراء جيل الألفية بإصلاحات ابن سلمان

"بلومبيرغ": هناك الكثيرون من جيل الألفية السعودي لن يرقصوا على نغمة الأمير الشاب- أرشيفية

نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا حول آراء جيل الألفية السعودي بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وجاء التقرير بعنوان "هناك الكثيرون من جيل الألفية السعودي لن يرقصوا على نغمة الأمير الشاب".. وكتبته كل من فيفيان نيريم وسارة الغذامي.

 

وجاء في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن "ضجيج الموسيقى ينبعث من مقهى في الرياض، وفي البهو نساء بعباءات ملونة ينتظرن تسجيل أسمائهن. إنه مشهد يجعل من السهولة التصديق أن التغيير في السعودية قادم بسرعة فائقة".

ويضيف التقرير: "على بعد ساعة بالسيارة جنوبا؛ هناك عالم مختلف. في المركز التاريخي للمدينة حيث يتردد صوت الأذان والأطفال المتسولين الذين يلاحقون الزوار. مسعد (23 عاما) لم يكن لديه ما يقوله عن الانفتاح الاجتماعي الذي يكتسح  مكان ولادة الإسلام".

وبحسب التقرير؛ يقول مسعد: "أنا ضدها.. حيث كان يحرّك أصابعه على مسبحة في محل مجوهرات يعمل فيه". مضيفا أن معارضته نابعة "من موقف العادات والتقاليد والقيم".

ويشير التقرير إلى أن نصف السكان السعوديين هم تحت سن الثلاثين. وحاكم المملكة الفعلي هو أكبر بسنوات من الجيل السعودي الشاب. ويعوّل الأمير محمد بن سلمان كثيرا على جيل الألفية. وعادة ما يستحضر طموحات هذا الجيل في الوقت الذي يحاول فيه تخفيف القيود الدينية.

وقال الأمير ابن سلمان للمستثمرين الأجانب العام الماضي إن الجيل السعودي الشاب يريد حياة  طبيعية. وأعلن أن السعودية ستعود إلى "الإسلام المعتدل". وتقوم الحكومة بدعم الحفلات الموسيقية في تجمعات يختلط فيها الرجال والنساء. وستبدأ المرأة السعودية بقيادة السيارة، وتم خلع أنياب المؤسسة الدينية التي كانت تخيف الناس.

لكن هناك الكثير من الشباب يرون أن الحياة الاجتماعية الجديدة في الرياض هي طبيعية، لكنهم يخشون من أن يتركهم الإسراع  في تغيير المجتمع السعودي وتغيير نمط الاقتصاد على الهامش.

أما الآخرون، فبدلا من نسخة دينية معدلة في مجتمعهم؛ يحاولون فرض نسخة أكثر تشددا في بلدان أخرى. فقد سافر الكثير من الشباب السعودي إلى أفغانستان والعراق وفي الفترة الأخيرة إلى سوريا أو حاولوا الانضمام إلى الجهاديين الذين يقاتلون ضد الحكام الذين لا يتبعون الدين بحسب رأيهم.

وينقل التقرير عن أليسون وود؛ المستشارة في الشركة "كونترول ريسكس" في لندن قولها، إن "هناك معارضة بين الشباب" لخطة ولي العهد. وأضافت: "بدأت ترى الانقسام بين الأثرياء السعوديين الذين توفرت لهم الفرص للسفر والدراسة في الخارج، وبين الذين لم تتح لهم الفرص"، وبالنسبة لهؤلاء فإن السياق الديني المتقشف هو "السياق الاجتماعي الذي عرفوه".

وبحسب التقرير؛ فإن بعض التذمر موجّه ضد الأمير محمد وخطته الاقتصادية للخصخصة والتقشف. فلو لم تقم السعودية بحماية أسلوب الحياة، فإنها لن تبقى دولة رفاه من المهد إلى اللحد.

ويدعم مسعد الذي درس لفترة في الولايات المتحدة، لكنه عاد لأنه لم يستطع الحصول على منحة دراسية؛ الإصلاحات الاقتصادية، لكنّ زملاءه لا يدعمونها. فثلث السعوديين تحت سن الثلاثين بدون عمل وشعروا بأثر الضرائب وقطع الدعم الحكومي. وعادة ما ترافق المصاعب الاقتصادية معارضة للتغيير الاجتماعي.

وتقول رهف (25 عاما)، وهي تبحث عن عمل: "كان يجب  إنفاق الأموال التي ذهبت إلى وزارة الترفيه على المواطنين.. من زيادة الرواتب إلى الإسكان وتوفير الوظائف".

وتقول منال (32 عاما)، وهي ربة بيت؛ إنها تأمل في أن يتخلى الأمير عن الكثير من خطته. وهي مسرورة بقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، لكنها ليست مرتاحة حيال الأموال التي تنفق على الحفلات؛ خاصة أن الدولة تخوض حربا دموية في الجارة اليمن. وتضيف: "أنظر لهذا على أنه استفزاز لجنودنا في الجنوب الذين يموتون يوميا، كما أراه تبذيرا للمال".

ويشير التقرير إلى أن حرية التعبير محدودة في السعودية، فقد تم اعتقال عدد من نقاد الحكومة البارزين العام الماضي. وكذا محدودية الاستطلاعات التي تجعل من الصعوبة بمكان الحكم على الآراء وإن كانت ممثلة بالفعل. فقد وجدت دراسة مسحية واحدة أجرتها شركة أبحاث تسويق "إبسوس" أن 63 في المئة من السعوديين رحبوا بقرار الحكومة في أيلول/ سبتمبر العام الماضي برفع الحظر عن قيادة السيارات. وهناك حماس للخيارات المتوفرة للترفيه. وتم بيع كل تذاكر الموسيقار اليوناني "ياني" كلها، فيما تزدحم احتفالات الشوارع بالمشاركين. ولكن "من المستحيل معرفة رأي السعوديين، لأن "الرأي العام" ليس معروفا"، كما تقول كريستين ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دراسات دول الخليج العربية في واشنطن، مضيفة أنه "لا يزال السكان متشرذمين والتطور غير متساوٍ". ويرى فهد البليهي  (21 عاما) الذي يتاجر بالأسهم في أوقات فراغه، ولديه شركة كمبيوتر؛ أنه يدعم إصلاحات الأمير، وأن الذين يعارضونه هم الذين استفادوا من النظام القديم. وكان هذا النظام قد أرسل مئات الآلاف من السعوديين للدراسة في الخارج، لمساعدتهم على التسلح بالمهارات لدخول القطاع الخاص الذي يريد الأمير تفعيله حتى يستوعب الشباب.

وفي الوقت الحالي يكافح الاقتصاد، حيث تراجع بنسبة 5 في المئة العام الماضي. ويعمل ثلثا السعوديين في وظائف حكومية. وهناك 1.6 مليون سعودي يستحقون للمساعدة الشهرية التي تقدمها الحكومة للعائلات ذات الدخل المتدني أو المتوسط. وتخلى الأمير أكثر من مرة عن خطط الاقتطاع من الأجور، والتي كانت سببا في زيادة السخط.

وبحسب هشام الغانم، الباحث في جامعة إكستر، من الصعب على الأمير تمرير خطته الاقتصادية على جيل الألفية مثل الإصلاحات الاجتماعية. وقال إن الحكومة فعّلت خطط الإصلاح الاجتماعي بدون تداعيات خطيرة. لكن إقناع الشباب بأن الحكومة لم تعد مصدر التوظيف "سيكون أصعب من السماح للحفلات الموسيقية".