صحافة دولية

هكذا قرأت الصحافة الغربية مجازر الغوطة الشرقية

الصحافة الغربية والغوطة: جهنم على الأرض وعار على العالم- أ ف ب

ظغت المجزرة في الغوطة الشرقية على تغطيات الصحافة الغربية، حيث عدتها التقارير محاولة لتركيع المقاومة الأخيرة، وللسيطرة على آخر معقل لها قرب العاصمة دمشق. 

 

الغوطة جهنم على الأرض

 

ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها مارتن شولوف، تحت عنوان "المذبحة" في الغوطة الشرقية، يقول فيه إنه لا يمكن للمرء أن يتصورها.

 

ويقول شولوف إن الغوطة عاشت أياماً صعبة في السابق، حيث تعرضت للقصف بالقذائف والبراميل المتفجرة، وعانت من الجوع، إلا أنها استطاعت الصمود وتحمل معاناتها المستمرة، مستدركاً بأنه بالرغم من حصار المدينة، إلا أن الأهالي كانوا يحصلون على المواد الغذائية والأدوية والأسلحة والأموال عن طريق التهريب. 

 

ويضيف الكاتب أن تدفق هذه المواد الأساسية المهربة بدأ يخف تدريجياً في نهاية العام الماضي، وأغلقت قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن في كانون الثاني/ يناير، كانت تزود فصيلين من المعارضة بالأسلحة، بالإضافة إلى توقف التحويلات المالية المنتظمة التي كانت ترسل إلى الداخل السوري. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السعودية وقطر، اللتين كانتا تدعمان المليشيات بعد الثورة في عام 2011، بدأتا تتخليان عن هدفهما الساعي لتنحية رئيس النظام السوري بشار الأسد من منصبه. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تستعد فيه القوات السورية لشن هجوم نهائي بري على الغوطة الشرقية، فإن الأهالي ينتظرون مصيرهم المجهول، بعد أن تخلت عنهم القوى الإقليمية. 

 

وينقل شولوف عن عدنان شملي، وهو مقاتل سابق في صفوف المعارضة، قوله إن "الدول العربية التي التقينا بهم في الأردن، أغدقوا علينا بالوعود، وأنا نادم لغاية الآن لأني تركت بيتي، إذ كان من الأفضل لو مت مع أصدقائي".

 

ويورد التقرير نقلا عن أحد المتحدثين باسم فيلق الرحمن، الذي يقاتل في الغوطة الشرقية، قوله إن "الطيران السوري يستهدف المدنيين في الغوطة الشرقية بطريقة ممنهجة، والمنطقة كأنها جهنم مفتوحة، بشكل لا يمكن تصوره"، مشيراً إلى أن قطر توقفت عن تمويلهم دون إعطاء أي مبرر، إلا "أننا نأمل بأن يعودوا عن قرارهم".

 

ويعلق ريتشارد سبنسر في صحيفة "التايمز" قائلا إن الأسد بقساوته حول الغوطة إلى "جهنم على الأرض". 

 

ويقول سبنسر إن الأطباء وسائقي سيارات الإسعاف وعمال الإنقاذ يحاولون إنقاذ أطفال في الغوطة الشرقية، مشيرا إلى أن سمير سليم (45 عاما)، وهو أحد المتطوعين في أعمال الإغاثة والإنقاذ في الغوطة الشرقية، كان ينقذ سيدة من تحت الأنقاض، ثم تنبه إلى أنها والدته، التي ما لبثت أن توفيت بين ذراعيه. 

 

وينوه التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أحد منازل متطوعي الخوذ البيضاء في الغوطة الشرقية تعرض للقصف، وكان داخله أطفاله، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إليهم لمعرفة إن كانوا أحياء أو أمواتا.

 

وتنقل الصحيفة عن أحد الأطباء قوله إن والد طفل جلب طفله وتوسل إليه للعمل على إنقاذه، قائلاً: "أتوسل إليك، فهو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من عائلتي"، ويضيف الطبيب: "لقد تصدع قلبي".

 

ويقول الكاتب إن والد الطفل ذهب ليدفن أطفاله الثلاثة، إلا أنه لاحظ أن أحدهم ما يزال يتنفس، فسارع به إلى المستشفى لإنقاذه، لافتا إلى أن الغوطة الشرقية تتعرض للقصف بالبراميل المتفجرة وسلاح المدفعية من القوات السورية النظامية لليوم الرابع على التوالي، حيث سقط نحو 300 شخص، بينهم 70 طفلاً. 

 

ويفيد التقرير بأن أهالي الغوطة الشرقية يرون بأنهم ضحية مزدوجة بين تصميم رئيس النظام السوري بشار الأسد على استعاده الغوطة الشرقية وبين تصميم قوات المعارضة على الاستمرار في القتال، رغم الوضع الميؤوس منه.

 

وتختم "التايمز" تقريرها بالقول إن "المدنيين لا يمكنهم الهروب من الغوطة الشرقية، إذ أن المنافذ مغلقة جميعها، وليس أمامهم إلا الملاجئ للاحتماء التي أضحت الآن غير آمنة؛ بسبب استخدام المعدات الحربية المتطورة التي تهدم بناية من خمسة طوابق بلمح البصر".

 

العار عليكم

 

وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها إلى أن العالم ملوثة يديه بدماء الأبرياء السوريين، وعليه أن يشعر بالعار. 

 

وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "حاكم سوريا الشرير، بشار الأسد، وروسيا وإيران، اللتين تساندانه في النجاحات ضد تنظيم الدولة، بدأوا حربا جوية جديدة لذبح المدنيين، في وقت وقف فيه قادة الولايات المتحدة والعالم يتفرجون، ولم يعبروا عن استعداد لعمل شيء ووقفها، العار عليهم جميعا". 

 

وتقول الصحيفة إن حملة القصف الجوي  تعد أحد أعنف فصول الحرب الأهلية السورية، التي مضى عليها سبعة أعوام، مشيرة إلى أن هناك أدلة عن هجوم بري سيتبع. 

 

وتصف الافتتاحية الصور التي تم تبادلها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت إنها "مؤلمة: أطفال خائفون، ووجوه مغطاة بالدم، وجثث مغطاة بالأكفان، ملقاة على أرض إسمنتية قذرة، والجرحى على عربات الإسعاف يتألمون دون أدوية أو معاينة طبية لتخفيف ألامهم".  

 

ولم تنس الصحيفة التذكير بتهديدات قائد قوات النمر سهيل الحسن، مشيرة إلى أن الفيديو الذي تبادله المؤيدون للنظام "هو الدليل الذي يجب استخدامه عاجلا أم آجلا لبناء حالة ضد الأسد، وارتكابه جرائم حرب، ومعه القادة الروس والإيرانيون". 

 

وتذكر الافتتاحية أن مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين وصف ما يجري في الغوطة بأنه "حملة وحشية للإبادة"، واتهمت الولايات المتحدة والحكومات الأخرى الأسد باستخدام السلاح الكيماوي- الممنوع دوليا- في الغوطة ومناطق أخرى، مستدركة بأن "قادة العالم لم يفعلوا أكثر من الغارات الأمريكية في نيسان/ أبريل، التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب، بناء على أمر فيه الكثير من الشك". 

 

وترى الصحيفة أن "روسيا تتحمل مسؤولية، خاصة لأنها ضمنت ألا يعود الأسد ويستخدم السلاح بعد الاتفاقية عام 2013، التي تخلى بموجبها النظام السوري عن سلاحه الكيماوي، وهو ما لم يلتزم به الأسد بشكل واضح". 

 

وتلفت الافتتاحية إلى "شبكة النزاعات الجارية الآن داخل سوريا، فالمواجهة بين النظام والمعارضة هي جزء من النزاعات التي تمزق سوريا، فبالإضافة إلى روسيا وإيران وتركيا، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل موجودتان في سوريا، حيث تتصارع هذه القوى على تأمين مصالحها، بشكل يفتح الباب أمام منظور حرب واسعة يجب تجنبها". 

 

وتتساءل  "نيويورك تايمز" في النهاية إن كان هناك حل دبلوماسي، وتجيب أن روسيا التي حاولت القيام بالدور فقدت مصداقيتها.

 

إمبراطورية إيران

 

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إنه مع الشجب لما يجري في الغوطة علينا ألا ننسى القوة السياسية وراء هذا كله، إيران ومحاولتها ضم سوريا إلى "إمبراطوريتها الفارسية الشيعية" المتنامية. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن إيران دعمت نظام الأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، ومع روسيا كانت مسؤولة عن نجاة النظام، لافتا إلى أنه بعد انتصاره في حلب عام 2016، وطرد تنظيم الدولة من الرقة فإن هذا المحور يحاول اقتلاع آخر معقل للمعارضة. 

 

وتقول الصحيفة إن "هذا الثلاثي سيحاول بعد ذلك استخدام العملية السلمية، التي ترعاها موسكو، لإعادة سيطرة الأسد على سوريا، وستحتفظ روسيا بقواعدها العسكرية، أما إيران فستقيم نقطة سيطرة إمبريالية قرب الحدود مع إسرائيل". 

 

ويجد التقرير أنه "لتحقيق هذا فإن إيران تقوم ببناء حضور قوي للحرس الثوري الإسلامي، وبدعم من حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية من باكستان وأفغانستان والعراق، والمليشيات المحلية في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، فهدف إيران النهائي هو (محو إسرائيل)، بحسب ما قال قائد فيلق القدس قاسم سليماني قبل فترة". 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن الطموح الإيراني في الخارج يتزايد رغم ما عانته من تظاهرات في الداخل،  مشيرة إلى إطلاق القوى المدعومة من إيران طائرة دون طيار من قاعدة في حمص، حيث دخلت الأجواء السورية، ورد الطيران الإسرائيلي بقصف القاعدة وأماكن أخرى، و"كانت العملية ناجحة، مع أن سلاح الجو الإسرائيلي خسر مقاتلة (أف-16)، وهي الأولى منذ 30 عاما". 

 

ويذهب التقرير إلى أن العملية الاستفزازية هي إشارة عن حرف إيران انتباهها نحو بناء وجود دائم في سوريا، بعدما أمنت وضع الأسد، حيث تقوم ببناء قواعد عسكرية ومصانع أسلحة، لافتا إلى أن الإيرانيين يستثمرون في الاقتصاد المحلي، من خلال مساعدة الأسد على "إعادة إعمار" البلاد، والعمل على تحويل العلويين للشيعة الاثنا عشرية. 

 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها يالإشارة إلى أن "إيران تقوم باستغلال (وقف إطلاق النار) في جنوب غرب سوريا، الذي اتفقت عليه الولايات المتحدة مع روسيا العام الماضي، ومن المفترض ألا تنشط إيران في هذه المنطقة".