ملفات وتقارير

قمتان في خمسة أشهر بتركيا من أجل القدس و"تقصير" عربي

احتضنت اسطنبول القمة الأولى بشأن القدس في كانون الأول/ ديسمبر الماضي - الأناضول

اختتمت أعمال القمة الإسلامية الطارئة في مدينة إسطنبول في تركيا، بمشاركة أكثر من 40 من الدول الأعضاء بالمنظمة، لبحث المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وطالب المشاركون في القمة بإجراءات فورية لدعم الفلسطينيين، وقضيتهم ومواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي للإجراءات الأمريكية "المنحازة لإسرائيل"، لا سيما نقل سفارتها للقدس المحتلة.

ومن بين المطالب كان الدعوة لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين، وفتح تحقيق مستقل بالمجازر التي تمت ضد الفلسطينيين السلميين في قطاع غزة، إلى جانب التصدي لأمريكا من خلال إعادة النظر بالعلاقات الاقتصادية معها.

 

مبادرات تركية

وتأتي المبادرة التركية في قضية القدس في ظل تقصير عربي واضح تجاه القضية التي طالما اعتبرها العرب قضيتهم المركزية، بحسب مراقبين.

المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز، قال لـ"عربي21" إن الأحداث الطارئة في المنطقة تستحق قمة ثانية في خمسة أشهر بدعوة تركية، بعد القمة التي عقدت في نهاية 2017 للتأكيد على أن القدس عاصمة فلسطين.

ومع سقوط 63 شهيدا في غزة منذ الاثنين الماضي، تساءل يلماز: "إذا لم تعقد القمة الآن فمتى تعقد؟".

ولفت يلماز إلى أن تركيا ترى في القدس قضية ذات مكانة خاصة لها، وتعتبر أن نقل السفارة إلى القدس المحتلة تجاوز للخط الأحمر، وتعمل كل ما باستطاعتها لحشد الرأي العام وإظهار الرفض والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

وعن الآراء القائلة بأن القادة الأتراك يحاولون حشد الأصوات للانتخابات الرئاسية القادمة، قال يلماز إن القضية الفلسطينية لا تستغل سياسيا في تركيا لكون جميع الأطياف السياسية بما فيهم المعارضة التركية متوافقون في الملف الفلسطيني.

 

اقرأ أيضا: دول اتخذت إجراءات رفضا لمجزرة غزة.. ليس بينها بلدان عربية

ولفت يلماز إلى أن الحرص التركي على تحريك المؤسسات الدولية والرأي العام تجاه قضية القدس المحتلة وغزة يتزامن مع تقصير عربي واضح تمثل في غياب صاحب القضية، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن القمة.

وحضر رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد لله، على رأس الوفد الفلسطيني للقمة التي عقدت، الجمعة، في إسطنبول، بطلب من تركيا التي ترأس منظمة التعاون الإسلامي.

وتابع يلماز أن الحشد التركي للقمة لا يطلب دعما عربيا لتركيا في قضاياها الخاصة، بل لقضية عربية إسلامية تتمثل في القدس المحتلة، والشهداء في قطاع غزة.

 

تمثيل على مستوى الاهتمام

وفي حين شارك في القمة عدد من قادة ورؤساء الدول، أبرزهم عاهل الأردن الملك عبدالله الذي حضر برفقة أربعة من الأمراء، وأمير الكويت، صباح جابر الصباح، والرئيس السوادني، عمر البشير، والرئيس الإيراني، حسن روحاني، وأمير قطر، تميم بن آل ثاني، والرئيس الأفغاني، أشرف غني.

وشارك وزراء خارجية 15 دولة، من المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين، بينما تشارك الإمارات العربية المتحدة بمستوى وزير دولة.

الكاتب والمحلل السياسي الأردني، فهد الخيطان، قال في حديث لـ"عربي21" إن التمثيل الأردني المميز بالقمة يأتي في السياق الصحيح للجانب الأردني الذي يضع القدس على رأس جدول أعماله بحكم الدور الأردني في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك.

وضم الوفد المرافق للعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، الأمير فيصل بن الحسين، والأمير علي بن الحسين، والأمير حمزة بن الحسين، والأمير هاشم بن الحسين، ومدير مكتب الملك ومستشاره الخاص إلى جانب وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي.

ولفت الخيطان إلى أن الاعتراف الدولي بالدور الأردني في القدس المحتلة يحتم عليه أن يكون في مقدمة الحاضرين ودعم أي جهد وتحرك لوقف الهجوم الأمريكي الإسرائيلي على القدس.

 

اقرأ أيضا: قمة القدس بتركيا تدعو لإجراءات فورية لدعم الفلسطينيين

وعن ضعف التمثيل لعدد من الدول العربية خصوصا الخليجية منها، قال الخيطان إن ذلك يعكس أولويات هذه الدول، فالمملكة العربية السعودية والإمارات ترى أن الخطر الأكبر يأتي من جانب إيران، الأمر الذي انعكس على مستوى التمثيل.

والسبب الآخر برأي الخيطان يتمثل في فتور العلاقة بين تركيا وبعض دول الخليج بسبب اختلاف السياسات الخارجية لكل منها.

 

سحب سفراء "وشجب"

وكانت أنقرة طالبت السفير الإسرائيلي بمغادرة الأراضي التركية بعد التصعيد الإسرائيلي على الحدود مع غزة، وافتتاح السفارة الأمريكية في مبناها الجديد في القدس المحتلة، واستدعت سفيرها في واشنطن للتشاور.

كما ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية الثلاثاء، أن "إسرائيل طلبت من القنصل التركي في القدس المغادرة"، كما أعلنت تركيا الحداد الوطني لمدة 3 أيام.

واستدعت إيرلندا السفير الإسرائيلي لدى دبلن صباح اليوم الثلاثاء، كما قررت حكومة دولة جنوب إفريقيا سحب سفيرها لدى إسرائيل.

واستدعت بلجيكا الثلاثاء السفيرة الإسرائيلية لديها إثر إدلائها بتصريحات عن قمع المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة ودعت إلى تحقيق دولي بإشراف الأمم المتحدة حول المواجهات الدامية.

وخلت قائمة المحتجين دبلوماسيا من الدول العربية، التي اقتصرت ردود فعلها على شجب "القوة المفرطة" التي استخدمها الجنود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين.