كتاب عربي 21

كيف سينعكس انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي على إيران؟

1300x600
نشر والي نصر مقالا قبل يومين، قال فيه إن استراتيجية ترامب مع كوريا الشمالية لن تجدي نفعا مع إيران، لافتا إلى أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لن يدفع إيران للتفاوض عليه من جديد، وذلك على اعتبار أنّ وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف كان قد أكد مؤخرا أن إيران لن تتفاوض مجددا على اتفاق نووي التزمت به. 

وجادل نصر بأن كوريا الشمالية تمتلك القنبلة النووية بالفعل، وأن ذلك يعطيها القدرة على التفاوض بفعالية، وفي المقابل، فإن تعطيل الاتفاق النووي سيقنع إيران بضرورة الحصول على رافعة مماثلة لتلك التي تمتلكها كوريا الشمالية، ما يعني برنامجا نوويا أكبر، وربما أسلحة نووية أيضا. 

من العوامل الإضافية التي رأى نصر أنها قد تعرقل قدرات الولايات المتحدة في المعادلة، أن ترامب قد يجد نفسه في مواجهة الطرفين، أي أنه سيكون من الصعب عليه الضغط على إيران في الوقت ذاته الذي يحاول فيه الضغط على كوريا الشمالية، الأمر الذي من شأنه أن يتيح لإيران المزيد من الوقت للعمل على ما تريد تحقيقه.  

وأكد نصر أن إيران تمتلك سياسة داخلية، وأن قرارات ترامب ستؤدي في النهاية إلى تقوية المتشددين داخليا، الأمر الذي يسمح لهم بتهميش المعتدلين الذين يوصفون بأنّهم مرتبطون بأمريكا.

ويخلص المقال إلى الاستنتاج بأنه سيكون من الخطأ على ترامب أن يقوم باستخدام النموذج ذاته الذي يتعامل فيه مع كوريا الشمالية لتطبيقه على الحالة الإيرانية، مؤكدا أن انتصار المتشددين داخل طهران سيضع أمريكا في موقف صعب.

يعكس نصر في مقاله هذا مخاوف العديد من النخب الأمريكية، لكن عندما يرتبط الأمر بالاتفاق النووي، فغالبا ما يكون هؤلاء على استعداد للتغاضي عن الثغرات الهائلة الموجودة في الاتفاق، فضلا عن التداعيات الكارثية التي تركها لناحية تعزيز نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط، لصالح التركيز على ضرورة الحفاظ على الاتفاق، والتحذير من مخاطر الانسحاب منه. 

وهو موقف منحاز قد لا ينجم عنه أضرار بالنسبة لأولئك القابعين في واشنطن، لكن ينجم عنه بالتأكيد كوارث في منطقتنا، اختبرناها بشكل مكثّف في السنوات الثلاث الماضية.

النقطة الأخرى التي تستحق التعليق، موضوع المسؤولين المتشددين والمعتدلين في إيران، وهي ثنائية يريد البعض المجادلة بوجودها في السياسة الداخلية، إلا أنها أصبحت عبثية على الصعيد الخارجي. 

معتدلو إيران ومتشددوها الحاليون يعملون جميعا في إطار نظام الولي الفقيه ويخضعون له، أما أولئك الذين بإمكانهم أن يحققوا فارقا، فهم معتقلون ومعزولون، ولا مكان حقيقيا لهم في السياسات الإيرانية الحالية. 

وعليه، فبغض النظر عما سيفعله الخارج، لهؤلاء حساباتهم الخاصّة، لا بل إن الازدواجية المصطنعة خارجيا، تعدّ إحدى أوراق النظام الإيراني التي تهدف إلى تخفيف الضغط الخارجي، تحت حجة أن مثل هذا الأمر سيؤدي إلى تقوية معسكر المتشددين، وأن المطلوب دوما من الخارج تقديم التنازلات، كي لا يؤدي العكس إلى تقوية المتشددين على حساب المعتدلين المزعومين. 

النقطة الثالثة، تتعلق بنوايا إيران. المسؤولون الإيرانيون يؤكدون دوما أن الأسلحة النووية محرمة استنادا إلى فتوى مزعومة للمرشد الأعلى علي خامنئي، وأن إيران لا تريد الحصول على السلاح النووي. 

ويستشهد مؤيدو الاتفاق النووي بهذه المقولات بدورهم، لكن عندما يحين الوقت لاختبار نوايا إيران الحقيقية يبدأ الحديث بعكس ذلك. 

ففي مقاله، يحذر نصر بشكل مبطن من أن إيران ستسعى إلى السلاح النووي حال خرق الاتفاق! إذا كانت دعوى طهران بتحريم الاتفاق النووي صحيحة فلا داعي من الخوف من شيء لن يكون، وإذا لم تكن صحيحة، فهذا معناه أن الإيرانيين سيسعون إلى السلاح النووي، بغض النظر عن الزمن اللازم لذلك، سواء بعد إبطال الاتفاق النووي أو بعد انقضاء القيود المفروضة على إيران بموجبه.