ملفات وتقارير

احتجاجات واسعة بالأردن ضد رفع الأسعار ومطالب بـ"حكومة إنقاذ"

الأردن يشهد احتجاجات عدة ضد رفع الأسعار وفرض الضرائب الجديدة (أرشيفية)- تويتر

بدأت فعاليات سياسية وشعبية وحزبية أردنية، تتصاعد وتيرتها للمطالبة "بحكومة إنقاذ وطنية" للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد. 

وتسبب رفع الأسعار والحالة الاقتصادية المتردية في الأردن باحتجاجات في مدن ومحافظات أردنية عدة، بعد قرارات حكومية بفرض مزيد من الرسوم والضرائب.

ويرى ناشطون أردنيون أن هذه الاحتجاجات تعيد أجواء الحراك الشعبي الأردني الذي عم مناطق المملكة إبان الربيع العربي (2011- 2013) للمطالبة بإصلاح النظام، وتغيير النهج الاقتصادي، وتشكيل حكومات برلمانية منتخبة، ورفع القبضة الأمنية.

وكانت شرارة الاحتجاجات انطلقت احتجاجا على النهج الاقتصادي المرتبط باشتراطات صندوق النقد الدولي بإزالة الدعم عن السلع الأساسية؛ في محاولة للحصول على المزيد من القروض لسد فائدة الدين العام، البالغ 26 مليار دينار، تمثل 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

اقرأ أيضا: الأردن.. الغلاء يضرب في الاتجاهات كافة والمواطنون في مأزق


وخلال الأيام الماضية، شهدت مدن الكرك (جنوبي العاصمة عمان) ومدينة السلط (شرقا)، النصيب الأكبر من المسيرات الاحتجاجية المطالبة برحيل الحكومة وحل مجلس النواب، إلى جانب وقفات ومسيرات في أماكن متفرقة من العاصمة، ومدينة المفرق، والزرقاء، ومأدبا.

احتجاجات أكثر خطورة

من جهته، رأى المحامي محمد أحمد الروسان، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية، أن "الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في بداية عام 2018 تختلف عن تلك التي شهدتها المملكة في عام 2011، التي كانت ضخمة وشهدت سقفا مرتفعا، وكان هدف احتجاجات الربيع العربي حينها بالدرجة الأولى الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد".

ولكنه أوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "ما تشهده المملكة الآن احتجاجات دفعتها الأوضاع المعيشية السيئة، وارتفاع حقيقي لأسعار معظم المواد التموينية والكهرباء والمحروقات، ما يمس بشكل مباشر بالطبقتين الوسطى والفقيرة".

وعبر عن اعتقاده بأن ما يشهده الأردن من احتجاجات "أشد خطورة من تلك الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في 2011؛ كونها تتفاقم ويشترك بها فئات لم تشارك مسبقا، إلى جانب توسعها في إطار الجغرافيا والديموغرافيا الأردنية، ولم تعد مقتصرة على مكون معين، ما يجب أن يدفع الدولة للاهتمام بالحس الشعبي".

وأوضح الروسان أن صندوق النقد الدولي تسبب بتفاقم الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه المواطن والمملكة.


اقرأ أيضا: كيف أوصل النظام الأردني الحراك إلى غرفة الإنعاش؟ 

وتسجل الذاكرة الأردنية السياسية، كيف تحولت أحداث ما عرفت بـ"ثورة الخبز" عام 1996 إلى مطالب إصلاحية أطاحت بحكومة عبد الكريم الكباريتي، الذي رفع سعر مادة الخبز، ما خلف احتجاجات واسعة في مدينة معان.

إلا أن عضو نقابة المهندسين، ميسرة ملص، لا يرى أن "الاحتجاجات التي تشهدها المملكة حاليا ستتحول إلى حراك دائم مطالب بالإصلاح"، مفسرا ذلك بالقول إن "غياب الجسم التنظيمي لهذه الاحتجاجات من أحزاب وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي لا ترغب في تقدم الصفوف في الشأن الداخلي، بسبب الهجوم الذي تعرض له الحراك سابقا جعل الحركة الإسلامية تبتعد عن المشهد، في وقت تعاني فيه الأحزاب المعارضة الأخرى من عدم قدرة على تنظيم الشارع".

وقال لـ"عربي21" إن "التقديرات الرسمية الأردنية، نظرا لغياب الاحتجاجات في مدن مثل معان وذيبان، لا تعتبر أن هناك تشكلا لحالة حراك دائم يترجم إلى احتجاج ضخم في الشارع الأردني".

حكومة إنقاذ وطني

وضم الإسلاميون في الأردن صوتهم إلى صوت أحزاب يسارية وقومية وإلى جانب النقابات المهنية، بضرورة رحيل الحكومة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ وطنية. 

فمن جهته، دعا رئيس كتلة الإصلاح النيابية في البرلمان الأردني عبد الله العكايلة، السبت الماضي، في ملتقى خصص للدفاع عن القدس إلى "إقالة الحكومة الأردنية الحالية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تضع استراتيجية لمواجهة التحديات داخليا وخارجيا، وتصليب الجبهة الداخلية". 

قلق داخلي وخارجي


ويثير المشهد الداخلي الأردني، قلق الأمين العام للحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، الذي يرى أن "المشهد لا يتوقف عند احتجاجات هنا أو هناك، إنما يوجد رأي عام أردني محتقن، وأصبح الأردنيون يطرحون تساؤلات صعبة في الجانب السياسي والاقتصادي، خصوصا أن المملكة انتقلت من دائرة التحديات في إقليم ملتهب إلى دائرة المخاطر المباشرة على الأردن، وتحديدا في القضيتين الفلسطينية والسورية، وهذه المخاطر لم تناقشها حكومة أو مجلس نواب".

وقال لـ"عربي21"، إن "الحكومة الأردنية منغلقة على نفسها في أبراج عاجية، لم تجر أي حوار مع الأحزاب، فمنذ أن تسلم هاني الملقي رئاسة الحكومة لم يجر أي حوار أو لقاء مع الأحزاب بشأن الأزمات الداخلية والخارجية". 

وتساءل: "هل سياسة الاعتماد على الذات التي طرحتها الحكومة تعني الاعتماد على مدير بنك في إدارة شؤون الدولة؟".

وطالب "بلجنة ملكية تضع خارطة طريق تتلقى فيها إرادة الأردنيين السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتحديد الأولويات والملفات".

وأضاف أن "سياسة الفوضى التي تجري في النظام تهدف إلى فرض فرصة ما في المنطقة مثل صفقة القرن، أو احتلال جغرافي للجنوب السوري بحجة محاربة إيران وحزب الله"، مشيرا إلى أن "الظروف من حولنا في المنطقة تعاند الأردن ولا تطاوعه، سواء مع الحلفاء التقليديين ومحور الاعتدال، وما تقرره الإدارة الأمريكية تجاه القدس وفلسطين، وتطورات الوضع بين الكيان الصهيوني وإيران".

وكان الملك الأردني عبد الله الثاني ابن الحسين، أشار إلى معاقبة الأردن اقتصاديا من دول لم يحددها، بسبب موقف المملكة من قضية القدس المحتلة، الأمر الذي دفع شخصيات سياسية للدعوة إلى تثبيت العقد الاجتماعي والنموذج السياسي بين الشعب الأردني ونظامه السياسي.